من أخلاق الرسول الحلم والعفو .8/10/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
******************
أيها الإخوة،
ماذا أقول في النبي الرسول، هل أقول للبدر حُيِّيت يا قمر؟ أم أقول للشمس أهلاً يا كاشفة الظلماء؟ أم أقول للسحاب سَلِمت يا حاملَ الماء؟
في ليلة فاح فيها العود وغنَّى القمر، وانتشى الكون فرحاً وهلَّل معه البشر، وخبتْ نيران الشياطين وانكفى الشر، وشُقَّ ظلام الليل ونوَّر خير البشر.. بَلَغَ العُلا بكماله، كَشَفَ الدُّجى بجماله حَسُنَت جميعُ خصاله، صلوا عليه وعلى آله، مُتَباركين.
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ*** مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَم***
مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً*** مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ*** مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةً*** مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ
كل القلوب إلى الحبيب تميل ومعي بهذا شاهد ودليل، أما الدليل إذا ذكرت محمداً صارت دموع العارفين تسيل، هذا نبراس الهدى، هذا لكل العالمين رسول.
******************
أيها الإخوة،من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى ؟
ما أجمل الحديثَ عن رسول الله!
عن أسامة بن شَريك قال: << كنا جلوسًا عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ، إذ جاءه أُناسٌ فقالوا من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال: أَحسنُهم خُلُقًا >>
و خلقُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم عظيم : (و إنَّك لعلى خلق عظيم)
روى البخاري في صحيحه (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي التَّوْرَاةِ . قَالَ أَجَلْ ،
وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا )
-الرجل كَانَ فَظّاً، أَيْ أَسَاءَ وَقَسَا.
-الغليظ،أي القاس.
إخوة الإسلام، { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } الأعراف
معنى خذ العفو : عامل به واجعله وصفا ولا تتلبس بضده ( بن عاشور)
روى أنّه لما أنزل الله تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ... إلى آخره، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم؟ فذهب ثم رجع، فقال: إن الله تعالى أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.
(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أي: ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم، ولا تمارهم، واحلم عليهم، وأغض بما يسوؤك منهم.
وقد كان من أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم – الحلم ،والعفو، والصفح ، والتسامح …
وصُوَر عفوِه – صلى الله عليه وسلم – أكثرُ من أن تُحصى،
عفوَه صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان الذي فعل ما فعل، وأدمى كبد رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – في أُحُد، وحزَّب الأحزاب يوم الخندق ضد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وناصر القبائلَ ضده، وعلى الرغم من كل ذلك يعفو عنه النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يوم فتح مكة، بل ويمنُّ عليه بما يفخر به، وما كان يطمع في أكثر من أن يَهَب له حياته، ولا يضرب عنقه، جزاء ما آذى به المسلمين، ولكن الرسول الأكرم – صلى الله عليه وسلم – يمنحه العفوَ وزيادة؛ إذ يقول: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن)
**************
ويتجلَّى العفوُ عند المقدرة في أروع صوره يوم فتح مكة، ... حيث قال – صلى الله عليه
وسلم -: ((اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء))
وكذلك عفوه – صلى الله عليه وسلم – عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سَحَر النبيَّ –
صلى الله عليه وسلم – فعفا عنه ولم يعاقبه،
وعفوه صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي أهدتْه الشاةَ
المسمومة فقد روى مسلم في صحيحه
(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ. قَالَ:
« مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ ». قَالَ أَوْ قَالَ « عَلَىَّ ». قَالَ قَالُوا أَلاَ نَقْتُلُهَا قَالَ « لاَ ». قَالَ فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم )
عفوه صلى الله عليه وسلم عمن جذبه من الأعراب ، بل وأمر له بعطاء! روى
البخاري(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌ فَجَبَذَ (جذب إليه) بِرِدَائِهِ جَبذَةً شَدِيدَةً – قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ – ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ )
******************
ولا يقف خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حد العفو والصفح بل كان يدعو بالهداية لمن آذاه:
فعن عبد الله بن عبيد قال: لما كُسرت رُباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ في جبهته، فجعلت الدماء تسيل على وجهه، قيل: يا رسول الله، ادعُ الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَانًا وَلا لَعَّانًا، وَلَكِن بَعَثَنَي دَاعِية وَرَحْمَة، اللهُمَّ اغْفِر لِقَومِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ”
الطعّان : كثير الطَّعن، وقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة، شتَّام ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ لَعَّانٍ وَلاَ فَاحِشٍ وَلا بَذِيءٍ [حديث] )
وعندما عَصَتْ قبيلةُ دوسٍ في بداية أمرها... فقالوا:
يا رسول الله، إن دوسًا عصت وأبت، فادعُ الله عليها. فقيل: هلكت دوس! قال: “اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ”.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire