mardi 27 février 2024

فقد العلم بالحلال والحرام.

بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمدُ لله السّميع البصير، اللّطيف الخَبير، أحاط بكلّ شيءٍ علمًا، ووسِع كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمًا، أحمدُ ربّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره،

وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له العليّ القدير،

وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله البشيرُ النّذير والسّراج المنير،

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

*********

أيها الإخوة،

من أهمّ أسباب ارتكاب الحرام فقد العلم بالحلال والحرام.

هناك في الدين حقائقُ تتعلّق بالحلال و الحرام يجب أن تُعلم بالضرورة وهي فرض عين على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى مهما كان مستواه العلمي، بصرف النظر عن اختصاصه العلمي، وعمله المهني، ودوره الاجتماعي، وحالهِ النفسي، فإن لم يعْلَمْها شقي وهلك في الدنيا والآخرة،    

 والحلال والحرام جزءٌ من الدين، وهو من أخطر أجزائه، وهو الذي ينبغي أن يُعلم بالضرورة..

وحاجة المسلم إلى معرفة الحلال والحرام، كحاجة المظلي إلى معرفة طريقة فتح المظلة.

و نحن نعلم أنّ الحرام هو سبب المهالك:

[[ فَمَنِ اِ۪تَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَيٰۖ ۝١٢١ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِے فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكاٗ وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِ أَعْمَيٰۖ ]] طه.


روي عن عمر -رضي الله عنه- أنّه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرّة ويقول: “لا يبيع في سوقنا إلّا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى”..).

**********

من الأمور التي يجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب معرفتها:


ضابط الكسب الحلال:

الإسلام لا يُبيح لأبنائه أن يكتسبوا المال كيفما شاؤوا وبأي طرق أرادوا، بل هو يفرِّق بين الطرق المشروعة باكتساب المعاش، نظراً إلى المصلحة الجماعية، وهذا التفريق يقوم على المبدأ الكلي وهو: إنَّ جميع الطرق لاكتساب المال التي لا تحصل فيها المنفعة للفرد إلا بخسارة فرد غيره غير مشروعة، وإنَّ الطرق التي يتبادل فيها الأفراد المنفعة فيما بينهم بالعدل والتراضي مشروعة، هذا المبدأ يبينه قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (النساء.29)﴾.


مثال: معاملات بعض الصائغين أو تداخل المعاملات ..أو الغرر..أو الغبن..


ملاحظة:

ثم بعد ذلك قد يكون المال مصدرُه حلالا و لكن التصرّف فيه يجعله حراما…


ممّأ يجب معرفته: النية الحسنة لا تبرر الحرام

الحرام هو حرام مهما حَسُنت نيةُ فاعله، و حَسُن شرفُ قصده، ومهما كان هدفه نبيلاً، 

( الأفلام و القصص كثيرا ما تُرينا المُقدم على الحرام له مقاصد شريفة و  أنّ معذور..لا هذا خطأ) 

لا يرضى الإسلام أبداً أن يُتخذ الحرام وسيلةً إلى غاية محمودة، لأن الإسلام يحرص على شرف الغاية وطُهْر الوسيلة معاً، ولا تُقرُّ شريعة الإسلام بحال مبدأ الغاية تبرِّر الوسيلة، 


أو مبدأ الوصول إلى الحق بالخوض في كثير من الباطل، بل توجب شريعة الإسلام الوصول إلى الحق عن طريق الحق وحده، 

فمن جمع مالاً من ربا أو سُحت أو لهوٍ حرام ليبني مسجداً، أو يُقيمَ مشروعاً خيرياً، لم يشفع له نُبل قصده، لأنَّ الحرام في الإسلام لا تؤثر فيه المقاصد والنيات، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً ، و ما عند الله من أجر لا ينال بمعصيته.. 


و ممّا يجب معرفته أنّ التحايل على الحرام حرام:

كما حرَّم الإسلام كل ما يفضي إلى المحرمات من وسائل ظاهرة، حرم أيضاً التحايل على ارتكابها بالوسائل الخفية، والحيل الشيطانية.. 

ومن الحيل الآثمة: تسمية الشيء الحرام بغير اسمه، وتغيير صورته مع بقاء حقيقته، ولا ريب أنه لا عبرةَ بتغيير الاسم إذا بقي المسمى، ولا بتغيير الصورة إذا بقيت الحقيقة، فمن باع سلعةً ديناً لستة أشهر بمئة، ثم اشتراها نقداً بثمانين، وادعى أن هذا بيع وشراء، نجيبه: بأنه لا عبرة لصورة البيع والشراء إنه أقرض ثمانين يستردها مئة وهذا هو الربا بعينه.

*************

أيها الإخوة،الحرام انتشر..

و من أسباب كثرة انتشار بلواه.. فلا أحد يهتمّ…

إذا أردت أن تشتري ثيابا لأبنائك الصغار يصعب عليك أن تجد ما يليق...فلا تجد إلا السراويل الهابطة و الضيّقة الكاشفة المُحدّدة للعورات والبطون العارية ... و لا أحد يسأل و لا يستغرب...!!


لكن الحذر كلّ الحذر من أن يجرّنا ذلك للقول بأنّ الحرام عمّ و كثر و لم يعد هناك حرام.

يكثر الحرام و يقلّ الحلال ،نعم و لكن الحلال باق حلال والحرام باق حرام  في كلّ زمان :

[[  قُل لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡخَبِیثُ وَٱلطَّیِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِیثِۚ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ]] المائدة


عَنِ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ رَضي الله عنهُما قال: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:

((إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَينَهُما أُمُورٌ مُشتَبهاتٌ، لا يَعْلَمُهنّ كثيرٌ مِن النَّاسِ، فَمَن اتَّقى الشُّبهاتِ استبرأ لِدينِهِ وعِرضِه، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كالرَّاعي يَرعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرتَعَ فيهِ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ محارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إذا صلَحَتْ صلَحَ الجَسَدُ كلُّه، وإذَا فَسَدَت فسَدَ الجَسَدُ كلُّه، ألا وهِيَ القَلبُ)). متفق عليه.


ملاحظة: الحذر من التطرّف

الإمام الغزالي عاب على من يُوهمون النّاس بأنّ الحرام هو الذي عمّ و لم يبقى للحلال نصيبا: << لم يبقوا من الحلال إلاّ ماء المطر و الكلأ. الحلال لم يفقد ، ولكن العلم بالحلال هو الذي فُقد.>>.


احذروا الوقوع  في الحرام:

من بينها:

إذا نظر لما هو فوقه و قلّده و لو على حساب إمكانيته..سينجرّ عليه أقلّهنّ الاقتراض بالرّبا و هلمّ جرّا...

المفروض: أن يجعل الإنسان بينه وبين الحرام وقاية من الحلال حتى لا يقع في المكروه و لا في الحرام.

 --------------------------------------------

الدعاء:

اللهم إنا نسألك الهداية إلى طريقك المستقيم. ونسألك الثبات على الصراط المستقيم: صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ونعوذ بك من طريق أهل الجحيم: من طريق المغضوب عليهم.

اللهم إنا نسألك أن تثبت قلوبنا على دينك. اللهم ثبتنا على الإسلام وزدنا من الإيمان وانصرنا على الشيطان وعلى أعوان الشيطان واجعل لنا من لدنك سلطانًا نصيرًا.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح لنا أمورنا واجعلنا هداة مهتدين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.  

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

   




 

Aucun commentaire: