بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله.. الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى،
أحمده سبحانه أن وفقنا إلى حمده ووعدنا على ذلك عفواً وغفراناً،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
القائل:
<< يا عبادي إنّي حرّمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا>>
وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله القائل:
<< إن أحبّ الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسا إمام عادل وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه
مجلسا إمام جائر>>
صلى
الله على محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي
ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي
عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ
وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ
وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا
تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ >> صحيح البخاري
«سَبْعَة يظِلُّهمُ الله
في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه» الدنيا شيء، والآخرة شيء آخر، الإنسان
في الدنيا قد يستمتع بالمال، قد يستمتع بالجاه، قد يتقوى بعشيرته، قد يتقوى بسلطانه،
قد ينغمس في ملذاته، إلا أنه يوم القيامة: «لا ظِلَّ إلا ظِلُّه»، في الدنيا
الإنسان قد يستظل بأشياء كثيرة، وهو غافل عن الله، إلا أن يوم القيامة: «لا ظِلَّ إلا
ظِلُّه»،
فسّر
علماء الحديث هذا الظل بأنه رحمةُ الله، وكنفه (صان وحفظ )، وإحاطته.
من هؤلاء
السبعة؟
1.الإمام العادل:
العلماء
قالوا: الإمام العادل الذي يتولى أمور المسلمين، ويرعى مصالحهم، وينظرُ فيما يسعدهم،
ويرفعُ من شأنهم، ويسير على منهج الحق والعدل، ينتصف للمظلوم من الظالم، يقيمُ أوامر
الله، يدعو الناس إلى العمل بكتاب الله، لا يخشى الضعيفُ من جوره، ولا يطمع القويُّ
في جاهه، الحزم دَيدنُه، والحقُّ مطلبُه...
يدخل
فيه كل من ولي شيئا من أمور المسلمين.
أحيانا
تكون موظفا في دائرة، إن لم يرعَ مصالحهم، إن لم ينصحهم، إن لم ييسر أمورهم، إن لم
يأخذ بيدهم إلى مصلحتهم في الدنيا والآخرة له عند الله حساب خاص،
هذا
الذي يستغل منصبه ليبتز أموال الناس، هذا الذي يعقد الأمور ليحقق لمصالحه الشخصية،
هذا الذي يضع العقبات أمام تحقيق منافع الناس، له عند الله عقاب خاص،
كلُّ حركة تتحرَّكها، كلُّ تعقيد تعقُده، كلُّ إيهام
توهمه، والله ستحاسب عنه يوم القيامة حسابًا عسيرًا.
الإمام
العادل ينطبق على أية وظيفة تتعلق بمصالح المسلمين
لذلك الإمامُ العادلُ ورد في بعض الأحاديث: «إنَّ
من إِجلالِ اللهِ إِكرامَ ذي الشَّيْبَة المسلم وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيه ولا
الجافي عَنهُ وإِكرامَ ذي السلطانِ المُقْسِط».
[[ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ
أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ
اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ]] النّساء
قدّم في الحديث الإمام العادل لعموم النّفع، فبدونه لا ترتاح النّفوس و لا
تطمئنّ و لا تزدهر الحياة.
لا شيء أبعث للشقاء و الفتن
كإمامة جائر أو ليس قدّ المسؤولية...
[[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ
لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا
تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) ]] المائدة
عن عائشة أم المؤمنين أنَّ رجلاً مِنْ أصْحابِ رسولهِ الله - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلسَ بينَ يديْهِ، فقال:
يا رسولَ الله! إنَّ لي
مَمْلوكِين يكذِّبونَني وَيخونونني وَيعْصونَني، وأضْرِبُهم وأشْتُمهمْ، فكيفَ أنا
منهم؟ فقالَ له رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<<
يُحسَبُ ما خانُوك وعَصَوكَ وكذَّبُوك وعِقابُك إيَّاهُم ، فإنْ كان عِقابُك
إيَّاهُم دُونَ ذُنُوبِهمْ ؛ كان فَضْلًا لكَ ( عليهِم ) وإنْ كان عِقابُك إيَّاهم
بقدرِ ذُنوبِهمْ ؛ كان كَفَافًا ولا لكَ ولا عليكَ ، وإنْْ كان عِقابُك إيَّاهُم
فَوقَ ذُنُوبِهِمُ اقْتُصَّ لهمْ مِنكَ الفَضلُ الذِي بَقِيَ قِبَلَكَ>>
فجَعلَ
الرجلُ يبْكِي بين يَدَيْ رسولِ اللهِ ويَهتِفُ فقال رسولُ اللهِ مالَكَ ؟ ما
تَقرأُ كتابَ اللهِ
[[ ونَضَعُ
الموازِين القِسطَ ليومِ القيامةِ فلا تظلمُ نفسٌ شيئًا وإن كان مثقالُ حبةٍ من
خردلِ أتينا بها وكفى بنا حاسِبين]] ؟ (الأنبياء)
فقال الرجلُ يا رسولَ
الله ! ما أجِدُ شيئًا خيرًا من فِراقِ هؤلاءِ – يعني عَبِيدَهُ ( إنِّي )
أُشْهِدُكَ أنَّهم كلَّهم أحْرَارٌ
المصدر : صحيح الترغيب - الترمذي