jeudi 18 janvier 2018

كلام الناس - خطبة الجمعة - الحنفية 23/10/2015 و 1/2018

كلام الناس - خطبة الجمعة - الحنفية 23/10/2015  و 1/2018
بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر.
 وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، 
 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.
الحسن البصري سألوه يوما :
لم لا تأبه لكـــلام الناس ؟
فقال لهم : أنا حين ولــدت ... ولدت وحــدي ...
و حين أمــوت ... أموت وحــدي ...
و حين أوضــع في القبر ... أوضع وحـدي ...
و حين أحاسب بين يديه تعالى احاسب وحــدي ....فإن دخلت النار دخلت وحــدي ...
وإن دخلت الجنة دخلت وحدي ...
فمالــــــــــي و الناس ؟!!
 ضحِكْتُ فقالوا: ألا تحتَشِمْ؟ !
بكيتُ فقالوا: ألا تبتسمْ؟ !
بسمتُ فقالوا: يرائي بها
عَبستُ فقالوا: بدا ما كَتَم
صَمَتّ فقالوا: كليل اللسان
نطقت فقالوا: كثير الكَلِمْ
حَلُمت فقالوا: صنيع الجبان
ولو كان مقتدراً لانتَقَم
بَسُلتُ فقالوا: لطيشٍ بهِ
وما كان مُجْترِئاً لو حَكُمْ
يقولون: شذّ؛ إذا قلتُ: لا،
وإمّعة حين وافَقْتُهُم
فأيقنت أنّيَ مهما أُرِدْ
رِضى الناس لابدّ مِنْ أنْ أُذَمّ
***
ضاع حذاء طفل في البحر..
فكتب الطفل على الساحل هذا البحر لص ..!!
وليس ببعيد منه كان رجل صياد وقد اصطاد الكثير من السمك ..
فكتب على الساحل إن هذا البحر سخي ..!!
وغرق شاب في البحر ..
فكتبت امه الثكلى على الساحل ..إن هذا البحر قاتل ..!!
رجل عجوز اصطاد - لؤلؤة من البحر ..
فكتب على الساحل إن هذا البحر كريم ..!!
ثم جاء الموج العالي فغسل كل ماكُتب على الساحل ..

 بيت القصيد:
لاتهتم لكلام الآخرين فگل شخص يرى الدنيا من جهه مختلفه
     قد تُصيبك همومُ الليل، ومآسي المساء، وأحزان النهار؛ من ذلك الصديق الذي لم يُقدِّر ما قمتَ به،
وهذا الزميل الذي طعَنك بكلمة دلَّت على ما في قلبه تُجاهك،
وأولئك الأقارب الذي لم يَرقُبوا فيك ذمَّة ولا رحِمًا، والمجتمع الذي لم يُقدِّر جُهْدك وإنتاجك، والمدير الذي خيَّب أمَلَك، وحطَّم نشاطَك،
وكل هذا لو تدبَّرتَه لوجدتَه لا يستحقّ هذا المرار الذي أنت فيه..

     لا تهتم برضا الناس,و بكلام الناس عنك , و اجعل لنفسك هذه المقولة شعارا:
<< إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي >> سيرة بن هاشم

الشيخ أحمد روق:
<...وإن بلغك عنهم غِيبة أو رأيت منهم ما يسوءك فكِلْ أمرَهُم إلى الله، واستعذ به، ولا تشغل نفسك بالمكافآت فيزيدُ الضرر.
واحذر أكثرَ الناس؛ فظاهِرُهم ثيابٌ وباطنهم ذئاب؛ يُحصون عليك العثرات ليجابهوك بها في غضبهم، فلا تعول على مودة من لم تجربه.>

     عنوان الخطبة هو: لا تهتم برضا الناس و اجعل شعارك 
<< إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي >> سيرة بن هاشم

     هؤلاء الناس لو كان بيدك رزْقُهم ورزقتَهم، وبيدك شفاؤهم وشفيتَهم، وبيدك إسعادهم وأسعدتَهم، ما أَعطَوكَ من الحمد والثناء والمدح القدرَ الذي يجب لك عليهم،
بل سوف تجد منهم من هو ساخط ناقم، ولو كنت كاملاً خلقًا وصفة ما رأوا ذلك الكمال، ولا نظروا بعين التمام، وإن كانوا قد استيقنتْ به أنفسُهم، فسوف ترى فئامًا من اللئام،

عن النبيّ صلى الله عليه و سلم:
<<... رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ >>

      من الناس من يسيء القول حتى مع الخالق سبحانه.
فهل قدمت لهم شيئًا مما قدمه الخالق لهم سبحانه؟!
خلَقَهم فعَبدوا غيره، رزَقهم فشكروا سواه، له الكمال والجلال والجمال،
ومع ذلك ينسبون له ما لا يليق به - سبحانه - ويعبدون معه مخلوقًا مثلهم، ويَصفونه بصفات النقص من الفقر والبخل وغيرها - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

     ولقد شكا نبي الله موسى - عليه السلام - ما يلقى من كلام الناس؛
فعن وهب بن منبه أن موسى - عليه السلام - قال:
رب، احبس عني كلام الناس، فقال الله تعالى: يا موسى، ما فعلتُ هذا بنفسي.

     فانظر إلى عباد الله الكرماء أهل الكمال في صفات البشر من الأنبياء والرسل، وصفهم قومُهم بصفات أهل النقص والازدراء من السحرة والكهنة والكذابين، وهؤلاء ملائكة الله الذين خُلقوا من نور وصفوهم بالإناث والضعف.
ثم بعد ذلك تريد منهم أن لا يصفوك بما يغضبك، فما دام الأمر كذلك،
فلا يضرك أن عابوك أو انتقصوك، أو هضموا قدرك، أو حطوا من منزلتك.
***
" ماذا يصنع نقيقُ الضفادع على شاطئ بحرٍ زاخرٍ خضم
- ما ضرّ البحرَ أمسى زاخرا أن رمى فيه غلام بحجر
- ما ضر شمسَ الضحى في الأفق ساطعة أن لا يَرَى نورَها من ليس ذا بصر"
 إن الواثق بنفسه لا يهمه تنقصات الناقصين، ولا ينتظر تصفيق المعجبين؛

يقول ابن عطاء السكندري:
< غيب نظر الخلق إليك بنظر الحق إليك و غب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله عليك >
     فكيف تتألم من مخلوقين لن يضعك ذمُّهم، ولن يقتلك كلامهم، ولن يوقف رزقَك مهاتراتُهم، فاصفح عنهم وقل سلام، وتذكر أن الصفح والعفو من سمات الكرام.
أمح الخطأ لتستمر الأخوة ..ولا تمحُ الأخوة من أجل الخطأ..
«اسمع ثم ابتسم ثم تجاهل .. رحم الله امرأً تغافل لأجل بقآء الود ، فإن نقاء القلب ليس عيباً ، والتغافل ليس غباء ، والتسامح ليس ضعفاً>>
-منقول-
عندما تتعرض لإساءة فلا تفكر في أقوى رد ، بل فكر في أحسن رد .."ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن"".

رجُل شتم مؤمنا فَالتفت إليه وقال: هي صحيفتك املأها بما شئت

jeudi 11 janvier 2018

لا للفساد-خطبة جمعة 1/2018
بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء عنده بأجل مسمى يعطى ويمنع، ويخفض ويرفع ويضر وينفع، لا مانع لما أعطى ولا معطى لما يمنع. يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل. يعلم الأسرار، ويقبل الأعذار، وكل شيء عنده بمقدار سبحانه كُلُّ شَيْءٍ خَاشِعٌ لَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ قَائِمٌ بِهِ: غِنى كُلِّ فَقِيرٍ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَمَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ، مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ، وَمَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَمَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ
     وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
     من للعباد غيره يدبر الأمر، من يشفى المريض، من يحمى العباد وهم نيام ، من يرزق العباد ولولا حلمه لأكلوا من المزابل، من ينصر المظلوم ولولا عدله لسووا بين القتيل والقاتل،  من يجيب المضطر اذا دعاه، من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل من يشرح الصدور،  من أطعمنا وسقانا.. من كفانا وهدانا من خلق لنا الأبناء...  هو الله,,, هو الله...هو الله الإله الحق وكل ما خلا الله باطل
     وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه صاحب المقام المحمود، والحوض المورود. اللهم اجزِه عنا أفضل ما جزيت نبياً عن أمته، وأَعْلِ على جميع الدرجات درجته، واحشرنا تحت لوائه وزمرته، وأوردنا حوضه في الآخرة. وصلى اللهم وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود، وسلم تسليماً كثيراً.

[[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ]] لقمان


أيها الإخوة،
النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي تَحْدِيدِ الصَّلَاحِ مِنَ الْفَسَادِ، وَالْإِصْلَاحِ مِنَ الْإِفْسَادِ بِحَسَبِ أَدْيَانِهِمْ وَأَفْكَارِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ، وَإِلَّا فَإِنَّ الصَّلَاحَ وَالْإِصْلَاحَ يَدَّعِيهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَالْفَسَادَ وَالْإِفْسَادَ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ كُلُّ النَّاسِ، وَالْمُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ لَا يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ، وَمَلَاحِدَةُ الْبَشَرِ يَرَوْنَ أَنَّ الدِّينَ هُوَ الْمُفْسِدُ لِلنَّاسِ؛ وَلِذَا يُحَارِبُونَهُ لِتَحْرِيرِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ كَمَا يَزْعُمُونَ،
- وَقَدِيمًا قَالَ فِرْعَوْنُ الطَّاغِيَةُ وَهُوَ رَأْسٌ فِي الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ يقول لقومه عن موسى عليه السلام:
﴿ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26].
ففرعون سمَّى دينَ موسى عليه السلام فسادًا ويصف موسى عليه السلام بأنه يسعى في الأرض فسادًا، وفرعون أعظم المفسدين والمسرفين. فهو الذي قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24] يرى أنه مصلح، وهذا من انتكاس الفطر والعياذ بالله.
وقال تعالى عن قوم فِرعون أنّهم قالوا له:
﴿ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ﴾ [الأعراف: 127].
- إِنَّ الْمِيزَانَ فِي ذَلِكَ شَرِيعَةُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْخَلْقِ وَمُدَبِّرُهُمْ،
﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ الْبَقَرَةِ،

 ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11، 12].

     - يذكر القرآن العظيم أن الأمم السالفة لَـمَّا فقدت الإصلاح  ونشرت الفساد وقربت المفسدين، عاقبهم الله رب العالمين بأن سلط عليهم آلام الهلاك، وسوء العذاب بما كسبت أيديهم.
  ﴿ فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 116 - 117].

     - قال صلى الله عليه وسلم
" إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ، حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَذَّبَ اللهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ" أخرجه أحمد في المسند.


- ينبغي ألا نجامل أحداً إذا رأينا مفسداً يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال، يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله - سبحانه - حتى لا ينزل بنا العذاب فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم؛ فإن البلاء سينزل بنا جميعاً فإن رأينا مفسداً، حتى لو كان من أكبر المسؤولين، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته، فنكون ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر،


﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾ [المائدة: 2]
     والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

يقول الله عز وجل:
﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41 سورة الروم(
 هذه الآية خطيرة جداً،يقول االطبري:
الإفساد فـي الأرض: العمل فـيها بـما نهى الله جل ثناؤه عنه، وتضيـيع ما أمر الله بحفظه.
     شرائع السماء كلها نهت عن الفساد في الأرض ودعت الناس إلى عدم الانقياد لهم أو معاونتهم فإن من أعان المفسدين أو رضي بأفعالهم أو تستر عليهم فهو شريك لهم في الإثم، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال
وقال تعالى:
﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [الشعراء152] و قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56].
     هذه الآيات العظيمة، وغيرها مما يقارب خمسين آية في كتاب الله تعالى كلها تحذر من الفساد بجميع صوره وأشكاله وأنواعه والتحذير من الفساد جاء عاماً، للتحذير من كل صور الفساد،ولم يخصص نوعاً من أنواع الفساد؛ حتى يبتعد المسلمون عن جميع الصور.
﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77].











mercredi 3 janvier 2018

من أسباب محبة الله استعراض النعم

من أسباب محبة الله استعراض النعم - جامع الحنفية-1/2018
(كن مستقلاً ولاتعود نفسك على قياس قيمتك الذاتية بناء على نظرة الناس،فمن مظاهر اهتزاز الثقة أن لا تطمئن وتثق بذوقك واختيارك حتى يمدحه الآخرون- لا تلتفت إلى التراب-)
ابسم الله الرحمن الرحيم.

      الحمد لله، لا إلهَ إلا هو الحيّ القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، سبحانه وبحمده، يكشف البلوى، ويزيل الهموم، أحمده سبحانه وأشكره على عظيمِ آلائه وجزيلِ نَعمائه، والنِّعم بشكرِ الله تدوم،
      وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً خالِصة مخلصة تقِي برحمة الله من نار السموم،   وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمدًا عبد الله ورسوله، اجتباه واصطفاه وأعطاه ما يَروم،
      صلّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، حازوا أشرف العلوم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الجديدان والسحاب المركوم، وسلّم تسليمًا كثيرًا. أسباب محبة الله استعراض النعم.

أيها الإخوة:
 السعداء هم اللذين يشتغلون بشكر ما عندهم، لا بالحسرة على ما فقدوه، أنت عندك أشياء، وفاقد أشياء،
والنبي الكريم علمنا بهذا الدعاء العظيم يقول:
(( اللهم ما رزقتني مما أحب، فاجعله قوة لي فيما تحب )).

...إن كنت راضياً عن الله، راضياً عن قضاء الله فيك، فأنت أسعد الناس، وإن لم تكن كذلك، كان الهمّ والحزن.
       إن مما يسخِّط الناس على أنفسهم، وعلى حياتهم، ويحرمهم لذة الرِّضا، أنهم قليلو الإحساس بما يتمتعون به من نعم غامرة، ربما فقدت قيمتها، لأنهم ألفوها، أو لأنهم يحصلون عليها بسهول، وهم يقولون دائماً: ينقصنا كذا وكذا، ونريد كذا وكذا، ولا يقولون: عندنا كذا وكذا.
        قبل أن تقول: ينقصنا، قل ماذا عندك ؟ ما النّعم التي أنعم الله بها عليك ؟ ما الفضل الذي حباك الله فيه ؟ ما الشيء الذي اختصك الله به ؟
       قبل أن تنظر إلى نصف الكأس الفارغ انظر إلى نصفه الملآن،

* ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
 إِنَّ الْإِنْسَانَ يظلم نفسه حينما يكفر بنعمة ربه...
و من لم يشكر؟
 [[  وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ  ]]
كفرتم أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها، { إن عذابي لشديد} وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها.

       إلا أن المؤمن أيها الأخوة عميق الإحساس بفضل الله عليه، عميق الإحساس بما يحيط به من نعم ظاهرة وباطنة، هي عن يمينه، وعن شماله، ومن بين يديه، ومن خلفه، ومن فوقه، ومن تحته، إنه يشعر بنعمة الله عليه.

﴿وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾( سورة إبراهيم:    

أيها الإخوة،
أشدّ عقوبة في الدنيا أن يُمسك اللهُ لسانَك عن ذكره.

    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) متفقٌ عليه.


 ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًكَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )الأحزاب

تارك الصلاة...متى سيذكر ربّه ؟... أمّا المؤمن المصلي فلا حركة بلا ذكر...

و أعلى أنواع الذكر:

<< أن تربط النّعم التي تفد إليك من الله دائما بالمنعم، و أن تربط مظاهر الصنعة بالصانع >>.


* فإذا شعرت بالعافية تذكّر أنّ الذي أكرمك بها هو الله، المال..تذكّر..، الطعام..تذكّر..، ماء الصافية...تذكر..،( مرض نادر يقضي على أجهزة الجسم الحيوية الواحد تلو الآخر يصيب شابا في العشرين...تصوّروا عيشه و عيش أبويه.

      نحن مغمورين بنعم الله: الزوجة ..الأولاد..
[[ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ]] الواقعة

* عملية المغض في الفمّ: تضع قطعة اللحم في فمك و تطحنها بأضراسك و اللسان يتعامل معها دون خطر وقوعه تحت الأضراس، و أنت تتلذّذ بها غافلا عنه، فلو حاولت إبعاد لسانك يدويا كلّما أردت الأكل لتعطّب و استحال ذلك.
نعمة الرزق:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ فاطر

و الحمد لله أن جعل الرزق :

1/ الرزق بيده ، ليس بيد غيره
[[...هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ]].
2/ الرزق بيده وهو الحكيم البصير.

 [[ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِير ]]الشورى

 3/ الرزق انتهى تقديره.

  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
(( يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) الترمذي

4/  إذا أردت أن تزيد أي نعمة ،قاشكر الله
* فإذا أردت أن تدوم النعم فاشكرها لله :

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾( سورة إبراهيم: 7 )

 ...وعليك ب( البركة).

******
 و من أسباب محبة الله :

*<< أن تربط النّعم التي تفد إليك من الله دائما بالمنعم، و أن تربط مظاهر الصنعة بالصانع >>
      فإن فعلت فسيتفجّر منك حبٌّ عميق لمولاك، سبحانه و تعالى...بشرط أن تداوم على ذلك.

[[ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ]] البقرة
* فإذا أحببته تفرّغ قلبُك و تحرّر ممّن سواه...

      ************

  عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :  " مَنْ قَالَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ تُنَجِّيَنِي مِنَ النَّارِ ، فَقَدْ حَمِدَ اللَّهَ بِجَمِيعِ مَحَامِدِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ " الحاكم في المسترك.

     


النعم ثلاثة(ابن القيم)
النعم ثلاثة :
 نعمة حاصلة يعلم بها العبد ونعمة منتظرة يرجوها ونعمة هو فيها لا يشعر بها
فإذا أراد الله إتمام نعمته على عبده

1/ عرّفه نعمته الحاضرة وأعطاه من شكره قيدا يقيّدها به حتى لا تشرد فإنها تشرد بالمعصية, وتقيّد بالشكر

2/ ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة, وبصّره بالطرق التي تسدها وتقطع طريقها ووفقه لاجتنابها وإذا بها قد وافت إليه على أتم الوجوه

3/ وعرّفه النعم التي هو فيها ولا يشعر
بها.

     ويحكى أن أعرابيا دخل على الرشيد, فقال يا أمير المؤمنين ثبّت الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها فأعجبه ذلك منه وقال ما أحسن تقسيمه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات