خطبة - جامع الحنفية - 1/10/2015
بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )الأحزاب
أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَنْبِئْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ ، فَقَالَ :
" لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " . المستدرك.
عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
" إن الله يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه "المستدرك
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُونٌ " المستدرك.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
" أفضل الذكر : لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء : الحمد لله "
أيها الإخوة،
أشدّ عقوبة في الدنيا أن يُمسك اللهُ لسانَك عن ذكره.
تارك الصلاة...متى سيذكر ربّه ؟... أمّا المؤمن المصلي فلا حركة بلا ذكر...
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) متفقٌ عليه.
أعلى أنواع الذكر:
<< أن أربط النّعم التي تفد إليّ من الله دائما بالمنعم، و أن أربط مظاهر الصنعة بالصانع >>.
عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلَّى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على إِثْر سماء كانت من الليلة ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال :
<< هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأمَّا من قال : مُطِرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب >> رواه البخاري ومسلم .
...ترك العبارات الموهمة التي قد لا يقصدها الإنسان ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي قال له : ما شاء الله وشئت ، ( أجعلتني لله ندَّاً ، بل ما شاء الله وحده ) رواه أحمد وغيره .
أعلى أنواع الذكر:<< أن أربط النّعم التي تفد إليّ من الله دائما بالمنعم، و أن أربط مظاهر الصنعة بالصانع >>.
* فإذا شعرت بالعافية تذكّر أنّ الذي أكرمك بها هو الله، المال..تذكّر..، الطعام..تذكّر..، ماء الصافية...تذكر..،( مرض نادر يقضي على أجهزة الجسم الحيوية الواحد تلو الآخر يصيب شابا في العشرين...تصوّروا عيشه و عيش أبويه.)
نحن مغمورين بنعم الله: الزوجة ..الأولاد..
[[ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ]] الواقعة
* عملية المغض في الفمّ: تضع قطعة اللحم في فمك و تطحنها بأضراسك و اللسان يتعامل معها دون خطر وقوعه تحت الأضراس، و أنت تتلذّذ بها غافلا عنه، فلو حاولت إبعاد لسانك يدويا كلّما أردت الأكل لتعطّب و استحال ذلك.
و كذلك أربط مظاهر الصنعة بالصانع:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾. سورة الحج
* أيّهاالإخوة، الآية الثامنة عشر من سورة النحل وهي قوله تعالى:
﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)﴾
وفي آية أخرى.
﴿وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾( سورة إبراهيم:
في هذه الآية معنى دقيق، أن النعمة الواحدة، لو أمضينا الحياة كلها في تعداد خيراتها، وبركاتها، لا نحصي هذه الخيرات، فإذا كنا عاجزين عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، لأَن نكون عاجزين عن شكرها من باب أولى، نحن لسنا عاجزين عن شكرها فحسب، بل عاجزون عن إحصاء خيرات نعمة واحدة،
* ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾
إِنَّ الْإِنْسَانَ يظلم نفسه حينما يكفر بنعمة ربه...
و من لم يشكر؟
[[ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ]]
كفرتم أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها، { إن عذابي لشديد} وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها.
* أسباب محبة الله استعراض النعم.
أيها الإخوة:
السعداء هم اللذين يشتغلون بشكر ما عندهم، لا بالحسرة على ما فقدوه، أنت عندك أشياء، وفاقد أشياء، والنبي الكريم علمنا بهذا الدعاء العظيم يقول:
(( اللهم ما رزقتني مما أحب، فاجعله قوة لي فيما تحب ))
من أسباب محبة الله :
*<< أن أربط النّعم التي تفد إليّ من الله دائما بالمنعم، و أن أربط مظاهر الصنعة بالصانع >>
فإن فعلت فسيتفجّر منك حبٌّ عميق لمولاك، سبحانه و تعالى...بشرط أن تداوم على ذلك.
[[ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ]] البقرة
* فإذا أحببته تفرّغ قلبُك و تحرّر ممّن سواه...
أيها لإخوة، مرّة أخرى:
أشدّ عقوبة في الدنيا أن يُمسك اللهُ لسانَك عن ذكره.
* موضوع آخر:
كلام خالق الكون، وزوال الكون أهون عليه من أن لا يتحقق وعده ووعيده.
﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾( سورة إبراهيم: 7 )
إذا أردت أن تزيد أي نعمة فاشكرها لله عز وجل،
* فإذا أردت أن تدوم النعم فاشكرها.
النبي عليه الصلاة والسلام، كان إذا دخل إلى الخلاء، وخرج يقول:
(( الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى لي ما ينفعني ))
... لو أُبلغ أحدٌ أن كليته توقفت عن العمل، ماذا كان سيقول ؟
* عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " مَنْ قَالَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ تُنَجِّيَنِي مِنَ النَّارِ ، فَقَدْ حَمِدَ اللَّهَ بِجَمِيعِ مَحَامِدِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ " الحاكم في المسترك.
عَنْ مُعَاذٍ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِي يَوْمًا ، ثُمَّ قَالَ : " يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ " . فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ . فَقَالَ :
" أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "
الإمام احمد.