بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ثمّ الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا
وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله
اللَّهمّ
صلّ وسلّم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه
إلى يوم الدّين.
حظرات السادة الأفاضل و الإخوة الأكارم مرة أخرى
كما تعودنا في هذا الجامع العتيق المبارك نحتفل بذكرى مولد الرسول سيدنا محمد صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمجيدا لشأنه وتعظيما لقدره ولرسالته.
و في
البداية، اسمحوا لي و نيابة عن إمام الجامع الشيخ الدكتور هشام قريسة أن أرحب بكم و
أن أتقدم إليكم بأحرّ التهاني .
أيها الإخوة،
نحن في شهر مبارك، رفع الله قدره، وأعلى شأنه؛ إذ أبدى فيه للوجود نعمته السابغة، ورحمته
الواسعة، بميلاد سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، سيدنا محمد صلى
الله عليه وسلم؛
إنه
شهر ربيع الأول، الذي فاضت فيه بحار الأنوار، بميلاد الحبيب المختار؛ فصار قدوم هذا
الشهر في كل عام يُذكِّر بالرحمة المهداة، والنعمة المسداة، يذكرنا بميلاد المصطفى
صلى الله عليه وسلم؛ فهنيئاً لنا أمة الإسلام بهذه الذكرى العطرة، والمناسبة السعيدة،
بل هنيئاً لكل العالمين بميلاد مَن بَعَثَهُ الله رحمة للعالمين. قال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين) الأنبياء.
أيها الإخوة: إن محبتنا المطلقة، وعاطفتنا الصادقة، تُجاه هذا النبي العظيم ما هي
إلا منحة من الله نشكره عليها، ونسعد بها، لأن
(المرء مع من أحب) متفق عليه.
(ومن
أحب قوماً حشره الله في زمرتهم) رواه الطبراني.
هذا
من جهة، ومن جهة أخرى هي محبة لها ما يبررها ويدعو إليها؛ فقد أنقذنا الله به من الظلمات
إلى النور.
وشرفنا بعبادة
الله العظيم الجليل الحليم الذي ينادي رسوله فيقول:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) البقرة،
وينادي
اليائسين من الحياة فيقول:
(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء،
وينادي
الخائفين من ذنوبهم فيقول:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) الزمر،
وينادي
كل الخلق فيقول:
(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر/60.
إنها
الرحمة السابغة لمن تعرض لها، فآمن بالله وصدق المرسلين، وعمل بكتاب الله وسنة رسوله،
فسعد بهما، وأسعد من حوله، إنه الرحمة الحكيمة التي تؤمّن الخائف التائب، وتزجر المتمرد
الطاغي، المعرض عن الله، الظالم للعباد،
أيها الإخوة: هذا بعض بركات المصطفى صلى الله عليه
وسلم التي خصه الله بها في الدنيا، أما في الآخرة فهو صاحب الشفاعة العظمى يوم يأتي
كل نبي يقول: نفسي، نفسي، لا أسالك غيرها، ويقول محمد صلى الله عليه وسلم:
(أمتي أمتي يا رب) فيشفع ويشفع حتى يرضى، انجازاً لوعد الله له في
الدنيا:
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى/5،
وندعو
الله تعالى أن يجعلنا ممن تشمله هذه الشفاعة العظمى.
أيها الأخوة في الله: بعد هذا الذي سمعتم من فضل
الله علينا ببركة هذا النبي العظيم جدير بنا أن نحبه كل المحبة، فقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) رواه البخاري ومسلم.
وقد كان صلى الله عليه وسلم بصفات الكمال الإنساني
التي يحبها أصحاب العقول الراجحة والفطرة السليمة.
فيجب علينا أن نفرح بمولده صلى الله عليه وسلم،
فقد قال الله تعالى:
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ
خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يونس/58.
ولا
شك أن مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم من
أعظم ما تفضل الله به علينا، ومن أوفر النعم التي تجلى بها على هذه الأمة؛ فحق لنا
أن نفرح بمولده صلى الله عليه وسلم.
ويجب علينا أيضاً أن نتبع سنته ونعمل بما جاءنا
به، فقد قال الله تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) آل عمران/31.
وينبغي
أن تلهج ألسنتنا دائماً بالصلاة والسلام عليه، قال الله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب/56.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire