jeudi 5 juillet 2018

الإحتِيالِ على الأحكامِ الشرعية.1/2014 ج كو -6/2018ج الحنفية



بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
أيها الإخوة،
     الإحتِيالِ على الأحكامِ الشرعية, هو  : القيامُ بِعَمَلٍ ظاهِرُهُ الجوازُ و المصلحة,  والمَقْصودُ منهُ الوُصولُ إلى الفساد و إلى عَمَلٍ مُحَرَّم.
[[ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ]] البقرة

يقول المفسِّر ابن عاشور - رحمه الله - في بيان بعض صور الإفساد في الأرض: "فالإفساد في الأرض منه تصيير الأشياء الصالحة مضرة؛ كالغش في الأطعمة، ومنه إزالة الأشياء النافعة؛ كالحرق والقتل، ومنه إفساد الأنظمة؛ كالفتن والجور، ومنه إفساد المساعي؛ كتكثير الجهل، وتعليم الدعارة، وتحسين الكفر، ومناوأة الصالحين المصلحين".
وصور الفساد لا تنتهي، والفساد خطير، وأشد منه خطورةً اعتقادُ المفسدين أنهم مصلحون،
ولا يقلُّ خطورةً عن هذين الأمرين تقاعسُ المصلحين عن دورهم في الإصلاح.

أيها الإخوة،
إذا انتكست القلوب انعكست البصائر، وأصبحت تعتقد وترى الفساد صلاحاً والصلاح فساداً، والحق باطلاً والباطل حقاً؛ والشر خيراً والخير شراً: تبعاً لتقدير هذا القلب المريض المنتكس، ونتيجة هذا التلون النفسي القذر
(﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾) الأعراف

قال تعالى:
(﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾) [البقرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الإخوة،
 اسمعوا كيف وصف الله، سبحانه و تعالى، في كثير من آي القرآن الحكيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان:   
﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾الأنفال.
﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ آل عمران
عباد الله الذين يكون قولهم:
﴿ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
**/عندما تجعل النقل كنص عادي فأنت تنزع القداسة عنه...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 15، 16].

     هؤلاء الذين وصفهم الله سبحانه بما سمعت بعضه من آي الذكر الحكيم: هم الناس على الحقيقة، الذين بهم تعمر الأرض، ولأجلهم يُنزل الله رحمته، ويفتح ينابيع البركات من السماء والأرض. وغيرهم من الكافرين والمنافقين همل، لا يعبأ الله بهم شيئًا؛ ولو يؤاخذهم الله بعملهم، ويعاملهم بذنوبهم ما ترك عليها من دابة، ولكن واحدا من المؤمنين الذين رضي عنهم ورضوا عنه يساوي عند الله ملء الأرض منهم؛ فينظر الله إليه وينزل على الأرض رحمته، ويسبغ آلاءه فتعم وينتفع بها أولئك الهمل، ثم يؤاخذ الله المجرمين يوم القيامة بما كانوا يكسبون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الإخوة،
     وَرَدَ في القرآنِ والسُّنَّةِ أَدِلَّةٌ على تَحريمِ الحِيَلِ, بَيَّنَ الشارِعُ الحَكِيمُ مِنْ خِلالِها أنها ذنْبٌ كبير, وسَبَبٌ لِنِقْمَةِ اللهِ على فاعِلِه في الدنيا والآخرة:
الأصل أن تؤتى أحكام الله بكلّ خضوع و محبّة... و محبّة هذه الأحكام من محبّة مشرّعها:
[[إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ]]
هذه الآية هي ردّ على المنافقين:
     [[ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ
وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ
وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ]] النور 49

     واشْتَهَرَ هذا الذَنْبُ القَبيحُ عن اليهود. فمَن فَعَلَه مِنْ هذِه الأُمَّةِ فقد تَشَبَّهَ بِهِم, وَوَقَعَ في ذَنْبٍ عُقُوبَتُه مُعَجَّلَةٌ في الدنيا قبل الآخِرة.
     الدليلُ: قصةُ أصحابِ السبت, وَهُمُ اليهود, قال تعالى:
( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ).
     وكان اللّهُ تعالى قد أمَرهم أن يُعَظِّمُوا يومَ السبت, ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا، فابتلاهم اللّه وامتحنهم، فكانت الحِيتانُ تأتيهم يومَ السبتِ كثيرةٌ طافِيَةٌ على وجهِ البحر. وفي بقية أيامِ الأسبوعِ لا تَأْتِيهِمْ, أي: تذهب في البحر فلا يرون منها شيئا, ابتلاءً مِنَ الله. بِسَبَبِ كَثْرَةِ فِسْقِهِم, فَلَوْ لَمْ يَفْسُقُوا، لَمْ يُعَرِّضْهُم اللهُ لِهذا البلاء.
  [[ واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ]]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


     أيّها الإخوة لم لا نتصالح مع الله؟
فهو أرحم بنا من أنفسنا...[[ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿6﴾ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ]] المائدة
الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك لا نحصي ثناء عليك اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام،
     اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها, دقها وجلها, أولها وآخرها, علانيتها وسرها،
     اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكاها, أنت وليّها ومولاها، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين،
اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أنزل على المؤمنين رحمة عامة وهداية عامة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز،
     اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم اجمع كلمة المسلمين على كتابِك وسنةِ نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لأعدائهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام،
     اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في سوريّا، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع الظلم والطغيان عنهم، اللهم اكشف كربتهم، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية، اللهم احفظ لهذه البلاد دينها وعقيدتها وأمنها وعزتها وسيادتها واستقرارها، اللهم احفظها ممن يكيد لها، اللهم أصلح حكامها وأهلها، اللهم اغفر للمسلمين...