mardi 16 décembre 2025

محبّة الله تعالى لعباده

 محبّة الله تعالى لعباده-3/9/2021 و 19/12/2025

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ الَّذي فطرَ القلوبَ على محبَّتِه، وجعلَها لا تَسكنُ إلَّا إليه، ولا تَطمئنُّ إلَّا بذِكرِه، 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، محبَّتُه حياةُ القلوب، وطاعتُه روحُ الأعمال، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، الدَّالُّ على الله، والمحبوبُ في الله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

**********************

إنَّ محبَّةَ الله ليست دعوى تُقالُ بالألسنة، ولا عاطفةً عابرةً في القلوب، 

بل هي أصلُ الدِّين، وروحُ الإيمان، وسرُّ العبوديَّة؛ 

بها تُعرفُ حقيقةُ السائرين إلى الله، 

وبها تُوزَنُ الأعمالُ وتُمحَّصُ النيَّات. 

فمن أحبَّ الله آثرَ رضاه، وقدَّم أمرَه، واستلانَ في طاعتِه ما استعصى على غيره، 

فهانت عليه الدنيا بما فيها.


ومحبَّةُ اللهِ ثمرةُ معرفتِه؛ فكلَّما ازداد العبدُ علمًا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، ازداد قلبُه تعظيمًا له، وشوقًا إليه، وأنسًا بقربه. 

وهي محبَّةٌ تُورِثُ الخوفَ والرجاء، وتجمعُ بين الذلِّ لله والعزِّ به، 

وتظهر آثارُها في السلوك والأخلاق قبل الأقوال والدعاوى.


▪فمحبة الله هي غايةُ الغايات، ومطلبُ الصالحين، وسرُّ ثباتهم في الفتن، وصبرِهم على البلاء، وسعيهم إلى الطاعة في السرِّ والعلانية.


قال تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } آل عمران.

<<...وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه >> البخاري.

▪يعني: أَنْ مُدَاوَمَةَ العَبْدِ عَلَى العِبَادَاتِ الطَّوَّعِيَّةِ (النَّوَافِلِ) كَالسُّنَنِ وَالصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا تَجْعَلُهُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ.

وَعِنْدَمَا يُحِبُّهُ اللهُ، يُوَفِّقُهُ لِتَكُونَ تَوْجِيهَاتُ حَوَاسِّهِ وَأَفْعَالِهِ (سَمْعُهُ، بَصَرُهُ، يَدُهُ، رِجْلُهُ) فِيمَا يُرْضِي اللهَ، 

▪ وَتُسْتَجَابُ دَعَوَاتُهُ وَتُلَبَّى اسْتِغَاثَاتُهُ، فَيَكُونُ العَبْدُ مُؤَيَّدًا وَمَحْفُوظًا مِنْهُ (أي من الله).

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ” إن الله يُؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب ، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان …. الحديث ” الطبراني

***************

▪الشيخ علي الطنطاوي: <<هل يحبني الله؟>>

رَاوَدَنِي هٰذَا السُّؤَالُ، فَتَذَكَّرْتُ أَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ تَأْتِي لِأَسْبَابٍ وَأَوْصَافٍ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ.

قَلَّبْتُهَا فِي ذَاكِرَتِي لِأَعْرِضَ نَفْسِي عَلَيْهَا، لَعَلِّي أَجِدُ لِسُؤَالِي جَوَابًا.

فَوَجَدْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ، وَلَا أَجْرُؤُ أَنْ أَحْسِبَ نَفْسِي مِنْهُمْ.

وَوَجَدْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، فَتَذَكَّرْتُ قِلَّةَ صَبْرِي.

وَوَجَدْتُهُ يُحِبُّ الْمُجَاهِدِينَ، فَتَنَبَّهْتُ لِكَسَلِي وَقِلَّةِ حِيلَتِي.

وَوَجَدْتُهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ… وَمَا أَبْعَدَنِي عَنْ هٰذَا الْمَقَامِ!(مقام الإحسان)

▪حِينَئِذٍ تَوَقَّفْتُ عَنِ الْبَحْثِ، خَشْيَةَ أَنْ لَا أَجِدَ فِي نَفْسِي شَيْئًا يُحِبُّنِيَ اللهُ لِأَجْلِهِ.

وَتَفَحَّصْتُ أَعْمَالِي… فَإِذَا أَكْثَرُهَا مَمْزُوجٌ بِالْفُتُورِ، وَمُثْقَلٌ بِالشَّوَائِبِ وَالذُّنُوبِ.

عِنْدَهَا خَطَرَ لِي قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾.

فَكَأَنِّي لِلْوَهْلَةِ الْأُولَى فَهِمْتُ أَنَّهَا لِي وَلِأَمْثَالِي، فَأَخَذْتُ أُتَمْتِمُ:

أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

▪نعم عبادَ الله، يحبُّ التوَّابين، لا الملائكةَ وحدَهم، ولا المعصومين، بل الَّذين أذنبوا فاعترفوا؛ وقصَّروا فاستغفروا؛ وسقطوا فقاموا.

فمن عرفَ نفسَه بالنقص، وعادَ إلى ربِّه بالإنابة، فقد طَرَقَ بابَ المحبَّة.

▪فلا ييأسنَّ أحدٌ من رحمةِ الله، ولا يَغترَّ أحدٌ بعملِه، ولْيكن الاستغفارُ دأبَنا، والتوبةُ زادَنا، فلعلَّها تكونُ الصفةَ الَّتي نلقى اللهَ بها وهو عنَّا راضٍ.

ومحبة الله ورضاه لها علامات وهي:

1: حبُّ الناسِ

<<إذا أَحَبَّ اللهُ تعالى العَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ فلانا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يًحِبُّ فلانا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرض>> رواه البخاري عن أبي هريرة

 ‣ محبة الله هي أعلى مراتب التكريم، وتنعكس على محبة الناس له

2: حب سماع القرآن

من علامات حب الله للعبد هو حب سماع القرآن.

فالعبد الذي يحبه الله يحب سماع تلاوة القرآن وقراءتَه والعمل بما جاء فيه من طاعات وعبادات والبعد عن ما نهى الله عن فعله.


قصة الشيخ يُعلم القرآن بالمجان في موقع عمل المتعلم..

لِمَ تَتعب نفسك وتذهب إليه؟ فقال كلمته المشهورة بمعناها:

‣ «واللهِ ما أردتُ أن يكون القرآنُ ثقيلًا على أحد، ولا أن يُترك بسبب الدنيا.»

فانتشر خبر الشيخ، وتعلّق الناس بالقرآن أكثر، لأنهم رأوه قريبًا، رحيمًا، ميسورًا، لا حاجز بينه وبين الناس.

  • تعليم القرآن رسالة قبل أن يكون وظيفة.

  • وأنَّ الداعية والمعلِّم يراعي أحوال الناس وأعذارهم.

  • وأنَّ الإخلاص في التعليم سببٌ للقبول والبركة.

  • وأنَّ القرآن يُؤخذ بالتيسير لا بالتعسير.

3:تقبل النصح والعمل بسنة رسول الله-

قال تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } 

5حسن الخاتمة:

قصّة الشيخ كَانَ يُعَلِّمُ بَبَّغَاءَهُ قَوْلَ: «لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، فَحَفِظَهَا الطَّائِرُ وَأَلِفَهَا، حَتَّى إِذَا دَاهَمَهُ الْمَوْتُ، جَعَلَ الْبَبَّغَاءُ يَصِيحُ خَوْفًا: «قِطٌّ! قِطٌّ!» وَنَسِيَ مَا كَانَ يُرَدِّدُهُ لِسَانًا بِلَا قَلْبٍ.

فَقَالَ الشَّيْخُ: خِفْتُ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ حَفِظُوا الشَّهَادَةَ أَلْسِنَةً، وَلَمْ تَسْكُنْ قُلُوبَهُمْ.

فَيَا عِبَادَ اللهِ،

لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ نُرَدِّدَ «لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ أَنْ نَعِيشَهَا، وَنَمُوتَ عَلَيْهَا.

أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهَا فِي الرَّخَاءِ، يُثَبِّتْكُمُ اللهُ بِهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ.

وَاسْأَلُوا اللهَ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ لَيْسَتْ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ، بَلْ بِثَبَاتِ الْقَلْبِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَخْتِمَ لَنَا وَلَكُمْ بِـ«لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ»، وَأَنْ يَجْعَلَهَا آخِرَ كَلَامِنَا مِنَ الدُّنْيَا. آمِينَ.

*****************

الدعاء:

اللَّهُمَّ يَا مَنْ بِيَدِكَ الْقُلُوبُ وَمَصَائِيرُ الْعِبَادِ،

ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى تَوْحِيدِكَ، وَلَا تَزِغْهَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهَا.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ «لَا إِلٰهَ إِلَّا أَنْتَ» حَيَاةَ قُلُوبِنَا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَثَبَاتَ أَلْسِنَتِنَا فِي الدُّنْيَا، وَعِنْدَ السَّكَرَاتِ.

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهَا كَلِمَةً نَرُدِّدُهَا بِأَلْسِنَتِنَا فَقَطْ، بَلِ اجْعَلْهَا يَقِينًا يَعْمُرُ قُلُوبَنَا، وَعَمَلًا يُزَكِّي جَوَارِحَنَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ تَقْصِيرٍ، وَنَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاقْبَلْ تَوْبَتَنَا، وَارْحَمْ ضَعْفَنَا، وَاجْبُرْ كَسْرَنَا.

اللَّهُمَّ أَحْسِنْ خَوَاتِيمَنَا، وَاخْتِمْ لَنَا بِالصَّالِحَاتِ، وَاجْعَلْ آخِرَ كَلَامِنَا مِنَ الدُّنْيَا: **لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ**.

اللهم أغثنا..

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

**آمِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.**


Aucun commentaire: