*** بالحرام و"أنت علي حرام" لا يقع بهاطلاق ***
************************************
سائل يسأل: رجل قال لزوجته: "أنت علي حرام"؛ فهل هذا يدخل في الطلاق؟ فإن كان طلاقا فهل هو بائن أم رجعي؟
************************************
سائل يسأل: رجل قال لزوجته: "أنت علي حرام"؛ فهل هذا يدخل في الطلاق؟ فإن كان طلاقا فهل هو بائن أم رجعي؟
الجواب والله الموفق للصواب: هذا يدخل ضمن ما يسمى عند الفقهاء بـ"الطلاق بلفظ التحريم"، والمراد به أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي حرام دون يمين، وهو من المسائل التي خرجت فيها مدونة الأسرة عن المذهب المالكي، وقد اختلف فيها العلماء إلى أقوال كثيرة نلخصها فيما يلي:
أولا: المشهور عند المالكية أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو طلاق ثلاث في المدخول بها، ويرجع إلى نيته وقصده في غير المدخول بها، وقال ابن الماجشون من المالكية: هو طلاق ثلاث مطلقا دخل بها أو لم يدخل بها(1)، ولا يخفى ما في هذا من تشدد.
ثانيا: مذهب الشافعي أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو حسب نيته وقصده، فإن نوى واحدة فهي واحدة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن نوى ظهارا فظهار، وإن نوى يمينا فعليه كفارة يمين. وهو مذهب الحنفية أيضا، إلا أنهم قالوا: إن نوى به اليمين، أو لا نية له فهو إيلاء، وقال الثوري: وإن لم ينو به طلاقا ولا يمينا فليس بشيء فهو كذبة، وقال الأوزعي: عليه يمين كفارة(2).
ثالثا: مذهب أحمد أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو ظهار(3).
رابعا: مذهب أبي بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين رضي الله عنهم أنه يلزم فيها كفارة يمين(4)؛ وروى البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول: «إذا حرم الرجل عليه امرأته ليس بشيء، (وفي رواية) فهي يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة»(5). وقد احتج ابن عباس في هذا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}(6).
خامسا: مذهب مسروق والشعبي أن تحريم المرأة كتحريم الماء، ليس فيه كفارة ولا طلاق(7)، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(8).
ومدونة - قوانين- الأسرة... في هذه المسألة غادرت المذهب المالكي وحطت رحالها خارج المذاهب الأربعة فأخذت بمذهب مسروق والشعبي، وهو قول له وجه من النظر؛ فقد جاء في المادة 91 منها: (الحلف باليمين أو الحرام لا يقع به طلاق)، وبه وجب الفتوى اليوم ... لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف في المسائل الخلافية، ومدونة الأسرة إنما هي حكم الحاكم؛ قال الإمام القرافي في الفروق: (الفرق السابع والسبعون): "اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء...؛ هذا هو مذهب الجمهور وهو مذهب مالك؛ ولذلك وقع له... أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض"(9) والله أعلم وهو سبحانه الموفق للصواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامــــــــــــــش
(1) البداية لابن رشد: 2/58-59، والقوانين لابن جزي ص: 255، وحاشية الدسوقي على الكبير: 2/380.
(2) المهذب للشيرازي: 2/83، وبدائع الصنائع للكاساني: 3/167، والبداية لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(3) المغني لابن قدامة: 7/316.
(4) بداية المجتهد لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(5) صحيح البخاري: 5/2016، وصحيح مسلم: 2/1100.
(6) سورة التحريم الآية: 1-2.
(7) بداية المجتهد لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(8) سورة المائدة الآية: 87.
(9)الفروق للقرافي: 2/179 و180.
أولا: المشهور عند المالكية أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو طلاق ثلاث في المدخول بها، ويرجع إلى نيته وقصده في غير المدخول بها، وقال ابن الماجشون من المالكية: هو طلاق ثلاث مطلقا دخل بها أو لم يدخل بها(1)، ولا يخفى ما في هذا من تشدد.
ثانيا: مذهب الشافعي أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو حسب نيته وقصده، فإن نوى واحدة فهي واحدة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن نوى ظهارا فظهار، وإن نوى يمينا فعليه كفارة يمين. وهو مذهب الحنفية أيضا، إلا أنهم قالوا: إن نوى به اليمين، أو لا نية له فهو إيلاء، وقال الثوري: وإن لم ينو به طلاقا ولا يمينا فليس بشيء فهو كذبة، وقال الأوزعي: عليه يمين كفارة(2).
ثالثا: مذهب أحمد أن من قال لزوجته: أنت علي حرام فهو ظهار(3).
رابعا: مذهب أبي بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين رضي الله عنهم أنه يلزم فيها كفارة يمين(4)؛ وروى البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول: «إذا حرم الرجل عليه امرأته ليس بشيء، (وفي رواية) فهي يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة»(5). وقد احتج ابن عباس في هذا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}(6).
خامسا: مذهب مسروق والشعبي أن تحريم المرأة كتحريم الماء، ليس فيه كفارة ولا طلاق(7)، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(8).
ومدونة - قوانين- الأسرة... في هذه المسألة غادرت المذهب المالكي وحطت رحالها خارج المذاهب الأربعة فأخذت بمذهب مسروق والشعبي، وهو قول له وجه من النظر؛ فقد جاء في المادة 91 منها: (الحلف باليمين أو الحرام لا يقع به طلاق)، وبه وجب الفتوى اليوم ... لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف في المسائل الخلافية، ومدونة الأسرة إنما هي حكم الحاكم؛ قال الإمام القرافي في الفروق: (الفرق السابع والسبعون): "اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء...؛ هذا هو مذهب الجمهور وهو مذهب مالك؛ ولذلك وقع له... أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض"(9) والله أعلم وهو سبحانه الموفق للصواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامــــــــــــــش
(1) البداية لابن رشد: 2/58-59، والقوانين لابن جزي ص: 255، وحاشية الدسوقي على الكبير: 2/380.
(2) المهذب للشيرازي: 2/83، وبدائع الصنائع للكاساني: 3/167، والبداية لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(3) المغني لابن قدامة: 7/316.
(4) بداية المجتهد لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(5) صحيح البخاري: 5/2016، وصحيح مسلم: 2/1100.
(6) سورة التحريم الآية: 1-2.
(7) بداية المجتهد لابن رشد: 2/58-59، والقوانين الفقهية لابن جزي ص: 255.
(8) سورة المائدة الآية: 87.
(9)الفروق للقرافي: 2/179 و180.
الشيخ عبد الله بنطاهر
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire