استقبال رمضان( 1445 هج- 8/3/2024)- 1435-ج:الحنفية.6/2014
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله،فرض علينا الصيام وهو تعالى القائل:
[[( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ]]
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
[[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)]] سورة التحريم .
أيها الإخوة،
تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحيَّةُ ، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه ؟؟
ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
<<أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك >
الحسن البصري يقول:( يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك)
قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: "ارتحلت الدنيا مدبرةً وارتحلت الآخرة مقبلةً ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل\"أخرجه البخاري.
نسير إلى الآجال في كل لحظة * وأعمارنا تُطوى وهنَّ مراحـل
تَرحل من الدنيا بزادٍ من التُقى * فعُـمـُرُك أيـــّام وهـُــنَّ قـلائــل
ومــا هــذه الأيــام إلا مـراحـل * يحُث بها حادٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجب شيء لو تأملت أنها * منازل تُطوى والمسافر قاعدُ
أيها الإخوة،
شهر اختصه الله بفضائل عظيمة ومكارم جليلة، فهو كنز المتقيين، ومطية السالكين...رمضان...
قال المولى عز وجل:(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ )).
شهر اختُصَّ بتنزل الرحمات والبركات من رب الأرض والسماوات،
يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم:
((قدْ جاءَكمْ شهرُ رمضانَ ، شهرٌ مباركٌ افترضَ اللهُ عليكُمْ صيامَهُ ، يُفتحُ فيهِ أبوابُ الجنةِ ، ويُغلقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ ، وتغلُّ فيهِ الشياطينُ ، فيهِ ليلةٌ خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ ، مَنْ حُرِمَ خيرَها فقدْ حرِمَ )).النسائي وأحمد.
أنْعَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ على عِبادِهِ بمَواسِمَ مِن الخيراتِ، يَحصُلون فيها بسَببِ الأعمالِ الصَّالحةِ القَليلةِ على الثَّوابِ الكَثيرِ مِن عندِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومِن نِعَمِه سُبحانَه أيضًا أنْ سَخَّرَ اللهُ لهم مِن الأسبابِ ما يُعينُهُم على أدائِها على الوجْهِ الأكْمَلِ لها، وشهْرُ رمضانَ من أعظم تِلكَ المواسِمِ الفاضِلَة.
رَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال:
«أُعطِيَتْ أمَّتي خمسُ خصالٍ في رمضانَ لم تُعطَهنَّ أمَّةٌ قبلهم خُلوفُ فمِ الصَّائمِ أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ وتستغفرُ لهم الحِيتانُ حتَّى يُفطِروا ويُزيِّنُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلَّ يومٍ جنَّتَه ثمَّ يقولُ يُوشِكُ عبادي الصَّالحون أن يُلقوا عنهم المُؤْنةَ ويَصيروا إليك وتُصفَّدُ فيه مَرَدَةُ الشَّياطينِ فلا يَخلُصوا فيه إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرِه ويُغفرُ لهم في آخرِ ليلةٍ. قيل يا رسولَ اللهِ أهي ليلةُ القدرِ قال لا ولكنَّ العاملَ إنَّما يُوَفَّى أجرَه إذا قضَى عملَه>>"الترغيب والترهيب" للمنذري.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
أيها الإخوة، هلال رمضان ليس كبقِيَّة الأهلة، فهوهلالُ خير وبركة، عمَّ ببركته أرجاء العالم، ونشر في النفوس روحَ التسامح والألفة والمحبة والرحمة،
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عند رؤية الهلال:
(اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ ).
أيها الإخوة، لنعقد النية والعزم على استغلال أيّامه ولياليه، وليرى اللهُ فينا خيرا في شهرنا، وليكن التقوى هو هدفنا وشعارنا، ولنتسابق للخيرات من أوَّل أيامه، فالنفوسُ مهيأةٌ لذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ : يا باغيَ الخيرِ أقبلْ ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ ، وللهِ عتقاءُ من النارِ ، وذلك كلَّ ليلةٍ)).حديث حسن أخرجه ابن ماجة و الترمذي.
قال عليه الصلاة والسلام:
(( كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها ، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ ، قال اللهُ تعالى :إِلَّا الصَّوْمَ ؛ فإنَّه لِي ، وأنا أجزي به ، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي ، وللصائمِ فرْحتانِ : فرحةٌ عند فِطرِه ، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه ، ولَخَلُوفُ فمِ الصائمِ ، أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المِسكِ الراوي : أبو هريرة - البخاري (1904)، ومسلم (1151) باختلاف يسير )) .
************
التـــــــــــــــــــــــــــــــوبة
المسلم ليس معصوماً عن الخطأ ، فهو عرضةٌ للوقوع في الذنوب والآثام...
((كلُّ بني آدَمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون))
[[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)]] التحريم .
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: \" إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النهارِ، وًيبْسُطُ يَدَهُ بِالنهارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا\" .أخرجه أحمد 4/395 ومسلم 8/99
**********
أيها الإخوة، نهانا النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً. وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ )
سُئِل الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :
" كيف كنتم تسقبلون شهر رمضان ؟ قال : ماكان أَحدُنا يجرُؤ أن يستقبل الهلال وفي قلبه مثقالُ ذرةِ حقدٍ على أخيه المسلم " .
فهذا هو رمضان موسم الصفاء والإخاء و الألفة والمحبة …
*******
الصـــــــــــــلح يا أزواج
*********
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين .. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين واحم حوزة الدين. اللهم مُنـَزِّل الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب اللهم احقن دماء المسلمين وصن أعراضهم واحفظ أموالهم وديارهم من كل معتد ظلوم يا رب العالمين. اللهم ارحم إخواننا المستضعفين في فلسطين و في كلّ مكان ياربّ العالمين…
اللهم نصرك الذي وعدتنا يا من لا يُخلَفُ وعده ولا يُهزم جنده سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت.
اللهم وانشر رحمتك على العباد والبلاد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار.
اللهم أغثنا..