vendredi 26 septembre 2025

الإخلاص عمليا

 الإخلاص عمليا.6/2013 ج+الإمام مالك 5/2014 +ج الحنفية 2025

بسم الله الرحمن الرحيم

**الحمدُ للهِ الذي جعلَنا مسلمين، وأكمَلَ لنا الدينَ، وأتمَّ علينا به النِّعمةَ.** وقال – وهو أصدقُ القائلين –:

﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾آل عمران 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، إلهَ الأوَّلينَ والآخرين، وقيُّومَ السمواتِ والأرضين، أمرَنا أن نعبده مخلِصين له الدينَ، وحذَّرنا أن نكون من المشركين:

﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ الروم:.

وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، النَّبيَّ المصطفى، والرسولَ المجتبى، الذي لا ينطقُ عن الهوى،﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ \[النجم: 4]، 

صلّى الله وسلَّم عليه، وعلى آله وأصحابِه الطيِّبين الطاهرين، والأئمةِ المهديين.

**********************

اللَّهُمَّ يا رب إنَّ عبادَكَ في فلسطين ضاقَ بهم الحالُ، واشتَدَّ بهم الكربُ، وزُلزلوا في سبيلِكَ زلزالًا شديدًا، اللَّهُمَّ فرِّج كربَهم، وارحَم ضعفَهم، واجبُر كسرَهم، وتولَّ أمرَهم، فلا أحدَ لهم إلا أنتَ، ولا مولى لهم سِواكَ.

**********************

أيُّها الإخوةُ الكرام،

**كما أنّنا نَخشى أن تَصيرَ العبادةُ عادةً بلا خُشوعٍ، فإنّنا نَخشى أيضاً أن تَصيرَ بلا إخلاص.**

لأنّ الإخلاصَ سِرُّ العبادة، وهو الذي ينفعُ معه كثرةُ العملِ وقِلَّتُه، 

أمّا العملُ من دون إخلاصٍ فلا قيمةَ له، لا إن كان كثيراً ولا إن كان قليلاً.

وقد لخَّص القرآنُ الكريمُ حقيقةَ هذا الدِّينِ في قوله تعالى:

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ \[الكهف: 110].

ثم بيَّن سبحانه قيمةَ العملِ الصالحِ فقال:

﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ \[الكهف:

فالعِبرةُ أن لا يُخالِطَ العملَ شِركٌ، وألّا يبتغي العبدُ بعملِه غيرَ الله.

****

في حديث أخرجه البخاري عن رسولِ الله ﷺ أنَّه قال: «يا أبا بكرٍ، لَلشِّركُ فيكم أخفى من دَبيبِ النَّمل».

فقال أبو بكرٍ: «وهلِ الشِّركُ إلا مَن جعل مع اللهِ إلهًا آخر؟».

فقال النبيُّ ﷺ: «والذي نفسي بيدِه، لَلشِّركُ أخفى من دَبيبِ النَّمل، ألا أدلُّك على شيءٍ إذا قُلتَه ذهبَ عنك قليلُه وكثيرُه؟  قُل:

**اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك أن أُشرِكَ بك وأنا أعلَم، وأستغفِرُك لما لا أعلَم**».

****

رجلٌ داوَمَ على صلاةِ الفجرِ في المسجدِ أربعينَ عاماً، ثم في يومٍ غلبتْه نفسُه فلم يستيقظ، فهبَّ مذعوراً يقول: *ماذا سيقول الناسُ عني هذا اليوم؟!* 

وهذا أمرٌ خطير..

****

يَروي أحدُ الشيوخِ قال:

"اصطحبتُ أبي إلى مسجدي، وأنا إمامُ التراويح، وكان عددُ المصلِّين خمسةَ آلافٍ، وكان المشهدُ مَهيبًا، وبُكاءُ النَّاسِ لم يَنقَطِع.

وبعد الصَّلاةِ قُلتُ لأبي:

«ما رأيك؟ هل رأيتَ عددَ المصلِّين والسَّيَّاراتِ بالخارج؟»

فابتسم أبي، وكان حَكيمًا قليلَ الكلامِ، ولم يُجِبني.


وفي اليومِ التَّالي سألتُه مرَّةً أُخرى، فقال: «يا بُنيَّ، كلُّ هؤلاءِ المصلِّين جاءوا لله، إلَّا أنت!»*"

قال: فكانت أعظمَ موعظةٍ سمعتُها في حياتي.

****

يقول الله تعالى في كتابه العزيز:

[[لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ.]] الحج

أيْ يَنَالُه أن يراكم مُخلصين في هذه الطاعة.

 

من بنود هذه الآية :

﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾آل عمران 


(سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) الرعد

إِنْ أَخْفَيْتَ، أَوْ لَمْ تُخْفِ، فَأَنْتَ مَكْشُوفٌ عِنْدَ اللَّهِ، لَا تَخْفَى عَلَى اللَّهِ خَافِيَةٌ، فَهُوَ وَحْدَهُ يَعْلَمُ.

لَكَ أَنْ تَقُولَ كُلَّ شَيْءٍ.. وَتُبَرِّرَ.. وَتُعَلِّلَ.. وَتُفَسِّرَ.. وَلَكِنْ تَأَكَّدْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَفْعَلُهُ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

﴿ ۞ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾الأنعام

****

أيها الإخوة الكرام،  

حديثُنا اليومَ عن الإخلاصِ، ولكن بشكلٍ عمليٍّ.

فمِن أجلِ أن تتأكَّدَ من إخلاصِك.. يُمكن أن تُصلِّيَ رَكعتينِ قبلَ صلاةِ الفجرِ دون أن تذكُرَها لأحدٍ؛ فلو أنّكَ ذكرتَها،لاختلَف الأمر.

****

* كذلك كتمان النفقة من الإخلاص 

((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ..و ذكرمنهم رَجُلا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ))سلم عن أبي هريرة وأبي سعيد 

إخفاءُ الصدقة دليل الإخلاص، لأنََّّ الذي أَنْفَقْتَ من أجله يَعلَمُ ، دون أن تُعْلِم أحداً . 

****

ـ وكان بعضُ العلماءِ يُبَخَّلُ، أي يُتَّهَمُ بالبُخلِ، فلمَّا ماتَ وجدوا أنَّه يُعيلُ مِئةَ أهلِ بيتٍ، كلُّ دخلِه مُوزَّعٌ على مئةِ أُسرةٍ دون أن يَعلَمَ أحدٌ.


أيُّها الإخوةُ، إنَّ السَّلَفَ الصالحَ كانوا حَريصينَ حِرصًا لا حدودَ له على إخلاصِ نِيَّاتهم للهِ عزَّ وجلَّ.

وكان ناسٌ من أهلِ المدينةِ يعيشونَ لا يَدرونَ مِن أينَ كان معاشُهم، 

فلمَّا ماتَ عليُّ بنُ الحُسينِ فقَدوا ما كانوا يُؤتَوْنَ به في الليل.


* دأبُ العلماء والصالحين في إخفاء الإنفاق:

ـ كان أحد العلماء يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ،ويقول "إن صدقة السر تطفئ غضب الرب، دون أن تَذْكُرَها لأحد" .


-أحدُ الشيوخِ ابتكر طريقةً في الصَّدقةِ الخَفيَّة: أن يذهبَ إلى العطَّارِ في حيٍّ فقيرٍ، فيدفعَ ما يستطيعُه من دُيونِ المحتاجين… فإن لم يستطعْ نَصَحَ غيرَه بذلك.


-قد نجدُ أشخاصًا – نرجو أن يكونوا قِلَّةً – إذا عمِلَ أحدُهم عملًا صالحًا لا يُبقِي إنسانًا إلا وحَكى له…

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ الكهف.

****

دَخَلَ أحدُهم مسجدًا يريدُ الذَّهابَ إلى الحجِّ، ومعه مبلغٌ من اللِّيراتِ الذَّهبيَّة، فتوسَّمَ في بعضِ المُصلِّين رجلًا صالحًا؛ رآه في صلاتِه خاشعًا، يُغمِضُ عينيه، ويعصِرُ جبينَه، فظنَّ فيه خيرًا. فلمَّا انتهى من صلاتِه قال له: 

«معي مالٌ كثيرٌ، وقد أعجبتني صلاتُك، سأترُكُه عندَك أمانةً إلى أن أعودَ من الحجّ».

فقال له الرجلُ: «وأنا أيضًا صائمٌ يا سيِّدي».

فقال صاحبُ المال: «واللهِ ما أعجبني صيامُك!».

****

يقول الحسنُ البصريُّ: «كان الرجلُ يجلِسُ المجلِسَ، فتجيئُه عَبَرَتُه فيردُّها، فإذا خَشيَ أن تَسبِقَه قام».

وكان السَّلَفُ الصالحُ يحاولون ألَّا يُظهِروا بُكاءَهم أمامَ النَّاسِ من شِدَّةِ ورعِهم.

****

والإنسانُ – دون أن يشعر – قد يُحبُّ أن يُرى: إن كان في عبادةٍ أن يُرى، وإن كان في إنفاقٍ أن يُرى، وإن كان في صلاةٍ أن يُرى. فإذا شعُر بشيءٍ من ذلك، فليرجع إلى صوابِه، متذكِّرًا الصالحين.


"..واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوكَ بشيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضروكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليكَ، جَفَّتِ الأقلامُ، ورُفِعَتِ الصُّحُفُ"

****

فوجبَ على كلِّ ذي عقلٍ ودينٍ أن يَخشى على نفسِه من الشِّرك، وأن يَلوذَ بربِّه طالبًا منه أن يُنَجِّيه منه؛ كما قال الخليلُ عليه السلام:

 

  • لكن هناك  ملاحظة مهمة جداً، وهي أنك إذا تركت العمل الصالح خوفاً من النفاق وقعت في المحظور، العمل الصالح لا يُترك ،   هناك يأتي الشيطان ، ويقول : أنت إذا فعلته أمام الناس أردت بها العمل أن تعلوَ عندهم، 

لو أخذ به كل واحد منا لألغيت الأعمال الصالحة ،


إذا أتيح لك عمل صالح فلا تتردد أبداً ، افعله ولو كنت في ملأ من الناس ، لعلك تشجعهم .

أحياناً العمل الصالح دون أن تقصد إذا ظهر يكون له تأثير كبير جداً .

 ************

الدعـــــــــــــــــاء

اللَّهُمَّ إنَّا نَسألكَ إخلاصًا لا يُخالِطه رِياء، وعمَلًا لا يُشابِهُه سُمعة، ونِيّةً صادقةً ترضى بها عنَّا يا ربَّ الأرضِ والسَّماء.

اللَّهُمَّ لا تَجعَل حظَّنا من أعمالِنا الثَّناءَ ولا المَديح، بل اجعل حظَّنا القَبولَ عندَك والفَوزَ برِضاك.

اللَّهُمَّ اجعلنا نخشاكَ كأنَّنا نَراك، حتَّى تَغفِر لنا ذُنوبَنا وتُكفِّر عنا سَيِّئاتِنا وتُبلِّغنا منازلَ المُخلِصين.

**اللَّهُمَّ إنَّ عبادَكَ في فلسطين ضاقَ بهم الحالُ، واشتَدَّ بهم الكربُ، وزُلزلوا في سبيلِكَ زلزالًا شديدًا، اللَّهُمَّ فرِّج كربَهم، وارحَم ضعفَهم، واجبُر كسرَهم، وتولَّ أمرَهم، فلا أحدَ لهم إلا أنتَ، ولا مولى لهم سِواكَ.

اللَّهُمَّ احرس أهلَ غزّة بعينِكَ التي لا تنامُ. اللَّهُمَّ اجعل لهم النَّصرةَ والعزَّةَ والغلبةَ والقوَّةَ والهيبةَ. اللَّهُمَّ انصُرهم  وثبِّت أقدامَهم، وامدُدهم بمددٍ من عندِكَ، وارزُقهم القوَّةَ والثباتَ على الحقِّ. اللَّهُمَّ ارحَم شهداءَهم، واشفِ جرحاهم، واغفِر ذنوبَنا وذنوبَهم، واجعل آلامَهم في ميزانِ حسناتهم.

اللَّهُمَّ اجعل لهم من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا، اللَّهُمَّ اجعلهم في حفظِكَ ورعايتِكَ، واكتب لهم النصرَ والتمكينَ، يا أرحمَ الرَّاحمين.**


 

 


Aucun commentaire: