jeudi 17 novembre 2016

النهي عن التباهي بحظوظ الدنيا .خطبة-ج الحنفية 11/2016


 الحمد لله الحميد المجيد،أحمده سبحانه و تعالى و أستغفره و أتوب إليه و أعوذ به من شرور أنفسنا سيئات أعمالنا.
      وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، البر التواب الشهيد، أدنى إلى عبده من حبل الوريد، يُحصي ويبدئ ثم يعيد،
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى والنور والقرآن المجيد،
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من كل بر سعيدٍ، وعلى جميع من سار على نهجهم، واهتدى بهديهم، إلى يوم الحشر والوعيد.

أيها الإخوة،
      إذا نظرنا في ما جاء به الإسلام و أردنا أن نلخصه نقول أن الإسلام يحرص على علاقات ثلاث: 1/ علاقة الانسان بربه- 2/ علاقة الانسان بذاته- و 3/ علاقة الانسان بأخيه الانسان.

      شخص يرتدي ثوباً أنيقاً, شعر بتفوقه, أراد أن يظهر أمام الناس بهذا الثوب الجميل, فجعل ينظر إلى عطفيه متبختراً, فهذا الإنسان المتكبر الذي تكبر بثوبه لا ينظر الله إليه، و الحديث هنا عن الثوب.
<< لا ينظر الله يوم القيامة إلى مَنّ جرَّ ثوبه خيلاءَ >>) نظرة رحمة) متفق عليه عن عبد الله بن عمر.
قال النووي: " قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْخُيَلَاءُ ، وَالْمَخِيلَةُ ، وَالْبَطَرُ ، وَالْكِبْرُ ، وَالزَّهْوُ ، والتبختر ، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ حَرَامٌ ". انتهى من "شرح صحح مسلم"
فالقضية ليست "جرّ الثوب" بل "خيلاء، و الدليل:

      عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
<< مَنّ جرَّ ثَوّبَهُ خيلاءً ، لم ينظرِ الله إِليهِ يومَ القِيامَةِ، فقالَ أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! إنَّ إزاري يسترخي ، إلاَ أن أتعاهده ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّك لستَ ممن يفعله خيلاءً >>[أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمر]

      بل بيت القصيد ليس الثوب و ليس جرّه و إنّما كلّ القضية هي كلمة "خيلاء"
قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) ، وقوله تعالى: ( وَلا تَمْشِ فِي الأرض مَرَحاً) ، وقال سبحانه: ( كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ) .
فذم الله سبحانه وتعالى الخيلاء والمرح والبطر على خلق الله.

      الإنسان قد يكون ثوبه عاديا, لكن أطلع الناس على بيته, يدخل في هذا الحكم, أطلع الناس على سيارته, أطلع الناس على ما عنده من حظوظ الحياة الدنيا, أراد أن يستعلي؛ كل هذه الحالات منهي عنها و تدخل تحت كلمة "خيلاء" التي جاءت في الحديث.
فالله عزّ و جلّ يقول:
﴿( تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً )﴾سورة القصص الآية:83]
     
      لك أن تأكل, لك أن تشرب, لك أن تلبس, دون أن تتباهى, دون أن تزهو،
قال ابن عباس:
"أحـل الله تعالى الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلةً "،
 الإسراف: معصية, والمخيلة: أن تريد أن تظهر أمام الناس بما عندك كما فعل قارون،
(إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)    والمراد بذلك الفرح الذي يصحبه الكبر والبغي على الناس والعدوان والبطر، هذا المنهي عنه، فرح البطر والكبر..
( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)

النساء بارعات في ذلك:
مثلاً إنسانة اشترى زوجها سيارة فخمة, فأينما جلست, وأينما حلت تقول: هذه السيارة الجديدة غيرت حياتي, هدفها أن تدخل الحزن على قلوب قريباتها,
أكثر الناس يتباهين بأزواجهن, ببيوتهن, بما صرفن في النزهات,
حتى الحفلات وسيلة للتباهي فقط,

و زاد الطين بلّة الفايس بوك و عرض كلّ ذلك ..

و كم من امرأة أفسدت على زوجها...من كلمة خيلاء و بطر...
<< لا ينظر الله يوم القيامة إلى مَنّ جرَّ ثوبه خيلاءَ >>
والآية التي تقصم الظهر:
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً﴾ سورة القصص الآية:83
وقديماً قالوا: "كثرة الظهور تقصم الظهور",

أيها الإخوة،
      من هو المحسود؟ هو الذي أظهر النعم بقصد الاستعلاء,
فالحاسد فقير محروم, تألم ألماً شديداً, فتمنى زوال النعمة عنه, لذلك العين تضع الرجل في القبر, والجمل في القدر.
المحسود الغافل تصيبه عينُ الحاسد, وقد قال الله عز وجل:
﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسد ﴾ سورة الفلق .

      الإنسان حينما يستعلي و يتباهى؛ لعل في هؤلاء من هو محروم, لعل في هؤلاء من هو فقير, يتألم ألماً شديداً, ينقم على الله عز وجل؛فيزدري نعم الله عليه ...فلا يكون من الشاكرين...و هذه صنعة الشيطان:
(( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ))  الأعراف

      فلنستعذ بالله عز وجل من أن نعرض على الناس ما عندنا, من أن نسعى إلى أن نستعلي على الناس ببيوتنا, بأثاث بيوتنا, بسياراتنا, بدخلنا, بأولادنا, بثيابنا ـ
    
أيها الإخوة،
   الإنسان كلما تواضع ازداد عند الله رفعة, وكلما جلس مع أخوانه, وأصحابه, ازداد عند الله رفعة، أحياناً أقول لكم: تجد مؤمناً غنياً, تشتهي الغنى من تواضعه, ومن سخائه, ومن أدبه
.
      كان عليه الصلاة والسلام: يأكل مع الخادم, ويُصغي إلى المرأة الضعيفة, المسنة, ويقضي حاجة الضعيف, والبائس,
 كان معه عدي بن حاتم( ابن حاتم الطائي كان نصرانيا فأسلم ), أخذه إلى بيته إكراماً له, في الطريق استوقفته امرأة, تكلمه طويلاً في حاجتها, قال: والله ما هذا بأمر ملك!
إنسان يجلس على الأرض, يدخل عليه أعرابي, يقول له: "أيكم محمد؟ ـ لا يعرفه ـ يقول له أحد أصحابه: ذاك الوضيء,
ومرة قال له النبي: قد أصبت, ما حاجتك؟
***
      فإذا الإنسان آتاه الله عز وجل شيئاً يقول: هذا من فضل ربي, وليكثر من ذكر فضل الله عليه,   يقول: الله أكرمني بهذا الشيء, خصني بهذا الشيء, سمح لي أن أفعل كذا, قدر على يدي هذا العمل الطيب,
      دائماً يعزو الفضل إلى صاحب الفضل وهو الله عز وجل, وإذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك, وكان عليه الصلاة والسلام: تعظم عنده النعمة مهما دقت.
كان إذا نظر إلى وجهه في المرآة, يقول: "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خُلقي" دائماً يشكر الله عز وجل فهو بين الكبر وبين الشكر.
المؤمن شاكر, الكافر متكبر, فالمتكبر محجوب عن الله عز وجل, ودليل التواضع أن تكون مع المساكين, وأن تجلس إليهم, وأن تستمع إليهم, وأن تصادقهم؛ إنك بهذا تثبت أنك لست متكبراً, برئ من الكبر من حمل حاجته بيده, وبرئ من الشح من أدى زكاة ماله, وبرئ من النفاق من أكثر من ذكر الله.    
والحمد لله رب العالمين


Aucun commentaire: