dimanche 19 décembre 2021

سؤال الله طول العمر - 24/12/2021

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين.. لا يسأم من كثرة السؤال والطلب...

سبحانه إذا سئل أعطى وأجاب.. وإذا لم يُسأَل غضب...

يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب.. ولا يعطي الدين إلا لمن أحب ورغب...

من رضي بالقليل أعطاه الكثير.. ومن سخط فالحرمان قد وجب...

رَزق الأمان لمن لقضائه استكان.. ومن لم يستكن انزعج واضطرَب...

من ركن إلى غيره ذلَّ وهان.. ومن اعتز به ظهر وغلب...

 

نحمَده تبارك وتعالى على كل ما منح أو سلب، ونعوذ بنور وجهه الكريم من العناء والنصَب...

ونسأله الخلود في دار السلام حيث لا لغو ولا صخب…

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وإليه المنقلب...

هو المالك.. وهو الملك.. يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب...

 

وأشهد أن خاتم المرسلين هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب...

نطق بأفصح الكلام.. وجاء بأعدل الأحكام.. وما قرأ ولا كتب...

 

فيا رب يا أكرم مسؤول.. ويا خير مُرتجى ومأمول.. صلِّ على سيد الأعاجم والعرب...و آته الوسيلة…

و على الصحب ومن تبع وكلِّ من إليه انتسب...

******************

روى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ : اللَّهُمَّ مَتِّعْنِى بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبِأَبِي أَبِى سُفْيَانَ وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  :

« إِنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لاَ يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ وَلاَ يُؤَخِّرُ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا لَكِ ».

إخوة الإسلام

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7) .

 يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يستحب أن يدْعُوَ به العبد ربه ، ويبين لنا أيضا أن الآجال والأعمار مكتوبةٌ ومحددة ، لا يُزاد فيها ولا ينقص…

   فكل مخلوق له أجلٌ محدود ، وأمدٌ ممدود ، ينتهي إليه ولا يَتجاوزه ، ولا يَقصُر عنه، 

وقد علم الله تعالى جميع ذلك بعلمه الذي هو صفته، وجرى به القلم بأمره يوم خلقه، ثم كتبه الملك على كل أحد في بطن أمه ،بأمر ربه عز وجل ،عند تخليق النطفة ، في أي مكان يكون ، وفي أي زمان ، فلا يُزاد فيه ولا يُنقص منه ، ولا يُغير ولا يُبدل عما سبق به علم الله تعالى ، وجرى به قضاؤه وقدره، 

 

وأنَّ كُلَّ إنسانٍ مات أو قُتل أو حُرق أو غرق أو بأَيِّ حتف هلك بأجله ، لم يستأخر عنه ولم يستقدم طرفة عين، 

وأن ذلك السبب الذي كان هو فيه حتفه هو الذي قدره الله تعالى عليه، وقضاه عليه ،وأمضاه فيه ،ولم يكن له بدٌ منه ، ولا محيصَ عنه ، ولا مفرَّ له ، ولا مهرب ولا فكاك ولا خلاص، وأنّى وكيف وإلى أين ولات حين مناص…

**********  

وأما ما جاء في الصحيحين : عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-

« مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ».

فإنه يفسر بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه عند ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى: قال : 

روي أنّه ذُكِرَعند رسول الله صلى الله عليه وسلم الزيادة في العمر فقال: 

(إنَّ الله تعالى : لا يؤخِّر نفساً إذا جاء أجلها، وإنّما زيادة العمر بالذرية الصالحة يُرْزَقَها العبدَ فيدعون له من بعده فيلحقه دعاؤهم في قبره فذلك زيادةُ العمر) ،

**********

« إِنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لاَ يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ وَلاَ يُؤَخِّرُ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا لَكِ ».

قال النووي : فإن قلت ما الحكمة في نهيها عن الدعاء بالزيادة في الأجل ،وندبها إلى الدعاء بالاستعاذة من العذاب ، مع أنه مفروغ منه كالأجل ؟

فالجواب :أن الجميع مفروغ منه ، لكن الدعاء بالنجاة من عذاب النار ومن عذاب القبر ونحوهما عبادة ، وقد أمر الشرع بالعبادات ، وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة ، وكما لا يحسن ترك الصلاة والصوم اتكالا على القدر ، فكذلك الدعاء بالنجاة من النار ونحوه.

**********

أيها المسلمون

إنّ أفضل ما يحرص عليه المؤمن بعد الإيمان واليقين أن يرزقه الله العافية في الدنيا والآخرة، 

ففي سنن الترمذي : (قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ 

« سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ » ،

والمؤمن يعلم يقيناً أن الآجال مضروبة وأن الأرزاق مقسومة، وأن الله عز وجل هو الرزاق ذو القوة المتين ، قال الله تعالى : 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 3]. 

ولهذا فهو يسعى في طلب الرزق آخذاً بالأسباب المباحة ،وقد تعلق قلبه بالرزاق ،فاطمأن أن الرزق مكفول مضمون، فطلب الرزق بغير استشراف نفس ،ولا ركون إلى دنيا ، 

ففي سنن ابن ماجه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  : 

« أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ». 

**********

الدعاء

اللهم ربّ السموات السّبع، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربّنا وربّ كل شيءٍ، فالق الحَبّ، والنّوى، ومنزّل التّوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهمّ أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر

•  اللهم أغثنا , اللهم أغثنا اللهم أغثنا “.( متفق عليه)”

•  اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار ,عاجلاً غير آجل ” رواه أبو داود .

•  “اللهم اسق عبادك وبهائمك , وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت”. رواه أبو داود

اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، 

اللهم إنا ندعوك بعد انقطاع البهائم، وجدْب المراعي، راغبين في رحمتك، وراجين فضلَ نعمتك، 

اللهم قد انصاحت جبالُنا، واغبرَّت أرضُنا، اللهم فارحم أنين الآنَّة، وحنين الحانة، اللهم فأسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تُهلكنا بالسنين، 

اللهم انشر علينا رحمتك بالسحاب، سحاً وابلاً غدقا مغيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار، اللهم لتُحيي به البلاد، وتسقيَ به العباد، وتحيي به ما قد مات، وتردَّ به ما قد فات، وتُنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، 

اللهم سقيا هنيئة، اللهم سقيا هنيئة، تروى بها القيعان، وتَسيل البطان، وتستورق الأشجار، وتُرخص الأسعار، 

اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد.


mercredi 17 novembre 2021

سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ-19/11/21


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه اللهُ رحمةً للعالمين؛ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة, وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمةَ، فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه، فصلواتُ ربي وتسليماته عليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين.

 

عباد الله: من مقاصد هذه الشريعة  تهذيب الأخلاق والسلوك، وتنقية المشاعر، ونشر المحبة والمودة بين أفراد الأمة المسلمة، ولكن هناك آفةٌ تعرِض لهذا المبدأ العظيم، آفةٌ تمر بالمجتمع رغم اختلاف مراحله العمري، أو مداركه الثقافي.

في الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ »

إخوة الإسلام

في هذا الحديث النبوي الشريف ،يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم 

خصلتين محرمتين في التعامل مع المسلمين: 

الخصلة الأولى : سب المسلم وشتمه : وذلك بأي لفظ سيء ،سواء أكان باللعن والتقبيح ، أو تشبيهه بالبهائم ،أو تعييره بعيب أو خلق ،أو غير ذلك من الألفاظ التي تؤذيه ،وتدخل الحزن عليه. فيحرم على المسلم السب والشتم ،لأجل الدنيا أو الدين ،إلا في حالة واحدة ، فيجوز للمسلم شتم غيره إذا بدأه شخص بذلك ،وكان على سبيل القصاص والمماثلة ،مع أن الأفضل له ترك ذلك لله، 

فقد قال الله تعالى في محكم آياته : (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) (148) ،(149) النساء ، 

وفي مسند أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ بِلَعَّانٍ وَلاَ بِالْفَاحِشِ الْبَذِيءِ » 

 

وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عف اللسان ،لا يسب ،ولا يشتم ،ولا يقبح أحدا: حتى مع خصومه من اليهود ،وغيرهم ،بل كان رفيقا في خطابه لهم.

 

ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ . قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَهْلاً يَا عَائِشَةُ ،إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ » 

 

فينبغي للمؤمن أن يكون لسانه طيبا ،عفيفا ،يصدر عنه أحسن الكلام ،وأعذب الكلمات ،وأن يتجنب الفحش مع الخلق ،عامتهم وخاصتهم ،من أهل وولد وصاحب.

 

  الخصلة الثانية التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:

 هي قتل المسلم : وهذا الفعل من أكبر الكبائر ، وقد ورد فيه وعيد شديد. قال الله تعالى: 

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء 93.  

 

  فالمسلم له حرمة عظيمة في نفسه أعظم من حرمة البيت العتيق ،فيحرم انتهاكها إلا بحق. ففي سنن ابن ماجة : (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ : « مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا ». 

 

إن مبادئ الإسلام تهدف إلى حماية الناس من كل ما يتسبب في الإساءة إليهم ،بأي صورة من صور الإيذاء، كالظلم ،والاعتداء على حرماتهم في منازلهم ،والتطلع إلى عوراتهم ، والتحدث في اعراضهم، أو حتى إقلاق راحتهم في بيوتهم، أو الاستطالة عليهم في مجالسهم ...

، ووصل الأمر إلى عدم ايذائهم في الطريق الذي يمشون فيه...

ففي سنن أبي داود : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ 

« اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ ». قَالُوا وَمَا اللاَّعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : « الَّذِى يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ ». ومعنى يتخلى : أي يتبرز ،أو يتبول في الطريق العام، أو في أماكن الظل· 

 

في الحديث الشريف الذي رواه مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ) 

 

وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ». قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قَالَ « غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ». رواه البخاري ومسلم·       

***************************

دعـــــــــــــــــــــــــــــــاء

اللّهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك،  

اللّهم يا حي يا قيوم يا ذو الجلال والإكرام، اهدنا في من هديت، وعافنا في من عافيت، واقضِ عنّا برحمتك شرّ ما قضيت، إنّك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، آمنا بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فاغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما أنت به أعلم، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير. 


اللهم أبعد عني رفقاء السوء، اللهم جنبني الفواحش والمعاصي، اللهم اغفر لي ذنبي، وطهّر قلبي، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين. 


اللهمّ يا نور السماوات والأرض، يا عماد السماوات والأرض، يا جبّار السماوات والأرض، يا ديّان السماوات والأرض، يا وارث السماوات والأرض، يا مالك السماوات والأرض، يا عظيم السماوات والأرض، يا عالم السماوات والأرض، يا قيّوم السماوات والأرض، يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة، 


اللهم إليك مددت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل توبتي، وارحم ضعف قوّتي، واغفر خطيئتي، واقبل معذرتي، واجعل لي من كل خير نصيباً، وإلى كل خيرٍ سبيلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين. 


اللهم لا تحرمني سعة رحمتك، وسبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عني مواهبك لسوء ما عندي، ولا تجازني بقبيح عملي، ولا تصرف وجهك الكريم عني برحمتك يا أرحم الراحمين.


 


jeudi 21 octobre 2021

 من أخلاق الرسول الحلم والعفو .8/10/2021

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين                          

                                                    ******************

أيها الإخوة، 

ماذا أقول في النبي الرسول، هل أقول للبدر حُيِّيت يا قمر؟ أم أقول للشمس أهلاً يا كاشفة الظلماء؟ أم أقول للسحاب سَلِمت يا حاملَ الماء؟ 

في ليلة فاح فيها العود وغنَّى القمر، وانتشى الكون فرحاً وهلَّل معه البشر، وخبتْ نيران الشياطين وانكفى الشر، وشُقَّ ظلام الليل ونوَّر خير البشر.. بَلَغَ العُلا بكماله، كَشَفَ الدُّجى بجماله حَسُنَت جميعُ خصاله، صلوا عليه وعلى آله، مُتَباركين.

مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ*** مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَم*** 

مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً*** مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ*** مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةً*** مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ

 كل القلوب إلى الحبيب تميل ومعي بهذا شاهد ودليل، أما الدليل إذا ذكرت محمداً صارت دموع العارفين تسيل، هذا نبراس الهدى، هذا لكل العالمين رسول.

******************

أيها الإخوة،من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى ؟

ما أجمل الحديثَ عن رسول الله! 

عن أسامة بن شَريك قال: << كنا جلوسًا عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ، إذ جاءه أُناسٌ فقالوا من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال: أَحسنُهم خُلُقًا >>

و خلقُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم عظيم : (و إنَّك لعلى خلق عظيم) 

   روى البخاري في صحيحه (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي التَّوْرَاةِ . قَالَ أَجَلْ ، 

وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا ) 

-الرجل كَانَ فَظّاً، أَيْ أَسَاءَ وَقَسَا

-الغليظ،أي القاس. 

إخوة الإسلام، { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } الأعراف

معنى خذ العفو : عامل به واجعله وصفا ولا تتلبس بضده ( بن عاشور) 

روى أنّه لما أنزل الله تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ... إلى آخره، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم؟ فذهب ثم رجع، فقال: إن الله تعالى أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.

(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أي: ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم، ولا تمارهم، واحلم عليهم، وأغض بما يسوؤك منهم.

وقد كان من أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم – الحلم ،والعفو، والصفح ، والتسامح …

وصُوَر عفوِه – صلى الله عليه وسلم – أكثرُ من أن تُحصى، 

  • عفوَه صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان الذي فعل ما فعل، وأدمى كبد رسول الله –

صلى الله عليه وسلم – في أُحُد، وحزَّب الأحزاب يوم الخندق ضد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وناصر القبائلَ ضده، وعلى الرغم من كل ذلك يعفو عنه النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يوم فتح مكة، بل ويمنُّ عليه بما يفخر به، وما كان يطمع في أكثر من أن يَهَب له حياته، ولا يضرب عنقه، جزاء ما آذى به المسلمين، ولكن الرسول الأكرم – صلى الله عليه وسلم – يمنحه العفوَ وزيادة؛ إذ يقول: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن)

 **************

  • ويتجلَّى العفوُ عند المقدرة في أروع صوره يوم فتح مكة، ... حيث قال – صلى الله عليه 

وسلم -: ((اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء))  

 

  • وكذلك عفوه – صلى الله عليه وسلم – عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سَحَر النبيَّ – 

صلى الله عليه وسلم – فعفا عنه ولم يعاقبه، 

  • وعفوه صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي أهدتْه الشاةَ

المسمومة فقد روى مسلم في صحيحه 

(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ. قَالَ: 

« مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ ». قَالَ أَوْ قَالَ « عَلَىَّ ». قَالَ قَالُوا أَلاَ نَقْتُلُهَا قَالَ « لاَ ». قَالَ فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم )  

  • عفوه صلى الله عليه وسلم عمن  جذبه من الأعراب ، بل  وأمر له بعطاء! روى 

البخاري(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌ فَجَبَذَ   (جذب إليه) بِرِدَائِهِ جَبذَةً شَدِيدَةً – قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ – ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ  )

******************

ولا يقف خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حد العفو والصفح بل كان يدعو بالهداية لمن آذاه:

 فعن عبد الله بن عبيد قال: لما كُسرت رُباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ  في جبهته، فجعلت الدماء تسيل على وجهه، قيل: يا رسول الله، ادعُ الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم: 

“إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَانًا وَلا لَعَّانًا، وَلَكِن بَعَثَنَي دَاعِية وَرَحْمَة، اللهُمَّ اغْفِر لِقَومِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ”  

الطعّان : كثير الطَّعن، وقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة، شتَّام ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ لَعَّانٍ وَلاَ فَاحِشٍ وَلا بَذِيءٍ [حديث] )

 

وعندما عَصَتْ قبيلةُ دوسٍ في بداية أمرها... فقالوا:

 يا رسول الله، إن دوسًا عصت وأبت، فادعُ الله عليها. فقيل: هلكت دوس! قال: “اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ”

    

                              


إنا نحبك يا رسول الله

   بسم الله الرحمن الرحيم

   إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هاديَ له، 

وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ. وأشهَدُ أنَّ سَيّدَنا وحبيبَنا محمّدًا عبدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وخَليلُهُ مَنْ بَعَثَهُ الله رحمةً للعالمينَ هادِيًا ومبشّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرًا، بلَّّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونَصَحَ الأمَّةَ فجزاهُ الله عنّا خيْرَ ما جَزَى نَبِيًا مِنْ أَنبِيائِهِ، صلواتُ الله وسلامُهُ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أَرْسَلَهُ.

أيها الإخوة،

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة التوبة آية 128].

 شرّف الله عزّ وجلّ نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بآيات كثيرة من كتابه الكريم، فأظهر بها عُلُوَّ شرف نسبه ومكارم أخلاقه وحُسن حاله وعظيمَ قدره وأمرنا بتعظيمه فقال وهو أصدق القائلين : ﴿ فَالَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 157].

فقوله عزّ وجلّ ﴿ وعزّروهمعناه أثنوْا عليه ومدحوه وعظمّوه، فاحتِرامُه وتوقيرُه وإجلاله وتعظيمه صلى الله عليه وسلم فرضٌ من مهمات الدين وعملٌ من أعمال المفلحين.. 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}

*****************

رُوي في الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : 

« لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ». 

محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم فإن زاد إيمانه زادت محبته له ، فحبه صلى الله عليه وسلم طاعة وقربة ، وقد جعل الشرع محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الواجبات .

وفي سنن أبي داود ومسند أحمد : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-« أَعْلَمْتَهُ ؟». قَالَ لاَ قَالَ « أَعْلِمْهُ ». قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ.فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِى أَحْبَبْتَنِي لَهُ ).

إخوة الإسلام

لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا في الحديث السابق إلى أنّ من أحب إنسانا فليعلمه بحبه إياه ، فها نحن نعلنها اليوم جميعا : (إنا نحبك يا رسول الله) ..أحبك يا رسول الله ، لأن الله تعالى أحبك واصطفاك ، وقربك إليه و اجتباك ، 

فأنت القائل: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح ، 

نحبك يا رسول الله : لأنك خليل الله ، وصفوته من خلقه ومجتباه ، 

فأنت القائل « لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً ، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ » رواه مسلم… 

أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك، لنكون قريبين منك يوم القيامة ، فأنت القائل : « أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً »… 

أحبك يا رسول الله لأن حبك قربة إلى الله تعالى ،وعبادة لله من أفضل العبادات .. 

أحبك يا رسول الله لأن سيرتك دين ، فمن تبعك أعزه الله ، ومن خالفك خذله الله .. 

أحبك يا رسول الله ،لأن أقوالك وأفعالك مليئة بالهدى والخير والنور .. 

أحبك يا رسول الله ، لأنك أجهدت نفسك ، وتحملت كل المشاق والتعب ، لكي نسعد ونرتاح ، فإليك يَرْجع كل فضل علينا بعد فضل الله ، فقد بلغت الرسالة ،وأديت الأمانة ،ونصحت الأمة ،وكشف الله بك الغمة.. 

أحبك يا رسول الله : لأنك لم تترك خيراً إلا ودللتنا عليه ، ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه 

أحبك يا رسول الله : فمن أخلاقك علمتني الأخلاق ، ومن عبادتك علمتني كيف أعبد الله ، ومن شجاعتك علمتني الشجاعة وعدم الخوف إلا من الله ، ومن كرمك علمتني الكرم ، ومن عفوك وصفحك علمتني العفو ، ومن رحمتك علمتني الرحمة والرأفة ، والود والعطف والحنان ..

 أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك ، فأنت القائل : « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ » 

.. نحبك يا رسول الله : لكي نشرب من يدك الشريفة شربةً هنيئةً مريئةً لا نظمأ بعدها أبداً ، وأحبك لكي أنظر إلى وجهك الأنور وإلى جبينك الأزهر .. وأحبك يا رسول الله لكي أجلس بجوارك ، وأهنأ برفقتك ،فأنت الطاهر الأطهر، في جنات ونهر، عند مليك مقتدر .

****************************************************

ومن علامات محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به وإحياء سنته.

أ) فقد قال القاضي عياض: "اعلم أنّ من أحبّ شيئاً آثره وآثر موافقتَهº وإلا لم يكن صادقاً في حبّه وكان مُدّعياº فالصادقُ في حبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهرُ علامة ذلك عليه: وأوّلُها الاقتداء به، واستعمال سنّته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدّب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه... وشاهد هذا قوله - تعالى -: (قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله)، من اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبّة لله ورسولهº ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبّة، ولا يخرج عن اسمها".

  القاضي عياض في قوله: "من علامة محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - كثرة ذكرهº فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، ومنها كثرة شوقه إلى لقائهº فكل حبيبٍ, يحبّ لقاء حبيبه، وفي حديث الأشعريين لما قدموا المدينة أنهم كانوا يرتجزون: غداً نلقى الأحبّه! *** محمَّداً وصحبَه! "