lundi 14 février 2011

الاحتفال بالمولد النبوي .. بين الاتباع والابتداع

الاحتفال بالمولد النبوي .. بين الاتباع والابتداع: "بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

بداية لا بد أن نحرر محل النزاع فنحدد المقصود بالاحتفال؛ ليتسنى معرفة الحكم الشرعي:

فالاحتفال بمولد النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا اتخذ مظاهر بعينها بحيث تكون هذه المناسبة عيدا يتبادل فيها الناس التهاني والهدايا، فضلا عما نراه من دق الطبول والرقص على أنغام الذكر واختلاط النساء بالرجال وغير ذلك مما نراه من مظاهر مختلفة للاحتفال، فالاحتفال بالمولد بهذه الصورة هو الذي تحدث عنه الفقهاء ووصفوه بأنه بدعة وهذا ما عليه جماهير أهل العلم، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية في (فتاويه) و(اقتضاء الصراط المستقيم)، والإمام الشاطبي في (الاعتصام)، وابن الحاج في (المدخل)، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألف في إنكاره كتابا مستقلا، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة، والشيخ عبد العزيز بن باز، وغير هؤلاء كثير.



أما انعقاد حلق العلم في المساجد والندوات والأمسيات الدينية؛ لمدارسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والوقوف عليها لأخذ الدروس والعبر فهذا جائز ولا حرج في ذلك، ولا يضير تسمية ذلك احتفالا.



يقول الدكتور يوسف القرضاوي:



هناك لون من الاحتفال يمكن أن نقره ونعتبره نافعا ًللمسلمين، ونحن نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يحتفلون بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالهجرة النبوية ولا بغزوة بدر، لماذا؟



لأن هذه الأشياء عاشوها بالفعل، وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم، كان سعد بن أبي وقاص يقول: كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن، بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء.



ثم جاء عصر نسي الناس هذه الأحداث وأصبحت غائبة عن وعيهم، وغائبة عن عقولهم وضمائرهم، فاحتاج الناس إلى إحياء هذه المعاني التي ماتت والتذكير بهذه المآثر التي نُسيت، صحيح اتُخِذت بعض البدع في هذه الأشياء ولكنني أقول إننا نحتفل بأن نذكر الناس بحقائق السيرة النبوية وحقائق الرسالة المحمدية، فعندما أحتفل بمولد الرسول فأنا أحتفل بمولد الرسالة، فأنا أذكِّر الناس برسالة رسول الله وبسيرة رسول الله.



وفي الهجرة أذكِّر الناس بهذا الحدث العظيم وبما يُستفاد به من دروس، لأربط الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب 21 لنضحي كما ضحى الصحابة، كما ضحى علِيّ حينما وضع نفسه موضع النبي صلى الله عليه وسلم، كما ضحت أسماء وهي تصعد إلى جبل ثور، هذا الجبل الشاق كل يوم، لنخطط كما خطط النبي للهجرة، لنتوكل على الله كما توكل على الله حينما قال له أبو بكر: والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال: 'يا أبا بكر ما ظنك في اثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا'.



نحن في حاجة إلى هذه الدروس فهذا النوع من الاحتفال تذكير الناس بهذه المعاني، أعتقد أن وراءه ثمرة إيجابية هي ربط المسلمين بالإسلام وربطهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذوا منه الأسوة والقدوة، أما الأشياء التي تخرج عن هذا فليست من الاحتفال ؛ ولا نقر أحدًا عليها.

والله أعلم.

– Envoyé à l'aide de la barre d'outils Google"