vendredi 25 avril 2025

 القدس مرة أخرى-2025/1446

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله معزِّ الإسلام بنصره، ومصرِّفِ الأمور بأمره، ومديمِ النِّعم بشكره، الذي قدّر الأيام دُوَلاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كله.

القاهرِ فوق عباده فلا يمانَع، والظاهرِ على خليقته فلا يُنازَع، والآمرِ بما يشاء فلا يُراجَع، والحاكمِ بما يُريد فلا يُدافَع.

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، حبيبُ الحق، سيدُ المربين، وإمامُ المجاهدين، والمبعوثُ رحمةً للعالمين.

 اللهم صلي، وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، أمناء دعوته، وقادة ألويته، واَرْض عنا، وعنهم يا رب العالمين.

*****

أيها الإخوة،

مِمَّا شّرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِن البِقَاعِ مَدِينَةُ القُدسِ، المَدِينَةُ المُبَارَكَةِ، فِيهَا المَسجِدُ الأَقصَى، مَسرَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأُولَى القِبلَتَينِ، الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {سُبحَانَ الَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذِي بَارَكنَا حَولَهُ}.


بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا المَسجِدِ، وَفِيمَا حَولَهُ مِن أَرضِ الشَّامِ، وَجَعَلَهَا مَوطِنًا لِلأَنبِيَاءِ وَمُهَاجَرًا لَهُم، وَأَرضَ الرّبَاطِ وَالمَلَاحِمِ، وَجَعَلَهَا أَرضَ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ، كَمَا صَحّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.


وَخَصّ اللَّهُ المَسجِدَ الأَقصَى بِفَضلٍ لَم يَجعَلهُ لِغَيرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ سِوَى المَسجِدِ الحَرَامِ وَالمَسجِدِ النَّبَوِيِّ، فَجَعَلَ الصَّلَاةَ فِيهِ تَعدِلُ مِائَتَينِ وَخَمسِينَ صَلَاةً فِي غَيرِهِ مِن المَسَاجِدِ سِوَاهُمَا.


وَخَصّهُ بِتَشرِيعِ شَدِّ الرِّحَالِ إِلَيهِ، فَلَا يُشْرَعُ السَّفَرُ لِبُقعَةٍ بِقَصدِ العِبَادَةِ فِيهَا إِلّا المَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: 

«لَا تُشَدّ الرِّحَالُ إِلّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسجِدِ الحَرَامِ، وَمَسجِدِ الرّسُولِ ﷺ، وَالـمَسجِدِ الأَقصَى».


وَالمَسجِدُ الأَقصَى ثَانِي مَسجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرضِ بَعدَ المَسجِدِ الحَرَامِ، فَقَد رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ فِي صَحِيحَيهِمَا عَن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَن أَوَّلِ مَسجِدٍ وُضِعَ فِي الأَر ضِ؟ قَالَ «المَسجِدُ الحَرَامُ» قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «المَسجِدُ الأَقصَى»، قُلتُ: كَم بَينَهُمَا؟ قَالَ: «أَربَعُونَ عَامًا».


أيها الإخوة،

أَسّسَ سيدنا يَعقُوبُ بنُ إِسحَاقَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ بَيتَ المَقدِسِ، ثُمَّ لَمّا أَورَثَ اللَّهُ تَعَالَى المُؤمِنِينَ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ الأَرضَ المُبَارَكَةَ بِالشَّامِ، تَوَلّى سيدنا سُلَيمَانُ عليه السلام تَجدِيدَ عِمَارَتِهِ، ثُمّ انحَرَفَ بَنُو إِسرَائِيلَ، وَكَفَرَ أَكثَرُهُم بِاَللَّهِ، وَقَتَلُوا الأَنبِيَاءَ،

{أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌۢ بِمَا لَا تَهْوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} البقرة، 

وَحَرّفُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَيهِم مِن الكِتَابِ، 

(أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) 

فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ، وَصَارَ المَسجِدُ الأَقصَى بِيَدِ الرُّومِ الصّلِيبِيّينَ، حَتَّى فَتَحَ سيدنا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه الشَّام، فَعَادَ بَيتُ المَقدِسِ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ المُطِيعِينَ لَهُ، ثُمَّ ضَعُفَ المُسلِمُونَ وَعَاوَدَ الصَّلِيبِيُّونَ احتِلَالَهُ، حَتَّى حَرّرَهُ بِعَونِ اللَّهِ صَلَاحُ الدِّينِ.


وَفِي زَمَانِنَا هَذَا تَسَلَّطَ اليَهُودُ عَلَى بَيتِ المَقدِسِ وَاحتَلُّوهُ، وَجَاءَ الصّلِيبِيُّونَ يُبَارِكُونَ لَهُم، وَيُعِينُونَهُم عَلَى ذَلِكَ، وَيَبتَغُونَ إِهدَاءَهُم هَذَا المَسجِدَ العَظِيمَ، فَهِيَ هَدِيَّةُ مَن لَا يَملِكُ لِمَن لَا يَستَحِقّ، فِي ظِلِّ غَفلَةِ كَثِيرٍ مِن المُسلِمِينَ وَضَعفِهِم عَن القِيَامِ بِوَاجِبِهِم.


     أيها الإخوة الكرام، 

يخبرنا الله، سبحانه و تعالى أنّ الأرض يرثها عبادُه الصالحين و أنّ العاقبة للمتقين لا لغيرهم مهما كانوا..

تعالوْا نقرأ كلام الله فهو طافح بالوعود للمؤمنين:

1 ـ الاستخلاف في الأرض:

[[ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم ]] النور الآية: 55

2 ـ تمكين الدين في الأرض:

 ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾ النور

3 ـ الأمن بعد الخوف:

﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

﴿ يَعْبُدُونَنِي لا يشركون بي شيئا﴾ بشرط أن يعبدوني

  وعدٌ آخر:

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ سورة غافر الآية: 51 

 وعد آخر:

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ الصافات

وعد آخر:

﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الروم : 47

وجاء تطمين المؤمنين بقوله تعالى:

﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ آل عمران 

******************

أيها الإخوة،

زَعْمُ اليَهُودِ أَنَّهُم أَحَقُّ بِالمَسجِدِ لِكَونِهِم بَنِي إِسرَائِيلَ، وَأَنَّهُ هَيكَلُ نَبِيّهِم سُلَيمَان، هذا زَعمٌ بَاطِلٌ كَاذِبٌ، فَإِنّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: 

{إِنَّ الأَرضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ}الأعراف

، وَيَقُولُ جَلّ وَعَلَا: 

{وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، 

فَالأَرضُ كُلُّهَا لِلَّهِ، وَهُوَ قَد أَورَثَهَا المُؤمِنِينَ مِن عِبَادِهِ، فَلَيسَ لِكَافِرٍ حَقٌّ فِي أَرضٍ دُونَ عِبَادِ اللَّهِ المُؤمِنِينَ، فَكَيفَ بِمَسَاجِدِ اللَّهِ الَّتِي أَقَامَهَا سُبحَانَهُ لِيُذكُرَ فِيهَا وَيُعبَد، وَيُعَظّمَ فِيهَا وَيُوَحّد؟! 

(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)) العنكبوت. 


أَفَيَجعَلُ الله سُبحانَه البيت القدس خاصا باليهود أي:

ل {مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ} المائدة

أَهَمُّ أَولَى بِمَسجِدِ الأَنبِيَاءِ وَقِبلَتِهِم مِن عِبَادِ اللَّهِ المُوَحّدِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ "كُلَّمَا جَاءَهُم رَسُولٌ بِمَا لَا تَهوَى أَنفُسُهُم فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقتُلُونَ؟!" 


أَتَكُونُ أَطهَرُ البِقَاعِ وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ فِي أَيدٍ نَجِسَةٍ لَا تَعرِفُ سِوَى السِّحرَ وَالكُفرَ، وَالغَدرَ وَالخِيَانَةَ، وَالإِفسَادِ في الأَرضِ وإيقَادِ الفِتَن، وَقَولَ الإِثمِ وَأَكلَ السُّحتِ؟

{ أَوَكُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } البقرة.


كَلَّا وَاَللَّهِ، يقول الله تعالى:

{إِنَّ أَولَى النَّاسِ بِإِبرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنِينَ.} آل عمران


وَإِنّ مَن يَزْعُمُ أَنّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتَابِ أَولَى بِمَسجِدٍ مِن مَسَاجِدِ اللَّهِ مِن عِبَادِ اللَّهِ المُؤمِنِينَ، لَهُوَ مِنَ المُنَافِقِينَ أَعدَاءِ الدِّينِ، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ.

**********

أيها الإخوة،

مَهمَا حَلّ بِالمُسلِمِينَ مِن ضُعفِ وَوَهَنِ، وَتَكَالُبِ الأَعدَاءِ، وَتَفَرُّقِ الكَلِمَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَنا أَن نيأَس وَنقنَط مِن رَوحِ اللَّهِ وَفَرَجِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَنا أَن نركَن إِلَى حَالِ الذُلِّ وَالضَعفِ..


إِنّ لِلَّهِ وَعدًا لَن يُخلِفَهُ، فَقَد رَوَى مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقتُلَهُمُ المُسلِمُونَ، حَتّى يَختَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَو الشَّجَرُ: يَا مُسلِمُ! يَا عَبدَ اللَّهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلفِي، فَتَعَالَ فَاقتُلهُ، إِلّا الغَرقَدَ، فَإِنّهُ مِن شَجَرِ اليَهُودِ».

*******************

أيها الإخوة،نحن المنتصرون بحول الله:

-حِينَ يَكُونُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِمَّا سِوَاهُمَا..

-حِينَ تكُونُ أَعمَالُنَا خَالِصَةً لله سُبحَانَهُ وَحدَهُ، و نَعبُدُهُ بِمَا أَمَرَ..

{ وَعَدَ ‌اللَّهُ ‌الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَنِي لَا يُشرِكُونَ بِي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ } النور.

***************************

الدعــــــــــــــــــاء

اللَّهُمَّ حَرِّرِ المَسجِدَ الأَقصَى مِن رِجسِ اليَهُودَ، وَارزُقنَا صَلَاةً فِيهِ قَبلَ المَمَاتِ، وَاجعَلهُ شَامِخًا عَزِيزًا إِلَى يَومِ الدِّينِ. 

اللَّهُمَّ انصُرْ دِينَكَ، وَكِتَابَكَ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَانصُرِ المُسْلِمِينَ،
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَانصُرِ المُسْلِمِينَ،
وَأَذِلَّ أَعْدَاءَكَ، أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ مَن أَرَادَ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ،
فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ،
يَا قَوِيُّ، يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ نَصْرَكَ الَّذِي وَعَدتَّنَا،
يَا مَنْ لَا يُخْلَفُ وَعْدُهُ، وَلَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ،
سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ قَائِمِينَ،
وَاحْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ قَاعِدِينَ،
وَاحْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ رَاقِدِينَ،
وَلَا تُشْمِتْ بِنَا عَدُوًّا وَلَا حَاسِدًا،
وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، عَلَى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كُلَّهَا،
دِقَّهَا وَجِلَّهَا، أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا،
مَا عَلِمْنَا مِنْهَا وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.

اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْتَانَا، وَاهْدِ ضَالَّنَا،
وَرُدَّ غَائِبَنَا، وَاشْفِ مَرْضَانَا،
وَاقْضِ عَنَّا دَيْنَنَا،
وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ،
وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ،
وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ،
وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ،
وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ،
وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ،
فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.

اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً،
وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً،
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. 🔥

اللَّهُمَّ آمين 🤲


 العنوسة مرة أخرى.2025

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) الأعراف 

نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ، فَقَدْ دَلَّتْ أَحَدِيَّتُهُ عَلَى حَمْدِهِ، وَافْتِقَارُ الْخَلْقِ إِلَيْهِ يُوجِبُ حَمْدَهُ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ وَجَزِيلِ عَطَائِهِ، 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ كُلَّ مَخْلُوقٍ مُفْتَقِرًا إِلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَقُومُ مَخْلُوقٌ بِنَفْسِهِ؛ وَذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّتِهِ المُسْتَوْجِبَةِ لِعُبُودِيَّتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ

(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الذاريات

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَعَلَ الزَّوَاجَ مِنْ سُنَنِهِ الَّتِي مَنْ رَغِبَ عَنْهَا فَلَيْسَ مِنْهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ النِّسَاءَ حُبِّبْنَ إِلَيْهِ، وَأَمَرَ بِكَثْرَةِ النَّسْلِ لِيُبَاهِيَ بِأُمَّتِهِ الْأُمَمَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

**************

أيها الإخوة،

ظَاهِرَةُ امْتِلَاءِ الْبِيُوتِ بِالْبَنَاتِ، وَعُزُوفِ الشَّبَابِ عَنِ الزَّوَاجِ ظَاهِرَةٌ لَا تُبَشِّرُ بِخَيْرٍ، وَلَا تُنْتِجُ إِلَّا شَرًّا، وَلَا تَقُودُ إِلَّا إِلَى فِتْنَةٍ تُصِيبُ الشَّبَابَ وَالْفَتَيَاتِ بِالْإِثْمِ، وَتَأْتِي عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ بِالهَمِّ وَالْغَمِّ، وَعَلَى المُجْتَمَعِ بِالتَّرَهُّلِ وَالشَّيْخُوخَةِ وَالِانْحِلَالِ كَمَا وَقَعَ فِي المُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ الَّتِي عَزَفَ رِجَالُهَا وَنِسَاؤُهَا عَنِ الزَّوَاجِ لِيُسْرِ الْحَرَامِ فِيهَا، 

و يفرح بعضهم بتعريف المرأة من جديد بعد ما هجمت على العالم لعنة المثلية و تغيير الجنس ( في برطانية أخيرا خرج رئيس وزرائها مسرورا لحصول ذلك).

أَيُّهَا الإخوة: 

خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الْبَشَرَ، وَاسْتَعْمَرَهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَجَعَلَ الزَّوَاجَ سُنَّتَهُمْ لِتَنَاسُلِهِمْ، ..

إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ: فَكُلُّ طَرِيقٍ تُؤَدِّي إِلَى الزَّوَاجِ فَمَأْمُورٌ بِهَا، وَكُلُّ طَرِيقٍ تَعُوقُ دُونَهُ فَمَنْهِيٌّ عَنْهَا. وَمَنْ سَهَّل زَوَاجَ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مِنَ النِّسَاءِ فَمَأْجُورٌ، وَمَنْ عَسَّرَ زَوَاجَهُنَّ فَمَوْزُورٌ، وَالْفَتَاةُ تَرْضَى بِالزَّوْجِ الْكُفْءِ فِي دِينِهِ وَخُلُقِهِ مَأْجُورَةً، وَالْفَتَاةُ تَرُدُّ صَاحِبَ الدِّينِ وَالْخُلُقِ مَوْزُورَةٌ، وَالشَّابُّ يَتَزَوَّجُ لِيَعِفَّ نَفْسَهُ، وَيُحْصِنَ عَفِيفَةً مِثْلَهُ مَأْجُورٌ، وَالشَّابُّ يَعْزِفُ عَنِ الزَّوَاجِ لَا يُرِيدُ المَسْئُولِيَّةَ وَالِارْتِبَاطَ مَوْزُورٌ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ -تَعَالَى--: "لَيْسَتِ الْعُزُوبَةُ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ الزَّوَاجِ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ".

أيها الإخوة، في البداية لابد أن ننبه على شيء:

التسابق في العري والتفسخ والانحلال لا يحلّ المشكلة بل يزيدُها تعقيدا.. 

ومن ابتغى شيئا بمعصية الله كان أبعد مما رجا المرء ، وأقرب مما اتقى ، وما عند الله لا يُنال بمعصيته .

و حتى و لو اقترب زواجها فعلا.. فالطيور في الغالب تقع على أمثالها ..

عن أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذِراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ؛ قلنا: يا رسول الله؛ اليهودُ والنَّصارى؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَن؟!)[رواه الشيخان].


-ظاهرة أنّ الزواج لم يعد أولوية تورث العنوسة و لا قدّر الله العيش في الحرام..

-الالتجاء إلى السحر والشعوذة حرام…

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}، 

و الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام مسلم، جاء فيه :"مَن أَتَى عَرَّافًا فسأله عن شيءٍ فصَدَّقَهُ بما قال لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ يومًا".

-كثيرات عفيفات بلغن مستويات عالية في التعليم و تحصلن على مناصب رفيعة و لكن فاتهم الركب.. 

العنــــــــــــــوسة

أيها الإخوة،

الحقيقة المرة التي يتقطع لها القلب أنّ نسب العنوسة مرتفعة في بلاد المسلمين نسبة العنوسة:62 في المئة ..لبنان: 85.. زد عليها نسبة الطلاق...هذه ظاهرة مَرَضية خطيرة …


كلامنا أيّها الإخوة،

لكلّ مسلمة رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .

 إلى كل فتاة سلكت طريق الحق ، وحَملت رسالةَ الصدق .

 إلى كل مربيّة جاهدت بكلمتها ، وحافظت على قيمها ، وزكّت نفسها .

 إلى كل أمّ ربت أبناءَها على التقوى ، وأنشأتهم على السنّة ، وحببت إليهم الفضيلة و كرّهت إليهم الرذيلة و الرذائل..

 إلى كل مهمومة حزينة لتأخر الزواج، نقول:

 اِسعدي أيّتها البنت، وافرحي بقرب الفرج ورعاية الله ، وعظيم الأجر ، وتكفير السيئات...و لا تحزني...و كيف يحزن؟

كيف يحزن من عنده رب يقدر ويغفر ويستر ويرزق ويرى ويسمع وبيده مقاليد الأمور...

أيها الإخوة،

الزواج أمر مُقدّر مَقسوم للعبد كسائر رزقه ، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها ، وتستوعِبَ رزقَها ، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة .

فلا ينبغي القلق إذا تأخر الزواج ، لكن يُشرَّع للفتى والفتاة أن يتخذ الأسباب لتحصيل هذا الرزق ، ومن ذلك الدعاء ، فتسأل الله تعالى أن يرزقها الزوج الصالح .

والاستغفار سبب من أسباب سعة الرزق ، فقد حكى الله تعالى عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه : 

( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح

والدعاء سلاح عظيم لمن أحسن استخدامه ، فادعي الله وأنت موقنةٌ بإجابة الدعاء ، وتحري أسباب القبول ، من طيب المطعم والمشرب ، واختيار الأوقات الفاضلة ، واحذري من تعجل الإجابة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : 

( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يُستجب لي) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

****************

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ وسلِّم تسليمًا كبيرًا.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين،… 

اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين على الحق يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم انصر دينك وكتابك وسنَّة نبيك يا قوي يا عزيز.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين، 

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، و ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا أرحم الراحمين.

اللهم يا رب العالمين يا رحمن يا رحيم يا مالكَ يوم الدين أغثنا، ولا تجعلنا من القانطين، 

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا يا رب العالمين، 

اللهم أعذنا وذرياتنا من الشيطان الرجيم من إبليس وذريته والشياطين وجنوده يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير.


اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح اللهم ولاة أمورنا...


اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله. اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأعذنا من شر كل ذي شرٍ يا رب العالمين.


﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90 - 91].


اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.