jeudi 21 octobre 2021

 من أخلاق الرسول الحلم والعفو .8/10/2021

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين                          

                                                    ******************

أيها الإخوة، 

ماذا أقول في النبي الرسول، هل أقول للبدر حُيِّيت يا قمر؟ أم أقول للشمس أهلاً يا كاشفة الظلماء؟ أم أقول للسحاب سَلِمت يا حاملَ الماء؟ 

في ليلة فاح فيها العود وغنَّى القمر، وانتشى الكون فرحاً وهلَّل معه البشر، وخبتْ نيران الشياطين وانكفى الشر، وشُقَّ ظلام الليل ونوَّر خير البشر.. بَلَغَ العُلا بكماله، كَشَفَ الدُّجى بجماله حَسُنَت جميعُ خصاله، صلوا عليه وعلى آله، مُتَباركين.

مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ*** مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَم*** 

مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً*** مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ*** مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةً*** مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ

 كل القلوب إلى الحبيب تميل ومعي بهذا شاهد ودليل، أما الدليل إذا ذكرت محمداً صارت دموع العارفين تسيل، هذا نبراس الهدى، هذا لكل العالمين رسول.

******************

أيها الإخوة،من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى ؟

ما أجمل الحديثَ عن رسول الله! 

عن أسامة بن شَريك قال: << كنا جلوسًا عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ، إذ جاءه أُناسٌ فقالوا من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال: أَحسنُهم خُلُقًا >>

و خلقُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم عظيم : (و إنَّك لعلى خلق عظيم) 

   روى البخاري في صحيحه (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي التَّوْرَاةِ . قَالَ أَجَلْ ، 

وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا ) 

-الرجل كَانَ فَظّاً، أَيْ أَسَاءَ وَقَسَا

-الغليظ،أي القاس. 

إخوة الإسلام، { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } الأعراف

معنى خذ العفو : عامل به واجعله وصفا ولا تتلبس بضده ( بن عاشور) 

روى أنّه لما أنزل الله تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ... إلى آخره، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم؟ فذهب ثم رجع، فقال: إن الله تعالى أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.

(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أي: ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم، ولا تمارهم، واحلم عليهم، وأغض بما يسوؤك منهم.

وقد كان من أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم – الحلم ،والعفو، والصفح ، والتسامح …

وصُوَر عفوِه – صلى الله عليه وسلم – أكثرُ من أن تُحصى، 

  • عفوَه صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان الذي فعل ما فعل، وأدمى كبد رسول الله –

صلى الله عليه وسلم – في أُحُد، وحزَّب الأحزاب يوم الخندق ضد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وناصر القبائلَ ضده، وعلى الرغم من كل ذلك يعفو عنه النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يوم فتح مكة، بل ويمنُّ عليه بما يفخر به، وما كان يطمع في أكثر من أن يَهَب له حياته، ولا يضرب عنقه، جزاء ما آذى به المسلمين، ولكن الرسول الأكرم – صلى الله عليه وسلم – يمنحه العفوَ وزيادة؛ إذ يقول: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن)

 **************

  • ويتجلَّى العفوُ عند المقدرة في أروع صوره يوم فتح مكة، ... حيث قال – صلى الله عليه 

وسلم -: ((اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء))  

 

  • وكذلك عفوه – صلى الله عليه وسلم – عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سَحَر النبيَّ – 

صلى الله عليه وسلم – فعفا عنه ولم يعاقبه، 

  • وعفوه صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي أهدتْه الشاةَ

المسمومة فقد روى مسلم في صحيحه 

(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ. قَالَ: 

« مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ ». قَالَ أَوْ قَالَ « عَلَىَّ ». قَالَ قَالُوا أَلاَ نَقْتُلُهَا قَالَ « لاَ ». قَالَ فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم )  

  • عفوه صلى الله عليه وسلم عمن  جذبه من الأعراب ، بل  وأمر له بعطاء! روى 

البخاري(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌ فَجَبَذَ   (جذب إليه) بِرِدَائِهِ جَبذَةً شَدِيدَةً – قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ – ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ  )

******************

ولا يقف خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حد العفو والصفح بل كان يدعو بالهداية لمن آذاه:

 فعن عبد الله بن عبيد قال: لما كُسرت رُباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ  في جبهته، فجعلت الدماء تسيل على وجهه، قيل: يا رسول الله، ادعُ الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم: 

“إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَانًا وَلا لَعَّانًا، وَلَكِن بَعَثَنَي دَاعِية وَرَحْمَة، اللهُمَّ اغْفِر لِقَومِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ”  

الطعّان : كثير الطَّعن، وقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة، شتَّام ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ لَعَّانٍ وَلاَ فَاحِشٍ وَلا بَذِيءٍ [حديث] )

 

وعندما عَصَتْ قبيلةُ دوسٍ في بداية أمرها... فقالوا:

 يا رسول الله، إن دوسًا عصت وأبت، فادعُ الله عليها. فقيل: هلكت دوس! قال: “اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ”

    

                              


إنا نحبك يا رسول الله

   بسم الله الرحمن الرحيم

   إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هاديَ له، 

وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ. وأشهَدُ أنَّ سَيّدَنا وحبيبَنا محمّدًا عبدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وخَليلُهُ مَنْ بَعَثَهُ الله رحمةً للعالمينَ هادِيًا ومبشّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرًا، بلَّّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونَصَحَ الأمَّةَ فجزاهُ الله عنّا خيْرَ ما جَزَى نَبِيًا مِنْ أَنبِيائِهِ، صلواتُ الله وسلامُهُ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أَرْسَلَهُ.

أيها الإخوة،

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة التوبة آية 128].

 شرّف الله عزّ وجلّ نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بآيات كثيرة من كتابه الكريم، فأظهر بها عُلُوَّ شرف نسبه ومكارم أخلاقه وحُسن حاله وعظيمَ قدره وأمرنا بتعظيمه فقال وهو أصدق القائلين : ﴿ فَالَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 157].

فقوله عزّ وجلّ ﴿ وعزّروهمعناه أثنوْا عليه ومدحوه وعظمّوه، فاحتِرامُه وتوقيرُه وإجلاله وتعظيمه صلى الله عليه وسلم فرضٌ من مهمات الدين وعملٌ من أعمال المفلحين.. 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}

*****************

رُوي في الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : 

« لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ». 

محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم فإن زاد إيمانه زادت محبته له ، فحبه صلى الله عليه وسلم طاعة وقربة ، وقد جعل الشرع محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الواجبات .

وفي سنن أبي داود ومسند أحمد : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-« أَعْلَمْتَهُ ؟». قَالَ لاَ قَالَ « أَعْلِمْهُ ». قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ.فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِى أَحْبَبْتَنِي لَهُ ).

إخوة الإسلام

لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا في الحديث السابق إلى أنّ من أحب إنسانا فليعلمه بحبه إياه ، فها نحن نعلنها اليوم جميعا : (إنا نحبك يا رسول الله) ..أحبك يا رسول الله ، لأن الله تعالى أحبك واصطفاك ، وقربك إليه و اجتباك ، 

فأنت القائل: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح ، 

نحبك يا رسول الله : لأنك خليل الله ، وصفوته من خلقه ومجتباه ، 

فأنت القائل « لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً ، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ » رواه مسلم… 

أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك، لنكون قريبين منك يوم القيامة ، فأنت القائل : « أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً »… 

أحبك يا رسول الله لأن حبك قربة إلى الله تعالى ،وعبادة لله من أفضل العبادات .. 

أحبك يا رسول الله لأن سيرتك دين ، فمن تبعك أعزه الله ، ومن خالفك خذله الله .. 

أحبك يا رسول الله ،لأن أقوالك وأفعالك مليئة بالهدى والخير والنور .. 

أحبك يا رسول الله ، لأنك أجهدت نفسك ، وتحملت كل المشاق والتعب ، لكي نسعد ونرتاح ، فإليك يَرْجع كل فضل علينا بعد فضل الله ، فقد بلغت الرسالة ،وأديت الأمانة ،ونصحت الأمة ،وكشف الله بك الغمة.. 

أحبك يا رسول الله : لأنك لم تترك خيراً إلا ودللتنا عليه ، ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه 

أحبك يا رسول الله : فمن أخلاقك علمتني الأخلاق ، ومن عبادتك علمتني كيف أعبد الله ، ومن شجاعتك علمتني الشجاعة وعدم الخوف إلا من الله ، ومن كرمك علمتني الكرم ، ومن عفوك وصفحك علمتني العفو ، ومن رحمتك علمتني الرحمة والرأفة ، والود والعطف والحنان ..

 أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك ، فأنت القائل : « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ » 

.. نحبك يا رسول الله : لكي نشرب من يدك الشريفة شربةً هنيئةً مريئةً لا نظمأ بعدها أبداً ، وأحبك لكي أنظر إلى وجهك الأنور وإلى جبينك الأزهر .. وأحبك يا رسول الله لكي أجلس بجوارك ، وأهنأ برفقتك ،فأنت الطاهر الأطهر، في جنات ونهر، عند مليك مقتدر .

****************************************************

ومن علامات محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به وإحياء سنته.

أ) فقد قال القاضي عياض: "اعلم أنّ من أحبّ شيئاً آثره وآثر موافقتَهº وإلا لم يكن صادقاً في حبّه وكان مُدّعياº فالصادقُ في حبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهرُ علامة ذلك عليه: وأوّلُها الاقتداء به، واستعمال سنّته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدّب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه... وشاهد هذا قوله - تعالى -: (قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله)، من اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبّة لله ورسولهº ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبّة، ولا يخرج عن اسمها".

  القاضي عياض في قوله: "من علامة محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - كثرة ذكرهº فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، ومنها كثرة شوقه إلى لقائهº فكل حبيبٍ, يحبّ لقاء حبيبه، وفي حديث الأشعريين لما قدموا المدينة أنهم كانوا يرتجزون: غداً نلقى الأحبّه! *** محمَّداً وصحبَه! "

 


اللهم ربي : إِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ

 ( اللهم ربي : إِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ ) 22.10.2021

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

من هو عبد الله بن مسعود:

صحابي وفقيه ومقرئ ومحدث، أي أحد رواة الحديث النبوي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب نعلي النبي محمد وسواكه، وواحد ممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وممن أدركوا القبلتين، وهو أول من جهر بقراءة القرآن في مكة. 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قرأ : {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا} [مريم : 87]، فقال: اتخذوا عند الرحمن عهدًا ، فإن الله يقول يوم القيامة : «من كان له عندي عهدٌ فلْيقم» ، فقُلنا : علِمنا يا أبا عبد الرحمن، قال : قولوا : « اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنْ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنْ الْخَيْرِ ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ » . (أخرجه أحمد مسنده ، والحاكم ،وصححه الذهبي ،والهيثمي ،وقال الأرنؤوط  : صحيح  

 العهد: شهادة أن لا إله إلا الله، ويتبرأ إلى الله من الحول والقوّة ولا يرجو إلا الله.

التوكل على الله عز وجل هو سِمةُ العبد الصادق، وبه أمر الله الأنبياء والمؤمنين، والتوكل: هو صدق اعتماد قلب المسلم على الله سبحانه في استجلاب المصالح، ودفع الضرر من أمور الدنيا والآخرة، وتوكيل جميع أموره إليه، 

وإيمان العبد إيماناً جازماً بأنَّه لا يُعطي إلا الله، ولا يَمنع إلا الله، ولا يَنفع غيره سبحانه، ولا يَضر سواه.  قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا). الفرقان

إخوة الإسلام

أعظم منحة، أن يحفظك الله – عز وجل – يكلؤك ويسددك، ويوفقك ويصلحك، ويثبتك على ذلك. 

فإياك إياك أن تعتمد على ذكائك أو على حفظك، أو على فهمك أو على ضبطك، ولكن توكَّلْ على الله – عز وجل – وقُلْ : حسبي الله ونعم الوكيل؛ لأنه متى وُكل العبد إلى نفسه ، فقد وُكِّل إلى ضُعف وضَيْعة، وفقر وفاقة، وعجز وعَوْرةٍ، ويكون بذلك قد دنا وقرُب من كل شر، وتباعد عن كل خير.

قال الطحاوي – رحمه الله -: (ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين، ومن استغنى عن الله طرفة عين، فقد كفر، وصار مِن أهل الحَيْن) من أهل الهلاك..  

فكل من عرف التقصير من نفسه وتأكد له ذلك، فلجأ إلى الله – عز وجل – فقد سعد في الدنيا والآخرة..  

يحيى بن معاذ الرازي – رحمه الله – عندما قال: (مَن عرَف نفسه، عرَف ربه) ، 

ومعناه كما قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية : “من عرَف نفسه بالعجز والافتقار والتقصير والذلة والانكسار، عرَف ربه بصفات الجلال والجمال على ما ينبغي لهما”. 

 وعن أبي بكرة – رضي الله عنه -: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- 

« دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ » رواه أبو داود 

هذه دعوات المكروب و المريض و المحتاج و المهموم فالعبد لا يرجو إلا رحمة ربه.

 

التوسل إلى الله بتوحيده له تأثير قوي في دفع هذا الداء”. 

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة رضي الله عنها:  (ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، وأصلح لي شأني كله، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفة عين أبدًا)    رواه الحاكم في المستدرك. 

الدعاء

  ربنا أن نبثّك النجوى ونشكو إليك ما نزل بنا من كرْب .. وماحلّ بنا من ضعف ..وما دبّ فينا من خوَرٍ  وخوف . فأعِنا يا مولانا حتى نرتقيَ إلى أفق الإسلام لنغيّر ما بأنفسنا.. واكشف اللّهم عنا العذاب .. واصرف اللّهم عنا البلاء و الوباء .. ولا تعاملنا يا ربنا بما اجترح السفهاء منا .. اللهم: سبيلنا إليك ، إنعامُك علينا …وشفيعنا لديك ، إحسانك إلينا … إلهنا : ما أقربك ممن دعاك…وما أحلمك على من عصاك …فلا تُبعد اللهمّ من اقترب منك … ولا تطرد اللهمّ من ابتعد عنك … اللهم : حاشاك أن تمنع من يسألك .. وأنت تغضبُ على من لا يسألك ..اللّهم لا ثقة لنا إلا في رحمتك.. فلا تكلْنا إلاّ إلى رحمتك ، وإسلام الأمر لك.  

 *****************************************************

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ .                             

وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ