بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ. وأشهَدُ أنَّ سَيّدَنا وحبيبَنا محمّدًا عبدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وخَليلُهُ مَنْ بَعَثَهُ الله رحمةً للعالمينَ هادِيًا ومبشّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرًا، بلَّّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونَصَحَ الأمَّةَ فجزاهُ الله عنّا خيْرَ ما جَزَى نَبِيًا مِنْ أَنبِيائِهِ، صلواتُ الله وسلامُهُ عليهِ وعلى كلّ رسولٍ أَرْسَلَهُ.
أيها الإخوة،
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة التوبة آية 128].
شرّف الله عزّ وجلّ نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بآيات كثيرة من كتابه الكريم، فأظهر بها عُلُوَّ شرف نسبه ومكارم أخلاقه وحُسن حاله وعظيمَ قدره وأمرنا بتعظيمه فقال وهو أصدق القائلين : ﴿ فَالَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 157].
فقوله عزّ وجلّ ﴿ وعزّروه ﴾ معناه أثنوْا عليه ومدحوه وعظمّوه، فاحتِرامُه وتوقيرُه وإجلاله وتعظيمه صلى الله عليه وسلم فرضٌ من مهمات الدين وعملٌ من أعمال المفلحين..
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}
*****************
رُوي في الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – :
« لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ».
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم فإن زاد إيمانه زادت محبته له ، فحبه صلى الله عليه وسلم طاعة وقربة ، وقد جعل الشرع محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الواجبات .
وفي سنن أبي داود ومسند أحمد : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-« أَعْلَمْتَهُ ؟». قَالَ لاَ قَالَ « أَعْلِمْهُ ». قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ.فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِى أَحْبَبْتَنِي لَهُ ).
إخوة الإسلام
لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا في الحديث السابق إلى أنّ من أحب إنسانا فليعلمه بحبه إياه ، فها نحن نعلنها اليوم جميعا : (إنا نحبك يا رسول الله) ..أحبك يا رسول الله ، لأن الله تعالى أحبك واصطفاك ، وقربك إليه و اجتباك ،
فأنت القائل: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح ،
نحبك يا رسول الله : لأنك خليل الله ، وصفوته من خلقه ومجتباه ،
فأنت القائل « لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً ، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ » رواه مسلم…
أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك، لنكون قريبين منك يوم القيامة ، فأنت القائل : « أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً »…
أحبك يا رسول الله لأن حبك قربة إلى الله تعالى ،وعبادة لله من أفضل العبادات ..
أحبك يا رسول الله لأن سيرتك دين ، فمن تبعك أعزه الله ، ومن خالفك خذله الله ..
أحبك يا رسول الله ،لأن أقوالك وأفعالك مليئة بالهدى والخير والنور ..
أحبك يا رسول الله ، لأنك أجهدت نفسك ، وتحملت كل المشاق والتعب ، لكي نسعد ونرتاح ، فإليك يَرْجع كل فضل علينا بعد فضل الله ، فقد بلغت الرسالة ،وأديت الأمانة ،ونصحت الأمة ،وكشف الله بك الغمة..
أحبك يا رسول الله : لأنك لم تترك خيراً إلا ودللتنا عليه ، ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه
أحبك يا رسول الله : فمن أخلاقك علمتني الأخلاق ، ومن عبادتك علمتني كيف أعبد الله ، ومن شجاعتك علمتني الشجاعة وعدم الخوف إلا من الله ، ومن كرمك علمتني الكرم ، ومن عفوك وصفحك علمتني العفو ، ومن رحمتك علمتني الرحمة والرأفة ، والود والعطف والحنان ..
أحبك يا رسول الله ، ونُكثر من الصلاة عليك ، فأنت القائل : « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ »
.. نحبك يا رسول الله : لكي نشرب من يدك الشريفة شربةً هنيئةً مريئةً لا نظمأ بعدها أبداً ، وأحبك لكي أنظر إلى وجهك الأنور وإلى جبينك الأزهر .. وأحبك يا رسول الله لكي أجلس بجوارك ، وأهنأ برفقتك ،فأنت الطاهر الأطهر، في جنات ونهر، عند مليك مقتدر .
****************************************************
ومن علامات محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به وإحياء سنته.
أ) فقد قال القاضي عياض: "اعلم أنّ من أحبّ شيئاً آثره وآثر موافقتَهº وإلا لم يكن صادقاً في حبّه وكان مُدّعياº فالصادقُ في حبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهرُ علامة ذلك عليه: وأوّلُها الاقتداء به، واستعمال سنّته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدّب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه... وشاهد هذا قوله - تعالى -: (قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله)، من اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبّة لله ورسولهº ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبّة، ولا يخرج عن اسمها".
القاضي عياض في قوله: "من علامة محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم - كثرة ذكرهº فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، ومنها كثرة شوقه إلى لقائهº فكل حبيبٍ, يحبّ لقاء حبيبه، وفي حديث الأشعريين لما قدموا المدينة أنهم كانوا يرتجزون: غداً نلقى الأحبّه! *** محمَّداً وصحبَه! "
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire