بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
المشارق والمغارب، خلق الإنسان من طين لازب...
ثم جعله نطفة بين الصلب والترائب...خلق منه زوجه وجعل منهما
الأبناء والأقارب...
تلطف به، فنوع له المطاعم والمشارب...
وحمله في البَرِّ على الدواب، وفي البحر على القوارب...
نحمَده تبارك وتعالى حمد الطامع في المزيد والطالب...
ونعوذ بنور وجهه الكريم من شر العواقب...
وندعوه دعاء المستغفر الوجل التائب، أن يحفظنا من كل شر حاضر
أو غائب...
وأشهد أن لا إله إلا الله القوي الغالب...
شهادة متيقن بأن الوحدانية لله أمر لازم لازب...
اللهمّ صلّ و سلّم على نبيّنا المصطفى وعلى آله و صحبه الأكارم.
[[يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن
ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ]] الحجرات.
[[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا ]] الأحزاب
أيها الإخوة،
ليس الغبيّ بسيّد
في قومه لكن سيّد قومه المتغابي
لا يخلو شخص من نقص ..
ومن المستحيل على أي زوجان
أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً...
كما أنه لا يكاد يمر أسبوع..
دون أن يشعر أحدها بالضيق من تصرف عمل الآخر..
وليس من المعقول أن تندلع حرب كلامية كل يوم وكل أسبوع على
شيء تافه
كملوحة الطعام أو نسيان طلب أو الانشغال عن وعد 'غير ضروري'
أو زلة لسان، فهذه حياة جحيم لا تطاق !
ولهذا على كل واحد منهما تقبل الطرف الآخر ..
والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ، أو طبائع ..
قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في
التغافل"
وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه
تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور ..
وقال الحسن البصري: "ما زال التغافل من فعل الكرام"
وبعض الرجال – هداهم
الله –
يدقق في كل شيء وينقب في كل شيء.
قال الحسن رضي الله
عنه:
" ما استقصى كريم
قط قال الله تعالى [[عرف بعضه وأعرض عن بعض]]>>
كما أن بعض النساء كذلك تدقق في أمور زوجها ماذا يقصد بكذا؟
ولماذا لم يشتر لي هدية بهذه المناسبة؟
ولماذا لم يهاتف والدي ليسأل عن صحته؟
وتجعلها مصيبة المصائب وأعظم الكبائر..
فكأنهم يبحثون عن المشاكل بأنفسهم !!
كما أن بعض الأزواج ..
يكون عنده عادة لا تعجب الطرف الآخر
أو خصلة تعود عليها ولا يستطيع تركها –
إلا أن الطرف الآخر يدع كل صفاته الرائعة ..
ويوجه عدسته على تلك الصفة محاولاً اقتلاعها بالقوة ..
فيتضايق صاحبها وتستمر المشاكل..
بينما يجدر التغاضي عنها تماما ً...
قاعدة ال99
ملك قال لوزيره: عندي كلّ شيء و لا أنام و خادمي ينام
ملأ جفونه و كلّ صباح وهو في غبطة!!!
فقال له
الوزير استعمل معه طريقة 99.قال ابعث له كيسا به 99 دينارا و اكتب على الكيس 100دينار.فالخادم فرح بها
و لما عدّها وجد دينارا ناقصا فقضى ليلته وهو يعدّ و يعيد العدّ يتهم تارة أبناءه و تارة يتهم جاره و لم نم
ليلته وأصبح منزعجا... فرآه الملك وهو متحيرا يكلم نفسه...كلّنا ينقصنا الدينار :
ينقصنا شيء... و اختر أنت هل تريد أن تحمد الله على ال 99 و ترضى أم أنّك تريد عيشا مرّارا و أنت لا تركّز إلا على
الدينار الذي أخّره الله عنك لحكمة يعلمه هو، وهو القائل سبحانه و تعالى : [[
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنت ]] .
فلنتغاضى قليلاً حتى تسير الحياة سعيدة هانئة
لا تترك الصغائر تكدّرها ...
ولِتلتئم القلوب على الحب والسعادة
فكثرة العتاب تفرق الأحباب .
قالوا في خلق التغافل :
ليس الغبي بسيّدٍ في قومه *** لكن سيِّدُ قومه
المتغابي
عن أبي بكر بن أبي الدنيا أن محمد بن عبد الله الخزاعي قال
:
سمعت عثمان بن زائدة يقول :
العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل .
قال الإمام الشافعي:
"الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل"
و قال عمرو المكي رحمه الله :" من المروءة التغافل عن
زلل الإخوان "
وقال الأعمش رحمه الله : " التغافل يطفئ شراً كثيراً
"
و قال جعفر رحمه الله : " عظموا أقدراكم بالتغافل
"
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه :