التطرف محاضرة - iset
سوسة- 3/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
بصفتي
كشيخ العقيدة بالتعليم الزيتوني و خصوصا كإمام شاهد عيان لهذه الظاهرة في جوامعنا
من حيث انطلقت.
إذا
سلّمنا أنّ الانسان روح و جسد، فكما للجسد غذاء وهو الطعام فللروح غذاء وهو
العقيدة بصفة عامّة وهو الدّين بصفة خاصّة.
فالإنسان
مهما بدا له أنّه يمكنه أن يستغني عن العقيدة أو الدّين ففي الواقع و بالتجربة
فالانسان لن يجد راحته و لن يستقرّ إلاّ إذا رجع إلاّ ربّه و آمن به.
من هنا كلّ
التجارب و المحاولات لفصل الانسان عن دينه باءت بالفشل.
فتونس مع الأسف مرّت بتجارب مريرة في هذا الاتجاه،
نتج عنها منتوجا مسخ ، فهو إمّا عدوّ لكلّ مقوّمات هوياته...و إمّا على الطرف
المقابل : متطرّف مغال في دينه لا يقبل
صرفا و لا عدلا إلاّ من أمثاله...و كما قالوا : لكلّ فعل ردّة فعل.
مراحل
مرّت بها بلادنا حوصر فيها الدّين بصفة عامّة ( و لم يكن وقتها الحديث عن التطرّف ):
1/
أغلق جامع الزيتونة الذي كان يشعّ حتّى على الخارج وهو ، و لا يزال رمزا من رموز
الاعتدال و الوسطية. ( فلم نسمع إلى يوم الناس هذا أنّ زيتونيا كان إرهابيا ).
2/
صاحبت هذه المرحلة محاصرة التعليم الديني: بتهميشه تارة...(ما يسمى بالجامعة
الزيتونية- الآن و كأنّها تتجه إلى الإصلاح) و بالاستهزاء به و برجاله تارة أخرى ( الحاج كلوف كان مُعمّما يستهزأ
به كلّ ما مرّ في سهرات ليلي رمضان ).
ما جعل أن الناس ، و خاصّة الشباب الذي يشعر
بغربة في بلاده و "بتصحّر ديني"، يلتفت إلى المشرق.
المشرق: حيث لا قوّة الدليل بل قوّة "البترودلار".
فإذا كان معك دولار فأنت تساوي دولار و لك
دين بدولار و إن لم يكن معك دولار فلا أنت و لا دينك يسوى دولار( افتحوا الآن
القنوات الفضائية و النت..).
*********
و من هنا أنتقل بكم إلى أسباب التطرّف :
1/
الجهل بالدين ( التسحّر المطلق ) هو أوّل و أقوى
و أخطر سبب للتطرّف...
فتراهم ينقادون خلف حماسهم، أو ما تمليه عليه عقولهم، أو ما يفتيهم به بعض من يظنون
أنه من أهل العلم، وهو ليس منهم، فيترخصون في أشياء منع منها الشرع، ويتكلمون في أمور
أحجم عنها كبار العلماء، فقد تجد أحدهم يتكلم في تكفير المعيَّن لأسباب يراها هو مُكفِّرة...
2/
اليأس:
اليأس
من أكبر علامات الهزيمة النفسية، والشخص اليائس لا يفعل شيئا، فهو دائما في انتظار
الشر وتوقعه، لا يرى شيئا يبعث على التفاؤل، وإن وجد شيئا يدعو إلى التفاؤل، حمله أيضا
على محمل سيء، فظن فيه شرًّا.
وهذا
ما يحمل كثيرا من الشباب إلى الإفراط أو التفريط، فيتطرف في أقواله وأفعاله وطريقة
تفكيره واعتقاده.
ولذلك
وجدنا القرآن الكريم يحارب هذه الصِّفة الذميمة
3/العلماء
: تكوّنت طبقة من العلماء أقلّ ما يقال فيها أنّها لا
تملك مقوّمات الثقة و التأثير، ما جعل الشباب يهجرونهم و لا يرون لهم مصداقية...
إلاّ ما رحم الله.
4/
الظلم
5/
استفزازات الطابور الخامس
الطعن في ثوابت الدين و الاستهزاء به ( المطالبة
بالمساواة في الإرث )...
******
أمثلة من المكر و الدّهاء
للسطو على الأدمغة "الفارغة"
1/
طريقة الزيدية: - آلة إعلامية قويّة.
- اختيار الدعاة متعدّدي
الاختصاصات: يكونون في الغالب أقوى حجّة من أيّ مدعو، إن كان نصرانيا أو يهوديا أو
علمانيا أو...
-التدرّج ( كتاب الدرجات السبع)
-
الكتمان.
-
إثارة الشكوك: فوجئنا بعد الثورة بشباب غظ طريّ يطوف بالجوامع و يطرح أسألة من
قبيل : أين الله ؟
2/
الوهابية: نسبة لمحمد بن عبد الوهاب 1760م بنجد. السعودية.
مع الأسف باتخاذ الطريقة السالفة في نقطة السريّة و
التدرّج فكثير من التونسيين هم وهابيون قحّة و لكن لا يشعرون بذلك بل ينكرون ذلك و
يغضبون إن نعتهم بها.
البداية تبدأ معهم بحديث ال73 :
"افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة ،
فواحدة في الجنة و سبعين في النار ، و افترقت النصارى على اثنين و سبعين فرقة فواحدة
في الجنة و إحدى و سبعين في النار ، و الذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين
فرقة ، فواحدة في الجنة و ثنتين و سبعين في النار ، قيل يا رسول الله من هم ؟ قال
: هم الجماعة"
هذا من أحاديث الآحاد ،و من العلماء من لا يرى للآحلد حجّية، و ابن حزم
الظاهري يقول عنه أنّه لا يصحّ من جهة الاسناد و لا يجوز لأحد أن يستدلّ به.
و الله يقول : [[ قد أفلح المؤمنون ]] و يعدد من هم:
[[ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ
{3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
{5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ]]
ثم يقولون نحن "الواحدة" و
البقية أقلّ ما يقال فيهم أنّهم أهل ظلال...
فكيف من شرب هذا سينظر إلى غيره ؟ إلى والديه ؟إلى
المجتمع..إلى معلّميه...إلى...؟هناك من لا يصلّي وراء أبيه .
من قال أنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة فهو
وهابي و إن أنكر ذلك...
الخطوة الأخر في التطرّف هي قضية
أنّ الرسول لم يفعل هذا ...إذا فهو بدعة و كلّ
بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النّار...و رمى بالناس في النّار...و لم يبق للجنّة
إلاّ هو و أمثاله.
هذا أسلوب : يقوم على تمرير
معلومة خاطئة فإذا تبنيتها ( لجهلك بالدين) بنى عليها بناية غاية من الدقّة و
التنسيق و الجمال فتبهر بها و تقدّم نفسك فداء لها..
ثمّ من بعد يأتي دور البترودولار للإغراء و التمكين في
البلدان الهشة الفقيرة "المسحّرة": مكتبات على الطلب..دعات تحت الطلب...كتب
فارهة بأسوام زهيدة...قنوات فضائية في غاية البذخ و الدّهاء...
و البدأ دائما بالقرآن:....