الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ، [[ وإذا قضى أمرا فإنما
يقول له : كن فيكون ،]]وله الحمد في السمـوات والأرض وعشيا وحين تظهرون . [[يخرج
الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون]] .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في
شأن من الشؤون ، بديع السماوات والأرض كلٌ له قانتون ،
وأشهد أن سيدنا محمدا
عبده ورسوله الأمين المأمون ، والجوهر المكنون . اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد ،
وعلى آله وصحبه الذين هم فيما عند الله راغبون ، ومما لديه راهبون .
لماذا أمرَنا الله سبحانه وتعالى بالإنفاق ، قال تعالى :
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ
لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
التوبة
تطهّرهم وتزكِّيهم ، المال
وسيلة من الوسائل الفعّالة لِتَزكيَة النَّفس ، وتطهيرها من أدْرانها ، والله
سبحانه وتعالى يقول :
﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لَا
يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾
إذًا حينما أمرنا لله سبحانه وتعالى بالصدقة وبالزكاة ، وبالإنفاق
بِشَكْلٍ مُوَسَّع ، الهدف الأوْحَد تطهير النفس ، وتزكيتُها ، وسُمُوُّها إلى
خالقها سبحانه وتعالى .
أيّها الإخوة،
- يجِبُ أن نعلم علْم اليقين أنَّ الله يعلمُ كلّ نفقةٍ ننفقها
صغيرة كانت أو كبيرة ، ربُّنا سبحانه وتعالى يقول :
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ
مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ البقرة
يجب أن نعلم أنّ
اللُّقمة إذا أنفقناها في سبيل الله فالله يعلمها ،
- ويجب أن نعلم و أن نوقن يقينًا لا
شكَّ فيه أنَّه إذا أنفقنا فإنَّ الله سيُضاعفُ هذا الذي أنفقناه أضعافًا مضاعفة
كثيرة ،
الله سبحانه يقول:
﴿مَثَلُ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ
يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾البقرة
هذا كلام الله ربّ العالمين ، كلام خالق
الكون ، كلام الله لا شكّ فيه ، ولا يأتيه الباطل: يَعِدُ كلّ منفق بالتعويض ،
وبالمضاعفة ...
﴿وَمَا
أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ سبأ
+++++++++++++
ولكنَّ
النيّة تختلف ، يجب أن نُحَرِّرَ النيّة ، يقول الله عز وجل :﴿وَمَا
تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ﴾
قال تعالى :
﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ
بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ
يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
﴿وَمَا
آَتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ
وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُضْعِفُونَ﴾ الروم الآية:39
إذّا،
يجب أن نعلم أنّ الله
يعلم ، ويجب أن نوقِنَ أنَّ الله يُخلف ، و يضاعف، ويجب أن نحَرِّر نيّتنا من
الشوائب لأنَّه دينارٌ أُنفقَ في إخلاص خيرٌ من مئة ألف دينار أنفق في رياء .
و لكنَّ مرّة أخرى،
هذا الذي تُنفقهُ ما
نوعهُ و ما علاقتك به ؟
طيّْب، و ممّا تحب: [[ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا
مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾
آل عمران) ؟
يجب أن تنفق من شيءٍ تحبّه ، من شيءٍ أثير عليك ، من شيءٍ تحْرص عليه
، من شيء هو عندك متألّق ،
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا
أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ
تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
...وإن أنفقتم شيئًا تكرهونه فالله غنيّ عنكم ، الطَّعام الذي لا
تستسيغُه نفسك لا تنفقه للناس ، الله سبحانه وتعالى لن يتقبّله منك
يجب أن تعلم أنَّ
الله يعلم ، ويجب أن تعلم أنَّ الله يُخْلف و يضاعف، ويجب أن تعلمَ نيَّتَكَ
الصادقة ، ويجب أن تعلم أنَّ نوع الصَّدَقة من شيءٍ تحبُّه ، وتحرصُ عليه ، وتضنّ
به ، وتقبلهُ إذا قُدِّم إليك .
+++++++++++
وأيضا ما علاقتهُ بِمَالِك
قد تُكتب
الحسنة الواحدة بمائة ألف حسنة وقد تكتب بألف ألف وقد تكتب بأكثرَ من ذلك، وذلك
على حَسب حُسْن عملِ الشخص وقوة يقينه وصدقِ نيته، من هنا قال رسول الله عليه
السلام
<<
سَبَقَ دِرهَمٌ مائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ >>
قيل كيف ذلك يا رسول الله؟
قال <<رَجُلٌ تصدق بمائة ألف من عُرْض ماله، ورجل ليس له إلا دِرهمان تصدقَ بأَحدِهما >>؟ قال تعالى :
قيل كيف ذلك يا رسول الله؟
قال <<رَجُلٌ تصدق بمائة ألف من عُرْض ماله، ورجل ليس له إلا دِرهمان تصدقَ بأَحدِهما >>؟ قال تعالى :
+++++++++++++
كيف ننفق ؟ ومتى ؟ وما الطريقة ؟
كيف؟ ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
سِرّاً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
إن كان إعلان النّفقة يُسَبِّب حرجًا لِمَن تعطيه فينبغي أن تنفق
سِرًّا ، وإن كان إنفاق المال يُسَبِّب تشْجيعًا ، وحماسًا لِمَن يروْنك ، من دون
أن تؤذي أحدًا من عباد الله ، فلا بأس عليك من أن تعلِنَ هذا الإنفاق
++++++++++
متى؟ المتّقون فهم الذين
ينفقون في السراء والضَّراء ، ينفق في حالة الغنى والفقر ، ينفق في إقبال الدنيا ،
وفي إدبارها ، ينفق في الضِّيق وفي البحبوحة ، في السراء والضراء ، قال تعالى :
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ آل عمران
<< أحبّ
ثلاثًا ، وحبّ لِثَلاثٍ أشدّ : أحبّ الكرماء وحبي للفقير الكريم أشدّ ، وأبغض
ثلاثًا ، وبغضي لثلاث أشدّ ، أبغض البخلاء ، وبغضي للغنيّ البخيل أشدّ .>>
++++++++++++++
++++++++++++++
أيها الإخوة الأكارم ؛ ما الذي يُبْطل النفقات ؟ قال تعالى :
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى
كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآَخِرِ﴾
إن دفعْتَ مبْلغًا من
المال فيجب أن تنسى أنَّكَ دفعْته ...
الفقراء لا
يسألون الناس إلحافًا ،
والفقراء يحسبهم الجاهل أغنياء من التَّعفّف ، الفقراء تعرفهم بسيماهم ،
الفقراء لهم نفوس عزيزة ، إذا اجْتمَعت كلمة الفقراء والمساكين في آية فالفقير هو
الذي لا يجد حاجته ، قال عليه الصلاة والسلام
:
<< ليس الفقير الذي تسدُّه اللقمة واللقمتين إنما الفقير من لا يجد حاجته... >>
أما المسكين
فهو العاجز ...
أيها الإخوة المؤمنون ،
أيها الإخوة المؤمنون ،
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزِنوا أعمالكم
قبل أن توزَنَ عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى
غيرنا إلينا ، فلْنتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،
والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنَّى على الله الأماني.
والحمد
لله رب العالمين
***********************************
الدعاء :
اللهمّ اهدنا فيمن
هديت ، وعافنا فيمن عافيْت ، وتولَّنا فيمن تولّيْت ، وبارك اللّهم لنا فيما
أعْطيت ، وقنا واصْرف عنَّا شرّ ما قضَيْت فإنَّك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنَّه لا
يذلّ من واليْت ، ولا يعزّ من عادَيْت ، تباركْت ربّنا وتعاليْت ، ولك الحمد على
ما قضيْت نستغفرك اللهمّ ونتوب إليك ، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا
تهنّا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارضَ عنَّا ، وأصْلح لنا ديننا الذي هو
عصمة أمرنا ، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها
مردُّنا ، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ
، مولانا ربّ العالمين ، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ،
وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تُنسنا
ذكرك ، يا رب العالمين ، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء ومن شماتة العداء ،
ومن السَّلْب بعد العطاء ، يا أكرم الأكرمين ، نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن
الذلّ إلا لك ، ومن الفقر إلا إليك ،
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire