المولد النبوي- خطبة ج الحنفية 711/201
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله الذي منّ علينا بالإسلام، وأرسل إلينا محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام، بعثه الله
بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا: { يا أيها النبي إنا أرسلناك
شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا } الأحزاب.
بعثه الله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد
أجمعين.
فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق
جهاده حتى ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. {
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم
الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } آل عمران
{ وما أرسلناك
إلا رحمة للعالمين } [الأنبياء:107].
{ لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم عزيز عليه ما
عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } [التوبة:128].
و أشهد أن لا إلاه إلا الله...
و أشهد أنّ محمد رسول الله...
معرفة سنة النبي القولية فرض عين، وإذا قال الله
عز وجل:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً
﴾ الأحزاب .
كيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم أسوة لنا حسنة إن لم نعرف
سيرته، كيف عامل زوجته كيف عامل أولاده، كيف عامل جيرانه، كيف عامل أصحابه، كيف كان
في سلمه، كيف كان في حربه، كيف كان في الفقر، كيف كان في الغنى، كيف كان في السراء،
كيف كان في الضراء،
إذاً ومعرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل
مسلم.
حينما تحضر درس
فقه السيرة لا تظننَّ أن هذا الحضور من نوافل العلم، بل من واجبات العلم، بل من الفرائض
التي افترضت على المؤمنين، لأنهم مأمورون أن يأخذوا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما
أمرهم، وقد نهوا أن ينتهوا عن كل شيء نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
****
لقطات من حياة النبي الكريم
:
أخواننا الكرام، النبي الكريم له مواقف تحير العقول، الأنصار بعد غزوة حنين،
وجدوا على أنفسهم تجاه النبي الكريم، من قسمته للغنائم...، جاءه سعد بن عبادة، قال:
يا رسول الله، إن قومي وجدوا عليك في
أنفسهم – هم حزنوا في توزيع هذا الفيء-
قال: <<أين أنت منهم يا سعد؟ >>
قال: ما أنا إلا من قومي،
قال:<< اجمع لي قومك >>
فجمعهم،
قال: <<يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجِدَةٌ وجدتموها عليّ في أنفسكم، من أجل
لُعاعَة من الدنيا تألفت بها قوماً ليُسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم
يا معشر الأنصار، أما ترضون
أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم؟
يا معشر الأنصار، أما إنكم
لو شئتم لقلتم فَلصدقتم وصُدِّقتم،-
لو قلتم هذا الكلام فالكلام صح، وأنتم صادقون- أتيتنا مُكذباً فصدقناك، وطريداً
فآويناك، وعائلاً فأغنيناك،/ أوَجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا
تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟>>
فبكوا حتى أَخضَلوا لِحاهم، وقالوا: رضينا برسول
الله قَسْماً، وحسماً.
هذه من حنكته، من سياسته، من رحمته،
من وفائه..
****
حينما فتح مكة المكرمة، دعاه سادتُها ليبيت عندهم،
قال:
<< انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة >>
ونام إلى جانب قبرها ليعلم العالمَ
كلُّه أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر...، وهو الوفاء، أيّها السادة لخديجة
و اعترافا بدورها و نصرتها له...
<< قَالَ لِخَدِيجَةَ أَيْ خَدِيجَةُ مَا
لِي؟ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ كَلَّا أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ
لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ
وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتُقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى
نَوَائِبِ الْحَقِّ ".
بل ركز لواء النصر أمام قبرها.
****
أحياناً تضيق الأمور ويقترب الناس من
اليأس، ولنتعلم من تفاؤل النبي الكريم،
في أثناء الهجرة تبعه سراقة، ليأخذه،
أو ليقتله، ويأخذ مئة ناقة، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً.
النبي
الكريم مهدور دمه، ملاحق، والجائزة مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً،
يقول له النبي الكريم:
<<يا سراقة، ما قولك إذا لبست سِوارَيْ كسرى؟ >
بشّر بفتح أعظم دولة في ذلك العصر وهو على تلك الحال!!!
سواريْ كسرى! ملك الفرس، الدولة الأولى
في العالم، أقوى دولة في العالم، والذي حصل أنه جاءت كنوز كسرى في عهد عمر، وقال: <<أين سراقة؟ >>
وجاء سراقة وألبسه سواريْ كسرى، وقال بعضهم:
أُعُيرابي من بني مُدلِج يلبس سواريْ
كسرى؟!.
أيّها الإخوة،
تفاؤلوا، الله عز وجل لا يتخلى عنا جميعاً، التفاؤل جزء من الإيمان،
...لما خرج إلى الطائف، وفي الطائف
كذَّبه أهلُها، وسخروا منه، بل أغْرَوا صبيانهم ليضربوه، وضربوه وسال الدم من قدميه
الشريفتين، جاءه ملك الجبال، قال:
<< يا محمد، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين >>
فقال:
<< لا يا أخي، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، لعل الله يُخرج من أصلابهم من
يوحده >>
فهو لا ييأس
من رحمة الله لعباده...
هذا الكمال، كمال النبوة.
أيها الأخوة الكرام، حينما عاد من الطائف
ولم يؤمن به قومه، بل سخروا منه، بل كذبوه ... سأله مرافقُه سيدنا زيد، قال:
<<يا رسول الله أتعود
إلى مكة وقد أخرجوك؟>>.
إذا ضاقت بنا الأمور في حياتنا الدنيا
السيرة منهج لنا.
فقال هذه المقولة الرائعة، قال:
<< إن الله ناصرٌ نبيه >>.
و الله تعالى يقول للمؤمنين:
[[إِنَّا لَنَنصُرُ
رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ]]. غافر 51
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء،
أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني
ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا
تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،
اللهم فأسقنا غيثك،
ولا تجعلنا من القانطين، ولا تَهلكنا بالسنين . اللهم انشر علينا رحمتك بالسحاب، سحاً
وابلاً غدقا مغيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار، اللهم لتحيي به البلاد،
وتسقي به العباد، وتحيي به ما قد مات، وتردَّ به ما قد فات، وتنعش به الضعيف من عبادك،
وتحيي به الميت من بلادك، اللهم سقيا هنيئة، اللهم سقيا هنيئة، تروى بها القيعان، وتسيل
البطان، وتستورق الأشجار، وتُرخِّص الأسعار، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين،
اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، فإنك
تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم
إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل
لنا جنات واجعل لنا أنهاراً.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire