jeudi 6 septembre 2018

الهجرة النبوية خطبة ج الحنفية 9/2018



بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله ثمّ الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله، وما توفيقي، ولا اعتصامي، ولا توكّلي إلا على الله،
      وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارًا برُبوبيَّته، وإرغامًا لمن جحد به وكفر،
      وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر.
اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين،
      اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة المؤمنون،
  يا أيها الأخوة الأكارم ؛ النبي عليه الصلاة والسلام صفوة الله من خلقه ، سيد الأنبياء والمرسلين ، سيد ولد آدم ، جعله الله معصوماً ، ذا خلقٍ عظيم ، لذلك علينا أن نقتدي به ، وأن نتأسَّى به ، وأن نقفو أثره ، وأن نتَّبع سنته ، لأن اتباع سنته فرضٌ على المؤمنين ، لقول الله عز وجل :
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ الأحزاب  

 وما دام النبي أسوةً حسنة فينبغي أن نتعرَّف إلى سيرته ، ينبغي أن نقِف عند مواقفه ، وعند خطواته ، وعند أخلاقِه ، فهو المثل الأعلى ، والقدوة ، والذي ينبغي أن يُتَّبَعَ في كل شيء ، والله سبحانه وتعالى يقول :
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ آل عمران  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      نحن في مناسبةٍ إسلاميّة غاليَةٍ على قلب كلّ مسلم، نحن في مناسبة الهجرة، هجرة النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام من مكّة إلى المدينة،
وقائع الهجرة...تعرفونها جميعًا ولكنّني نريد أن نستنبط من الهجرة حقائق تُعين المسلم على تطبيق دينه في كلّ زمان ومكان.
العبرة الأولى من الهجرة
أن الهجرة تؤكد أن الله ورسوله ، وطاعة الله ورسوله ، وابتغاء رضوان الله ورسوله ، أغلى على المؤمن من أثمن شيءٍ في حياته، الهجرة تؤكِّد أنه ينبغي أن يكون الله ورسوله ، وينبغي أن تكون طاعة الله وطاعة رسوله ، وينبغي أن يكون ابتغاء رضوان الله ورسوله أغلى على المؤمن من أي شيء ؛ مهما بدا لنا ثميناً ، ومهما بدا لنا غالياً ، قال تعالى:
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ]] النساء  

 أن يترك الإنسان موطنه ، وبلده ، ومكانته ، وجذوره المُمْتَدَّة في الأعماق ...هذه تضحيةٌ من أعلى درجات التضحية .
أي أن الطريق إلى الله ليست سالكة إذا آثرت على طاعة الله وطاعة رسوله شيئاً من الدنيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2/ على المؤمن أن يأخذ موقفاً عملياً وإلا مشاعره وقناعاته وحدها لا تكفي :
﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ]] الأنفال  

      فالإيمان ما وقر في القلب ، لابد من موقفٍ يجسده ، لابد من واقعٍ يؤكِّده ، لا بد من مظهرٍ عملي يثبته ، فالقناعات والاعتقادات وحدها لا تكفي ،
هناك فكره إسلامي ولكن سلوكه ليس إسلامياً ، نموذجٌ آخر عواطفه إسلامية ؛ يتعاطف مع كل مشكلة إسلامية ، ولكن سلوكه ليس إسلامياً ،
الذي يرفَعُنا عند الله عز وجل ، والذي يُقَرِّبُنا إلى الله عز وجل ، هو أن نكون مسلمين في بيوتنا ، وفي تصرفاتنا ، في مواقفنا ، في منعنا ، في عطائنا ، في سخطنا ، في رضانا ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 3 ـ عدم انسجام المؤمن مع غير المؤمن :
      درسٌ آخر يا أيها الأخوة الأكارم ألا وهو أن بين قوى الشر وقوى الخير ، بين الحق وبين الباطل  ، تناقضاً واضحاً ، صارخاً ، جلياً، وصراعاً مستمراً ،   قال تعالى :
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾
الأنفال

 هذا شيءٌ يجب أن تألفه ، الحق لا يلتقي مع الباطل ، ، قوى الخَيْر لا تلتقي مع قوى الشر ،
المؤمنون لا ينسجمون مع غير المؤمنين هذا حُكْم الله عز وجل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 ـ الدنيا دار ابتلاء والشدائد التي يسوقها الله للمؤمنين هي مَحْضُ حكمةٍ ورحمةٍ :
إنما يسوقها لهم ليزدادوا معرفةً به ، وليزدادوا حباً له ، لقد ضحوا بدنياهم ولكن الله نصرهم .
.... وكانت أول موقعةٍ بينه وبين كفار قريش ، وانتصر فيها على كفار قريش ، وقف أمام القَليب الذي أُلقي فيه صرعى قريش ، وقال لهم :
" يا أهل القليب ، يا عتبة بن ربيعة ، يا شيبة بن ربيعة ، يا أمية بن خلف ، يا أبا جهلٍ بن هشام ، هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً ؟ لقد كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس " .
[ أحمد عن عائشة ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ إذا كنت مع الحق فلا تخشَ أحداً ، واعتقد اعتقاداً جازماً أن المستقبل لك ، وأن الباطل مهما جال لابد مِن أن يضمحل ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾ الإسراء  

 كُن مع الحق ، فمن كان مع الحق كان الله معه ، ولا تكن مع الباطل فإن الباطل زاهقٌ ويزهق معه أهله .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ قال الله عز وجل :
﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ]] الصافات   
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصاب الزكاة: 8904,000 د
 إنّ النّصاب في الزّكاة هو مقدار المال الذي لا تجب الزّكاة في ما كان أقلّ منه، وهو مختلف باختلاف أجناس الأموال التي تجب فيها الزّكاة، فنصاب الإبل خَمْسٌ منها، ونصاب البقر ثلاثون، ونصاب الغنم .أربعون، ونصاب الذّهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الزّروع والثّمار خمسة أوسق.
الحكمة من اشتراط وجود النّصاب في الزّكاة، فهي أنّ الزّكاة قد وجبت للمواساة، ومن كان فقيراً فإنّه لا تجب عليه المواساة، بل أنّها واجبة على الأغنياء حتى يعينوه، والزّكاة تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء، وقد جعل الشّارع النّصاب هو أدنى حدّ للغنى، لأن الغالب أنّ من ملك النّصاب فهو غنيّ إلى حين تمام سنته.




يا ودود يا ودود يا ودود .. ياذا العرش المجيد .. يا مبدئ يا معيد .. يا فعالا لما يريد .. نسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك .... ونسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك .. ونسألك برحمتك التي وسعت كل شيء .. لا إله إلا أنت .. يا مغيث أغثنا يا مغيث أغثنا يا مغيث أغثنا
 اللهم إنا نسألك زيادة في الأيمان. وبركة في العمر .. وصحة في الجسد .. وسعة في الرزق .. وتوبة قبل الموت .. وشهادة عند الموت .. ومغفرة بعد الموت .. وعفواً عند الحساب ... وأماناً من العذاب .. ونصيباً من الجنة .. وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم .. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين .. واشفي مرضانا ومرضا المسلمين .. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات .. والمؤمنين والمؤمنات ... الأحياء منهم والأموات ..

 اللهم تقبل هجرة من هاجر إليك، وثبت منه الأقدام، وهيئ له مراغَماً كثيراً وسَعةً، واكتب له الأجر العظيم.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع. اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم اختم بالصالحات أعمالنا واقرن بالسعادة غدونا وآصالنا واجعل إلى جنتك مصيرنا ومآلنا. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين

jeudi 5 juillet 2018

الإحتِيالِ على الأحكامِ الشرعية.1/2014 ج كو -6/2018ج الحنفية



بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
أيها الإخوة،
     الإحتِيالِ على الأحكامِ الشرعية, هو  : القيامُ بِعَمَلٍ ظاهِرُهُ الجوازُ و المصلحة,  والمَقْصودُ منهُ الوُصولُ إلى الفساد و إلى عَمَلٍ مُحَرَّم.
[[ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ]] البقرة

يقول المفسِّر ابن عاشور - رحمه الله - في بيان بعض صور الإفساد في الأرض: "فالإفساد في الأرض منه تصيير الأشياء الصالحة مضرة؛ كالغش في الأطعمة، ومنه إزالة الأشياء النافعة؛ كالحرق والقتل، ومنه إفساد الأنظمة؛ كالفتن والجور، ومنه إفساد المساعي؛ كتكثير الجهل، وتعليم الدعارة، وتحسين الكفر، ومناوأة الصالحين المصلحين".
وصور الفساد لا تنتهي، والفساد خطير، وأشد منه خطورةً اعتقادُ المفسدين أنهم مصلحون،
ولا يقلُّ خطورةً عن هذين الأمرين تقاعسُ المصلحين عن دورهم في الإصلاح.

أيها الإخوة،
إذا انتكست القلوب انعكست البصائر، وأصبحت تعتقد وترى الفساد صلاحاً والصلاح فساداً، والحق باطلاً والباطل حقاً؛ والشر خيراً والخير شراً: تبعاً لتقدير هذا القلب المريض المنتكس، ونتيجة هذا التلون النفسي القذر
(﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾) الأعراف

قال تعالى:
(﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾) [البقرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الإخوة،
 اسمعوا كيف وصف الله، سبحانه و تعالى، في كثير من آي القرآن الحكيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان:   
﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾الأنفال.
﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ آل عمران
عباد الله الذين يكون قولهم:
﴿ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
**/عندما تجعل النقل كنص عادي فأنت تنزع القداسة عنه...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 15، 16].

     هؤلاء الذين وصفهم الله سبحانه بما سمعت بعضه من آي الذكر الحكيم: هم الناس على الحقيقة، الذين بهم تعمر الأرض، ولأجلهم يُنزل الله رحمته، ويفتح ينابيع البركات من السماء والأرض. وغيرهم من الكافرين والمنافقين همل، لا يعبأ الله بهم شيئًا؛ ولو يؤاخذهم الله بعملهم، ويعاملهم بذنوبهم ما ترك عليها من دابة، ولكن واحدا من المؤمنين الذين رضي عنهم ورضوا عنه يساوي عند الله ملء الأرض منهم؛ فينظر الله إليه وينزل على الأرض رحمته، ويسبغ آلاءه فتعم وينتفع بها أولئك الهمل، ثم يؤاخذ الله المجرمين يوم القيامة بما كانوا يكسبون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الإخوة،
     وَرَدَ في القرآنِ والسُّنَّةِ أَدِلَّةٌ على تَحريمِ الحِيَلِ, بَيَّنَ الشارِعُ الحَكِيمُ مِنْ خِلالِها أنها ذنْبٌ كبير, وسَبَبٌ لِنِقْمَةِ اللهِ على فاعِلِه في الدنيا والآخرة:
الأصل أن تؤتى أحكام الله بكلّ خضوع و محبّة... و محبّة هذه الأحكام من محبّة مشرّعها:
[[إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ]]
هذه الآية هي ردّ على المنافقين:
     [[ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ
وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ
وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ]] النور 49

     واشْتَهَرَ هذا الذَنْبُ القَبيحُ عن اليهود. فمَن فَعَلَه مِنْ هذِه الأُمَّةِ فقد تَشَبَّهَ بِهِم, وَوَقَعَ في ذَنْبٍ عُقُوبَتُه مُعَجَّلَةٌ في الدنيا قبل الآخِرة.
     الدليلُ: قصةُ أصحابِ السبت, وَهُمُ اليهود, قال تعالى:
( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ).
     وكان اللّهُ تعالى قد أمَرهم أن يُعَظِّمُوا يومَ السبت, ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا، فابتلاهم اللّه وامتحنهم، فكانت الحِيتانُ تأتيهم يومَ السبتِ كثيرةٌ طافِيَةٌ على وجهِ البحر. وفي بقية أيامِ الأسبوعِ لا تَأْتِيهِمْ, أي: تذهب في البحر فلا يرون منها شيئا, ابتلاءً مِنَ الله. بِسَبَبِ كَثْرَةِ فِسْقِهِم, فَلَوْ لَمْ يَفْسُقُوا، لَمْ يُعَرِّضْهُم اللهُ لِهذا البلاء.
  [[ واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ]]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


     أيّها الإخوة لم لا نتصالح مع الله؟
فهو أرحم بنا من أنفسنا...[[ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿6﴾ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ]] المائدة
الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك لا نحصي ثناء عليك اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام،
     اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها, دقها وجلها, أولها وآخرها, علانيتها وسرها،
     اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكاها, أنت وليّها ومولاها، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين،
اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أنزل على المؤمنين رحمة عامة وهداية عامة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز،
     اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم اجمع كلمة المسلمين على كتابِك وسنةِ نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لأعدائهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام،
     اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في سوريّا، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع الظلم والطغيان عنهم، اللهم اكشف كربتهم، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية، اللهم احفظ لهذه البلاد دينها وعقيدتها وأمنها وعزتها وسيادتها واستقرارها، اللهم احفظها ممن يكيد لها، اللهم أصلح حكامها وأهلها، اللهم اغفر للمسلمين...   

jeudi 28 juin 2018

الردّ على لجنة الحقوق و الحريات-ج الحنفية 6/2018



بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد لله الذي عظَّم ورفع من شأن الطهر والنقاء والفضيلة والعفاف، وحذّر وحطّ من شأن الرذيلة والفحش والإسفاف، أحمده سبحانه وأشكره،
يعيش الكون في بحر عطاياه ومننه اللطاف. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم السر وما يخفى عليه خاف،
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، بين لأمته طريق الهدى وحذرها من الغواية والانحراف، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما أينع ثمر بغصنه وتهيأ للقطاف، وما عاد مذنب لربه وخاف.
أيّها الإخوة،
لا يقل أحدكم أنا أحفظ القرآن بل ليقل القرآن حافظي، بإذن الله تعالى.
كذلك هذا الدّين؛ لا تقل سأدافع عن الدين بل هذا الدين هو الذي سيدافع عنك، و ما هي إلاّ أسباب وضعت في طريقك لترتقيَ عند الله أو ... تتدنى و العياذ بالله:
[[ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)]] محمد
حقيقة الإسلام أن تُسلم لربّ العالمين وتُذعن لأحكامه وتقبل ما شرَّعه لك دون اعتراض قال الله تعالى
[[وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ]] الأحزاب

ـ أنّ الله تعالى لم يترك النّاس وشؤونهم يديرونها كيفما شاؤوا،
بل من رحمته بهم أن شرع لهم ما ينظّمون به حياتهم، حتّى لا تتحكّم أهواء طبقة على أخرى، ولا يطغى بعضهم على بعض، ولا يستبدّ الأقوياء على الضعفاء.
ـ أنّ لله تعالى حِكَمًا فيما شرَع لعباده، قد لا يدركها الإنسان، ولكنّ إيمانه بالله تعالى صاحب العلم المطلق والحكمة البالغة يجعله يثق فيما يأمره به خالقه وما ينهاه عنه، ويُقبِل على الامتثال طائعا له، قال تعالى في خاتمة أحكام تتعلق بالمرأة
[[ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ]] البقرة
 مثال: [[وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ]]
"القُرء" هو الطهر في المذهب المالكي.. الحكمة من هذه الآية هو براءة الرحم.
فقالوا لا فائدة من ذلك و قد توفّرت الوسائل العصرية.
- رئيس أكادمية الإعجاز العلمي بالجزائر: فوزي رمضان.
يقول في علم ovogenese )علم تكوين البويضات): عندما تطلق المرأة و في أي مرحلة من مراحل  دورتها لها 3 بويضات ( 2 على اليمين و واحدة على الشمال.أو العكس) قد سقيت بماء زوجها.
عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَامَ فِينَا خَطِيبًا قَالَ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ << لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ >>.
فتخرج بويضة في كلّ شهر و في الشهر الرابع فقط  يُستبرأ الرحم.
و هذا خدمة لمقصد من  مقاصد الشريعة: حفظ النسل.
ـــــــــــــــــــــــــــ
كذلك لحكمة يعلمها جعل الميراث ومنع زواج المسلمة من الكافر حكمان شرعيان ثابتان في شريعة الإسلام لا يدخلان في مجال الاجتهاد البشري،
فالميراث فريضة شرَعها الله تعالى لعباده، وبيّن أنّها لا تخضع للأهواء والعواطف البشرية، ولا يلحقها نقص أو جور، لصدورها عن عليم حكيم، قال تعالى
«آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» النساء

وقال في خاتمة آيات الميراث مبيّنا أنّها حدود الله تعالى لا يحقّ لمن يرى نفسه مؤمنا أن يتجاوزها [[ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ … ]] (النساء
( وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مبيّنا أنّ قسمة المواريث قد استأثر الله تعالى بها:
<< إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ>>; الترمذي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا زواج المسلمة من المشرك فالآية صريحة في تحريم زواج المسلم والمسلمة من أهل الشرك،:
[[ وَلَا تَنكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِۦ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ]] البقرة.
 و أيضا:
 تخصيص المسلمة بالنّهي عن ردّها إلى زوجها الكافر في قوله تعالى
[[ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا جَاءَكُمُ ٱلمُؤمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰت فَٱمتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّ فَإِن عَلِمتُمُوهُنَّ مُؤمِنَٰت فَلَا تَرجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلّ لَّهُم وَلَا هُم يَحِلُّونَ لَهُنَّ.. ]] الممتحنة
ـــــــــــــــــــــــــ
وللعلم فإنّ هاتين المسألتين لم ترد فيهما نصوص كثيرة، وذلك لأنّهما وردتا بصيغ قطعية في نقلها بالتواتر المفيد لليقين، وقطعية في دلالتها على الحكم، فلم يوجد فيها اختلاف بين العلماء، ولذلك فهما معدودتان من المعلوم من الدين بالضرورة.

... فإنّ الدّعوة إلى تعطيلهما منكر يجب تغييره بالقلب واللّسان معا.
ولا يسع المسلم الحقّ أيضا إلاّ أن يضرب بعرض الحائط آراء البشر، مهما كانت عمائمهم كبيرة أو مواقعهم الاجتماعية أو السياسية عظيمة.
أيها الإخوة،
محاولات التغيير القديمة والحديثة للأحكام الشرعية لا تغيّر من الأمر شيئا، فالحرام في الشريعة الإسلامية يبقى حراما إلى يوم القيامة، والحلال يبقى حلالا إلى يوم القيامة، لا يغيّره عند الشعب التونسي المسلم قانون ولا مرسوم ولا فتوى مفت، كما لم يَصِر عنده التبنّي والزّنا والفطر في رمضان حلالا.



mercredi 20 juin 2018

الإخلاص سرُّ العبادة-ج الحنفية -6/2018


الإخلاص سرُّ العبادة-ج الحنفية -6/2018
بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وأكمل لنا الدين وأتم علينا به النعمة من بين العالمين، وقال وهو أصدق القائلين: { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو من الخاسرين }آل عمران. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، أمركم أن تعبدوه مخلصين له الدين، وحذركم أن تكونوا من المشركين: { من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } [الروم:32].
     وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى،
     صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والأئمة المهديين.
أيها الإخوة،
     الإخلاص سرُّ العبادة ، والإخلاص ينفع معه كثر العمل وقليله، بينما عبادة من دون إخلاص لا قيمة لها، لا إن كانت كثيرة، ولا إن كانت قليلة.
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ الكهف
هذه الآية لخصت القرآن كلَّه.

ما قيمة العمل الصالح؟ :
﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾
[سورة الكهف الآية: 110]
     قيمة هذا العمل ألا يخالطه شرك، أن تبتغي بعملك غير الله،
إنسان داوم على صلاة الفجر في المسجد أربعين عاماً، وفي أحد الأيام غلبته نفسه فلم يستيقظ، فانتبه مذعوراً،
وقال: ماذا يقول الناس عني هذا اليوم؟
شيء خطير,  
ــــــــــــــــــــــــــــــــ 
     هناك أعمال رائعة يجعلها الله هباء منثوراً، 
[[ لن ينال الله لحومها ولا دمائها, ولكن يناله التقوى منكم.]]
يناله أن يراكم مخلصين في هذه الطاعة.

من بنود هذه الآية :
﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾آل عمران 
     إن أخفيت، أو لم تخف, فأنت مكشوف أمام الله، لا تخفى على الله خافية، فهو وحده يعلم، لك أن تقول كل شيء، وتبرر، وتعلل، وتفسر، ولكن تأكد أن كل شيء تفعله لا يخفى على الله عز وجل.
      الحديث الصحيح المتواتر الشهير, الذي يعد أصلاً من أصول الدين، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ:
((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ, وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى, فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا, أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يتزوجها, فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]
ــــــــــــــــــــــــــ
حديث آخر:
عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيِّ, أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((... وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ, قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ؛
 - عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا, فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ, وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ, وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا, فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ,
- وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا, وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا, فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ, يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ, فَهُوَ بِنِيَّتِهِ, فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ,
- وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا, وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا, فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ, لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ, وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ, وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا, فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ,
- وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا, فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا, لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ, فَهُوَ بِنِيَّتِهِ, فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ))

فلذلك: من شهد معصية فأنكرها, كان كمن غاب عنها، ومن غاب عن معصية فلم ينكرها، بل أرادها, كان كمن شهدها.
((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ, وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))

ما هو العامل الحاسم في كل هذه الأحاديث؟ النية, ماذا تنوي؟ ماذا تريد؟.

     هل هناك حديث أخطر من هذا الحديث؟ صاحب أموال طائلة أنفقها في سبيل الله، وإنسان قتل في سبيل الله، والأول قرأ القرآن في سبيل الله, وهم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، هذا حديث خطير, لا يدعو على اليأس, ولكن يدعو إلى اليقظة، حرر عملك من الشوائب.
     ما موقف معاوية بن أبي سفيان حينما أخبره الرجل بهذا الحديث الذي سبق ذكره؟ :
دخل رجل على معاوية بن أبي سفيان, فخبره بهذا الحديث، فقال معاوية:
<< قد فعل بهؤلاء هذا, فكيف بمن بقي من الناس؟.>>
( لا يوجد عنده أجهزة لهو, يسهر بعد الفجر، غارق بالملذات، لا يوجد في دخله حرام، لا يوجد مال ربا، ولا انحراف خلقي، ولا اعتداء على أموال الناس، هؤلاء أحدهم قتل في سبيل الله، والثاني قرأ القرآن، والثالث كان محسناً، لأنهم أرادوا لهذا السمعة والدنيا, كان هذا مصيرهم،  
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
[سورة النجم الآية: 3-4]
ــــــــــ
قال: فكيف بمن بقي من الناس؟
قال: فبكى معاوية بكاء شديداً, حتى ظننا أنه هالك، وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية، ومسح عن وجهه, وقال: صدق الله ورسوله:
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
[سورة هود الآية: 15-16]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
<< صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه الناس, تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين درجة>>

 حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ:
<< سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ, حَتَّى أَوَوُا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ...>>
هذا الحديث الرائع يعلمنا أنك إذا كنت في ضائقة، وفي شدة، وفي أزمة، وفي خطر, فادع الله بصالح عملك، وينبغي أن يكون لكل واحد منا عمل صالح, يبتغي به وجه الله الكريم.
اسمع قصة هذا التاجر :
حدثني تاجر كبير من تجار الغنم, أنه ضل في الصحراء هو والغنم التي اشتراها، وكاد هو والغنم يموتون عطشاً، فصلى ركعتين، وذكر أن له عملاً صالحاً قبل سنوات، أنه كان في البادية، وجاءت امرأة تريده فدفعها، وقال: يا رب إن كنت دفعتها خوفاً منك ففرج عنا، وقد ساق الله لهم أناساً يعرفون مكان الماء، ودلوهم على الماء، وأنقذ الله حياتهم من الموت المحقق, فهذا من السنة, إذا كنت في شدة, أو ضائقة, أو محنة, أو مصيبة, أو خطر, فادع الله بصالح عملك كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.






     ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم وفقنا في ودعوتنا، واجعل لنا من لدنك سلطاناً نصيراً، اللهم تب علينا وأصلح حالنا، واهدنا واهد بنا ويسر الهدى لنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم ألف بين قلوبنا، واجمع شملنا، ووحد كلمتنا، واهدنا سبل السلام، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعلِ كلمة الحق والدين،
اللهم اجعل بلدنا آمنا مطمئنا مباركاً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين،
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا صغيرها وكبيرها دقها وجلها وأنت أرحم الراحمين وأنت المتفضل على عبادك وأنت المجيب لمن سألك
اللهم نتوسل إليك بما أخلصنا لك فيه من الدين أن تغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا واجعل لنا من أمرنا رشداً واجعل عاقبة أمورنا إلى خير وعملنا في خير ورؤيانا في خير يا أرحم الراحمين.