mardi 16 décembre 2025

 التحايل على أحكام الله-12/12/2025

بسم الله الرحمن الرحيم

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ هُدًى لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ مَصْدَرَ نُورٍ وَرَحْمَةٍ وَعِزٍّ وَكَرَامَةٍ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، شَهَادَةً نَرْجُو بِهَا النَّجَاةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، 

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَكَشَفَ الْغُمَّةَ، وَتَرَكَ النَّاسَ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَهُدَى.

******************

أيها الإخوة،

إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ قَائِمٌ عَلَى الصِّدْقِ وَالنِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَمَا نَهَى الشَّرْعُ عَنْهُ فَهُوَ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اَللَّهُ، وَمَا أَمَرَ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ خَالِصٌ، وَنُورٌ بَيِّنٌ.

ومن أخطر ما يضرُّ بالأفراد والمجتمع، ويُفسِد القلوب والنوايا: 

الإحتِيالِ على الأحكامِ الشرعية، وهو: القيامُ بِعَمَلٍ ظاهِرُهُ الجوازُ والصِّحَّةُ، والمَقْصودُ منهُ الوُصولُ إلى عَمَلٍ مُحَرَّم.

-اظهارالطاعة و إخفاء المعصية، 

-تغييرالأسماء و ترك الحقائق الفاسدة على حالها، فيصير المحرَّم مباحًا بصورةٍ خادعة، لا يرضاه الله.


و هذا ذنْبٌ كبير, وسَبَبٌ لِنِقْمَةِ اللهِ على فاعِلِه في الدنيا والآخرة:

فالأصل أن تؤتى أحكام الله بكلّ خضوع و محبّة... 

و محبّة هذه الأحكام من محبّة مشرّعها:

[[إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ]] النور51

هذه الآية هي ردّ على المنافقين:

يقولون قولاً بألسنتهم 

{ ويقولون آمنا باللّه وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك} النور 47 

أي يخالفون أقوالهم بأعمالهم فيقولون ما لا يفعلون، ولهذا قال تعالى: { وما أولئك بالمؤمنين} ، 


واشْتَهَرَ هذا الذَنْبُ القَبيحُ عن اليهود. فمَن فَعَلَه مِنْ هذِه الأُمَّةِ فقد تَشَبَّهَ بِهِم، وَوَقَعَ في ذَنْبٍ عُقُوبَتُه مُعَجَّلَةٌ في الدنيا قبل الآخِرة.


1/ قصةُ أصحابِ السبت، وَهُمُ اليهود, قال تعالى:

( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) البقرة65.

وهذه القِصَّةُ تَدلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي، لَا بِالأَلْفَاظِ وَالصُّوَرِ الخَالِيَةِ.


2/ مع اليهود -: تَحْريمُ الشُّحومِ على بني إسرائيل، حَيْثُ أذابُوها, ثُمَّ باعُوها، وقالوا: ما بِعنا شحماً، وإنما بِعنا دُهناً. 

قال رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: 

( قاتَلَ اللهُ اليهودَ ! إنَّ اللهَ عز وجل، لما حرَّمَ عليهمُ الشحومَ، جمَلوهُ ثم باعوهُ، فأكلوا ثمنَهُ) متفق عليه.

«جَمَلُوه»، أي: أذابُوا هذه الشُّحومَ..


-التَّحَايُلُ عَلَى الرِّبَا.

- وَحَرَّمَ بيعَ العِينَةِ ( بيوع الآجال)لأنه تَحايُلٌ على الربا. وَيَدْخُلُ في ذلك كُلُّ ما كانَ في مَعناها.

مِنْ أَشْهَرِ ذَلِكَ أَنْ يُسَمِّي النَّاسُ الْقَرْضَ الرِّبَوِيَّ "مُعَامَلَةً تِجَارِيَّةً" أَوْ " المرابحة المَصْنُوعة للتحايُل على القرض الربوي، لا المرابحة الصحيحة."، 

وَالْحَقُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِيقَةِ لَا بِالتَّسْمِيَاتِ.


وقد قرَّر الأئمّة –ومنهم النووي والغزالي والنسفي– أنّ الرِّبَا لا يَتَغَيَّر بِتَغَيُّرِ اسْمِهِ.


-الْتَّهَرُّبُ مِنَ الزَّكَاةِ

فَقَدْ حَرَّمَ النبي صلى اللهُ عليه وسلمَ الإحتيالَ هروباً مِنَ الزكاة، 

كَمَنْ يُظْهِرُ عَلَيْهِ دَيْنًا صُورِيًّا قُبَيْلَ الْحَوْلِ لِيُسْقِطَ الزَّكَاةَ، أَوْ يَخْفِي مَالَهُ.

وقد قالَ العُلَمَاءُ: "كُلُّ حِيلَةٍ أَدَّتْ إِلَى إِسْقَاطِ حَقٍّ وَاجِبٍ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ"


أيها الإخوة،

إِنَّ الْحِيلَةَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ لَا تُسْقِطُ الْحَرَامَ، وَلَا تُعْطِي الْحَلَالَ، وَلَا يَنْجُو بِهَا الْمَرْءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَهُوَ الَّذِي يَطَّلِعُ عَلَى النِّيَّاتِ وَالدَّوَاخِلِ.

 ********

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ السَّلَامَةِ مِنْ آفَةِ التَّحَايُلِ عَلَى الشَّرِيعَةِ:

1. تَعْظِيمُ اللَّهِ وَمُرَاقَبَتُهُ

 فَمَنْ عَظُمَ فِي قَلْبِهِ رَبُّهُ لَمْ يَسْتَجِرْ بِالْحِيلَةِ وَلَا بِالْمَخْرَجِ الْفَاسِدِ.


قصّة:

قصة الإمام الجديد وسائق الحافلة

انتقل إمامٌ شاب اسمه مصعب إلى حيٍّ صغير في دولةٍ أوروبية ليتولى إمامة مسجدٍ هناك. وفي يومه الأول، ركب الحافلة متجهًا إلى المركز الإسلامي للتعرّف على أهل الحي.


دفع الإمام ثمنَ التذكرة، فناولَه السائقُ الباقي. جلس في مقعده، فنظر إلى ما في يده، فإذا بالسائق قد أعطاه زيادة عشرين سنتًا دون قصد.

قال في نفسه:

"مبلغ صغير… ولن يلاحظ السائق… وأنا مسافرٌ جديد…"


لكن سرعان ما تحرّك في قلبه خاطرٌ آخر:

"أهذا أول ما أُقابل به ربّي في هذا الحي؟! أأبدأ إمامتي بأخذ ما ليس لي؟"


ظلّ يفكّر طوال الطريق، حتى إذا قَربت الحافلة من المحطة التي سينزل عندها، قام، وذهب إلى السائق، وقال له:

"يا سيدي، لقد أعطيتني زيادةً في الباقي، ها هي."

ابتسم السائق ابتسامةً واسعة، وقال:


"كنت أعلم… أردتُ أن أختبرك. سمعتُ أن إمامًا جديدًا جاء إلى حينا، وقلتُ لنفسي:

> هل يكون صادقًا كما يقولون عن أئمتكم؟"


ثم أضاف السائق وهو يشير إلى لوحة المسجد القريبة من النافذة:


"كنتُ أفكر منذ مدة في زيارة هذا المسجد والتعرف على الإسلام…

> واليومَ قررتُ أن أذهب."

نزل الإمام من الحافلة وهو يرتجف، وقال في نفسه:

> "يا ربّ… كدتُ أبيعُ ديني بعشرين سنتًا!"

ومنذ ذلك اليوم، صار الإمام يحدّث الناس قائلًا:

"ليست القضية في عشرين سنتًا… بل في قيمةٍ تُباع أو تُشترى.

ومن عظُم ربُّه في قلبه، لم يَستجِرْ بالحيلة ولا بالمخرج الفاسد."


2. فَهْمُ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ.

   فَإِذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْحُكْمَ سِتْرٌ وَرَحْمَةٌ، رَضِيَ وَاسْتَقَامَ.

3. طَلَبُ الْعِلْمِ الصَّحِيحِ

   وَهٰذَا دَأْبُ أَهْلِ السُّنَّةِ ـ الْأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ ـ إِذْ يُقَرِّرُونَ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَدُورُ مَعَ مَقَاصِدِهَا.

4. مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ

   فَالنَّفْسُ أَمَّارَةٌ بِطَلَبِ الْمَخْارِجِ، وَأَهْلُ التُّقَى يُجَاهِدُونَهَا.

5. الصُّحْبَةُ الصَّالِحَةُ

   فَهُمُ الَّذِينَ يُذَكِّرُونَ إِذَا نُسِيتَ، وَيُقَوُّونَ إِذَا ضَعُفْتَ.

***********************

الدُّعَـــــــــاء

اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْظِّمُونَ حُدُودَكَ، وَيَقِفُونَ عِنْدَ أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ.

اَللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنَ الرِّيَاءِ وَالْخِدَاعِ، وَنُفُوسَنَا مِنَ الْحِيَلِ وَالالْتِوَاءِ.

اَللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَاجْنِبْنَا الْحَرَامَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهِ.

اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَافْتَحْ لَهُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، سَحًّا عَمِيمًا، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا رَحْمَةً، وَلَا تَسْقِنَا عَذَابًا وَغَرَقًا وَهَدْمًا.

اللَّهُمَّ اسْقِ بِلَادَنَا وَبُلْدَانَ المُسْلِمِينَ، وَأَحْيِ بِلَاَدَكَ المَيْتَةَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَخْرِجْ لَنَا خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَالأَنْعَامِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَارْفَعْ عَنَّا بَلاءَنَا، وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ غَيْثًا رَحْمَةً، وَنُعُوذُ بِكَ مِنْ غَيْثِ السُّوءِ.

اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ.

.



 






 




---


 


 


محبّة الله تعالى لعباده

 محبّة الله تعالى لعباده-3/9/2021 و 19/12/2025

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ الَّذي فطرَ القلوبَ على محبَّتِه، وجعلَها لا تَسكنُ إلَّا إليه، ولا تَطمئنُّ إلَّا بذِكرِه، 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، محبَّتُه حياةُ القلوب، وطاعتُه روحُ الأعمال، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، الدَّالُّ على الله، والمحبوبُ في الله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

**********************

إنَّ محبَّةَ الله ليست دعوى تُقالُ بالألسنة، ولا عاطفةً عابرةً في القلوب، 

بل هي أصلُ الدِّين، وروحُ الإيمان، وسرُّ العبوديَّة؛ 

بها تُعرفُ حقيقةُ السائرين إلى الله، 

وبها تُوزَنُ الأعمالُ وتُمحَّصُ النيَّات. 

فمن أحبَّ الله آثرَ رضاه، وقدَّم أمرَه، واستلانَ في طاعتِه ما استعصى على غيره، 

فهانت عليه الدنيا بما فيها.


ومحبَّةُ اللهِ ثمرةُ معرفتِه؛ فكلَّما ازداد العبدُ علمًا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، ازداد قلبُه تعظيمًا له، وشوقًا إليه، وأنسًا بقربه. 

وهي محبَّةٌ تُورِثُ الخوفَ والرجاء، وتجمعُ بين الذلِّ لله والعزِّ به، 

وتظهر آثارُها في السلوك والأخلاق قبل الأقوال والدعاوى.


▪فمحبة الله هي غايةُ الغايات، ومطلبُ الصالحين، وسرُّ ثباتهم في الفتن، وصبرِهم على البلاء، وسعيهم إلى الطاعة في السرِّ والعلانية.


قال تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } آل عمران.

<<...وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه >> البخاري.

▪يعني: أَنْ مُدَاوَمَةَ العَبْدِ عَلَى العِبَادَاتِ الطَّوَّعِيَّةِ (النَّوَافِلِ) كَالسُّنَنِ وَالصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا تَجْعَلُهُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ.

وَعِنْدَمَا يُحِبُّهُ اللهُ، يُوَفِّقُهُ لِتَكُونَ تَوْجِيهَاتُ حَوَاسِّهِ وَأَفْعَالِهِ (سَمْعُهُ، بَصَرُهُ، يَدُهُ، رِجْلُهُ) فِيمَا يُرْضِي اللهَ، 

▪ وَتُسْتَجَابُ دَعَوَاتُهُ وَتُلَبَّى اسْتِغَاثَاتُهُ، فَيَكُونُ العَبْدُ مُؤَيَّدًا وَمَحْفُوظًا مِنْهُ (أي من الله).

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ” إن الله يُؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب ، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان …. الحديث ” الطبراني

***************

▪الشيخ علي الطنطاوي: <<هل يحبني الله؟>>

رَاوَدَنِي هٰذَا السُّؤَالُ، فَتَذَكَّرْتُ أَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ تَأْتِي لِأَسْبَابٍ وَأَوْصَافٍ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ.

قَلَّبْتُهَا فِي ذَاكِرَتِي لِأَعْرِضَ نَفْسِي عَلَيْهَا، لَعَلِّي أَجِدُ لِسُؤَالِي جَوَابًا.

فَوَجَدْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ، وَلَا أَجْرُؤُ أَنْ أَحْسِبَ نَفْسِي مِنْهُمْ.

وَوَجَدْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، فَتَذَكَّرْتُ قِلَّةَ صَبْرِي.

وَوَجَدْتُهُ يُحِبُّ الْمُجَاهِدِينَ، فَتَنَبَّهْتُ لِكَسَلِي وَقِلَّةِ حِيلَتِي.

وَوَجَدْتُهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ… وَمَا أَبْعَدَنِي عَنْ هٰذَا الْمَقَامِ!(مقام الإحسان)

▪حِينَئِذٍ تَوَقَّفْتُ عَنِ الْبَحْثِ، خَشْيَةَ أَنْ لَا أَجِدَ فِي نَفْسِي شَيْئًا يُحِبُّنِيَ اللهُ لِأَجْلِهِ.

وَتَفَحَّصْتُ أَعْمَالِي… فَإِذَا أَكْثَرُهَا مَمْزُوجٌ بِالْفُتُورِ، وَمُثْقَلٌ بِالشَّوَائِبِ وَالذُّنُوبِ.

عِنْدَهَا خَطَرَ لِي قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾.

فَكَأَنِّي لِلْوَهْلَةِ الْأُولَى فَهِمْتُ أَنَّهَا لِي وَلِأَمْثَالِي، فَأَخَذْتُ أُتَمْتِمُ:

أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

▪نعم عبادَ الله، يحبُّ التوَّابين، لا الملائكةَ وحدَهم، ولا المعصومين، بل الَّذين أذنبوا فاعترفوا؛ وقصَّروا فاستغفروا؛ وسقطوا فقاموا.

فمن عرفَ نفسَه بالنقص، وعادَ إلى ربِّه بالإنابة، فقد طَرَقَ بابَ المحبَّة.

▪فلا ييأسنَّ أحدٌ من رحمةِ الله، ولا يَغترَّ أحدٌ بعملِه، ولْيكن الاستغفارُ دأبَنا، والتوبةُ زادَنا، فلعلَّها تكونُ الصفةَ الَّتي نلقى اللهَ بها وهو عنَّا راضٍ.

ومحبة الله ورضاه لها علامات وهي:

1: حبُّ الناسِ

<<إذا أَحَبَّ اللهُ تعالى العَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ فلانا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يًحِبُّ فلانا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرض>> رواه البخاري عن أبي هريرة

 ‣ محبة الله هي أعلى مراتب التكريم، وتنعكس على محبة الناس له

2: حب سماع القرآن

من علامات حب الله للعبد هو حب سماع القرآن.

فالعبد الذي يحبه الله يحب سماع تلاوة القرآن وقراءتَه والعمل بما جاء فيه من طاعات وعبادات والبعد عن ما نهى الله عن فعله.


قصة الشيخ يُعلم القرآن بالمجان في موقع عمل المتعلم..

لِمَ تَتعب نفسك وتذهب إليه؟ فقال كلمته المشهورة بمعناها:

‣ «واللهِ ما أردتُ أن يكون القرآنُ ثقيلًا على أحد، ولا أن يُترك بسبب الدنيا.»

فانتشر خبر الشيخ، وتعلّق الناس بالقرآن أكثر، لأنهم رأوه قريبًا، رحيمًا، ميسورًا، لا حاجز بينه وبين الناس.

  • تعليم القرآن رسالة قبل أن يكون وظيفة.

  • وأنَّ الداعية والمعلِّم يراعي أحوال الناس وأعذارهم.

  • وأنَّ الإخلاص في التعليم سببٌ للقبول والبركة.

  • وأنَّ القرآن يُؤخذ بالتيسير لا بالتعسير.

3:تقبل النصح والعمل بسنة رسول الله-

قال تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } 

5حسن الخاتمة:

قصّة الشيخ كَانَ يُعَلِّمُ بَبَّغَاءَهُ قَوْلَ: «لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، فَحَفِظَهَا الطَّائِرُ وَأَلِفَهَا، حَتَّى إِذَا دَاهَمَهُ الْمَوْتُ، جَعَلَ الْبَبَّغَاءُ يَصِيحُ خَوْفًا: «قِطٌّ! قِطٌّ!» وَنَسِيَ مَا كَانَ يُرَدِّدُهُ لِسَانًا بِلَا قَلْبٍ.

فَقَالَ الشَّيْخُ: خِفْتُ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ حَفِظُوا الشَّهَادَةَ أَلْسِنَةً، وَلَمْ تَسْكُنْ قُلُوبَهُمْ.

فَيَا عِبَادَ اللهِ،

لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ نُرَدِّدَ «لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ أَنْ نَعِيشَهَا، وَنَمُوتَ عَلَيْهَا.

أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهَا فِي الرَّخَاءِ، يُثَبِّتْكُمُ اللهُ بِهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ.

وَاسْأَلُوا اللهَ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ لَيْسَتْ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ، بَلْ بِثَبَاتِ الْقَلْبِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَخْتِمَ لَنَا وَلَكُمْ بِـ«لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، وَأَنْ يَجْعَلَهَا آخِرَ كَلَامِنَا مِنَ الدُّنْيَا. آمِينَ.

*****************

الدعاء:

اللَّهُمَّ يَا مَنْ بِيَدِكَ الْقُلُوبُ وَمَصَائِيرُ الْعِبَادِ،

ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى تَوْحِيدِكَ، وَلَا تَزِغْهَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهَا.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ «لَا إِلٰهَ إِلَّا أَنْتَ» حَيَاةَ قُلُوبِنَا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَثَبَاتَ أَلْسِنَتِنَا فِي الدُّنْيَا، وَعِنْدَ السَّكَرَاتِ.

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهَا كَلِمَةً نَرُدِّدُهَا بِأَلْسِنَتِنَا فَقَطْ، بَلِ اجْعَلْهَا يَقِينًا يَعْمُرُ قُلُوبَنَا، وَعَمَلًا يُزَكِّي جَوَارِحَنَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ تَقْصِيرٍ، وَنَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاقْبَلْ تَوْبَتَنَا، وَارْحَمْ ضَعْفَنَا، وَاجْبُرْ كَسْرَنَا.

اللَّهُمَّ أَحْسِنْ خَوَاتِيمَنَا، وَاخْتِمْ لَنَا بِالصَّالِحَاتِ، وَاجْعَلْ آخِرَ كَلَامِنَا مِنَ الدُّنْيَا: **لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ**.

اللهم أغثنا..

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

**آمِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.**


mercredi 26 novembre 2025

سَبْعَة يظِلُّهمُ الله-28/11/2025

 بسم الله الرحمن الرحيم

 الحَمْدُ لِلَّهِ المَلِكِ الدَّيَّانِ، الرَّحِيمِ الرَّحْمٰنِ، الَّذِي خَلَقَ الخَلْقَ لِحِكْمَةٍ، وَابْتَلَاهُمْ لِيُمَيِّزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تَنْفَعُ قَائِلَهَا يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

******************

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤْمِنُونَ،

فَإِنَّ مَنْهَجَ القُرْآنِ العَظِيمِ قَائِمٌ عَلَى الجَمْعِ بَيْنَ البِشَارَةِ وَالنَّذَارَةِ؛ 

يُفْتَحُ أَبْوَابَ الأَمَلِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، وَيُوقِظُ القُلُوبَ بِذِكْرِ غَضَبِهِ وَعُقُوبَتِهِ. 

فَالْمُؤْمِنُ الصَّادِقُ لَا يَعِيشُ عَلَى الرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَيَغْتَرَّ، وَلَا عَلَى الخَوْفِ وَحْدَهُ فَيَقْنَطَ، 

بَلْ يَسِيرُ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبٍ يَجْمَعُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَلِيمُ﴾.

وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ فِي وَصْفِ رَسُولِهِ ﷺ:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾.

*****************

عِبادَ الله:يقولُ سبحانه:{ أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ (4) لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ (5) يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ }المطففين.


في ذاتِ يومٍ تلا النبيُّ ﷺ هذه الآيةَ، ثمَّ قال: 

«كَيْفَ بِكُم إذا جَمَعَكُمُ اللهُ كَما يُجْمَعُ النَّبْلُ في الكِنَانَة خَمسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ لا يَنْظُرُ إِلَيْكُم»المستدرك .

يومُ القيامةِ، يومٌ عظيمٌ، مليءٌ بالأهوالِ العِظامِ، يقومُ الناسُ فيه لربِّ العالمينَ.


يقول النبيُّ ﷺ: «يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قِيَامًا أَرْبَعِينَ سَنَةً، شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ»صحيح الترغيب


و يَقُولُ النبيُّ ﷺ كما جاء  في صحيح مسلم : «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ (يعني خاصِرتيه)، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا» 

قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى فِيه (يعني فمه)

هذا،

إلَّا أنّ أقوامًا منَّ اللهُ عليهم بالظِّلالِ، هم فيها آمنونَ، ..مَن أصحابُ الظِّلِّ يومَ القيامةِ؟


لنسمع أيها الإخوة ما يقوله نبينا محمد صلى الله عليه و سلم حتى نُعِدَّ ظِلَّنا يومَ القيامةِ، لنخترْ لنا ظُلَّةً من عملٍ صالحٍ في يومٍ لا ظلَّ فيه إلَّا ظلُّ الرحمن.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ   >>البخاري


«سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه» 

أيها الإخوة، الدنيا شيء، والآخرة شيء آخر، 

الإنسان في الدنيا قد يستمتع بالمال، قد يستمتعُ بالجاه، قد يتقوى بأهله قد يتقوى بسلطانه، 

قد ينغمس في ملذاته، إلا أنه يوم القيامة:

«لا ظِلَّ إلا ظِلُّه»، 

في الدنيا الإنسان قد يستظل بأشياء كثيرة، وهو غافل عن الله، إلا أن يوم القيامة: 

«لا ظِلَّ إلا ظِلُّه»..

فسّر علماء الحديث هذا الظل بأنه رحمةُ الله، وكنفه (صونه وحفظه وإحاطته). 

مَنْ هؤلاء السبعة؟

لهؤلاءِ السَّبعةِ قاسِمٌ مشترك، ألا وهو أنَّهم معَ قوَّةِ الدَّاعي إلى المعصيةِ، وتحقُّقِ أسبابِها، جاهدوا أنفسَهم أعظمَ الجهادِ، وخالفوا أهواءَهم، بإيمانِهم ومحبَّتِهم لربِّهم وخوفِهم من مقامِهم بين يديه، حتَّى استقاموا على الطاعةِ، وأدَّوها على أحسنِ ما يكونُ، مخلِصينَ فيها لربِّ العالمينَ.

1.الإمام العادل:

العلماء قالوا: الإمام العادل الذي يتولى أمور المسلمين، ويرعى مصالحهم، وينظرُ فيما يسعدهم، ويرفعُ من شأنهم، ويسير على منهج الحق والعدل، ينتصف للمظلوم من الظالم، يقيمُ أوامر الله، يدعو الناس إلى العمل بكتاب الله، لا يخشى الضعيفُ من جوره، ولا يطمع القويُّ في جاهه، الحزم دَيدنُه، والحقُّ مَطلبُه…


النبيُّ ﷺ يقول: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» مسلم

يدخل فيه كلُّ من وُلِّي شيئا من أمور المسلمين.

أحيانا يكون موظفا في دائرة، إن لم يرعَ مصالحهم، إن لم ينصحهم، إن لم ييسر أمورهم، إن لم يأخذ بيدهم إلى مصلحتهم في الدنيا والآخرة له عند الله حساب خاص،

هذا الذي يستغل منصبه ليبتزَّ أموال الناس، هذا الذي يُعقِّدُ الأمور ليحقق لمصالحه الشخصية، هذا الذي يضع العقبات أمام تحقيق منافع الناس، له عند الله عقاب خاص،  

 كلُّ حركة تتحرَّكها، كلُّ تعقيد تعقُده، كلُّ إيهام توهمه، يوم القيامة له حسابٌ عسيرٌ .

الإمام العادل ينطبق على أية وظيفة تتعلق بمصالح المسلمين

      

لذلك الإمامُ العادلُ ورد في بعض الأحاديث: «إنَّ من إِجلالِ اللهِ إِكرامَ ذي الشَّيْبَة المسلم وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيه ولا الجافي عَنهُ وإِكرامَ ذي السلطانِ المُقْسِط».


[[ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ]] النّساء


<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ..>>

قدّم في الحديث الإمام العادل لعموم النّفع، فبدونه لا ترتاح النّفوس و لا تطمئنّ و لا تزدهر الحياة.

لا شيء أبعث للشقاء و الفتن كالجور..

[[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) ]] المائدة

**********

عن عائشة أم المؤمنين  أنَّ رجلاً مِنْ أصْحابِ رسولهِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلسَ بينَ يديْهِ، فقال:


يا رسولَ الله! إنَّ لي مَمْلوكِين يكذِّبونَني وَيخونونني وَيعْصونَني، وأضْرِبُهم وأشْتُمهمْ، فكيفَ أنا منهم؟ فقالَ له رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

<< يُحسَبُ ما خانُوك وعَصَوكَ وكذَّبُوك وعِقابُك إيَّاهُم ، فإنْ كان عِقابُك إيَّاهُم دُونَ ذُنُوبِهمْ ؛ كان فَضْلًا لكَ ( عليهِم ) وإنْ كان عِقابُك إيَّاهم بقدرِ ذُنوبِهمْ ؛ كان كَفَافًا ولا لكَ ولا عليكَ ، وإنْْ كان عِقابُك إيَّاهُم فَوقَ ذُنُوبِهِمُ اقْتُصَّ لهمْ مِنكَ الفَضلُ الذِي بَقِيَ قِبَلَكَ>>

فجَعلَ الرجلُ يبْكِي بين يَدَيْ رسولِ اللهِ ويَهتِفُ فقال رسولُ اللهِ <<مالَكَ؟ ما تَقرأُ كتابَ اللهِ>>

[[ ونَضَعُ الموازِين القِسطَ ليومِ القيامةِ فلا تظلمُ نفسٌ شيئًا وإن كان مثقالُ حبةٍ من خردلِ أتينا بها وكفى بنا حاسِبين]] ؟ (الأنبياء)

فقال الرجلُ يا رسولَ الله ! ما أجِدُ شيئًا خيرًا من فِراقِ هؤلاءِ – يعني عَبِيدَهُ ( إنِّي ) أُشْهِدُكَ أنَّهم كلَّهم أحْرَارٌ.(صحيح الترغيب - الترمذي)  

*****************

2.<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ

شاب نشأ على تقوى الله عز وجل، على عبادة الله عز وجل، يحب الله ورسوله منذ صغره، أينعت ثمرة الإيمان في قلبه، يراقب الله عز وجل، لم يمشِ في دناءة، لم تغلبه شهوته، لم يخضع لنزوته.


فهذا الشاب الذي نشأ في طاعة الله، إن الله ليباهي به الملائكة.

«إنَّ اللهَ لَيَعجَبُ مِنَ الشابِّ ليست له صَبْوةٌ» حسن 

-أي  الميل إلى الهوى أو اللهو-

صبوته طاعة الله، صبوته طلب العلم، صبوته خدمة الخلق، بين الشاب المطيع وبين الشيخ المطيع بونا شاسعا.


« ورد في الأثر: << أحبُّ ثلاثًا، وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشدُّ، ..

وكرهي لثلاث أشد: أكره العصاة، وكرهي للشيخ العاصي أشدُّ،»

أيها الإخوة،

الإنسان كلما بكّر في طاعة الله شكّل حياته تشكيلا إيمانيا، والإنسان إذا آمن في وقت مبكر، سيختار زوجة مؤمنة، مسلمة، سيختار عملا شريفا، نبيلا، مسعدا، معطاءً، 

أما إذا كان تأخر في توبته، وشكّل حياته على طريقة لا ترضي الله عز وجل عنده مشكلة كبيرة، مع زوجته، ومع أولاده، ومع حرفته، وألصقُ شيء بحياة الإنسان حرفته، وأولاده، وزوجته..فالله المستعان.

******************

الدعـــــــــــــــــاء

**اللَّهُمَّ يا واسعَ الرَّحمةِ ويا عظيمَ الفضلِ، نسألُك في هذا اليومِ المباركِ أن تجعلَنا ممَّن تُظِلُّهم في ظِلِّكَ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّكَ.**

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الصهاينة المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ في غزّة و فلسطين، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

اللَّهُمَّ نجِّنا من نارِ جهنّم، وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، وادخِلنا الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، واغفر لنا ولوالدينا ولمن كان له حقٌّ علينا، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياءِ منهم والأموات.

اللَّهُمَّ اجمع كلمةَ المسلمين على الهدى والتقوى، واكتب لنا السَّدادَ والرَّشادَ في الأقوالِ والأعمال.

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ ذات بيننا و اجعلنا إخوانا فيك متحابين لا ظلمة متناحرين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم آمين