العلم و التعلم-2024.1446
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...
*********
أيها الناس:خلق الله تعالى الخلق ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وبين سبحانه الطريق الموصلة إليه بما أرسل من الرسل ، وأنزل من الكتب
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء.
ولا سبيل إلى عبادة الله تعالى إلا بمعرفة مراده ، ولا يمكن الوصول إلى معرفة ذلك إلا بقراءة كتابه ، والتلقي عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وطريق ذلك هو العلم بالقرآن والسنة ؛
ولذا كانت العلوم الشرعية أفضل العلوم وأجلها ؛ لأنها توصل إلى العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته، وأمره ونهيه ، ووعده ووعيده ، وثوابه وعقابه، و إذا أطلق "العلم" في الكتاب أو السنة فالمراد به العلم الشرعي كذلك ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
وعلوم الدنيا كالطب والهندسة والفلك وغيرها مما ينفع الناس، لصاحبها من الثواب والأجر بقدر نيته الصالحة في نفع الناس، ومن نفر إليها مخلصا لله تعالى فهو مشارك في رفع الحرج عن عموم المسلمين، وله من الأجر بقدر نيته الصالحة.
يقول الله تعالى:
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة.
روى عامر بن واثلة : "أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعُسْفَان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أَبْزَى، قال: ومن ابنُ أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئٌ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالمٌ بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال:
<< إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين>>" رواه مسلم.
ومن فضيلة العلم: أن الله تعالى أشهد أهل العلم على أجل مشهود عليه وأصدقِه وأفضله ، وهو توحيده سبحانه وتعالى ، وقرن شهادةَ أهل العلم بشهادته عز وجل وبشهادة الملائكة الكرام عليهم السلام
(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [آل عمران:18].
وقد نفى الله تعالى التسوية بين أهل العلم وبين غيرهم كما نفى التسوية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار فقال تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) [الزُّمر:9].
كما قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الجَنَّةِ) [الحشر:20] وهذا يدل على غاية فضلهم وشرفهم.
وجعل سبحانه وتعالى صاحب الجهل بمنزلة الأعمى الذين لا يبصر فقال عز وجل (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) [الرعد:19]
فما ثَمَّ إلا مبصر أو أعمى،
وقد وصف سبحانه أهل الجهل بأنهم صم بكم عمي في غير موضع من كتابه.
وأهل العلم هم من يعرف كلام الله تعالى ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويعلمون أنه الحق دون سائر الناس.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ) [سبأ:6]
وفي الآية الأخرى (وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) [الأنعام:114].
وتشتد حاجة الناس لأهل العلم؛ لأنهم يبصرونهم ويرشدونهم ويفتونهم في أمور دينهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل:43]
وأهل الذكر هم أهل العلم بما أنزل على الأنبياء عليهم السلام.
وأهل العلم هم أهل الخشية، خصهم الله تعالى بها من بين سائر الناس:
(إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) [فاطر:28].
وهذا حصر لخشيته في أولي العلم ، وفي الآية الأخرى:
(جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البيِّنة:8 ] .
وقد أخبر أن أهل خشيته هم العلماء ، فدل ذلك -بمجموع الآيتين- على أن هذا الجزاء المذكور هو للعلماء
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار بالله جهلا".
وأهل العلم هم أكثر الناس خشوعا إذا سمعوا آيات الله تعالى تتلى
﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء:109].
وكيف لا يكونون كذلك وقلوبهم مستودع الكتاب والسنة، ويعملون عقولهم في نصوصهما تدبرا وفهما واستنباطا (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ) [العنكبوت:49].
والأمثال التي ضربها الله تعالى لعباده يدلهم بها على صحة ما أخبرهم به في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لا يفهمها حق الفهم إلا أهل العلم
(وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ) [العنكبوت:43].
وفي القرآن بضعة وأربعون مثلا، وقد كان بعض السلف إذا مرَّ بمثل لا يفهمه يبكي ويقول: "لست من العالمين".
والخير كل الخير يناله أهل العلم بمقتضى قول الله تعالى
(يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة:269].
وبمقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" متفق عليه.
وفي لفظ للطبراني: "يا أيها الناس تعلموا إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".
والمراد بالفقه هنا: معرفة ما يجب لله سبحانه وتعالى، وفهم الأحكام الشرعية ، ومعرفة الحلال والحرام ، والعمل بمقتضى العلم بذلك،
ويكفي في فضل العلم أن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا الازدياد من العلم فأمره به (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه:114].
والعلم طريق يوصل إلى الجنة ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" مسلم.
وقد ذكرنا مائتي دليل على فضل العلم وأهله في كتاب مفرد ، فيا لها من مرتبة ما
أيها الإخوة: كل البشر يحبون الانتساب إلى العلم وإن كان بعضهم ليس من أهله، وكل الناس يتبرؤون من الجهل وإن كان أكثرهم من أهله ،
فنعوذ بالله من الجهل، ومن عمى البصائر، ونسأله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، إنه سميع قريب مجيب.
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة:282].
**********************
أيها الإخوة:
لقد أدى إخلاص المعلم والمتعلم فيما مضى من تاريخنا إلى نهضة حضارية شاملة، تبع المسلمين فيها غيرُهم..
**********************
الدعاء: اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا منَ الْقَانِطِينَ.
اللَّهُمَّ فَأَسْقِنَا غَيْثَكَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ.
اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ بِالسَّحَابِ، سَحًّا وَابِلًا غَدَقًا مُغْدِقًا، تَحْيَا بِهِ الْبِلَادُ، وَتُرَوَّى بِهِ الْعِبَادُ، وَتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلْحَاضِرِ وَالْبَادِ.
اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ، فَإِنَّكَ تُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا، وَتَنْشُرُ رَحْمَتَكَ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ.
اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا خَيْرَ مَا عِنْدَكَ بِشَرِّ مَا عِنْدَنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ نَسْتَسْقِيكَ وَإِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، فَأَغِثْنَا غَيْثَ إِيمَانٍ وَيَقِينٍ وَتَوْبَةٍ.
اللَّهُمَّ أَسْقِنَا الْغَيْثَ، وَأَجْرِنَا مِنَ الْقَحْطِ وَالْبَلَاءِ وَالْجَدْبِ.
اللَّهُمَّ رُدَّ بِنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَقَرِّبْنَا إِلَيْكَ قُرْبَى جَمِيلَةً.
🔺اللهم إنا نسألك يا اللــــــــــه . .يا غِياث المستغيثين، و يا أمان الخائفين
أن تغيث أهلنا في قطاع غزة🔺
اللهم أغث أهلنا في كل قطاع غزة🔺
🔺اللهم اكشف عنهم الكرب. 🔺اللهم عجّل بالفرج . .
🔺اللهم سدد رميتهم وكثر قلتهم واجعل الدائرة على عدوك وعدوهم، إنك على كل شيء قدير
🔺اللهم يا ذا الجلال و الإكرام، يا حيٌ يا قيوم، يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعّالاً لما يريد . .
🔺اللهم إنّا نسألك أن ترحم أهل غزة
🔺اللهم مُدّهم بمددك . .
🔺اللهم و ظلّلهم بعفوك
وعنايتك . .
🔺اللهم اشْدُد أزرهم، واربط على قلوبهم..
اللهم وأنزل عليهم دفئًا وسلاماً وأمناً وأمانا.. ً