أهمية الوصية قبل الموت -11/2024
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحفيظِ يحفظُ عباده، ويحفظ عليهم أعمالهم، ويُوفِّيهم أجورهم، ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ سبأ،
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل، عزّ من قائا: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ النساء.
وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، هدى اللهُ به من الضلالة وأنقذ به من الغواية،
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم القيامة.
************************
اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ
أيها اإخوة، النَّاسُ فِي الدُّنْيَا يَكْسِبُونَ وَيُنْفِقُونَ، وَيَأْكُلُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَيُهْدُونَ وَيُقْرِضُونَ، وَيَدَّخِرُونَ وَيَتَاجِرُونَ، فَالْمَالُ طَالَمَا أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ هُوَ لَهُمْ يَصْنَعُونَ بِهِ مَا يَشَاءُونَ، وَسَيُسْأَلُونَ عَنْ هَذَا الْمَالِ: مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبُوهُ وَفِيمَا أَنْفَقُوهُ؟
وَإِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَنْ جَعَلَ لِلْعَبْدِ حَقًّا فِي مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.
فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ عِنْدَهُ أَمْوَالٌ وَثَرْوَةٌ كَبِيرَةٌ، أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِ حُقُوقٌ لِلنَّاسِ، أَوْ لَهُ حُقُوقٌ عَلَى النَّاسِ، فَكُلُّ هَذِهِ تَحْتَاجُ إِلَى كِتَابَةٍ وَوَصِيَّةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ انْتَقَلَتْ كُلُّ أَمْلَاكِهِ لِلْوَرَثَةِ.
و الوصية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ والأدلة على ذلك كثيرة، ففي الكتاب العزيز قوله الحق -تبارك وتعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)البقرة
و قدحَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَصِيَّةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ."
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: "مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي."
وهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ الْحَازِمِ، الْحَرِيصِ عَلَى نَفْسِهِ، الْمُسْتَعِدِّ لِآخِرَتِهِ، أَنْ يُبَادِرَ بِكِتَابَةِ الْوَصِيَّةِ طَالَمَا أَنَّ فِي الْعُمُرِ فُسْحَةٌ، وَلَا يُسَوِّفَ، فَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً.
أيها الإخوة،
والوصية أنواع: الوصية بالدِّين، والوصية بالمال، والوصية على الأهل، والوصية على الأولاد، والوصية على الأيتام، والوصية على الأموال، والوصية على الإنفاق،
وأعظمها الوصية بالدِّين وتقوى الله -عز وجل-، قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا)النساء
رُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَدَعَاهُ لِيُوصِيَهُ؛ فَلَمَّا حَضَرَ، قَالَ:
"اعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي النَّهَارِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي اللَّيْلِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَيْنَ يَقَعُ عَمَلِي مِنْ عَمَلِ هَؤُلَاءِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- تَجَاوَزَ عَنِ السَّيِّئِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ فَلَمْ يُثَرِّبْهُ( يعيرهم بذنب)، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ أَعْمَالِهِمْ، وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَمَلًا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رَدَّ عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ فَلَمْ يَقْبَلْهُ.
هذه العبارة تتحدث عن عدل الله تعالى ورحمته في التعامل مع عباده يوم القيامة، حيث يُبرز الله أفضل ما قدمه أهل الجنة ويُخفي سيئاتهم، ويُظهر أسوأ ما عمله أهل النار ويُهمل حسناتهم. ويمكن شرحها على النحو التالي:
1. أهل الجنة: "ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ":
الله سبحانه وتعالى يُظهر للناس يوم القيامة أفضل أعمال أهل الجنة ويُبرزها، بينما يتجاوز عن سيئاتهم ولا يُحاسبهم عليها أو يُعيرهم بها.
"فَلَمْ يُثَرِّبْهُ":
أي أن الله تعالى لا يُوبّخهم أو يُحاسبهم على ذنوبهم، بل يغفرها ويتجاوز عنها.
"فَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَيْنَ يَقَعُ عَمَلِي مِنْ عَمَلِ هَؤُلَاءِ؟":
من يرى أعمال أهل الجنة قد يتساءل بدهشة كيف أن أعماله أقل شأنا من أعمالهم، لكنه لا يدرك أن الله قد ستر عيوبهم ورفع حسناتهم وأبرزها.
2. أهل النار:
"ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ أَعْمَالِهِمْ":
الله سبحانه يُظهر للناس أسوأ أعمال أهل النار ويُبرزها، بينما يتجاهل حسناتهم التي لم تُقبل بسبب فساد نياتهم أو نقص إيمانهم."فَلَمْ يَقْبَلْهُ":
ردّ الله حسناتهم ولم يقبلها، لأنها كانت إما خالية من الإخلاص أو مشوبة بالباطل.
"وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَمَلًا":
من يرى أهل النار قد يظن أن أعماله أفضل من أعمالهم، لكنه لا يدرك أن الله أظهر أسوأ أعمالهم وتجاهل أي خير عملوه.
الهدف من الكلام: بيان رحمة الله وعدله:
رحمة الله بأهل الجنة إذ يغفر لهم ذنوبهم ويُظهر أعمالهم الحسنة.
و عدل الله مع أهل النار إذ يعاملهم بما استحقوه بناءً على نياتهم وأعمالهم.
فالأعمال التي تُقبل عند الله هي التي تكون خالصة لوجهه الكريم وموافقة لشرعه، فلا يكفي ظاهر العمل.
و كذلك تحذير من الغرور: فلا ينبغي للمؤمن أن يغتر بعمله أو يحكم على نفسه بالصلاح أو يقارنها بالآخرين، فالأمر في النهاية إلى الله الذي يعلم السرائر والنوايا.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْزَلَ آيَةَ الرَّخَاءِ عِنْدَ آيَةِ الشِّدَّةِ (1)، وَآيَةَ الشِّدَّةِ عِنْدَ آيَةِ الرَّخَاءِ(2)، لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا رَاهِبًا، لِئَلَّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر
(2) {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} الحجر
وَاعْلَمْ أَنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا، وَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا، وَخِفَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ أَنْتَ قَبِلْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ، فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ -وَلَا بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ-(3)، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ، فَلَا يَكُونَنَّ شَيْءٌ أَكْثَرَ بُغْضًا إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَسْتَ بِمُعْجِزِهِ."
(3) <<مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ>> البخاري. قالَتْ عائِشَةُ أوْ بَعْضُ أزْواجِهِ: إنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قالَ: ليسَ ذاكِ، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ برِضْوانِ اللَّهِ وكَرامَتِهِ، فليسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ؛ فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ، وأَحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقُوبَتِهِ، فليسَ شَيءٌ أكْرَهَ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ؛ كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ، وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ.
*****************
وصــــــــــــــــــــة الأمـــــــــــوال
الحكمة في تشريعها تتجلى في جوانب عدة، ومن ذلك: أنها فضل من الله على عباده، ورحمته بهم، حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على الفقراء، والمحتاجين بالخير والفضل، ويعود على الموصي بالثواب والأجر في وقتٍ حيل بينه وبين العمل، قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)البقرة.
ومن الحكمة كذلك أن العبد قد يغفل في حياته عن أعمال الخير والبر؛ فينال بالوصية زيادة في القربات والحسنات، ويتدارك ما فرط فيه في حياته.
حكم الوصية
فقد بينه أهل العلم؛ حيث ذكروا أن الوصية تدور عليها الأحكام الخمسة: فتارة: تكون واجبة إذا كان عليه حق لله -تعالى-، ككفّارة لم يؤدها حتى حضرته الوفاة؛ فيوصي من يؤديها عنه، أو كان عليه دين لم يوثقه بالكتابة، ولا بينة للدائن عليه؛ فيجب أن يوصي به؛ لئلا يضيع حق الدائن؛ ولئلا يوقع الحرج على ورثته إذا طولبوا بحقوق لا بينة عليها.
وتارة: تكون مستحبة إذا كان الرجل ذا ثراء، وورثته وقرابته أغنياء؛ فيوصي بثلث ماله؛ فما دونه فيما يعود عليه بالنفع في أخراه؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم).
وتارة: تكون الوصية محرمة وذلك إن قصد الموصي الإضرار بالورثة كالوصية لوارث؛ لأن في ذلك اعتراضا على قسمة الله -تعالى- التي قسمها في الورثة؛ ولقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" (رواه الترمذي)، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: "لِتَكُونَ وَصِيَّتُهُ عَلَى الْعَدْلِ، لَا عَلَى الْإِضْرَارِ وَالْجَوْرِ وَالْحَيْفِ بِأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ، أَوْ يَنْقُصَهُ، أَوْ يَزِيدَهُ عَلَى مَا قَدَّرَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْفَرِيضَةِ؛ فَمَتَى سَعَى فِي ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ ضَادَّ اللَّهَ فِي حِكْمَتِهِ وَقِسْمَتِهِ؛ ثم أسند إلى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ".
وتارة: تكون الوصية مكروهة، كما لو كان فقيرا، وله ورثة يحتاجون ماله؛ فيوصي بشيء منه لغيرهم وهم أولى به وأقرب إليه، أو يوصي به في قرابة وهم أولى من يُتصدق عليه، كما قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ" (رواه مسلم)، وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه-: "إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ" (رواه البخاري ومسلم). وللوصية فضل عظيم ووقد ذكر طائفة من أهل العلم شيئا من ذلك، فمن ذلك ما قاله الشعبي -رحمه الله-: "من أوصى بوصية فلم يَجُرْ ولم يحِفْ كان له من الأجر مثل ما إن لو تصدق به في حياته".
شروط صحة الوصية،
أن يكون الموصي أهلاً للتبرع، وأن يكون راضياً مختاراً، وأن يكون مالكاً لما يوصي به، وأن يكون الموصى له حسن التصرف، وأن يكون معلوماً بنفسه أو صفته، وأن تكون الجهة الموصى لها جهة بر لا جهة معصية، وأن يكون الموصى له بالمال غير وارث، كما يشترط في الموصى به أن يكون مالاً يباح الانتفاع به شرعاً، وألا يكون بأكثر من ثلث ماله إن كان له وارث، وحصول الإيجاب من الموصي بقول أو فعل أو كتابة قبل موته، وقبول الموصى له.
*************************
دعاء:
اللهمّ بسطوة جبروت قهرك، وبسرعة إغاثة نصرك، وبغيْرتك لانتهاك حرماتك، وبحمايتك لمن احتمى بآياتك، نسألك يا الله يا سميع يا قريب، يا مجيب يا منتقم يا جبار، يا قهار يا شديد البطش، يا عظيم القهر يا من لا يعجزه قهر الجبابرة، ولا يعظم عليه هلاك المتمردين من الملوك والأكاسرة، أن تجعل كيدَ الصهاينة في نحرهم ومكرَهم عائداً إليهم. اللهمّ بَدِّد شملهم اللهم فرق جمعهم، اللهم قلِّل عددهم اللهم فَلَّ حدّهم، اللهم قلل نجدهم اللهم اجعل الدائرة عليهم اللهم أرسل العذاب الأليم إليهم اللهم أخرجهم عن دائرة الحلم وَاسْلبهُم مدد الإمهال وغُلَّ أيديهم إلى أعناقهم، واربط على قلوبهم ولا تُبلغهم الآمال. اللهمّ خذهم أخذ عزيز مقتدر فلا تبقي منهم و لا تذر.
اللهم أغثنا..
اللهم آمنا في أوطاننا وفرج الكرب عنا. اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء. اللهم هيئ من يوحد المسلمين، ويحذو حذو صلاح الدين. اللهم اجعل الأمة الإسلامية في كفالتك واهدها للعمل بكتابك اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم انصر إخواننا في فلسطين و في لبنان و في كل مكان يا رب العالمين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire