mercredi 26 novembre 2025

سَبْعَة يظِلُّهمُ الله-28/11/2025

 بسم الله الرحمن الرحيم

 الحَمْدُ لِلَّهِ المَلِكِ الدَّيَّانِ، الرَّحِيمِ الرَّحْمٰنِ، الَّذِي خَلَقَ الخَلْقَ لِحِكْمَةٍ، وَابْتَلَاهُمْ لِيُمَيِّزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تَنْفَعُ قَائِلَهَا يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

******************

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤْمِنُونَ،

فَإِنَّ مَنْهَجَ القُرْآنِ العَظِيمِ قَائِمٌ عَلَى الجَمْعِ بَيْنَ البِشَارَةِ وَالنَّذَارَةِ؛ 

يُفْتَحُ أَبْوَابَ الأَمَلِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، وَيُوقِظُ القُلُوبَ بِذِكْرِ غَضَبِهِ وَعُقُوبَتِهِ. 

فَالْمُؤْمِنُ الصَّادِقُ لَا يَعِيشُ عَلَى الرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَيَغْتَرَّ، وَلَا عَلَى الخَوْفِ وَحْدَهُ فَيَقْنَطَ، 

بَلْ يَسِيرُ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبٍ يَجْمَعُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَلِيمُ﴾.

وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ فِي وَصْفِ رَسُولِهِ ﷺ:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾.

*****************

عِبادَ الله:يقولُ سبحانه:{ أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ (4) لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ (5) يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ }المطففين.


في ذاتِ يومٍ تلا النبيُّ ﷺ هذه الآيةَ، ثمَّ قال: 

«كَيْفَ بِكُم إذا جَمَعَكُمُ اللهُ كَما يُجْمَعُ النَّبْلُ في الكِنَانَة خَمسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ لا يَنْظُرُ إِلَيْكُم»المستدرك .

يومُ القيامةِ، يومٌ عظيمٌ، مليءٌ بالأهوالِ العِظامِ، يقومُ الناسُ فيه لربِّ العالمينَ.


يقول النبيُّ ﷺ: «يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قِيَامًا أَرْبَعِينَ سَنَةً، شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ»صحيح الترغيب


و يَقُولُ النبيُّ ﷺ كما جاء  في صحيح مسلم : «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ (يعني خاصِرتيه)، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا» 

قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى فِيه (يعني فمه)

هذا،

إلَّا أنّ أقوامًا منَّ اللهُ عليهم بالظِّلالِ، هم فيها آمنونَ، ..مَن أصحابُ الظِّلِّ يومَ القيامةِ؟


لنسمع أيها الإخوة ما يقوله نبينا محمد صلى الله عليه و سلم حتى نُعِدَّ ظِلَّنا يومَ القيامةِ، لنخترْ لنا ظُلَّةً من عملٍ صالحٍ في يومٍ لا ظلَّ فيه إلَّا ظلُّ الرحمن.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ   >>البخاري


«سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه» 

أيها الإخوة، الدنيا شيء، والآخرة شيء آخر، 

الإنسان في الدنيا قد يستمتع بالمال، قد يستمتعُ بالجاه، قد يتقوى بأهله قد يتقوى بسلطانه، 

قد ينغمس في ملذاته، إلا أنه يوم القيامة:

«لا ظِلَّ إلا ظِلُّه»، 

في الدنيا الإنسان قد يستظل بأشياء كثيرة، وهو غافل عن الله، إلا أن يوم القيامة: 

«لا ظِلَّ إلا ظِلُّه»..

فسّر علماء الحديث هذا الظل بأنه رحمةُ الله، وكنفه (صونه وحفظه وإحاطته). 

مَنْ هؤلاء السبعة؟

لهؤلاءِ السَّبعةِ قاسِمٌ مشترك، ألا وهو أنَّهم معَ قوَّةِ الدَّاعي إلى المعصيةِ، وتحقُّقِ أسبابِها، جاهدوا أنفسَهم أعظمَ الجهادِ، وخالفوا أهواءَهم، بإيمانِهم ومحبَّتِهم لربِّهم وخوفِهم من مقامِهم بين يديه، حتَّى استقاموا على الطاعةِ، وأدَّوها على أحسنِ ما يكونُ، مخلِصينَ فيها لربِّ العالمينَ.

1.الإمام العادل:

العلماء قالوا: الإمام العادل الذي يتولى أمور المسلمين، ويرعى مصالحهم، وينظرُ فيما يسعدهم، ويرفعُ من شأنهم، ويسير على منهج الحق والعدل، ينتصف للمظلوم من الظالم، يقيمُ أوامر الله، يدعو الناس إلى العمل بكتاب الله، لا يخشى الضعيفُ من جوره، ولا يطمع القويُّ في جاهه، الحزم دَيدنُه، والحقُّ مَطلبُه…


النبيُّ ﷺ يقول: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» مسلم

يدخل فيه كلُّ من وُلِّي شيئا من أمور المسلمين.

أحيانا يكون موظفا في دائرة، إن لم يرعَ مصالحهم، إن لم ينصحهم، إن لم ييسر أمورهم، إن لم يأخذ بيدهم إلى مصلحتهم في الدنيا والآخرة له عند الله حساب خاص،

هذا الذي يستغل منصبه ليبتزَّ أموال الناس، هذا الذي يُعقِّدُ الأمور ليحقق لمصالحه الشخصية، هذا الذي يضع العقبات أمام تحقيق منافع الناس، له عند الله عقاب خاص،  

 كلُّ حركة تتحرَّكها، كلُّ تعقيد تعقُده، كلُّ إيهام توهمه، يوم القيامة له حسابٌ عسيرٌ .

الإمام العادل ينطبق على أية وظيفة تتعلق بمصالح المسلمين

      

لذلك الإمامُ العادلُ ورد في بعض الأحاديث: «إنَّ من إِجلالِ اللهِ إِكرامَ ذي الشَّيْبَة المسلم وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيه ولا الجافي عَنهُ وإِكرامَ ذي السلطانِ المُقْسِط».


[[ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ]] النّساء


<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ..>>

قدّم في الحديث الإمام العادل لعموم النّفع، فبدونه لا ترتاح النّفوس و لا تطمئنّ و لا تزدهر الحياة.

لا شيء أبعث للشقاء و الفتن كالجور..

[[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) ]] المائدة

**********

عن عائشة أم المؤمنين  أنَّ رجلاً مِنْ أصْحابِ رسولهِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلسَ بينَ يديْهِ، فقال:


يا رسولَ الله! إنَّ لي مَمْلوكِين يكذِّبونَني وَيخونونني وَيعْصونَني، وأضْرِبُهم وأشْتُمهمْ، فكيفَ أنا منهم؟ فقالَ له رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

<< يُحسَبُ ما خانُوك وعَصَوكَ وكذَّبُوك وعِقابُك إيَّاهُم ، فإنْ كان عِقابُك إيَّاهُم دُونَ ذُنُوبِهمْ ؛ كان فَضْلًا لكَ ( عليهِم ) وإنْ كان عِقابُك إيَّاهم بقدرِ ذُنوبِهمْ ؛ كان كَفَافًا ولا لكَ ولا عليكَ ، وإنْْ كان عِقابُك إيَّاهُم فَوقَ ذُنُوبِهِمُ اقْتُصَّ لهمْ مِنكَ الفَضلُ الذِي بَقِيَ قِبَلَكَ>>

فجَعلَ الرجلُ يبْكِي بين يَدَيْ رسولِ اللهِ ويَهتِفُ فقال رسولُ اللهِ <<مالَكَ؟ ما تَقرأُ كتابَ اللهِ>>

[[ ونَضَعُ الموازِين القِسطَ ليومِ القيامةِ فلا تظلمُ نفسٌ شيئًا وإن كان مثقالُ حبةٍ من خردلِ أتينا بها وكفى بنا حاسِبين]] ؟ (الأنبياء)

فقال الرجلُ يا رسولَ الله ! ما أجِدُ شيئًا خيرًا من فِراقِ هؤلاءِ – يعني عَبِيدَهُ ( إنِّي ) أُشْهِدُكَ أنَّهم كلَّهم أحْرَارٌ.(صحيح الترغيب - الترمذي)  

*****************

2.<< سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ

شاب نشأ على تقوى الله عز وجل، على عبادة الله عز وجل، يحب الله ورسوله منذ صغره، أينعت ثمرة الإيمان في قلبه، يراقب الله عز وجل، لم يمشِ في دناءة، لم تغلبه شهوته، لم يخضع لنزوته.


فهذا الشاب الذي نشأ في طاعة الله، إن الله ليباهي به الملائكة.

«إنَّ اللهَ لَيَعجَبُ مِنَ الشابِّ ليست له صَبْوةٌ» حسن 

-أي  الميل إلى الهوى أو اللهو-

صبوته طاعة الله، صبوته طلب العلم، صبوته خدمة الخلق، بين الشاب المطيع وبين الشيخ المطيع بونا شاسعا.


« ورد في الأثر: << أحبُّ ثلاثًا، وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشدُّ، ..

وكرهي لثلاث أشد: أكره العصاة، وكرهي للشيخ العاصي أشدُّ،»

أيها الإخوة،

الإنسان كلما بكّر في طاعة الله شكّل حياته تشكيلا إيمانيا، والإنسان إذا آمن في وقت مبكر، سيختار زوجة مؤمنة، مسلمة، سيختار عملا شريفا، نبيلا، مسعدا، معطاءً، 

أما إذا كان تأخر في توبته، وشكّل حياته على طريقة لا ترضي الله عز وجل عنده مشكلة كبيرة، مع زوجته، ومع أولاده، ومع حرفته، وألصقُ شيء بحياة الإنسان حرفته، وأولاده، وزوجته..فالله المستعان.

******************

الدعـــــــــــــــــاء

**اللَّهُمَّ يا واسعَ الرَّحمةِ ويا عظيمَ الفضلِ، نسألُك في هذا اليومِ المباركِ أن تجعلَنا ممَّن تُظِلُّهم في ظِلِّكَ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّكَ.**

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الصهاينة المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ في غزّة و فلسطين، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

اللَّهُمَّ نجِّنا من نارِ جهنّم، وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، وادخِلنا الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، واغفر لنا ولوالدينا ولمن كان له حقٌّ علينا، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياءِ منهم والأموات.

اللَّهُمَّ اجمع كلمةَ المسلمين على الهدى والتقوى، واكتب لنا السَّدادَ والرَّشادَ في الأقوالِ والأعمال.

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ ذات بيننا و اجعلنا إخوانا فيك متحابين لا ظلمة متناحرين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم آمين



Aucun commentaire: