بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي سهل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلاً،
وأوضح لهم طرق الهداية، وجعل اتباع الرسول عليها دليلاً، وكتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم
بروح منه. نحمده سبحانه...
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة
نشهد بها مع الشاهدين، وندّخرها عدّة ليوم الدين، ونشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا محمداً رسول الله، عبده المصطفى،
ونبيه المرتضى، ورسوله الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى،
أرسله رحمة للعالمين، فصلى
الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرّ الميامين، الذين رفعوا لواء هذا
الدين،
اللهم
اجمعنا بهم في مستقرّ رحمتك يا ربّ العالمين،
...أيها
الإخوة،
من وهب
نفسه للدنيا لن تعطيه الدنيا إلا قطعة من الأرض ليدفن فيها..!
و من وهب نفسه لله سيعطيه الله جنّة
عرضها السماوات و الأرض أعدّت للمتقين.
اللهمّ لا عيش إلاّ عيش الآخرة.
إذا عطش قلبك فلا تسْقِه إلاّ بالقرآن.
و إذا استوحش فلا تؤنسه إلاّ بذكر الرحمن.
فمن آوى إلى الله آواه، و من فوّض أمره
إلى الله كفاه، و من باع نفسه لله اششتراه.
فطوبى لمن آواه ربّه و كفاه و اشتراه،
فرضي عنه و أرضاه.
اللهمّ يا فارج الهمّ و يا كا شف الغمّ
و يا أعدل من حكم....
أيها الإخوة،
لو أنّ إنسانا زلت قدمه وغلبته نفسه ووقع في
خطيئة أغضبت الله، ماذا يفعل؟
أيبقي
مطروداً من رحمه الله؟ أيبقي محجوباً عن الله عز وجل؟ فإن غضب الله ليس بالشيء اليسير غضب الله يعني حرمانك
من سعادة الدنيا والآخرة، وكراهية الناس لك أو التعامل معك.
أروع ما في هذا الدين العظيم أن كل حالة يتلبس
بها الإنسان جعل الله لها حلاً، جعل الله لها مخرجاً،
إنسان
وقع في خطأ استوجب غضب الله عز وجل، لو لم يكن هناك من حل ليئس الإنسان من رحمة الله،
ومع اليأس فجور،
لكن مهما يكن الذنب عظيماً، مهما يكن الذنب يستوجب
غضب الله عز وجل، الحل جاهز، يقول عليه الصلاة والسلام;
<<إن الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَدْفَعُ مِيتَة السُّوءِ>> رواه
الترمذي وحسنه
أي لا
يوجد طريق سريع لاسترضاء الله عز وجل، وإبعاد غضبه عنك، كأن تنفق من مالك،
الصدقة شعار المتقين، ولواء الصالحين المصلحين،
زكاة للنفوس، ونماء في المال، وطهرة للبدن، مرضاة للرب، بها تُدفع عن الأمة البلايا
والرزايا، تطهّر القلوب من أدران التعلق بهذه الدنيا وأوضارها ( أوساخها) وشهواتها
وملذاتها؛
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
تنفق
ترقى عند الله عز وجل، وتؤكد لنفسك، أنك محب لله عز وجل.
الصدقة
التي تدفعها تسترضي الله بها وتطفئ بها غضبه:
لذلك الأقوياء أحياناً لا يسترضون، إن زلت قدمك مع
إنسان قويّ مهما استرضيته لا يرضى، لا بدّ من أن ينتقم منك، لكن الله جلّ جلاله، ذو
الجلال والإكرام حينما تخطئ معه، وحينما تزل قدمك، وحينما يستوجب غضبه، فوراً فتح لك
الباب، الباب أنه يُسترضى، أن هذا الغضب يمكن أن يزول حينما تسترضيه بالصدقة، لذلك;
(( إن صدقة السر تطفئ غضب الرب ))
[ الرافعي
عن ابن عباس]
(( باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ))
[ أخرجه
الطبراني عن علي بن أبي طالب ]
***************
التوبة و الآستغفار
أيها
الإخوة،
على
الإنسان أن يجمع بين التوبة و الاستغفار والإنفاق، إن شعر أن نفسه يُستعصى عليها أن
تتوب:
"
فإنّ العباد لا بدّ لهم من الاستغفار، أوّلَهم وآخرَهم، قال النّبي - صلّى الله عليه
وسلّم - في الحديث الصّحيح:
(يا أيها النّاس توبوا إلى ربّكم، فو الذي نفسي بيده إنّي لأستغفر الله
وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّةً). وكان يقول: (اللهم اغفر لي خطئي وعمدي...).
ودعاء
سيّد الاستغفار قوله،صلى الله عليه و سلم :
<< اللهم أنت ربّي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي،
فإنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت >>رواه البخاري .
ثمّ التوبة،
الإنسان
عندما يعقد التوبة مع الله عز وجل، أول توبة سهلة جداً لا تحتاج أكثر من أن
تقول; يا رب لقد تبت إليك، وتشعر فوراً أن جبالاً فوق صدرك قد أزيحت عنك،
أما المشكلة أن يقع الإنسان في الذنب مرة ثانية،
عندئذٍ تضعف عنده إمكانية التوبة،
الحل
أن تجمع بين التوبة وإنفاق المال، كلما شعرت أن هناك حجاب، هناك حاجز، النفس يستعصي
عليها أن تفعل هذا، ادعم توبتك بإنفاق المال.
فكلما
وجدت الطريق إلى الله مسدوداً، هناك حجب، هناك خطأ، ادفع صدقة.
قيل للحسن:
ألا
يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود،
ثم يستغفر، ثم يعود؟
فقال:
ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذه..!
فلا
تملوا من الاستغفار.
الصدقة تدفع ميتة السوء:
((إن
الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَدْفَعُ
مِيتَة السُّوءِ))
ميتة السوء قضية، إنسان يموت في الطريق، وهناك إنسان
يموت ببيته، على فراشه...
فهذه الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء، إنسان
يموت أحياناً بمرحاض، يموت ببلد غريب، أحياناً
يموت بوضع مهين، بوضع مشين ... يموت وهو متلبس بمعصية , يموت وهو غارق
في لذة محرمة، يموت في مكان حقير , يموت في وضع حقير
و هناك
إنسان يموت بمسجد، يموت أثناء الصلاة، يموت ببيته، فالميتة أنواع، لكن الصدقة تدفع
ميتة السوء، و هناك حديث آخر:
(( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ))
(الطبراني عن أبي أمامة الباهلي )
***
أيها الإخوة،
كم
مقدار هذه الصدقة التي بفضل الله ستنفع؟
الله
تعالى وحده يعلم نسبة ما ينفق كل إنسان من ماله و يجازيه على ذلك:
((سَبقَ دِرهَمٌ مائةَ ألفِ دِرهَم]، قيلَ وكيفَ ذلكَ يا رسولَ اللهِ؟ فقال
[رَجلٌ لهُ دِرهمَانِ] أي لا يملِكُ غَيرَهُما [فتَصدّقَ بأَحدِهمَا ورَجُلٌ تَصدَّقَ
بمائةِ أَلفٍ مِن عُرضِ مَالِهِ))
[ أخرجه
النسائي والإمام أحمد عن أبي هريرة ].
الخاتمة
فمن لم تدرِكه عناية ربه فقد هلك، لأجل هذا كان
جديرًا بالعاقل أن يُلزِم قلبه ولسانه ذكر الله و الاستغفار حيثما كان؛ لأجل تلك اللحظة
التي إن فاتت شقِيَ شقاوة الأبد،
فنسأل
الله أن يُعِيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire