بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، لا إلهَ إلا هو الحيّ القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم،
سبحانه وبحمده، يكشف البلوى، ويزيل الهموم، أحمده سبحانه وأشكره على عظيمِ آلائه
وجزيلِ نَعمائه، والنِّعمُ بشكرِ الله تدوم، وأشهد
أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً خالِصة مخلصة تقِي برحمة الله من
نار السموم،
وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمدًا عبد الله
ورسوله، اجتباه واصطفاه وأعطاه ما يَروم،
صلّى الله وسلَّم
وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، حازوا أشرف العلوم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما
تعاقب الجديدان والسحاب المركوم، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
فإذا كنت طائعا
لله وسعيدا في الحياة فهذا طبيعي..وهم الذين قال فيهم الله تعالى:
{مَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}..
النح
وإذا كنت عاصٍ
لله وتعيسا في الحياة فهذا أيضاً طبيعي
لقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}.. [طه
أما إذا كنت طائعا لله وتعيسا في الحياة فهذا يحتمل
أمرين:
- إما أن الله يحبك ويريد إختبار صبرك، ورفع درجاتك لقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم
بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.. [البقرة : 155].
- وإمّا أنّ في طاعتك خللًا وذنوبًا غفلت عنها، ومازلت تُسوّف في التوبة منها
ولم تتب حتى الآن، ولذلك يبتليك اللهُ لتعودَ إليه، لقوله تعالى : {وَلَنُذِيقَنَّهُم
مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ}.. [السجدة : 21].
ولكن إن كنت عاصٍ لله وسعيدا في الحياة فالحذر الحذر !! لأن هذا
هو الاستدراج من الله.. والعياذ بالله؛ وهذا أسوأ موضع يكون فيه الإنسان،
والعاقبة وخيمة جدًا، والعقوبة من الله آتية آتية لا محالة، إن لم تعتبر قبل فوات
الأوان !لقوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}.. الأنعام : 44].
***************************
لذا لا بدّ أن يراقب الواحد منّا نفسه ... لا بد من أن تعرف
نفسك ـ لا سمح الله ولا قدر إذا عصيت ،من
أي العصاة أنت ؟
هناك من يعصي الله ويندم، هناك من يعصي الله ويبكي، هناك من يعصى
الله، ويتمنى ألا يعصيه .. هذا اسمه عند
علماء القلوب: المغلوب، غلبته نفسه،
و هناك من يعصي الله ويصرُّ، هناك من يعصي الله ويتباهى، هناك من يعصي
الله ويذكر هذا للناس، هناك من يعصي الله وهو في قمَّة نَشوته، هناك من يعصي الله
ويتمنى أن يعصيه كل يوم، هناك من يعصي الله و يدعو النّاس لمعصيته.. يجب أن تحدد من أنت؟ من أي العصاة أنت؟
*******************
من جهة أخرى،
- تارة نظنّ أنّنا
على عمل جليل وهو في الواقع وضيع .- و تارة نقوم بعمل نراه قليلا فنحتقره و نزهدَ
فيه و نرجع عنه وهو في الواقع جليل...
[[ قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في
الْحَياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا* ]]
قصّة إخوة
يوسف....:
[[اقْتُلُوا
يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا
مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ.]]
******************************
لا بد من المراقبة..لكن
من سيكون لنا منارة؟ يرشدنا ...ما السبيل لنرى الحقّ حقّا و الباطل باطلا ؟
و جاء في الأثر كما ذكر
الغزالي في الإحياء:
<< " المؤمن
بين خمسِ شدائد: مؤمنٌ يحسُدُه، ومنافق يبغضه، وكافر يقاتله، وشيطان يُضِلُّه،
ونفسٌ تنازعه >>
************************
أيّها الإخوة،اعلموا رحمكم الله أنّ الله عزّ و جلّ إذا أراد بعبد خيرا بصّره
بعيوبه
[[ وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ ]] العنكبوت0
من كانت له بصيرةٌ نافذةً لم تخفى عليه عيوبه، فإذا عرفها أمكنه العلاج:
[[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا
تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28]] الحديد
التحرير و
التنوير:
وقوله ويجعل
لكم نورا تمشون به: تمثيلٌ لحال القوم الطالبين التحصيل على رضى الله تعالى والفوز
بالنعيم الخائفين من الوقوع في ضد ذلك بحالة قوم يمشون في طريق بلَيْل
يخشون الخطأ فيه فيُعطون نورا يتبصرون بالثنايا فيأمنون الضلال فيه . والمعنى :
ويجعل لكم حالة كحالة نور تمشون به
../. الدعاء :<< اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا
اجتنابه >>
الفاتحة:[[ إيّاك نعبد و إيّك نستعين...]]
الفاتحة:[[ إيّاك نعبد و إيّك نستعين...]]