أحداث شهر شعبان-2025-1446
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
الحمد لله الذي يعلم سِرَّ كلِّ نفس ونجواها، وأحاط علمُه بجميع أقوالِ وأفعال عباده وأحْصاها، ويوم القيامة يُجازيهم فيُكرِمُ مَن زكَّاها، ويعذِّبُ مَن دسَّاها،
و أشهد أن لا إله إلا الله..
و أشهد أن محمد رسول الله..
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمدٍ المبعوثِ بأكمل الشرائع وأسناها، والبالغِ أرقى الرُّتب وأعلاها، وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين عَضُّوا على سُنَّته بالنواجذ وتمسَّكوا بعُراها، وعنَّا معهم يا خالقَنا ومولانا.
*************
أيها الأخوة الأكارم ؛ من الثابت أنَّ هُناكَ مؤمنين ، وأنَّ هُناكَ سابقين , وأنَّ هُناكَ عُصاةً تائهين .
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} فاطر
في هذه الآية، يتحدث الله تعالى عن الارث الروحي والمعنوي للكتاب، حيث يورث الكتاب لأناس اختارهم من عباده. هؤلاء الأشخاص ينقسمون إلى ثلاث فئات:
1. **ظالم لنفسه**: وهو الذي يسيء لنفسه بارتكاب المعاصي والذنوب.
2. **مقتصد**: وهو الذي يسير على الطريق الوسط بين الإسراف والتقصير، ويسعى لعمل الخير.
3. **سابِق بالخيرات**: وهو الذي يتفوق في فعل الخيرات ويتقدم في عمل الطاعات.
عاصٍ ، منحرف ، ضائع ، ضال ، تائه ، شارد //, مؤمن ، مستقيم ،// سبّاق إلى مرضاة الله عزّ وجل ,
هؤلاء النماذج الثلاثة حيالَ المناسبات الدينية لهم مواقف متباينة ،
فالمقطوع عن الله عزّ وجل ، الخارجُ عن منهجهِ ، الشاردُ عن دينهِ ، الغارقُ في المعاصي ، هذه المناسبات الدينية كَليلةِ الإسراء والمعراج ، وليلة النصفِ من شعبان ، وليلة القدر , وما إلى ذلك من هذه المناسبات الدينية , هذا الإنسان الشاردُ لا يتأثّرُ بها إطلاقاً , لأنهُ في واد وهذه المعاني القدسيّة في وادٍ آخر
ولكن بينَ المؤمن المُقتصد وبينَ المؤمن السابق مواقف متباينة حيالَ هذه المناسبات الدينية .
فالبارُّ بوالديه الذي يقدّمُ لهُما آيات التعظيم والتوقير والإكرام والإحسان كـُلَ يوم ، إذا جاءَ عيدُ الأمِ مثلاً , هوَ كُلَ يومٍ عِندهُ عيدُ الأُم , في صبيحةِ كُلِ يوم يزور والديه , ويسألهُما كُلَ حاجتهما , ويقدّمُ لهُما كُلَ ما يرغبانِ بهِ..
أمّا المُقصّر إذا جاءت مناسبة فهـذه المناسبة تُلفتهُ إلى واجبهِ ،
لذلك المؤمن السابق كُلَ ليلةٍ عِندهُ هيَ ليلةُ النصفِ من شعبان , كُلُ أيامِ سَنتهِ رمضان ، كُلُ أيامِ رمضان ليلةَ القَدر ، لأنهُ أقبلَ على اللهِ عزَّ وجل , ووضعَ كـُلَ طاقاتهِ , وكُلَ إمكاناتهِ في سبيلِ الحق ،
لكنَّ المُقتصد تأتي هذه المناسبات لتذكّرهُ ، لتشـوّقهُ ، لتزيدهُ عِلماً وعملاً ، فلا شك أنَّ الاحتفال بليلةِ النصفِ من شعبان لها شأنُها في الدين ، لكن كُلما ارتقى الإنسان في مدارج المعرفةِ , مدارج القُربِ .. كُلما اقتربَ من معاني هذه الأيام الفضيلة , ومن معاني هذه الأيام التي وردَ في حقِها بعضُ الأحاديث الشريفة .
أيها الإخوة،
العبادات لها شأنُها عِندَ اللهِ عزّ وجل, فلا بُدَ من أن يسبِقها تمهيد
فكما أننا نُصلي سُنّةً قبليّةً تمهيــداً للفريضة الأساسية , ونُصلي سُنّةً بعديةً ترميماً لِما فاتنا في الفريضة , فكأنَ السُنّةَ القبليّة تمهيدٌ وإعداد , والسُنّةَ البعديّةَ ترميمٌ وتلافٍ للنقص ،
وكما أنَّ الحاجَّ يحجُّ من الميقات وبينهُ وبينَ الكعبةِ مراحلُ فِساح , من أجلِ أن يُهيئَ نفسهُ لهذا اللقاء الأعظم لقائهِ بربهِ جلَّ وعلا
كذلكَ الشرعُ علّمنا أن نؤدبَ أبناءنا على الصلاةِ , والصيامِ , وتلاوةِ القرآنِ , وحُبِّ النبي عليه الصلاة والسلام قبلَ سِن التبليغ
كذلك رمضان دورةٌ تدريبيّةٌ لا بدّ له من تهيّؤ .
الإنسان في رمضان يقفزُ قفزةً نوعية ، لهُ مستوى في فهمهِ ، وفي عقيدتهِ ، وفي إدراكهِ ، وفي طاعتهِ ، وفي ورعهِ ، وفي صلاتهِ ، وفي تهجده ، وفي تلاوتهِ ، وفي إنفاقهِ ، كُل إنسان لهُ مستوى ، لهُ مكانة ، في رمضان لا بُد من أن يقفزَ قفزةً نوعيّة , فالعاصي يتوب , والتائب يزيد , والمُستزيد يتفوّق ، لا بُدَ من نقلةٍ في رمضان..
هــذا الانتقال لا بُدَّ لهُ من تمهيد، نحنُ الآن في شهرٍ تمهيدي شهرِ إعدادٍ لرمضان
فالنبي - عليهِ الصلاةُ والسلام - كانَ يُكثر فيهِ من الدُعاء , ومن الصلاة , ومن القيام , ومن الأعمال الطيبة والأعمال الخيّرة .
شهر شعبان هو شهر غفلة لكثير من الناس؛
عن أسامة بن زيد قال:
قلتُ يا رسولَ اللهِ لم أرَك تصومُ من شهرٍ من الشُّهورِ ما تصومُ شعبانَ قال، عليه الصلاة و السلام:
<<ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ>>
فإن الناس يهتمون بشهر رمضان لِما فيه من الفضائل، ويعظِّمون شهر رجب لمكانته وحرمته.
أيها الإخوة، جاء في حديث صحيح رواه أبو ذر الغفاري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم:
<< ثلاثةٌ يُحِبُّهمُ اللهُ، وثلاثةٌ يُبغِضُهمُ اللهُ، أمَّا الثلاثةُ الذين يُحِبُّهمُ اللهُ:
- فرَجُلٌ أتى قومًا فسأَلَهم باللهِ، ولم يَسأَلْهم بقَرابةٍ بينَهم فمَنَعوه، فتخلَّفَ رَجُلٌ بأعْقابِهم، فأَعْطاهُ سِرًّا، لا يَعلَمُ بعَطيَّتِه إلَّا اللهُ، والذي أَعْطاه،
- وقومٌ ساروا ليلتَهم حتى إذا كان النومُ أحبَّ إليهم ممَّا يُعدَلُ به، نَزَلوا فوضَعوا رُؤوسَهم، فقامَ يَتملَّقُني ويَتْلو آياتي،
- ورَجُلٌ كان في سَريَّةٍ، فلَقوا العَدوَّ فهُزِموا، فأقبَلَ بصَدرِه حتى يُقتَلَ، أو يَفتَحَ اللهُ له،
والثلاثةُ الذين يُبغِضُهمُ اللهُ: الشيخُ الزاني، والفَقيرُ المُختالُ، والغَنيُّ الظلومُ.>>
فإننا حينما ننظر ونتأمل جيدًا إلى الجامع المشترك لهذه الأعمال الثلاثة، والسر في محبة الله تعالى لهم، لوجدنا أنه بعد الإخلاص لله تعالى هو الخفاء والسر واليقظة في وقت غفلة الآخرين.
فَالرِّسَالَةُ فِي هَذَا الشَّهْرِ هِيَ: أَنْ يَحْذَرَ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمَعَاصِي، وَلِيَكُنْ حَذَرُ الشَّيْخِ أَشَدَّ، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ، لَا سِيَّمَا الْفَقِيرُ الْمُتَكَبِّرُ، وَالْغَنِيُّ، وَخَاصَّةً الْغَنِيُّ الظَّالِمُ.
أيها الإخوة،الخلاصة:
الاستعداد لشهر رمضان
تعويد النفس على الطاعات، مثل قراءة القرآن والصيام، لتسهيل العبادة في رمضان.
التوبة من الذنوب وترك العادات السيئة التي قد تعيق الطاعة في رمضان.
الإكثار من الأعمال الصالحة
الذكر والتسبيح والاستغفار.
كثرة الصلاة على النبي ﷺ.
التصدق على المحتاجين.
4. ليلة النصف من شعبان
ثبت أن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر لهم، إلا لمشاحن أو مشرك، فقد قال النبي ﷺ:
"يطلعُ اللَّهُ إلى خلقِهِ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيغفرُ لجميعِ خلقِهِ إلَّا لمشركٍ أو مشاحنٍ"(ابن ماجه .
لذا، يُستحب في هذه الليلة الإكثار من الدعاء والاستغفار، والتخلص من الأحقاد والمشاحنات.
تهيئة القلب والإخلاص في العبادة
استشعار فضل الأيام القادمة، والتخطيط لأداء العبادات في رمضان بجد واجتهاد.
*****************
الدعاء
"اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْكَ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، ظَهْرَ اللَّاجِئِينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنَّا كَتَبْتَنا عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ أشقياءأَوْ مَحْرُومين، فَامْحُنِا وَاكْتُبْنِا عِنْدَكَ سُعداء مَرْزُوقين مُوَفَّقين لِلْخَيْرِ"
اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ وَنَحْنُ فِي أَحْسَنِ حَالٍ، وَارْزُقْنَا فِيهِ الْقُرْبَ مِنْكَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا وَاعْفُ عَنَّا.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ صُوَّامِهِ وَقُوَّامِهِ، وَمِنَ الْمَقْبُولِينَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَمَضَانَ خَيْرًا لَنَا، وَبَلِّغْنَا و إخواننا في غزّة فَرْحَةَ الْعِيدِ بِرِضَاكَ و نصرك وَمَغْفِرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire