mercredi 7 mai 2025

 (أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)- 2025

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

أيها الإخوة،   

روى النسائي في سننه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ)

وفي مسند أحمد: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- 

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ».

إخوة الإسلام

كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُربِّي أُمَّتَه على التَّوجُّهِ إلى اللهِ بالدُّعاءِ، ويُعلِّمُها ما تقولُ في دُعائِها، 

فالدعاء أساس العبادة، وروح قوامها؛ 

فالداعي إنما يدعو الله تعالى وهو مؤمن أنه لا يجلب الخير إلا الله تعالى، ولا يدفع الضر إلا الله جل وعلا، وهذه هي حقيقة التوحيد والإخلاص،

فالله تعالى يحب أن يُسأل، ويغضب على من لم يسأله، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) غافر.

التفسير الكبير للرازي

( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) فكل من دعا الله وفي قلبه ذرة من الاعتماد على ماله وجاهه وأقاربه وأصدقائه  و جِدِّه، أي على اجتهاده ومثابرته، فهو في الحقيقة ما دعا الله إلا باللسان ، أما بالقلب فإنه معوِّلٌ في تحصيل ذلك المطلوب على غير الله ، 

أما إذا دعا في وقت لا يبقى في القلب التفات إلى غير الله ، فالظاهرُ أنه تحصلُ الاستجابة ، 


إذا عرفت هذا ففيه بشارة كاملة ، وهي أن انقطاع القلب بالكلية عما سوى الله لا يحصل إلا عند القرب من الموت  ، فإن الإنسان قاطع في ذلك الوقت بأنه لا ينفعه شيء سوى فضل الله تعالى ، وقتها يكون الدعاءُ في ذلك الوقت مقبولا عند الله ، 

نرجو من فضل الله وإحسانه أن يوفقنا للدعاء المقرون بالإخلاص والتضرع في ذلك الوقت ..


أيها الإخوة،

رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله تعالى: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)، 

أي يا رب أَعِذْنِي واعْصِمْنِي مِن عِلْمٍ لا يُصْلِحُ قَلْبِي وَعَمَلِي، ولا أَسْتَعِينُ بِهِ على طاعَتِك، ولا أَزْدادُ بِهِ رِفْعَةً وخَشْيَةً، ولا يُهَذِبُ أَخْلاقِي، لأنّ المَقْصُودَ مِن العِلْمِ العَمَلُ بِهِ، وإصْلاحُ النَّفْسِ، ودَعْوَةُ الناسِ إليه، وأَنْ يَكُونَ صاحِبُهُ قُدْوَةً صالحةً، 

والعَبْد قَدْ يَجْمَعُ العِلْمَ النافِعَ، ولكنَّه لا يَنْتَفِعُ بِه، بِسَبَبِ عَدَمِ الإخلاصِ، أو عَدَمِ تَطبيقِ العِلْمِ على النَّفْسِ أَوَّلاً، 


والعبد المؤمن إذا كان يستعيذ بالله (مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)، فهو بذلك يسأل الله تعالى علما نافعا ومفيدا، ففي سنن ابن ماجه وغيره عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً». 

 كما في سنن ابن ماجه: عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- 

«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ»

ومن تعلّم علماً من علوم الشرع، فينبغي أن يعمل به، 

في معجم الطبراني: (قال عبد الله بن مسعود: ليس العلم من كثرة الحديث ولكن العلم من الخشية)،

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]

***********

(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع) 

أيها الإخوة، القلب إذا قسى أصبح نقمة على صاحبه (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ )الزمر  

لا يسمعون و لا يتعضون و لا يعتبرون و لا ترق قلوبهم لذكر الله فتخشع و تسمع و ترق و تطيع..

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ الأنفال


(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)) الحديد

نسأل الله العافية –  

فأي شيء أشد ضررًا من القلب القاسي ؛ فهذا حري بأن يُستعاذ بالله – تبارك وتعالى – منه .

﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ الزمر


وهكذا الدعاء الذي لا يُسمع ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ..)

(ومن دعاء لا يُسمع):

اللهم إنا نعوذ بك من دعاء لا يُستجاب، ولا يُعتدّ به، فكأنه غير مسموع، وذلك بأن يكون الدعاء يكرهه اللَّه؛ لما فيه من إثم أو قطيعة رحم، وكون الداعي لم يأت بشروط الدعاء، من الإخلاص، والمأكل الحلال، وغير ذلك، ومن لم يستجب اللَّه دعاءه فقد خاب وخسر؛ لأنه طُرد من الباب الذي لا يُستجلب الخير إلا منه، ولا يُستدفَع الضرُّ إلا منه؛ لأن اللَّه تعالى كريم سميع قريب، مجيبٌ للدعاء، فمن حُرم ذلك فقد حُرم الخير كله، والعياذ باللَّه.


(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)غافر ، فكلفنا الله بالدعاء ووعدنا بالإجابة ، فالذي لا يُستجاب لدعاءه عليه أن يُفتش نفسه ،

والأسباب المانعة من الإجابة كثيرة – نسأل الله – جل وعلا – أن يعافينا وجميع إخواننا المسلمين منها .

< وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ>>

وهكذا النفسُ إذا لم تَشبع، كانت نِقمةً على صاحبها؛ تُتعبه في دنياه، يصبح مهمومًا ويُمسي مغمومًا.

مهمومٌ يريد كلَّ ما يُؤمَّل، فيسعى ويجتهد حتى يُرهقَ، ولا ينال في النهاية إلا ما كُتب له.

ويمسي مغمومًا حزينًا، لأنه لم يبلغ ما كان يُريد.

فهذه النفس مُتعبةٌ للإنسان، تُقلِّبه بين همٍّ وغمٍّ،

نسأل الله السلامة والعافية. .

<< من أصبح وهمُّه الدُّنيا شتَّتَ اللهُ عليه أمرَه وفرَّق عليه ضَيْعَتَه وجعل فقرَه بين عينَيْه ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كُتِبَ له , ومن أصبح وهمُّه الآخرةُ جمع اللهُ له همَّه وحفظ عليه ضَيْعَتَه وجعل غناه في قلبِه وأتَتْه الدُّنيا وهي راغمةٌ .>> بإسناد صحيح

***********

الدعاء

اللهم إنا نسألك من النعمة تمامها، ومن العصمة دوامها، ومن الرحمة شمولها، ومن العافية حصولها، ومن العيش أرغده، ومن العمر أسعده، ومن الاحسان أتمه، ومن الإنعام أعمّه، ومن الفضل أعذبه، ومن اللطف أنفعه  ومن الرزق بركته.

اللهمّ اختم بالسّعادة آجالنا، وبالزّيادة آمالنا، واقرن بالعافية غدوّنا وآصالنا، واجعل إلى رحمتك مصيرنا ومرجعنا، وصب سجال عفوك على ذنوبنا، واجعل التّقوى زادنا وفي دينك اجتهادنا، وعليك توكُّلُنا واعتمادنا، ثبّتنا على نهج الاستقامة، وأعذنا من موجبات النّدامة يوم القيامة.

اللهمّ خفّف عنّا ثقل أوزارنا، وارزقنا عيشة الأبرار، واكفنا واصرف عنّا شرّ الأشرار، وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمّهاتنا وعشيرتنا من عذاب القبر ومن النّيران، برحمتك يا أرحم الرّاحمين.

اللهمّ إنّا ظلمنا نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذّنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك، وارحمنا إنّك أنت الغفور الرّحيم.

اللهمّ أسألك لذّة النّظر إلى وجهك الكريم، والشّوق إلى لقائك في غير ضراء مضرّة، ولا فتنة مضلّة، اللهمّ زيّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.

اللهمّ ألبسني العافية حتّى تهنيني بالمعيشة، واختم لي بالمغفرة حتّى لا تضرّني الذّنوب، واكفني كلّ هول دون الجنة حتّى تبلغنيها برحمتك يا أرحم الرّاحمين.


اللهم أعطني من الدّنيا ما تقيني به فتنتها، وتغنيني به عن أهلها، ويكون بلاغاً لي إلى ما هو خير منها، فإنّه لا حول ولا قوّة إلّا بك.


الحمد لله دائما وأبدا والحمد لله والشكر لله والفضل لله عز وجل، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمدا يليق بجلال وجهك ونور وجهك العظيم، يارب الجود والكرم يا خير الجوادين ويا خير الراحمين يا الله يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض يا رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا حبيبى يارسول الله.


Aucun commentaire: