mardi 27 octobre 2015

الفَرقُ بَينَ الإرادَة والأمْرِ والرِّضا والمَحَبَّة

..

من صور ترسيخ العقائد السليمة ...
الشيخ محمد المدني ..

ومن الكنوز التي نَفخر اليومَ بتقديمها للقراء الكِرام هذه الرسالة القديمة التي كَتَبها سيدي محمد المدني رضي الله عنه سنة 1941 ومَوضوعُها القَضاء والقَدَر والفُروق الدقيقة بين الأمر الإلهي والرضا بما يقدره الله تعالى. وفيها إجابات شافية عن هذه المسألة العَقَديَّة الجَليلة. يقول سيدي الشيخ محمد المدني:

1. أمَّا الإرادَةُ فَهي صِفَةٌ من صِفات الحقِّ يَتَأتَّى بها تَخصيص كلِّ مُمكن لبعض ما يَجوز عليه. وهي تَتَعَلَّق بجميع المُمْكِنات مَوجودَةً كانت أو مَعدومَةً، خَيرًا أو شَرًّا، إيمانًا أو كُفرًا، طاعَةً أو عِصيانًا، فكلُّ مُمْكِن إنَّما بإرادته تعالى. وهَذا هو ما اتَّفَقَ عليه أهلُ السنة في مَشارق الأرض ومَغاربها. وقال قائلهم:

2. وكل ما أرادَ فَهوَ كائنٌ وإن نَهى عَنه وأخْطَأَ المائِنُ

3. ولَهم على ذلك أدلَّةٌ نَقليَّةٌ وعَقليَّة. أما النقليَّة فَكثيرة، منها قَولُهُ تَعالى: "ولَو شاءَ ربك ما فَعلوه") سورة الأنعام، 112( و قوله: "ولَو شئنا لآتينا كل نفس هُداها" (سورة السجدة، 13(. وقَولُه تعالى: "فَمَن يُرد لَه أن يَهديَه يَشرَحْ صَدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حَرِجًا") سورة الأنعام، (125)

4. وأمَّا العَقليَّة فَلَو فَرَضْنا أنَّ الشَرَّ يَقع بغير إرادة الله، بَل بإرادة العَبد لَلَزِمَ للعَبْد إرادَةٌ نافِذَةٌ، تَسبق إرادَةَ الله، لأنَّنا نُشاهد أنَّ الطاعَةَ أقلَّ من العِصيان، والكفرانَّ أكثرَ من الإيمان، كيف وقَد خُلقَ الإنسانُ ضَعيفًا؟ والله تَعالى هو القاهر فوقَ عِباده، ويَلزَمُ بَعدَ ذلكَ أن يَكونَ لله شريكٌ في مُلْكِهِ تَتَعَلَّق إرادَتُه بالقِسم الأعْظَم في هذا الوجود وكيفَ وهو لا شريكَ لَه يَفعل في مُلكِهِ ما يَشاء ولا يُسأَل عَمَّا يَفعل. فإذا تَحَقَّقَ أنَّ إرادَةً تَسبق إرادَتَه وأنَّ لا شريكَ لَه عقلاً ونَقلاً تَحَقَّقَ أنَّ إرادَتَه تَتَعَلَّق بكلِّ ممكنٍ خيرًا أو شرًّا، وهو الذي جاء به التنزيل الذي لا يأتيه الباطلُ مِن بَين يَديْهِ ولا مِن خَلفه كما تَقَدَّمَ.

5. هذا وقد ضَلَّ قَومٌ، فَأنكروا إرادَةَ اللهِ الشَرَّ وقالوا: لا تَتَعَلَّق إرادَتُهُ إلاَّ بالخَير، فَكانَ عِندَهم الإرادَةُ والأمْرُ مُتَرادِفَيْنِ عَلى مَعنًى واحدٍ، أتاهم ذلكَ تعلقُهم بالله وتَنزيهُهُ سبحانَه عن الشَرِّ، ولكنَّه أوقَعَهم هذا التنزيهُ في ظلمٍ عَظيمٍ وشَرٍّ مُستَطير وهو إسنادُهُم لأنفسهم إرادَةَ الشَرِّ، فَكانوا شركاءَ الله. وقد يأتي الخيرُ بالشَرِّ.

6. فإذا علمتَ أن الكلَّ بإرادة الله حتى الفتَنَ والكفرَ، فاعلَمْ أنَّ لَه في ذلك حكمةً تَحوم حولها العقول، وتَنثَني دونَ لِحاقِها جيادُ مَدارك الفُحول، فَسَلِّمْ تَسْلَم، وإلا وَقَعتَ في حَيرَةٍ عَظيمة وقع فيها مثل الراوندي الزنديق القائل:
كَم من عالِم عالِم أعْيَتْ مَذاهِبُهُ وجاهلٍ جاهلٍ تَلقاه مَرزوقًا
هذا الذي تَركَ الأوهامَ حائرَةً وَصَيَّر العالِمَ النحريرَ زنديقًا

7. فَرَدَّ عَليه بعضُ أهل الإيمان الكامل والرِّضى والتَسليم فقال :
كَم مِن أريبٍ فَهِمٍ قَلبُهُ **** مُستَكمَل العَقل مقلٍّ عَديم
ومن جَهول مكثر مالُه **** ذلك تقدير العَزيز العليم
فَما أوسعها روضةً فَسيحَةً وعَقيدَةً صَحيحَةً: رضًى بما أرادَ الله وتسليمٍ بما قَدَّرَه وقَضاه، وحِكَمٍ تَعجز عَن دَرْكِها العُقول ولَمَّا تُعرِبُ عَن دَقائِقِها الأفواه.

8. ثم أقول: إذا عَلمتَ أنَّ إرادَةَ الله تَتَعَلَّق بكلٍّ مُمْكِنٍ، طاعَةٍ وعِصيانٍ، وكفرٍ وإيمانٍ، وإنَّها تُخَصِّصُ كلَّ مُمْكِنٍ لبعض ما يجوز عليه، عَلِمتَ الفَرقَ بَينَها وبَيْنَ الأمر الإلهي الذي هو طلبُ الطَّاعَة من عباده في الفعل و التركِ، فإنَّ طَلَبَه لا يَكون إلا في الخَير، واللهُ لا يَأمر بالفَحْشاء، قال المَقَرِّي في إضاءَة الدُّجِنَّة : وَأمرُهُ يُغَايِرُ الإِرَادَه, إذ عَمَّ أمرٌ طَاعَةٍ عِبَادَه..

9. وأمَّا الأمْرُ فَهو طَلَبُ اللهِ تَعالَى طاعَةَ عَبيدِه لَه وهو لا يَكون في فعل الشرِّ أبدًا. لِأنَّ اللهَ لا يَأمُرُ بالفَحشاء، وأدلَّة الكتاب والسنَّة كَثيرَة في طَلَب اللهِ الطَّاعة من عِبادِهِ منها قوله تعالى: "وإذا أردنا أن نُهلكَ قَريَةً أمَرنا مُتْرفيها ففسقوا فيها فدمرناها تدميرا" )سورة الإسراء، 16( والمَعنى - والله أعلم- إذا أردنا إهلاكَ قَريَةٍ أمَرنَا مُتْرَفيها أيْ: رُؤسَاءَها بالطَّاعَة، فَخَرجوا عمَّا أمَرناهم به ونَهَيْناهُم عَنه فَدَمَّرناها تَدميرًا. ومنها قولُه تَعالى: "يا أيُّها الناس اتقوا ربَّكم".)سورة الحج،1، سورة النساء الآية 1 (

10. وهناك قومٌ خَرَجوا عَن الأمْرِ وقالوا: نَحن مُجبَرون تَحتَ قُدرَةِ الله وإرادَتِه، لا فِعلَ لَنا فَعَطَّلوا الأوامِرَ والنَّواهي وأبْطَلوا حجَّةَ الله على خَلقِهِ ولِله الحُجَّة البالِغَة بِالأمْرِ والنَّهْيِ وإنْزال الكُتُبِ وإرْسال الرُّسُل.

11. ولا بُدَّ أن يَتَمَسَّكَ العَبدُ بِطَرَفَيْ الأمْر والإرادَة، فَيَتَلَقَّى الأمْرَ الإلهيَّ الذي يَقتَضي نسبَةَ الأفعال للعَبْد نِسبَةً كَسْبيَّة، لا خَلْقيَّةً، فَإنَّ الشَّيءَ يُسنَد إلى سَببِهِ إسنادًا مجازيا من ذلك قوله تعالى :"رَبي إنَّهن أضلَلن كَثيرًا من الناس" )سورة إبراهيم، 36 (فَقَد أسند الإضلال إلى الأصنام وهي الأجساد الجامدة والكلُّ يَتَحَقَّق أنَّها لا تَهدي ولا تُضِلُّ ولكنها كانت سَبَبًا في الضَّلال.
12. ويَتَحَقَّق أن الإرادة محيطَة بكل ممكنٍ مُتَخَصِّصٍ بالهِدايَة أو الضَّلال، وهو تَعالى يَهدي مَن يَشاء ويُضِلُّ مَن يَشاء، لا يُسْأَل عَمَّا يَفعل.

13. ويَتَحَقَّق الإنسان أنَّه مُختارٌ ظاهرًا مَسلوبَ الاختيار باطنًا، ورَبُّكَ يَخلق ما يَشاء، ويَختار لَهم الخيرة.

14. واعْلَم أنَّ هَذا المَوقفَ، مَوقِفَ العَبْد بين الأمْر والإرادَة وتَمَسُّكَه بهما مَسلَكٌ رَقيق يَحتاج من الله إلى التوفيق. إذِ العَبد يكون في باطنِهِ ناظِرًا بعين الحقيقة وأنَّ كلَّ شَيءٍ بِقضائِهِ وقَدَرِهِ وإحاطة إرادته، وفي ظاهره ناظرًا بعين الشريعة فيجتنبَ النواهي و يَمْتَثِلَ الأوامرَ، يَعمل بقوله تعالى " و ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" (سورة الحشر،7 ( .

15. فَحاصِلٌ أنَّ مَن تَعَلَّق بالإرادَة فَقَط فَقد ضلَّ، ومَن تَعَلَّقَ بالأمر فَقَط فَقَد زلَّ، ومَن تَمَسَّكَ بهما فقد هُدِيَ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ.

16. وأمَّا الرضا والمَحَبَّة فقد اختلف فيهما العُلَماء. فَمنهم مَن قالَ إنَّ مَعناهُما إرادَة الله إثابَةَ عِبادِهِ وإكرامَهم بها. وهما عندَ هذا الفريق صفتا ذات قديمتان بمعنى الإرادة.

17. ومنهم من قال إنَّ رِضى الله ومَحَبَّته لِعباده هُما نَفس إثابتهِ وإكرامِه إيَّاهم، فهما عنده من صفات الأفعال الحادثة، فعلى القول الأول تترادف الإرادة والرِّضى والمَحَبَّة على معنًى واحد كلها قدسية. وعَلى القَول الثاني جَرى صاحب الجوهرة الذي يقول:
وقُدرَة وإرادة وغايَرَت أمرًا عِلمًا والرِّضى كما ثَبَت.
وجَرى عليه أيضًا صاحب إضاءة الدجنَّة الذي يقول :
مثله الرضى فليس يرضى كُفران أصحاب القلوب المَرضى

18. ثمَّ أقول: وبِما تَقَدَّم تَعلَمِ الفَرقَ بَينَ الأمر والرِّضى. وحاصلُه أنَّ الأمرَ هو طَلب الله العبادة من عباده بقوله : "يا أيها الناس اتقوا ربكم") سورة الحج،1 ) وغَيرها من الآيات، والرضى الإثابة على تلكَ الطاعَة.

19. نَسأله تعالى أن يغفرَ وزرَنا ويُثبِتَ أجْرَنا بِحُرمَة مَولانا رسول الله صلى الله عليه وسَلَّم.

نقله العَبد الذليل خادم إخوانه المُقَدَّم مُحمد بن علي بن عبد الله الشريفي الفراغ منه بتاريخ يوم الجمعة في 26 شعبان 1362 (1941)
المدني طريقَةً، غُفرَ لَه ولإخوانه والمسلمين.

تحقيق وتقديم ن. المَدني، ا بالتعاون مع سيدي الحاج السماتي وسيدي عمر الجلالي، الزاوية المدنية أوت-أكتوبر 2014.

mercredi 21 octobre 2015

لا تهتم برضا الناس - خطبة الجمعة

لا تهتم برضا الناس - خطبة الجمعة - الحنفية 23/10/2015  
بسم الله الرحمن الرحيم
  الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر.
 وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر،  
 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.

ضاع حذاء طفل في البحر..
فكتب الطفل على الساحل هذا البحر لص ..!!
وليس ببعيد منه كان رجل صياد وقد اصطاد الكثير من السمك ..
فكتب على الساحل إن هذا البحر سخي ..!!
وغرق شاب في البحر ..
فكتبت امه الثكلى على الساحل ..إن هذا البحر قاتل ..!!
رجل عجوز اصطاد - لؤلؤة من البحر ..
فكتب على الساحل إن هذا البحر كريم ..!!
ثم جاء الموج العالي فغسل كل ماكُتب على الساحل ..

بيت القصيد:
لاتهتم لكلام الآخرين فگل شخص يرى الدنيا من جهه مختلفه 
قد تُصيبك همومُ الليل، ومآسي المساء، وأحزان النهار؛ من ذلك الصديق الذي لم يُقدِّر ما قمتَ به،
وهذا الزميل الذي طعَنك بكلمة دلَّت على ما في قلبه تُجاهك،
وأولئك الأقارب الذي لم يَرقُبوا فيك ذمَّة ولا رحِمًا، والمجتمع الذي لم يُقدِّر جُهْدك وإنتاجك، والمدير الذي خيَّب أمَلَك، وحطَّم نشاطَك، 
وكل هذا لو تدبَّرتَه لوجدتَه لا يستحقّ هذا المرار الذي أنت فيه...

لا تهتم برضا الناس,و بكلام الناس عنك , و اجعل لنفسك هذه المقولة شعارا: قول المصطفى،
<< إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي >> سيرة بن هاشم
الشيخ أحمد روق:
<...وإن بلغك عنهم غِيبة أو رأيت منهم ما يسوءك فكِلْ أمرَهُم إلى الله، واستعذ به، ولا تشغل نفسك بالمكافآت فيزيدُ الضرر.
واحذر أكثرَ الناس؛ فظاهِرُهم ثيابٌ وباطنهم ذئاب؛ يُحصون عليك العثرات ليجابهوك بها في غضبهم، فلا تعول على مودة من لم تجربه.>

عنوان الخطبة هو: لا تهتم برضا الناس و اجعل شعارك  
<< إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي >> سيرة بن

هؤلاء الناس لو كان بيدك رزْقُهم ورزقتَهم، وبيدك شفاؤهم وشفيتَهم، وبيدك إسعادهم وأسعدتَهم، ما أَعطَوكَ من الحمد والثناء والمدح القدرَ الذي يجب لك عليهم، 
بل سوف تجد منهم من هو ساخط ناقم، ولو كنت كاملاً خلقًا وصفة ما رأوا ذلك الكمال، ولا نظروا بعين التمام، وإن كانوا قد استيقنتْ به أنفسُهم، فسوف ترى فئامًا من اللئام، 
فهل قدمت لهم شيئًا مما قدمه الخالق لهم سبحانه؟! 
خلَقَهم فعَبدوا غيره، رزَقهم فشكروا سواه، له الكمال والجلال والجمال،
ومع ذلك ينسبون له ما لا يليق به - سبحانه - ويعبدون معه مخلوقًا مثلهم، ويَصفونه بصفات النقص من الفقر والبخل وغيرها - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

ولقد شكا نبي الله موسى - عليه السلام - ما يلقى من كلام الناس؛
فعن وهب بن منبه أن موسى - عليه السلام - قال: 
رب، احبس عني كلام الناس، فقال الله تعالى: يا موسى، ما فعلتُ هذا بنفسي.

فانظر إلى عباد الله الكرماء أهل الكمال في صفات البشر من الأنبياء والرسل، وصفهم قومُهم بصفات أهل النقص والازدراء من السحرة والكهنة والكذابين، وهؤلاء ملائكة الله الذين خُلقوا من نور وصفوهم بالإناث والضعف.
ثم بعد ذلك تريد منهم أن لا يصفوك بما يغضبك، فما دام الأمر كذلك، 
فلا يضرك أن عابوك أو انتقصوك، أو هضموا قدرك، أو حطوا من منزلتك.

" ماذا يصنع نقيقُ الضفادع على شاطئ بحرٍ زاخرٍ خضم
- ما ضرّ البحرَ أمسى زاخرا أن رمى فيه غلام بحجر
- ما ضر شمسَ الضحى في الأفق ساطعة أن لا يَرَى نورَها من ليس ذا بصر"

إن الواثق بنفسه لا يهمه تنقصات الناقصين، ولا ينتظر تصفيق المعجبين؛

يقول ابن عطاء السكندري: 
< غيب نظر الخلق إليك بنظر الحق إليك و غب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله عليك >
فكيف تتألم من مخلوقين لن يضعك ذمُّهم، ولن يقتلك كلامهم، ولن يوقف رزقَك مهاتراتُهم، فاصفح عنهم وقل سلام، وتذكر أن الصفح والعفو من سمات الكرام.
أمح الخطأ لتستمر الأخوة ..ولا تمحُ الأخوة من أجل الخطأ..
عندما تتعرض لإساءة فلا تفكر في أقوى رد ، بل فكر في أحسن رد .."ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن"".
رجُل شتم مؤمنا فَالتفت إليه وقال: هي صحيفتك املأها بما شئت ..



mardi 13 octobre 2015

وصايا الشيخ زروق

يتبع وصايا الشيخ زروق - ج الحنفية 16/10/2015
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، لا إلهَ إلا هو الحيّ القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، سبحانه وبحمده، يكشف البلوى، ويزيل الهموم، أحمده سبحانه وأشكره على عظيمِ آلائه وجزيلِ نَعمائه، والنِّعم بشكرِ الله تدوم، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً خالِصة مخلصة تقِي برحمة الله من نار السموم، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمدًا عبد الله ورسوله، اجتباه واصطفاه وأعطاه ما يَروم، صلّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، حازوا أشرف العلوم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الجديدان والسحاب المركوم، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
لَا تَسْتَحْقِرَنَّ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ. وَلَا تَنْظُرْ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ دُنْيَاهُمْ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ؛ فإنّ الدنيا عند الله صغيرة، صغيرٌ ما فيها.
ولا تبذُل لهم دينَك لتنالَ من دنياهم، فتَصْغُر في عينهم، وتُحُرَم دنياهم، فإن لم تُحْرَم كنت قد استَبْدَلتَ الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ولا تعادِهم بحيث تُظهِرُ العداوة، فيذهب دينُك ودنياك فيهم أو أحدُهما، ويذهب دينُهم فيك.
************
ولا تَشْكُ إليهم أحوالَك فيَكِلَك اللهُ إليهم.
في الأثر:<<... ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه>>
ال ابن القيم: " الجاهل يشكو الله إلى الناس ".
حقيقة الشكوى لغير الله:
 وهذا غاية الجهل بالمشكوّ والمشكوّ إليه، فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم.
ورأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته فقال: " يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك "، 
وقد قال الشاعر:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
لمجرد أن تشكو الله إلى الناس فهذا مقياس الجهل، لأن الله هو أرحم الراحمين، وبيده كل شيء، 
 لماذا الشكوى لغير الله ؟
 وقال لك: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ غافر 
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ )) متفق عليه 
  الله عز وجل عرض نفسه علينا، قال لك: لك مشكلة ؟ عندك سؤال ؟ عندك حاجة، تحب أن تتوب ؟ تحب أن تستغفر ؟ أنا جاهز، 
وأنت في الصلاة تقول: سمع اللهم لمن حمده، يعني أنا أسمعك يا عبدي، الله عز وجل ينتظرنا: 
" يا داود، لو علم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليَّ، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ؟ ".
الحَجّاج قتلُ رجلٍ أهون عنده من قتل ذبابة، طاغية، جبار، له إيجابيات لها مكان آخر، الحسن البصري قام بأمانة العلم فبيّن، فلما بلغ الحجاج أن الحسن البصري بيّن، ونال منه استشاط غضباً، وقال لجلسائه: يا جبناء، يقوم عبد في البصرة فينال مني وتسكتون ؟ والله لأروينكم من دمه يا جبناء ، وجاء بالسياف، ومد النطع، وهو في مجلسه، وحوله كبار معاونيه، وقال: ائتوا بالحسن البصري، جاؤوا بالحسن البصري، لما دخل إلى مجلسه، ورأى السياف واقفًا، والنطع قد مدّ على الأرض لئلا يؤذي دمه الأثاث، حرك شفتيه، ولم يدرِ أحد ماذا قال، فإذا بالحجاج يقول له: تعال إلى هنا يا أبا سعيد، وما زال يقربه، ويقربه حتى أجلسه على سريره، وقال: يا أبا سعيد، أنت سيد العلماء،.. فما زال يقربه حتى أجلسه على سريره، وسأله في موضوع وأجابه، وعطره، وضيفه، وقال: يا أبا سعيد، أنت سيد العلماء، وشيعه إلى باب المجلس،   صعق الحاجب والسياف، تبعه الحاجب، قال: يا أبا سعيد، لقد جيء بك لتقطع رقبتك،  حينما دخلت حركت شفتيك، ماذا قلت لربك ؟ قال له: قلت له:
 " يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم ".
*********
ولا تطمع أن يكونوا لك في السِّر كالعَلانية، فذلك طمعٌ كاذب.
ولا تطمع فيما في أيديهم فتستعجل الذّلَّ ولا تنالُ الغرَض.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ ، 
فَقَالَ :<< ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ [[ و للآخرة خير و أبقى ]] ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ >>. حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ .
**********
وإذا سألت أحدا منهم حاجة و قضاها فهو أخ مستفاد، وإن لم يَقْضِها فلا تعاتبه؛ فإنَّهُ يصيرُ عدوا يطولُ عليك مُقاساته.
ولا تشتغل بوعظ من لا تَجِدُ فيه القَبُول؛ فإنه لا يسمع ويعاديك.
وليكن وَعْظُك تعريضا.
وإذا رأيت منهم كرامة فاشكر الله الذي سخَّرهم، واستعذ أن يَكِلَك إليهم.
وإن بلغك عنهم غِيبة أو رأيت منهم ما يسوءك فكِلْ أمرَهُم إلى الله، واستعذ به، ولا تَشغِل نفسك بالمكافآت فيزيدُ الضرر.
واحذر أكثرَ الناس؛ فظاهِرُهم ثيابٌ وباطنهم ذئاب؛ يُحصون عليك العثرات ليجابهوك بها في غضبهم، فلا تعوِّل على مودةِ من لا تُجرٍّبْه.




اللهم إنا نسألك أن تسقينا غيثًا هنيئًا مريئًا غدقًا, نعمة لنا لا نقمةً علينا, 
اللهم إنا نسألك أن تسقي العباد والبلاد, اللهم اكشف الضر عنا,  (3)
 اللهم إنا نسألك أن تغير أحوالنا إلى أحسن حال اللهم إنا ضعفاء فقوّنا, أقوياء بك فعزّنا, 
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفاء منّا, اللهم إنّا نسألك التقى والعفاف والغنى, اللهم إنّا نسألك أن ترفع عنّا الزنا والربا وسوء الأخلاق, اللهم إنّا نسألك أن ترفع عنّا المعاصي كلها, إنك على كل شيء قدير 
اللهم اغفر لنا ما قدمنا، وما أخرنا، وما أسررنا، وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت
اللهم تب علينا توبة صادقة نصوحاً. اللهم اغفر لنا وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم آتي قلوبنا تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, اللهم وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى, اللهم ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا, وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزاي ولا مبدلين ولا مفتونين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين,و اخذل كلّ من خذل المسلمين. 
اللهم عليك بالصهاينة أعداء الأمّة و الدين اللهمّ خذهم أخذ عزيز مقتدر فلا تبقي منهم و لا تذر.
اللهمّ أنصر إخواننا الفلسطينيين و خذ بأيديهم و وحّد صفوفهم و ثبّتهم و كن لهم معينا فإنّه لا يعزّ من عاديت و لا يذلّ من واليت.و صلّ اللهمّ على محمّد و آله الطيّبين الطاهرين و سلّم تسليما.