بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
عزّ و جلّ، هو الذي نرجو رحمته و ثوابه، و نخشى بأسه و عقابه
[[إن الذين
يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر
كبير * وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور]].
و
أشهد أن لا إلاه إلاّ الله ، جمع بين الوعد و الوعيد و التبشير و التحذير
[[ لينذر الذين ظلموا و بشرى للمحسنين]] الأحقاف.
و أشهد أنّ سيّدنا محمّدا رسول
الله، هدى إلى النّعمة، و حذّر من النّقمة،
[[ و ما أرسلناك إلاّ مبشّرا و نذيرا]]الفرقان
رسول له العجزات بدت *دعا النّاس للحقّ حتّى ثبت
فصلوات الله و سلامه عليه، و
على آله و أهل صحبته الغالية الزكيّة، و أنصار شريعته الباقية العلية [[ و بشّر
المؤمنين]] .
اللهمّ أجزه عنّا خير الجزاء،
و آته الوسيلة و الفضيلة و الدّرجة الرفيعة العالية، و ابعثه المقام المحمود الذي
وعدته إنّك لا تخلف المعاد.
اللهمّ يا فالق الحبّ و النّوى
و عالم السرّ و النّجوى أعط لكلّ الحاضرين منّا من الخير ما نوى.
أيّه الإخوة،
<الحكمة ضالة
المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها> و الله عزّ و جلّ يصف عباده الأخيار بأنّهم:
[[الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ
هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ]] الزمر
أيّه الإخوة،
يقول سيّدنا علي كرّم
الله وجهه:
<<
لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا سُئِلَ
عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: لاَ أَعْلَمُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ
إِذَا لَمْ يَعَلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ.
وَعَلَيْكُمْ َبِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رأْسَ مَعَهُ، وَلاَ في إِيمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ.>>
وَعَلَيْكُمْ َبِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رأْسَ مَعَهُ، وَلاَ في إِيمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ.>>
الرجاء و
الخوف...الرجاء في الله و الخوف من الله أي الذنوب جناحان يطير بهما كلّ مؤمن و لا
يستغن عن أحدهما حتى يلقى ربّه...
ذات يوم دخل رسول
الله صلّى الله عليه و سلّم على رجل في النّزع الأخير فقال:
<<
كيف تجدك ؟>> ،فقال
الرجل : أجدني أخاف ذنوبي و أرجو رحمة
ربّي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
<<
لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه
مما يخاف >> حسن
[[ إنّ الذين قالوا
ربّنا الله ثمّ استقاموا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون]].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
<< لاَ
يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ...>>
- قصر الرّجاء على الله وحده: تربية لقوّة النّفس
و علوّ الهمّة و سموّ العزيمة.
- و من قصر رجاءه على الله وحده صرف وجهه عن سواه، و من صرف وجهه
عن الخلق فقد استغنى عنهم، و من استغنى عنهم كسب ودّهم، و مهّد لنفسه طريق العزّة
و الكرامة و الإستعلاء.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :دُلَّنِي عَلَى
عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ؛
فَقَالَ : << اِزْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّك اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّك النَّاسُ >> . حديث حسن، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ رقم:4102، وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ
حَسَنَةٍ.
عن مالك ابن أنس:
< ليس الزهد فقد
المال و إنّما الزهد فراغ القلب منه >.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
<< لاَ
يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ...>>
لله درّ هذا الإسلام،
لا يرضى لأتباعه إلاّ الرفعة و العزّة و الكرامة.
ابن القيّم: <<
إِذا اسْتغنى النَّاس بالدنيا فاستغن أَنْت بِاللَّه وَإِذا فرحوا بالدنيا فافرح
أَنْت بِاللَّه وَإِذا أنِسوا بأحبابهم فَاجْعَلْ أُنسك بِاللَّه وَإِذا تعرّفوا
إِلَى مُلُوكهمْ وكبرائهم وتقرّبوا إِلَيْهِم لينالوا بهم الْعِزَّة والرفعة فتعرّف
أَنْت إِلَى الله وتودّد إِلَيْهِ تنَلْ بذلك غَايَة الْعِزّ والرفعة.>>
ثمّ يقول : من الأشياء
الضائعة التي لا نفع بها
<<...خوفك
و رجاؤك لمن ناصيته بيد الله، وهو أسير في قبضته و لا يملك لنفسه ضرّا و لا نفعا و
لا موتا و لا حياة و لا نشورا>>.
<< ...وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ >>
أي عند الفشل، عند النجاح، عند النصر، عند الهزيمة، عند الخوف، عند
الفرح، عند المصيبة، عند المرض، عند الغنى، عند الفقر...عند كلّ ما يصيبك...لا تخف
إلّ من ذنبك:
فإذا قمت بما يُرضي
الله و ابتعدت عن كلّ ما يُغضبه، عزّ و جلّ، فما يكون لك بعد ذلك أن تخاف.
<< ...إنْ لَمْ
يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي
، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ
أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ
عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا
بِك >>
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذنوب هي المصيبة
الكبرى فاحذروها:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قال:
<< إنّ
المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ في أصل جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ
يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب وَقَعَ عَلى أنفه فقال لَهُ هكذا ” رواه الترمذي وأحمد
قَالَ ابْنُ
القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-
<< قِلَّةُ التَّوْفِيقِ، وَفَسَادُ الرَّأْيِ، وَخَفَاءُ الحَقِّ، وَفَسَادُ القَلْبِ، وَخُمُولُ الذِّكْرِ، وَإِضَاعَةُ الوَقْتِ وَنُفْرَةُ الخَلْْقِ، وَالوَحْشَةُ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَمَنْعُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَقَسْوَةُ القَلْبِ، وَمَحْقُ البَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ وَالعُمُرِ، وَحِرْمَانُ العِلْمِ، وَلِبَاسُ الذُّلِّ، وَ إهانة العَدُوِّ، وَضِيقُ الصَّدْرِ، وَالاِبْتِلاَءُ بِقُرَنَاءِ السُّوءِ الَّذِين يُفْسِدُونَ القُلُوبَ وَيُضَيِّعُونَ الوَقْتَ، وَطُولُ الهَمِّ وَالغَمِّ، وَضَنْكُ المَعِيشَةِ، وَكَسْفُ البَالِ، تَتَوَلَّدُ مِنَ المَعْصِيَةِ وَالغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ كَمَا يَتَوَلَّدُ الزَّرْعُ مِنَ المَاءِ، وَالإِحْرَاقُ مِنَ النَّارِ، وأَضْدَادُ هَذِهِ تَتَوَلَّد عَنِ الطَّاعِةِ >>.
<< قِلَّةُ التَّوْفِيقِ، وَفَسَادُ الرَّأْيِ، وَخَفَاءُ الحَقِّ، وَفَسَادُ القَلْبِ، وَخُمُولُ الذِّكْرِ، وَإِضَاعَةُ الوَقْتِ وَنُفْرَةُ الخَلْْقِ، وَالوَحْشَةُ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَمَنْعُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَقَسْوَةُ القَلْبِ، وَمَحْقُ البَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ وَالعُمُرِ، وَحِرْمَانُ العِلْمِ، وَلِبَاسُ الذُّلِّ، وَ إهانة العَدُوِّ، وَضِيقُ الصَّدْرِ، وَالاِبْتِلاَءُ بِقُرَنَاءِ السُّوءِ الَّذِين يُفْسِدُونَ القُلُوبَ وَيُضَيِّعُونَ الوَقْتَ، وَطُولُ الهَمِّ وَالغَمِّ، وَضَنْكُ المَعِيشَةِ، وَكَسْفُ البَالِ، تَتَوَلَّدُ مِنَ المَعْصِيَةِ وَالغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ كَمَا يَتَوَلَّدُ الزَّرْعُ مِنَ المَاءِ، وَالإِحْرَاقُ مِنَ النَّارِ، وأَضْدَادُ هَذِهِ تَتَوَلَّد عَنِ الطَّاعِةِ >>.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire