jeudi 22 décembre 2016

خطبة - الجنة و النّار.7/2013 ج ك + ج الحنفية 12/2016

الجنة و النّار.7/2013 ج ك + ج الحنفية 12/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
     
      الحمد لله المستحق لغاية التحميد، المتوحد في كبريائه وعظمته، لا إله إلا هو الولي الحميد، الغني المبدئ المعيد، المعطي الذي لا ينفد عطاؤه ولا يبيد،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الفرد الصمد لا ربّ سواه للعبيد،

وأشهد أن محمدًا عبده   ورسوله خيرُ من صام وصلى وحقق التوحيد،  فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المزيد.

أيها الإخوة الكرم،

أنا في حيرة شديدة،...
هؤلاء الصحابة الكرام الذين كانوا مع  رسول الله الذين بذلوا الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، ومع ذلك هم في خوف لا يوصف من الله عز وجل،

حتى سيدنا عمر رضي الله عنه   سأل حذيفة بن اليمان: بربك اسمي مع المنافقين ؟

أهو مبالغة؟ أم أنهم حقيقةً خائفون ؟  

هل هم محقون في خوفهم على ما هم عليه من ورع وخشية وبذل وتضحية وإخلاص ومحاسبة للنفس ...

أم نحن محقون على ما نحن عليه من تقصير وتفلت وإهمال وأداء شكلي لبعض العبادات، وأكل المال الذي لا ينبغي أن نأكله...و نحن في غاية من الاطمئنان ؟

من هم على حق ؟

أكيد أنّهم هم الذين على حق و كيف نسأل هذا السؤال و قد جاء في  الخبر  
((إن الله اختارني واختار لي أصحابي ))

      *ما بال هذا التابعي الجليل الذي قال: التقيت بأربعين صحابياً ما منهم واحد إلا وهو يخشى أن يكون منافقاً،


ما هذه الطمأنينة التي نحن عليها ؟
      إنها طمأنينة البلهاء والسذج، هؤلاء الذين عرفوا الله، وعرفوا أنهم مخلوقون لجنة عرضها السماوات والأرض، هؤلاء الذين عرفوا عظم ألوهية الله عز وجل، هؤلاء الذين عرفوا عظم ما أعد الله للمؤمنين في الجنة نعيم، هؤلاء محقّون في خوفهم، ونحن لسنا محقين في طمأنينتنا.

أيها الإخوة،
الإمام #محمد_الغزالي
<< قلت يوما لرجل تعود السكر : ألا تتوب إلى الله؟ .. فنظر إلىَّ بانكسار ودمعت عيناه ، وقال: ادع الله لى..!!

تأملت فى حال الرجل ورق له قلبى. إنّ بُكاءَه شعورٌ بمدى تفريطه فى جنب الله ، وحزنه على مخالفته ، ورغبته فى الاصطلاح معه. إنه مؤمن يقينا ، ولكنه مبتلى! وهو يَنشدُ العافية ويستعينُ بى على تقريبها..

قلت لنفسى: قد يكون حالى مثل هذا الرجل أو أسوأ. صحيح أننى لم أذق الخمر قط ، فإن البيئة التى عشت فيها لا تعرفها ، لكنى ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلنى أذهل عن ربى كثيرا ، وأنسى حقوقه. إنه يبكى لتقصيره ، وأنا وأمثالى لا نبكى على تقصيرنا ، قد نكون بأنفسنا مخدوعين..

وأقبلت على الرجل الذى يطلب منى الدعاء ليترك الخمر ، قلت له: تعال ندع لأنفسنا معا.. ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
يقول:
 إننى أطلب من المشتغلين بالدعوة أن يتقوا الله فى الناس ، وأن يتفقهوا فى الدين فإن من يرد الله به شرا يحرمه الفقه فى الدين ، ولو كان ثرثارا يخطب فى كل ناد.


      أيها الإخوة الكرام،
إنّ خوفك من الله مرتبط بإيمانك به، فكلما ازداد إيمانك، ازداد خوفك،
أرأيت إلى طفل...فيمشي إلى جانبه ثعبان مخيف لا يخاف هذا الطفل ! قد يلمسه بيده وقد يعجب بمنظره، وإذا رآه رجل لخرج من جلده خوفاً، ما سر طمأنينة الصغير ؟ عدم إدراكه !
* إنّ خوفك من الله يتناسب مع معرفتك به ! فكلما ازدادت معرفتك بالله عز وجل ازداد خوفك منه، وكلما قلّ الخوف كان مؤشراً على نقص المعرفة،

مثال:الطبيب كلما ازداد علمه بالجراثيم وانتقال الأمراض يزداد خوفه من طعام ملوث.

لذلك كان عليه الصلاة والسلام أشد الناس قاتبة خوفاً من الله،

روى ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعاً:
((رأس الحكمة مخافة اللّه))
(اختصار الصابوني)

أيّها الإخوة،
الفاجر والمنافق يرى ذنبه كأنّه ذبابٌ يحطُّ على أنفه، لو أشار إليه بيده ردّه، والمؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يسقط عليه،


وكان أنس بن مالك يقول وكان قد عمّر زماناً بعد النبي صلى الله عليه وسلم:

((إنكم تعملون أعمالاً كنا نعدها من الكبائر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في أعينكم أصغر من الشعر ))

يقول الله عزّ و جلّ:

[[ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ   وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ]]


دعا النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً فاجتمعوا, فقال:

(( يا بني كعبِ بنِ لُؤيّ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني مُرَّة بنِ كَعبٍ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّار، يا بني عبدِ شمسٍ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني عبدِ المطلب، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا فَاطِمَةُ، أنِقذُي نفُسَكِ مِنَ النَّارِ، فإنّيَ لا أملك لكم من اللّه شيْئاً)) متفق عليه

      الإنسان يحتاج من حين لآخر إلى أن يخاف,
 على أن لا يكون خوفه مقنط له من رحمة الله...


[[ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ [الحجر: 56].

وقال:[[ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ]] [يوسف: 87].

ورد عن سيّدنا داوود أنّه قال:

<<  يا رب, إنك تعلم أني أحبك, وأحب من يحبك, فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي, وذكرهم بنعمائي, وذكرهم ببلائي>>

****

من أجل التوازن سنتكلم عن الجنة.

أيّها الإخوة،

قد تواترت الآيات والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة التي بها يجازي الله جل وعلا من سار على أمره وحذر نهيه:
      عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

 ((قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر, واقرءوا إن شئتم  فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )) متفق عليه.


[[ يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون  يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون]]

      وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:
 (( لقَابُ قَوْسٍ في الْجَنَّةِ خَيْر مما تَطْلُعُ عليه الشَّمْسُ وتَغْرُبُ )) متفق عليه[12].
القاب : قَدْرِ الذِّرَاعِ


[[ إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون و مزاجه من تسنيم عيناً يشرب بها المقربون ]]



و قد جاء عن رسول الله، صلّى الله عليه و سلّم.  

قال: ((«سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟
 قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ،
فَيُقَالُ لَهُ: اُدْخُلْ الْجَنَّةَ.
 فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟
فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَك مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟
فَيَقُولُ: رَضِيتُ، رَبِّ!
فَيَقُولُ: لَك ذَلِكَ وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ، رَبِّ!
فَيَقُولُ: هَذَا لَك وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَك مَا اشْتَهَتْ نَفْسُك وَلَذَّتْ عَيْنُك. فَيَقُولُ: رَضِيت، رَبِّ!.
قَالَ: رَبِّ! فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟
قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْت، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدَيَّ، وَخَتَمْت عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». 


      

jeudi 8 décembre 2016

خطبه الجمعة - محبة النبي صلى الله عليه وسلم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ثمّ الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله، وما توفيقي، ولا اعتصامي، ولا توكّلي إلا على الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارًا برُبوبيَّته، وإرغامًا لمن جحد به وكفر، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر   ، اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك علىه، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين، اللّهمّ أرنا الحقّ حقًّاً وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة،
  لقد فضّلنا الله على سائر الأمم كما فضّل نبيّنا على سائر النبيئين [[ كنتم حير أمة ]]
 و اشتقّ لنا اسمين من أسمائه الحسنى: فهو السلام المؤمن و سمانا المسلمين و المؤمنين، و سنُدعى يوم القيامة بالغُرّ المحجّلين و أئمّة المتقين، إذا تمسّكنا بالكتاب المبين و سنّة سيّد المرسلين، و تخلّقنا بأخلاق من يمدحه ربّه بقوله تعالى:

[[ و إنّك لعلى خلق عظيم ]]

أيها الأخوة،
في مثل هذا الشهر انبثق من مكّة المكرّمة نور ساطعٌ يُبدّد الظلمات، و يكشف المُدلهمّات،/ و انسلّ من غمد الزمان على رقاب أولي الطغيان سيفٌ صارم قاطعٌ:
محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ الجامع،
فشَرُفت به البلاد و استبشرت به العباد و تنافست فيه المراضع،
فيالك من مولود عظيم و بوركت من رضيع فطيم، [[ و توكّل على العزيز الرّحيم الذي يراك حين تقوم و تقلّبك في السّجدين ]]

نشأ، صلّى الله عليه و سلّم، متحلّيا بمكارم الأخلاق، بعيدا عن الرّذيلة ميّالا بالفطرة إلى الفضيلة غير متأثّرا بيُتم و لا املاق،مباركُ الطلعة في المجامع مَيمونُ الصفقة في الأسواق.
سيّدُ قومه على الإطلاق، يصل الرحم و يحمل الكلّ و يُكسب المعدوم و يُعين على النوائب،/ غير بخيل و لا مُبذرٍ في الانفاق،
محمّد سيد الكونين والثقليــــن والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
نبيُّنا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ
هو الحبيب الذي تُرجى شفاعـته لكل هولٍ من الأهوال مُقتحـــمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون بــه مستمسكون بحبلٍ غيرِ منفصـــمِ
////
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : بَيْنَما أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ،/ فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمَّيَاهُ مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ ، قَالَ : فَضَرَبَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ /، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسْكِتُونَنِي , لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ دَعَانِي ،/ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، وَاللَّهِ مَا ضَرَبَنِي ، وَلَا كَهَرَنِي ، وَلَا سَبَّنِي ، وَلَكِنْ قَالَ لِي :
" إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ ، وَالتَّكْبِيرُ ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ "
أيّها الإخوة،
محبّة النبيّ عليه الصلاة والسلام جزءٌ من الدّين ، بل إنّه الدّين:
<< يا عُمر كيف أصبحت؟ قال: يا رسول الله أصبحتُ وأنا أحبّك أكثر من أهلي وولدي، ومالي والناس أجمعين، إلا نفسي التي بين جنبيّ، فقال: يا عمر، لمَّا يكْمُل إيمانك، لا يكمُل إيمان المرء حتى أكونَ أحبّ إليه من نفسه وأهله، وولده، وماله، والناس أجمعين. >>
المؤمن هو من كان اللهُ  والنبي   أحبّ إليه من أي شيءٍ آخر :
  يقول عليه الصلاة والسلام :
(( لا يُؤمن أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه مِنْ والده وولدِهِ والنَّاس أجمعين )).
[ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أنس بن مالك ]

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾[ سورة التوبة : 24]


قال تعالى:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾
[ سورة الأنبياء: 107]
أيها الأخوة الأكارم، محبّة النبي عليه الصلاة والسلام جزءٌ من الدّين لأنّه صلى الله عليه وسلّم هو الإنسان الذي حقّق الهدف تحقيقًا كاملاً، الهدف الذي خُلق من أجله الإنسان، فأيُّ إنسانٍ على وجه الأرض  فمحبّة النبي تقتضي اتّباع سنّته،
واتّباع سنّته يعني نجاحك في الحياة، خلقك الله كي تعرفهُ، وتستقيم على أمره، وتتقرّب إليه، وها أنت قد عرفته، واستقمْت على أمره، وتقرَّبت إليه،بسيرة هذا النبيّ الكريم.
 والنبي عليه الصلاة والسلام إذا أحببْتَه   فأنت إنّما تحبُّ حقيقتهُ، ما حقيقته؟ أنّه الإنسان الأكْمَل قال تعالى:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾القلم
حقبقته :الإنسان الحامد الذي حمِد الله عز وجل، والإنسان المحمود الذي حمِده أهلُ الأرض، وأهل السماء،
[[وماأنت بِمَلوم ]] كلمات لو نعرف حجمها، هل منَّا واحدٌ لمْ تمرّ عليه ساعةٌ يلوم نفسهُ أو يلومه الناس أو يلومه الله عز وجل؟
قال بعض المفسّرين: [[وما أنت بملوم]] أي لا عند الخلق، ولا عند الحقّ، ولا عند نفسك، حقَّقْت الكمال الإنساني المطلق، فإذا أحببْتهُ فأنت إنّما تحبّ حقيقته، وإذا أحببْت حقيقته فأنت على طريقه، أيْ إذا أحببْت نفسك فيجبُ أن تحبّ هذا النبي الكريم لأنّه قدوةٌ لك.
أيها الأخوة،
محبّة النبي هي محبّة الله ومحبّة الله هي محبّة النبي :
الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾[ سورة الأحزاب: 21]
أيّ إنسانٍ يرجو الله تعالى واليوم الآخر، فقُدْوتهُ النبي عليه الصلاة والسلام في كلّ نشاطاته، وحركاته، وسكناته، وأحواله، في بيعه وشرائه، في علاقته بجيرانه، وأهله، وزوجته، وأمّه، وأبيه، وفي كلّ شيء،
فمحبّة النبي عليه الصلاة والسلام جزءٌ من الدّين، بل هي الدِّين، قال تعالى:
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[سورة النساء: 65]

قال تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾[ سورة الأحزاب: 36]


في حياة المسلم شيئان متكاملان؛ معرفة بالله ومحبّة له :
  إذا قرأْت وقرأْت، وكتبْتَ وكتبْت، وألَّفْت وألَّفْت، ولم يخلط قلبك بِمَحَبّة النبي عليه الصلاة والسلام فهذا العمل يذهب جُفاءً لأنّك لا تملك الذي ينفعك، إسلامٌ بلا محبّة كجسَدٍ بلا روح، في حياة المسلم شيئان متكاملان؛ معرفة بالله، ومحبّة له، وإسلامٌ بلا محبّة كجسَدٍ بلا روح،
 قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾[ سورة البقرة:


أيها الإخوة،
من كان يرجو الله واليوم الآخر فينبغي أن يحبّ الله ورسوله :

محبّة النبي يجب أن يصدقها  العمل :
فإن لم يكن ثمَّة عملٌ يُصدّقها فهي غير موجودة قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾آل عمران
فمحبّته تعني اقتفاء أثره، وإذا غششْت المسلمين،
ليس منّا من غش، ليس منَّا من وسَّع الله عليه وقتَّر على عياله، أنت لسْتَ من أمّة هذا النبي الكريم، ما عُبِدَ الله في الأرض بأفضلَ من جبْر الخواطر، لا تقل أحبّ النبي، وتقم احتفالاً، ...وأنت لسْتَ على سنّته،
كفانا مظاهر، كفانا أعمالاً لا تنطوي على حقائق، من قال لكم: إنّ الطالب الذي يطلّ على الجامعة في كلّ عامٍ مرّة يصبحُ طبيبًا؟! هذا كلامٌ لا يصدّقهُ أحد، إذا أردْت أن تكون طبيبًا فينبغي أن تدرس الطبّ كلّ يوم، وكلَّ ليلة، أما أن تكتفي في كلّ عام بأنْ تُقيم احتفالاً في بيتك
 كان صلى اهيم عليه و سلّم، يغضّ بصره، ويحلبُ شاته، ويخسف نعلهُ، كان يرفو ثوبه، ويكنسُ داره، كان يرحمُ عياله، وكان محبًّا للناس،
ورحيمًا بهم، يا محمدّ، أمَرني ربّي أن أكون طوْع إرادتك:
(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))
[ متفق عليه عن عائشة]
لا
﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
[ سورة التوبة: 103 ]﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
[ سورة الأحزاب: 56 ]
(( كان عليه الصلاة والسلام يصعدُ المنبر، رقي درجةً فقال: آمين، فرقي الثاني وقال: آمين، ورقيَ الثالثة فقال: آمين، فقالوا: يا رسول الله على ما أمَّنْت ؟ فقال: جاءني جبريل فقال لي...: رغم أنفُ عبدٍ ذُكِرْت عندهُ فلمْ يُصلّ عليك، فقلتُ: آمين ))
[ مسلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ]
 ...لابدّ من أن تعرفه، وأن تعرف كمالاته، وشمائله، ورحمته، وعدله، وحكمته، ومحبّته، وحرصه، وشكره، وصبره، وجهاده، لابدّ من أن تعرفه حتى تشتاق نفسك إليه، فإذا ذكرتُ عنده فالشقيّ من ذُكِرْتُ عنده، ولم يصلّ عليّ، قال تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
[ سورة الأنفال: 33 ]

أكثر من 300 حديث شريف متعلّقة في البيع والشّراء، وأكثر التجار يخالفونها، إذًا هم في قلقٍ شديد، قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ أطْيَب الكسْب كسب التجار، الذين إذا حدَّثوا لم يكذبوا"
 وإذا وعدوا لمْ يُخلفوا، وإذا ائتُمنوا لم يخونوا، وإذا اشْتروا لمْ يذمّوا، وإذا باعوا لمْ يُطروا أي لمْ يمدحوا، وإذا كان لهم لم يُعسروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا؛
اللهمّ هب لنا عملاً صالحًا يقرّبنا إليك، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارضَ عنَّا، وأصْلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ، مولانا ربّ العالمين، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك، ولا تهتِك عنَّا سترَك، ولا تنسنا ذكرك، يا
رب العالمين، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء، ومن شماتة العداء، ومن السَّلْب بعد العطاء، يا أكرم الأكرمين، نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الذلّ إلا لك، ومن الفقر إلا إليك، اللهمّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحقّ

lundi 5 décembre 2016

شرعية الاحتفال بالمولد النبوي


تحتفل دول عدة في العالم بذكرى مولد الرسول محمد بن عبد الله حيث تعد هذه المناسبة عطلة رسمية في عدة دول على سبيل المثال: الجزائر, سوريا , مصر , ليبيا , الأردن , تونس , الإمارات إلا أنّ دولا كالسعودية لا تمنح عطلة رسمية بهذه المناسبة في البلاد تضاف إلى عطلات عيدي الأضحى والفطر وتحتفل السعودية باليوم الوطني السعودي الذي يعتبر عطلة رسمية وهو يوم 24 سبتمبر من كل عام ( لكن سكان المنطقة الغربية في السعودية هم الأكثر احتفالاً في السعودية بالمولد النبوي ومنهم سكان مكة، حيث يتم احيائه بالتجمع وقراءة القرآن وذكر التواشيح الدينية التي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم) و كذلك تحتفل سلطنة عمان بالمولد النبوي و تمنح عطلة بهذه المناسبة.
ومن النقول المجيزة :
• السيوطي، : "عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
• ابن الجوزي : "من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.
• ابن حجر العسقلاني : قال الحافظ السيوطي: "وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة.
• السخاوي : "لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة, وإنما حدث بعدُ, ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.
• ابن عابدين : "اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم". وقال أيضا: "فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من اعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات.
• الحافظ عبد الرحيم العراقي : "إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهورنوررسول الله في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة قد تكون واجبة.
• الحافظ شمس الدين ابن الجزري : قال الحافظ السيوطي: "ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -، وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيمة.
• أبو شامة (شيخ النووي) : "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين.
• الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري) : "فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء. (10)
• الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي قال في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي): "قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي "، ثم أنشد:
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه - وتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً - يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره - بأحمد مسرورا ومات موحدا
العلماء الذين اجازوا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المتأخّرين وطرق استنباطهم :
• محمد الطاهر بن عاشور : ""فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْمَوَاقِيتِ الْمَحْدُودَةِ اعْتِبَارًا يُشْبِهُ اعْتِبَارَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْمُتَجَدِّدِ، وَإِنَّمَا هَذَا اعْتِبَارٌ لِلتَّذْكِيرِ بِالْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ الْمِقْدَارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إِبْرَاهِيم: 5] ، فَخَلَعَ اللَّهُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ الَّتِي قَارَنَهَا شَيْءٌ عَظِيمٌ فِي الْفَضْلِ أَنْ جَعَلَ لِتِلْكَ الْمَوَاقِيتِ فَضْلًا مُسْتَمِرًّا تَنْوِيهًا بِكَوْنِهَا تَذْكِرَةً لِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لِأَجْلِهِ سُنَّةَ الْهَدْيِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَلَى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِذَبْحِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأَظْهَرَ عَزْمَ إِبْرَاهِيمَ وَطَاعَتَهُ رَبَّهُ وَمِنْهُ أَخَذَ الْعُلَمَاءُ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ الْمُوَافِقِ لِيَوْمِ وِلَادَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِيءُ مِنْ هَذَا إِكْرَامُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبْنَاءِ الصَّالِحِينَ وَتَعْظِيمِ وُلَاةِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ الْقَائِمِينَ مَقَامَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْمَالِهِمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ.
• حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر ومن ورائه كل شيوخ الازهر وجامع الزيتونة وجامعة القرويين ومؤسسات الافتاء والمجالس الاسلامية العليا بأغلب دول العالم الاسلامي : "إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود، ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات. ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم، وصلة الأرحام، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة.
• محمد الفاضل بن عاشور : "إن ما يملأ قلوب المسلمين في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام من ناموسِ المحبة العُلوي، وما يهزّ نفوسهم من الفيض النوراني المتدفق جمالا وجلالا، ليأتي إليهم محمّلا من ذكريات القرون الخالية بأريج طيب ينمّ عما كان لأسلافهم الكرام من العناية بذلك اليوم التاريخي الأعظم، وما ابتكروا لإظهار التعلّق به وإعلان تمجيده من مظاهر الاحتفالات، فتتطلع النفوسُ إلى استقصاء خبر تلك الأيام الزهراء والليالي الغراء؛ إذ المسلمون ملوكاً وسوقةً (أي عامتهم) يتسابقون إلى الوفاء بالمستطاع من حقوق ذلك اليوم السعيد.
• محمد الشاذلي النيفر : "وَأَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ «ابْنِ حَجَرٍ» وَ«السّيُوطِيِّ» أَنَّ اللَّـهَ أَوْجَبَ عَلَيْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ مَحَبَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ عَلَيْنَا تَعْظِيمَ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمُ يَوْمِ مَوْلِدِهِ بِالاحْتِفَالِ بِهِ بِمَا يُجِيزُهُ الشَّرْعُ الكَرِيمُ.
• محمد متولي الشعراوي : "وإكرامًا لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها.
• المبشر الطرازي، شيخ علماء التركستان: "إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجبًا أساسيًا لمواجهة ما استجد من الاحتفالات الضارة في هذه الأيام.
• محمد علوي المالكي : "إننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة.
• محمد سعيد رمضان البوطي : "الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لاينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات.
• عبد الله بن بيه : "فحاصل الأمر أن من احتفل به فسرد سيرته والتذكير بمناقبه العطرة احتفالاً غير ملتبس بأي فعل مكروه من النّاحية الشرعية وليس ملتبساً بنيّة السنّة ولا بنيّة الوجوب فإذا فعله بهذه الشروط التي ذكرت؛ ولم يلبسه بشيء مناف للشرع، حباً للنبي ففعله لا بأس به إن شاء اللهُ وهو مأجور.
• نوح القضاة مفتي الأردن سابقاً : "ولا شك أن مولد المصطفى من أعظم ما تفضل الله به علينا، ومن أوفر النعم التي تجلى بها على هذه الأمة؛ فحق لنا أن نفرح بمولده.
• وهبة الزحيلي : "إذا كان المولد النبوي مقتصرًا على قراءة القرآن الكريم، والتذكير بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، وترغيب الناس في الالتزام بتعاليم الإسلاموحضّهم على الفرائض وعلى الآداب الشرعية، ولايكون فيها مبالغة في المديح ولا إطراءٌ كما قال النبي (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله) وهذا إذا كان هذا الاتجاه في واقع الأمر لا يُعد من البدع.
• يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين : "إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة.
• علي جمعة مفتي مصر سابقا : "الاحتفال بذكرى مولده من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له، ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان.
• محمد راتب النابلسي : "الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت.
• عمر بن حفيظ : "مجالس الموالد كغيرها من جميع المجالس؛ إن كان ما يجري فيها من الأعمال صالح وخير، كقراءة القران، والذكر للرحمن، والصلاة على النبي، وإطعام الطعام للإكرام ومن أجل الله، وحمد الله، والثناء على رسوله، ودعاء الحق سبحانه، والتذكير والتعليم، وأمثال ذلك مما دعت إليه الشريعة ورغبت فيه؛ فهي مطلوبة ومندوبة شرعاً....
.............. منقول ......

vendredi 2 décembre 2016

مراتب اليقين

"وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ " الحاقة ( 51): مراتب اليقين : { وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ } أي: أعلى مراتب العلم، فإن أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول. واليقين مراتبه ثلاثة، كل واحدة أعلى مما قبلها: أولها: علم اليقين، وهو العلم المستفاد من الخبر. ثم عين اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة البصر. ثم حق اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة. وهذا القرآن الكريم، بهذا الوصف، فإن ما فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطعية، وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية، يحصل به لمن ذاقه حق اليقين.
من خواطر الشيخ السعدى1

jeudi 1 décembre 2016

من غش فليس مني . خطبة.ج الحنفية 12/2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أحل لعباده البيع والشراء، وجعلهما سببا من أسباب الغنى والرخاء، نحمده سبحانه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الإخوة،عباد الله اتقوا الله تعالى، إذ يقول عز وجل:( ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه)
أيها المسلمون: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، سبحانه  أحل لنا الطيبات وأمرنا بعمل الصالحات، وحرم علينا الخبائث، ونهانا عن اقتراف السيئات، قال تعالى:
( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)
ومما حرمه الله تعالى على العباد؛ بخس الناس أشياءهم، وغشهم في حاجاتهم، قال سبحانه:
( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)
فقد حرم الإسلامُ الغش بكل صوره وأشكاله، وشتى طرائقه وأنواعه، لما فيه من الإضرار بالناس وخداعهم، وإنقاصهم حقوقهم.

وإن من صور الغش الذي نهى عنه القرآن؛ التطفيف في الكيل والميزان، قال تعالى:
( ويل للمطففين* الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون* وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون* ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون* ليوم عظيم* يوم يقوم الناس لرب العالمين)

فقد برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يمارس الغش وينتهجه، ويروج به رديء سلعته،
. قال:
قال عليه السلام لصاحب الطعام المبلل:
<<... أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني»
فالغش محرم بالإجماع، قال، عليه الصلاة و السلام:
« المكر والخديعة في النار»
وقد نهانا ربنا عن ذلك، فقال عز من قائل:
[[ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم]]

والغش له صور متعددة.. فأحياناً بستر العيب وعدم إبدائه،

فالبائع الصادق يخبر المشتري بتاريخ بضاعته وصلاحيتها، ومكان إنتاجها، ودقة بياناتها، بل عليه أن ينصحه بما يحقق غرضه، ويقضي له مصلحته،
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي سباع رحمه الله قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركنا واثلة وهو يجر رداءه فقال: يا عبد الله اشتريت؟ قلت: نعم. قال: هل بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصحة، أردت بها سفرا أم أردت بها لحما؟ قلت: بل أردت عليها الحج. قال: فإن بخفها نقبا. فقال صاحبها: أصلحك الله أي هذا تفسد علي. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا يبين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا يبينه"

ومن جملة ذلك العيوب التي توجب الخيار بين الزوجين،
ومنها: العيوب التي تكون في المبيع لو اطلع عليها المشتري لانعدمت رغبته في المبيع.
وبالجملة فكل عيب يستحق الإبداء للطرف الآخر ولم يبد له عد ذلك غشا.
من الغش الشهائد الكاذبة:
فلا يجوز للموظف أن يختلق الأعذار الكاذبة لتسويغ غيابه، ولا يجوز للطبيب أن يزور له الشهادات لأن ذلك من شهادة الزور التي هي من كبائر الذنوب.

من الغشّ الشراءات الفاسدة في الصفقات000
6أطنان من الهريسة ضبطت هذه الإيام...

و المقاولات المغشوشة...بلواهم عمّت و انتشرت و الأذية كبيرة...

وإن من صور أكل أموال الناس بالباطل تزييف البضائع وتقليدها، والاعتداء على حقوق أصحابها، فقد نص العلماء على أن الحقوق التجارية والفكرية من اسم وعنوان، وعلامة واختراع، وتأليف وإبداع؛ هي حقوق خاصة لأصحابها، ولها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة، وهذه الحقوق يعتد بها شرعا، فلا يجوز الاعتداء عليها، دفعا للضرر الذي يلحق بمالكيها,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« لا ضرر ولا ضرار».
سواء كان أصحاب العلامة التجارية يهوداً، أو نصارى، أو مسلمين،

و منها : الفاتورة الوهمية لا تجوز...شركات التأمين
و غيرها...
و التدليس بالزيادة فيها ( الرحلات و المهمات)...مع أيّ كان...فهي من قبيل أكل أموال الناس بالباطل..

من أكل أموال الدولة بالباطل ( مال البيليك ) فقد أكل أموال المجموعة بالباطل...

و من تكاسل و تهاون في المحافظة عليها فقد خان الأمانة :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
 << كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ>>
 البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عمر
و هنا يحضرني استعمال أبنائنا لتحقيق مصالح نقابية
و العبث بمستقبلهم و الحطّ من مستواهم العلمي و إحباط عزائمهم..

رفع درجات الطلاب من غير استحقاق غش وخيانة للأمة.
التلاعب بمستقبل أبنائنا...في الدروس الخصوصية..

"ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة". البخاري
وهو عند مسلم يلفظ: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".
هذا الحكم للذي غشّ و من ساعد في ذلك:
[[ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان]] . [المائدة: 2]

اللهم بارك لنا في أرزاقنا وأموالنا ووفقنا للالتزام بشرعك في بيعنا وشرائنا، وتحري الحلال في معاملاتنا، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين. لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار




jeudi 24 novembre 2016

أدب الاختلاف للشيخ /عبد الله بن بيه

أدب الاختلاف

الشيخ /عبد الله بن بيه
وزير العدل الموريتاني سابقاً
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز–جدة 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، وبعد 
فهذه ورقة عن أدب الاختلاف مقدمة إلى المؤتمر لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة جمادى الآخرة 1422هـ. تشتمل هذه الورقة على مقدمة عن معنى الاختلاف والخلاف ،والباعث على تقديم هذه الورقة ، نتعرض فيها للعناوين التالية :- 
1 – تأصيل الألفة والجماعة .
2- تأصيل الاختلاف بين أهل الحق وتسويغه .
3- أقوال العلماء في الاختلاف.
4- آداب الاختلاف .
5- أسباب الاختلاف .
- خاتـمة .


----------------------------------

مقدمـة:

الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل الاختلاف كثيراً في القرآن الكريم قتا تعالى:{ فاختلف الأحزاب من بينهم } (مريم) ،وقال تعالى:{ يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون }(البقرة) ،وقال تعالى:{ و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جائتهم البينات }(البقرة) ،وقال تعالى:{ وما اختلفتم فيه من شيء... } (الجاثية).

أما الخلاف فهو مصدر من خالف إذا عارضه ،قال تعالى:{ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } (هود) ،وقال تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره }(النور).

وجاء بصيغة المصدر قال تعالى{ لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } (الإسراء) ،وقال تعالى{ وأرجلهم من خلاف} (المائدة).

والاختلاف قد يوحي بشيء من التكامل والتناغم كما في قوله تعالى { فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } (فاطر).

وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك وينصب الاختلاف غالباً على الرأي اختلف فلان مع فلان في كذا والخلاف ينصب على الشخص.

ثم إن الاختلاف لا يدل على القطيعة بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود اختلف مع أمير المؤمنين عثمان في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم يخالف بل أتم معه وقال : الخلاف شر. 


قد يدل الخلاف على القطيعة.
هذا الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم والتكامل على كلمة الخلاف وإن كان العلماء يستعملون كلتا الكلمتين لتأدية نفس المعنى باعتبارهما من المترادف فتتعاوران وتتعاقبان .


الكلمات ذات العلاقة : 
هناك كلمات قوية في دلالتها على اشتداد الخلاف كالنزاع والشقاق وهو الوقوف في شق أي في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر.
الاختلاف ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإرادة التي ركبت في الإنسان إذ الإرادة بالضرورة يؤديان إلى وقوع الاختلاف والتفاوت في الرأي.
وقد انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول : "وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بغضهم على بغض وعدوانه" ( إعلام الموقعين)

فإن الشقاق يمكن تفاديه بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق.

ونحن في ورقتنا هذه إنما نبحث عن البدائل انطلاقاً من الشريعة الإسلامية نصوصاً ومقاصد وأصولاً وفروعاً وتطبيقات بنماذج تاريخية .
الباعث : إن الباعث على هذه الورقة هو ملاحظة لا تعزب عن بال أحد بل لا تغرب عن حواسه تتمثل في اختلاف كثير تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام { وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً } .

وهو اختلاف انتشر في الأمة أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات. تعددت أسبابه وتنوعت ألوانه واستعلمت فيه كل الوسائل من تكفير وتفسيق وتبديع وتشويه وتسفيه وما شئت من مصدر على وزن تفعيل. 

وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع والهجوم وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت الحجج إلا حجة الإنصاف ( وما أبرئ نفسي ). 

ونحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسائل الاختلاف ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك ليس في مقدورنا ولا في طاقتنا فقد نتكلف شططاً ونكلفكم عناء وعنتا لو حاولنا ذلك ، وقد يكون من المفارقات أن أطلب من الآخرين التواضع والنسبية في الحكم ، وفي الوقت نفسه أصدر أحكامه باتة في قضاياهم.

إن محاولتنا تعنى بحثاً عن كيفية تعقيل أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين نياتنا وإرادتنا على ضوء ما يستخلص من نصوص شرعية حاكمة وآثار عن السلف شارحة وممارسات رشيدة هادية. إذ من شأن ذلك أن يقلل من الخلاف أو ينزع فتيل ناره لتصبح بردًا وسلاماً.

يقول العلامة ابن القيم : " فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافًا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة ) (الصواعق المرسلة ج 2 ص 519 )
كيف نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟ فإذا ذلك غرضنا فلننتقل إلى تأصيل أهمية الألفة وإصلاح ذات البين.



تأصيل الألفة والاعتصام بحبل الجماعة :

إنه من المعلوم ضرورة من الذين قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}،{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }.قوتكم وجماعتكم ونصركم.
{ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البيانات}،{أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}.
أوامر بالاعتصام بحبل الله تعالى وإقامة دينه مقرونة بنواه عن التفرق والنزاع مع التنبيه إلى النتائج الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يعنى العجز عن الوصول إلى غاية معينة وهنا فشل الأمة وعجزها عن القيام بوظيفتها في هداية البشر والخلافة الراشدة في الأرض { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم }.
وقد بين عليه الصلاة والسلام ذلك خير بيان ، وهو المبين للذكر المبلغ للوحي في نواه صريحة " لا تقاطعوا وتدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً " 



إصلاح ذات البين : 

{ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ،{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا ذات بينهما } ، { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم } وحديث " ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تعالى " أخرجه مسلم من حديث أنس وفي حديث أبي هريرة " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا " وخرج أحمد وأبوداود والترمذي من حديث أبي الدرداء عنه عليه السلام { ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال : إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا }. 
وفي ثاني خطبة له بالمدينة بعد الهجرة كما يروى ابن إسحاق دعا إلى حب الله تعالى قائلاً : أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم " ثم دعا المسلمين إلى الحب فيما بينهم قائلاً : وتحابوا بروح الله بينكم "
استخلص العلماء رحمهم الله تعالى من ذلك أن الجماعة والألفة أصل من أصول الدين يضحى في سبيله بالفروع.
عبر عنه خير تعبير ابن تيمية حيث يقول : "الاعتصام بالجماعة والألفة أصل من أصول الدين والفرع المتنازع من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع"( 22 ص 254 ).وهو كلام صحيح فيه فقه وبصر بأحكام الشرع ولقد اعتذر نبي الله هارون لأخيه موسى عليهما السلام- في عدم اتباعه له عندما عبد بنو إسرائيل العجل بالمحافظة على وحدة بني إسرائيل فلو تفرقوا لحملتني مسئولية ذلك:{ يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني أفعصيت أمري قال يابنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي }. 



تسويغ الاختلاف : 

إن الاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع ، وما دام في حدود الشريعة وضوابطها فإنه لا يكون مذموماً بل يكون ممدوحاً ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري ووسيلة للوصول إلى القرار الصائب ، وما مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام إلا تشريعاً لهذا الاختلاف الحميد { وشاورهم في الأمر } فكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشيروا أصحابه ويستمع إلى آرائهم وتختلف وجهات نظرهم في تقرير المضي في حملة بدر ونتائج المعركة وكان الاختلاف من الموقف من الأسرى.
فعندما استشار في المضي فدماً لنزال المشركين بعد أن تبين كثرة جيوشهم بالنسبة للمسلمين وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليهم وما ليم أحد على رأي أبداه أو موقف تبناه وما تعصب منهم أحد ولا تحزب بل كان الحق غايتهم والمصلحة رائدهم.
وقد يقر النبي صلى الله عليه وسلم كلاً من المختلفين على رأيه الخاص ، وبدون أن يبدي أي اعتراض أو ترجيح. 
كما في مسألة أمره عليه الصلاة والسلام بصلاة العصر في بني قريظة فقد صلاها بعضهم بالمدينة ولم يصلها العض الآخر إلا وقت صلاة العشاء ، ولم يعنف أحداً منهم كما جاء في الصحيحين. 
وفي السفر كان منهم المفطر والصائم . وما عاب أحد على أحد كما جاء في الصحيح حتى في الاختلاف في القراءة في حديث ابن مسعود
إنها التربية النبوية للصحابة ليتصرفوا داخل دائرة الشريعة حسب جهدهم طبقاً لاجتهادهم. 
وبعده عليه الصلاة والسلام كانت بينهم اختلافات حسمت أحيانا كثيرة بالاتفاق كما في اختلافهم حول الخليفة بعده صلى الله عليه وسلم.
وكما في اختلافهم حول قتال مانعي الزكاة وحول جمع القرآن الكريم ورجوع عمر إلى قل علي مسألة المنكوحة في العدة 
وتارة يبقى الطرفان على موقفهما وهما في غاية الاحترام لبعضهما البعض. 
قصة عمر مع ربيعة بن عياش

قصة الأرض الخراجية
قصة عائشة وابن عباس في رؤيته عليه الصلاة والسلام للباري جل وعلا. 
وبين عائشة وبين الصحابة في سماع الموتى 
وبين عمر وبين فاطمة بنت قيس في مسألة سكنى المبتوتة ونفقتها وابن مسعود وأبي موسى الأشعري في مسألة إرضاع الكبير.
وأبو هريرة وابن عباس في الوضوء مما مست النار.
واختلاف عمر مع أبي عبيدة في دخول الأرض التي بها وباء.

ويدخل التابعون في بعض الأحيان في حلبة الخلاف كأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مع ابن عباس في عدة الحامل المتوفى عنها. 
وتقف عائشة إلى جانب ابن عباس قائلة لأبي سلمة إنما أنت فروج – رأى الديكة تصيح فصاح – معتبرة أنه لم يبلع بعد درجة الاجتهاد ولكن الأمر لا يتجاوز ذلك.

وموضوعات الخلاف كثيرة جداً ولكنها تحسم بالتراضي إما بالرجوع إلى رأي البعض ، ويسجل لعمر رضي الله عنه كثرة رجوعه إلى آراء أخوته من الصحابة واعترافه أمام الملأ وتأصيله القاعدة الذهبية وهي : " أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد " وهي قاعدة تبناها العلماء فيما بعد فأمضوا أحكام القضاة التي تخالف رأيهم واجتهادهم حرصاً على مصلحة إنهاء الخصومات وحسم المنازعات وهي مصلحة مقدمة في سلم الأوليات على الرأي المخالف الذي قد يكون صاحبه مقتنعا به.


أقوال العلماء في الاختلاف :- 

يقول الحافظ بن رجب : (ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون معذوراً بل يكون متبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب وقد يكون الحامل على الميل إليه مجرد الهوى والألفة أو العادة وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله فالواجب على المسلم أن ينصح لنفسه ويتحرز في هذا غاية التحرز وما أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهى عنه من البغض المحرم.

وها هنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيراً من أئمة الدين قد يقول قولاً مرجوحاً ويكون فيه مجتهداً مأجوراً على اجتهاده فيه موضوعاً عنه خطؤه فيه ولا يكون المنتصر لمقاتلته تلك بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث لو أنه قد قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من يوافقه ولا عادى من خالفه وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك فإن متبوعه إنما كان قصد الانتصار للحق وإن أخطأ في اجتهاده.

وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظن أنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأنه لا ينسب إلى الخطأ وهذه دسيسة تقدح في قصده الانتصار للحق فافهم هذا فإنه مهم عظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. ) انتهى كلام الحافظ وهم كلام في غاية الفضل.

قال الشافعي : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة " 
وقال : "ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته" – قواعد الأحكام 
رفض مالك حمل الناس على الموطأ !

قال مالك للخليفة العباسي – حينما أرد حمل الناس على الموطأ وهو كتاب مالك وخلاصة اختياره في الحديث والفقه – لا تفعل يا أمير المؤمنين معتبراً أن لكل قطر علماءه وآراءه الفقهية فرجع الخليفة عن موقفه بسبب هذا الموقف الرفيع من مالك في احترام رأي المخالف وإفساح المجال له. 

قالت عائشة عن بعض الصحابة وقد اختلفت معه : أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ.
كان الذهبي مثل العالم المتفتح المنصف .

فقد قال الذهبي عن الشيخ عبد الستار المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى : "أنه قل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة وكان فيه غلو في السنة " وقال عنه : "وعني بالسنة وجمع فيها وناظر الخصوم وكفرهم وكان صاحب حزبية وتحرق على الأشعرية فرموه بالتجسيم ثم كان منابذاً لأصحابه الحنابلة وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس." 

اعتبر الذهبي ذلك حزبية. 
وقال الذهبي عن القاضي أبي بكر بن العربي : "لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله شيخ أبيه في العلم ولا تكلم فيه بالقسط وبالغ في الاستخفاف به وأبو بكر على عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ولا يكاد فرحمهما الله وغفر لهما". 
وكان الذهبي يثني ثناء عاطراً على تقي الدين السبكي مع أنه شيخ الأشاعرة الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين بن تيمية من الخلاف ما هو معروف. ثم يتعذر الذهبي عن الظاهرية قائلاً : " ثم ما تفردوا به هو شيء من قبيل مخالفة الإجماع الظني وتندر مخالفتهم الإجماع القطعي ". ثم ذكر أنهم ليسوا خارجين عن الدين. 

وقال عنهم : "وفي الجملة فداود بن علي بصير بالفقه عالم بالقرآن حافظ للأثر رأس المعرفة من أوعية العلم له ذكاء خارق وفيه دين متين وكذلك فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر وذكاء قوي فالكمال عزيز والله الموفق". 
ويقول الذهبي :"ونحن نحكي قول ابن عباس في المتعة وفي الصرف وفي إنكار العول وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل من الإيلاج بغير إنزال وأشباه ذلك ولا يجوز تقليدهم في ذلك ". 
وقال : " كل فرقة تتعجب من الأخرى ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة ". 
ويقول ابن تيمية : " وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا علن الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله ". 
وقال أيضاً : " الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع ". ( الفتاوى 22 – 254 ) 


المعاداة بين المختلفين في الاجتهاد اتباع للهوى : 
يدخل الخلل في الموالاة والمعاداة حين يكون الاتباع للهوى وحيثما وجد التفرق كان مبعثه الهوى لأن أصل الاختلاف الاجتهادي لا يقتضي الفرقة والعداوة وقد جعل الشاطبي هذا الأصل مقياساً لضبط ما هو من أمر الدين وما ليس منه فقال : ( فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلفت الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في في شيء وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية وهي قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها.. فإذا اختلفوا وتقاطعوا كان ذلك بحدث أحدثوه من اتباع الهوى وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ).
ووصف الشيخ تقي الدين بن تيمية من يوالى موافقه ويعادي مخالفه ويكفر ويفسق مخالفه دون موافقة في مسائل الآراء والاجتهادات ويستحل قتال مخالفة بأنه من أهل التفرق والاختلاف ( الفتاوى 7- 349 ) 

ويرى ابن تيمية ترك بعض المستحبات تأليفاً قائلاً : " لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب ".

وأنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً وقال الخلاف شر. ( الفتاوى 22 – 407 ) 
رأي النووي في الطائفة المتصورة : " ويحتمل أن هذه الطائفة تفرقت بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من أهل الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض في أقطار الأرض ". 

ويقول الذهبي في ميزان الاعتدال من ترجمة الحافظ أبي نعيم الأصفهاني : "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لا ح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد لا ينجو منه إلا من عصم الله وما عملت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين".
قال أحمد: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفان في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا ".


آداب عامة ينبغي للمختلفين أن يراعوها ليعذر بعضهم بعضاً :-

1- العذر بالجهل !
يقول ابن تيمية : وكثير من المؤمنين قد يجهل هذا فلا يكون كافرا ( 11-411 ) 
وفي حديث ابن ماجة عن حذيفة " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها فيقول صلة بن زفر لحذيفة راوي الحديث ما تغنى عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال يا صلة تنجيهم من النار. ثلاثاً " رواه الحاكم
وقد وقع في الديار الشيوعية وأيام سقوط الأندلس أشياء من هذا القبيل والله المستعان.

2 – العذر بالاجتهاد :
يقول ابن تيمية أعذار الأئمة في الاجتهاد فليس أحد منهم يخالف حديثاً صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عمدا فلا بد له من عذر في تركه مضيفا : وجميع الأعذار ثلاثة أصناف أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله والثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ ( 20- 232 ) 
وعذر المقلد من نوع عذر الجاهل يقول ابن عبد البر : ولم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها ( جامع بيان العلم وفضله ) 
ويقول ابن تيمية : وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور 19 – 262 ) 
ويقول ابن القيم : فالعامي لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال.

3- العذر باختلاف العلماء : 
عدم الإنكار في مسائل الاختلاف ومسائل الاجتهاد يقول ابن القيم : إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل فيها مجتهداً أو مقلدا. ( إعلام الموقعين 3 – 365 ) 
ويقول العز بن عبد السلام : من أتى شيئاً مختلفاً في تحريمه إن اعتقد تحليله لم يجز الإنكار عليه إلا أن يكون مأخذ المحلل ضعيفا ( قواعد الأحكام 1-109 ) قال إمام الحرمين : ثم ليس للمجتهد أن يعترض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موقع الخلاف إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا ومن قال إن المصيب واحد فهو غير متعين عنده فيمتنع زجر أحد المجتهدين الآخر على المذهبين ( الإرشاد ص 312 )

4- الرفق في التعامل :-
والرفق أصل من أصول الدعوة ومبدأ من مبادئ الشريعة ففي حديث الرجل الذي بال في المسجد وزجره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عليه الصلاة والسلام قائلاً : لا تزمروه – أي لا تقطعوا بوله – وأتبعوه ذنوبا من ماء وقال للرجل إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذه القاذورات.

وحديث خوات بن جبير رضي الله عنه حين راءاه مع نسوة فقال ماذا تبغي هاهنا قال التمس بعيراً لي شاردا . ثم حسن إسلامه وخلصت توبته فمازحه عليه الصلاة والسلام قائلا : ماذا فعل بعيرك الشارد قال : قيده الإسلام يا رسول الله . 
وحديث الأعرابي الذي أعطاه فقال له أحسنت عليك فقال كلاما غير لائق فهم به الصحابة فنهاهم عليه الصلاة والسلام وأدخله في البيت فأعطاه ثم خرج به وقال هل أحسنت فقال أحسنت علي وفعلت وفعلت فضحك عليه الصلاة والسلام وضرب مثلاً بصاحب الراحلة الشاردة.

5- أن لا يتكلم بغير علم قال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } لا بد من الإحاطة بما في المسألة قبل أن تخالف .

قل للذي يدعى علمـــــا ومــعــرفة *** علمت شيئـــا وغـابت عنك أشـيــــاء 
فالعلم ذو كثــرة في الصحف منتشر *** وأنت يا خل لم تستكمـــل الصحفـــا 

6- أدب مراعاة المصالح الشرعية في الإنكار فإذا كان النهي سيؤدي إلى مفسدة أكبر أو سيضيع مصلحة أعظم فلا نهي ولا أمر ويفصل ابن تيمية ذلك في الفتاوى (20/58)
ولو كان قوم على بدعة أو فجور ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك ولم يمكن منعهم منه ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة لم ينهوا عنه ( 14/472)
فحيث كانت المفسدة للأمر والنهي أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجبا وفعل محرما إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباد الله وليس عليه هداهم . الاستقامة (2/211)
وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون فيكون ذلك من ذنوبهم وينكر عليه آخرون إنكاراً منهياً عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر وهذا من أعظم الفتن والشرور قديماً وحديثاً إذ الإنسان ظلوم جهول (26/142)



ولكن ما هي أسباب هذا الاختلاف؟
إنها أسباب موضوعية ترجع إلى بلوغ الأخبار والآثار إلى العلماء والقواعد التي يلتزم بها العالم في تصحيح وتضعيف الأخبار وبالتالي مسألة اختيار معايير التعامل مع السنة وقرائن نسخ الأخبار وإحكامها.
وإلى اللغة وضوحا وجلاء وغموضا وخفاء كما هو مفصل في كتب أصول الفقه في أبواب دلالات الألفاظ كعموم النصوص وخصوصها وظهورها وتأويلها ومجملها ومبينها .
كما يرجع الاختلاف إلى الأدلة المتعلقة بمعقول النص ومقاصد الأحكام كأنواع القياس والمصالح المرسلة والاستحسان والاستصحاب وسد الذرائع.
كما يرجع الاختلاف إلى الأعراف المعتبرة وتغير الأحكام بتغير الزمان والمكان والموازنة بين المصالح والمفاسد.
فهذه العناوين الأربعة يرجع إليها اختلاف العلماء.


وفي الختام
فإنه لا بد من إحياء روح التسامح في الأمة فتتجنب التباغض وبث روح الأخوة والمودة بين المسلمين في أنحاء العالم 
ولا بد من تأكيد أدب الاختلاف وتجنب سلبيات الخلاف .
-لا بد من التأكيد على أن للاختلاف أسباباً موضوعية مشروعة ووجيهة يجب إبرازها واستثمارها لرأب الصدع وإصلاح ذات البين.
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ -خطبة- ج الحنفية - 11/2016

وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ -خطبة- ج الحنفية - 11/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله،
      وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله،
      وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾النحل.
      لا شك و لا ريب أن الاختلاف من طبعيَّة البشر,، بمعنى أن الخلاف في ذاته - إن لم يؤد إلى اختلاف القلوب - فهو أمر محمود إذا كان قصد الأطراف هو التوصل للحق.
      والسلف الصالح اختلفوا فيما بينهم في مسائل شتى, لكن اختلافهم تلمس فيه بحثهم عن الحق و الصواب دون التفات إلى نصر مذهب معين...
      لكن معظم اختلافاتنا في هذا العصر مبناها على التعصب المذهبي و التقليد المذموم ـ إلا ما رحم ربك
فالكل يريد إثبات أن الحق المطلق معه ـ إلا من شاء الله ـ
و لسان الحال:


و لسان الحال:
" قولي صواب لا يحتمل الخطأ, و قول غيري خطأ لا يحتمل الصواب"!!!!!! و بهذا كثر الاختلاف و تععدت وجوهه...
      و السبب في انتشار ثقافة الاختلاف المذموم  
قلة العلم: فالانسان كما يقال عدو ما يجهل ,
فما إن يرى الجديد الذي لم يبلغه عقله حتى تراه يرعد و يزبد...بدعة...ضلال...انحر اف عن المنهج...إلخ. و كأن الحق محصور فيما يعقله و يعلمه.!!!! لأنه يعتقد في نفسه كمال ما ذهب إليه, فإذا ورد عليه ما جهله حسبه نقصا, وتركه و جفاه.

      و شر البلية أن يعتقد ذلك الباغي أنه ينصر الدين و أن ظُلمه ذاك ما هو إلا العدل الذي أمره الله به.. فيبيح لنفسه ما لا يجوز ضانا أنّه ما دام في سبيل الله...و الحال أنّ الاعتراف بالجهل السهل خير من البقاء على الجهل المركب, و ليتذكر الانسان أن فوق كل ذي علم عليم...و إن علمت أشياء غابت عنك أشياء...و لا يدعي علمَ كل شيء إلا ظالم.
      يقول الحافظ بن رجب :
(ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله، وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون معذوراً بل يكون مُتبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب ...)

      قال الشافعي : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة "

وقال : "ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته" –  
 قالت عائشة عن بعض الصحابة وقد اختلفت معه : أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ.

و قال الذهبي : " كل فرقة تتعجب من الأخرى ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة ".

        للشاطبي  مقياساً لضبط ما هو من أمر الدين وما ليس منه فقال :
( فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلفت الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام .
وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في في شيء وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية وهي قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً }
فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها.. فإذا اختلفوا وتقاطعوا كان ذلك بحدث أحدثوه من اتباع الهوى وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ).
قال الله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾
النحل.
قال الله تعالى: ﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزلَ إِلَيْنَا وَأُنزلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ ﴾ العنكبوت

من أدب الجدال والمناظرة
قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [سبأ: 24 - 27].
      إنَّ الهدف من الجدال والمناظرة هو مُخاطبة العقول لتدبُّر أمرٍ ما؛ لتهتدي فيه إلى الصواب، وقضية الألوهية من القضايا الكبرى التي جادل فيها المشركون، ومع ذلك فإنَّ القرآن الكريم أرشدَ المسلمين إلى الأخذ فيها بأسبابِ الإقناع والمناظرة، والمجادلة بالتي هي أحسن؛ لأنَّ الهدف هو إقناعُ المحاوَر؛ لعله يهتدي إلى الصواب وَفْق آدابٍ وضوابطَ ينبغي مُراعاتها.

﴿ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
فوصف مذهبنا بالجرم تنزُّلاً، ومذهب الخصم بالعمل؛

من آداب الإختلاف:
عدم تجريم الخصم ووصف مَذهبه بالبطلان،
[[وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ]]

      إنَّ الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق، لا الانتصار للنفس وشهوة الظهور والغلبة
      فسواء كنتَ على الحق أو على ما سواه، فأَخلِصْ نيتَك لله، وجادل بالتي هي أحسن، وليكن جدالُك رغبةً في إظهار الحق،
      لا يصلح جدالٌ إلا بصدق وإخلاص في النية عند المتجادلَيْنِ: المصيب، والمخطئ، فعلى العاقل النظرُ في من يطلب جدالَه، أو يطالبه بجدال، فإن علم عنه أنه إنما ينتصر لرأيه أو لمذهبه أو لشيوخه ليس إلا، فليُولِّهِ ظهرَه
اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين، اللهم فقهنا في الدين وعلمنا ما ينفعنا وقنا شر الهوى ومضلات الفتن
اللهم أصلح القلوب والأعمال وأصلح ما ظهر منا وما بطن، واجعلنا من عبادك المخلصين. اللهم إنا نعوذ بك من الغواية والضلالة، اللهم ثبتنا على دينك، اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم أصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهم خذ بنواصينا إلى ما تحب وترضى، وزينا برحمتك بالبر والتقوى واجعلنا من عبادك المهتدين.
 اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل . اللهم إنا نعوذ بك من قهر الرجال وشماتة الأعداء . نسألك اللهم موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ونعوذ بك من سخطك والنار . اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه