التحذير من الفتوى بغير علم- ج الحنفية- 10/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له،
وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله وصفيّه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.
أمام هذه الجرأة على قداسة الفتوى حريٌّ بنا - عبادَ الله - أن نتذاكر أمر الفُتيا، وعِظم شأنها، وصفات أهلها، وأخبار سلفنا معها.
..إذ هي توقيع عن رب العالمين، ووقوف بين الله - تعالى - وخلقه.
فقد قرَن التقوُّلَ عليه وعلى شرعه بلا علم، بالفواحش والظلم والإشراك؛
﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ الأعراف
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه:
﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ الإسراء/36.
وقال - سبحانه -: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].
﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ [الزُّمر: 60]؟!
إخوة الإيمان ، أخرج أبو داود قصة الرجل الذي كانت برأسه شجّة (أي كان برأسه جرح) فأجنب في ليلة باردة (وجب عليه الاغتسال في ليلة باردة) فاستفتى من معه (وكانوا ليسوا أهلاً للسؤال) فقالوا له: اغتسل ،
حَمَلُوا "الْوِجْدَانَ" عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْوِجْدَانَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي حُكْمِ الْفِقْدَانِ
فاغتسل فمات فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"قتلوه قتلهم الله(قَالَهُ زَجْرًا وَتَهْدِيدًا )، ألاّ سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العيِّ السؤال" . أي شفاء الجهل السؤال .
وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما كان يكفيه أن يتيمّم أويعصِب على جرحه خِرْقةً ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده".
﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾
لا تقل قولاً بغير علم لأن من معاصي اللسان التي هي من الكبائر أن يفتي الشخص بفتوى بغير علم،
وقد صحّ وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه سُئل عن بعض الأشياء فقال: "لا أدري" ثم سأل جبريل فقال: "لا أدري أسأل ربّ العزة" فسأل الله تعالى فعلّمه جواب ذلك السؤال، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا علّمه ربه، وهذا السؤال كان عن خير البقاع وشر البقاع، وفي لفظ عن خير البلاد وشرها.
فقال جبريل عليه السلام: "خير البلاد المساجد" وفي لفظ: "خير البقاع المساجد وشرّ البقاع الأسواق".
فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا ; فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا }
وَفِي أَثَرٍ مَرْفُوعٍ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ : { مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ } .
فكم وكم من الناس يهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم بسبب فتوى بغير علم ، بسبب فتوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
لذلك أخي المسلم إن سئلت عن مسئلة ما ثبت لك فيها نقل ، ما سمعت بها قل : لا أدري . وتذكّر قول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116]: قال صاحب الكَشَّاف: "ولا تقولوا هذا حلاٌل وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب؛ أي: لا تحرموا ولا تُحلِّلوا لأجل قولٍ تنطق به ألسنتكم، ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قولٌ ساذج، ودعوى فارغة"
وقد قال بعض الصحابة:
"أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار".
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
"العلم ثلاثة كتاب ناطق وسنّة محكمة ولا أدري".
فمن أفتى فإن كان مجتهدًا أفتى على حسب اجتهاده، وإن لم يكن مجتهدًا فليس له أن يفتي إلا اعتمادًا على فتوى إمام مجتهد منصوص له.
فمن سئل عن مسئلة ولم يكن عنده علم بحكمها فلا يغفل كلمة لا أدري.
فقد جاء عن مالك رضي الله عنه أنه سئل ثمانية وأربعين سؤالاً فأجاب عن ستة وقال عن البقية لا أدري .
وروي عن سيدنا عليّ رضي الله عنه أنه سُئل عن شىء فقال: "وابردها على الكبد أن أُسأل عن شىء لا علم لي به فأقول لا أدري".
فإذا كان هذا حال أعلمِ الصحابة علي رضي الله عنه الذي قال سيدنا عمر رضي الله عنه فيه: "نعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن" فكيف حال من سواه .
واسمعوا معي جيدًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلّغ لا فقه عنده" بلغ درجة التواتر ..
وأفهمنا بحديثه هذا بقوله: "فرب مبلِّغ لا فقه عنده" أن بعض من كانوا يسمعون منه الحديث ليس لهم فقه أي قدرة على استخراج الأحكام من حديثه وإنما حظُّهم أن يرووا عنه ما سمعوه مع كونهم يفهمون اللغة العربية الفصحى، فما بال بعض الناس الذين يتجرؤون على الفتوى بغير علم ويقولون :
" أولئك رجال ونحن رجال ".
أولئك رجال يعنون المجتهدين كالأئمة الأربعة كالشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلا شك إخوة الإيمان أن الفوز العظيم هو باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعًا كاملاً وليس باتباع الهوى والنفس الأمّارة بالسوء، فلقد صدق شيخنا العبدري رضي الله عنه حين قال: "من اتبّع الهوى هوى".
***
اللهم من كان على هوى أو على رأي ، وهو يظن أنه على الحق ، وليس هو على الحق ، فردّه إلى الحق ، حتى لا يضل به من هذه الأمة أحد .اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفّلت لنا به ، ولا تجعلنا في رزقك خولا لغيرك ، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم أعِزَّنا ولا تذلنا ، أعزنا بالطاعة ، ولا تذلنا بالمعاصي .
اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له،
وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله وصفيّه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.
أمام هذه الجرأة على قداسة الفتوى حريٌّ بنا - عبادَ الله - أن نتذاكر أمر الفُتيا، وعِظم شأنها، وصفات أهلها، وأخبار سلفنا معها.
..إذ هي توقيع عن رب العالمين، ووقوف بين الله - تعالى - وخلقه.
فقد قرَن التقوُّلَ عليه وعلى شرعه بلا علم، بالفواحش والظلم والإشراك؛
﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ الأعراف
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه:
﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ الإسراء/36.
وقال - سبحانه -: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].
﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ [الزُّمر: 60]؟!
إخوة الإيمان ، أخرج أبو داود قصة الرجل الذي كانت برأسه شجّة (أي كان برأسه جرح) فأجنب في ليلة باردة (وجب عليه الاغتسال في ليلة باردة) فاستفتى من معه (وكانوا ليسوا أهلاً للسؤال) فقالوا له: اغتسل ،
حَمَلُوا "الْوِجْدَانَ" عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْوِجْدَانَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي حُكْمِ الْفِقْدَانِ
فاغتسل فمات فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"قتلوه قتلهم الله(قَالَهُ زَجْرًا وَتَهْدِيدًا )، ألاّ سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العيِّ السؤال" . أي شفاء الجهل السؤال .
وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما كان يكفيه أن يتيمّم أويعصِب على جرحه خِرْقةً ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده".
﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾
لا تقل قولاً بغير علم لأن من معاصي اللسان التي هي من الكبائر أن يفتي الشخص بفتوى بغير علم،
وقد صحّ وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه سُئل عن بعض الأشياء فقال: "لا أدري" ثم سأل جبريل فقال: "لا أدري أسأل ربّ العزة" فسأل الله تعالى فعلّمه جواب ذلك السؤال، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا علّمه ربه، وهذا السؤال كان عن خير البقاع وشر البقاع، وفي لفظ عن خير البلاد وشرها.
فقال جبريل عليه السلام: "خير البلاد المساجد" وفي لفظ: "خير البقاع المساجد وشرّ البقاع الأسواق".
فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا ; فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا }
وَفِي أَثَرٍ مَرْفُوعٍ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ : { مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ } .
فكم وكم من الناس يهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم بسبب فتوى بغير علم ، بسبب فتوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
لذلك أخي المسلم إن سئلت عن مسئلة ما ثبت لك فيها نقل ، ما سمعت بها قل : لا أدري . وتذكّر قول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116]: قال صاحب الكَشَّاف: "ولا تقولوا هذا حلاٌل وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب؛ أي: لا تحرموا ولا تُحلِّلوا لأجل قولٍ تنطق به ألسنتكم، ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قولٌ ساذج، ودعوى فارغة"
وقد قال بعض الصحابة:
"أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار".
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
"العلم ثلاثة كتاب ناطق وسنّة محكمة ولا أدري".
فمن أفتى فإن كان مجتهدًا أفتى على حسب اجتهاده، وإن لم يكن مجتهدًا فليس له أن يفتي إلا اعتمادًا على فتوى إمام مجتهد منصوص له.
فمن سئل عن مسئلة ولم يكن عنده علم بحكمها فلا يغفل كلمة لا أدري.
فقد جاء عن مالك رضي الله عنه أنه سئل ثمانية وأربعين سؤالاً فأجاب عن ستة وقال عن البقية لا أدري .
وروي عن سيدنا عليّ رضي الله عنه أنه سُئل عن شىء فقال: "وابردها على الكبد أن أُسأل عن شىء لا علم لي به فأقول لا أدري".
فإذا كان هذا حال أعلمِ الصحابة علي رضي الله عنه الذي قال سيدنا عمر رضي الله عنه فيه: "نعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن" فكيف حال من سواه .
واسمعوا معي جيدًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلّغ لا فقه عنده" بلغ درجة التواتر ..
وأفهمنا بحديثه هذا بقوله: "فرب مبلِّغ لا فقه عنده" أن بعض من كانوا يسمعون منه الحديث ليس لهم فقه أي قدرة على استخراج الأحكام من حديثه وإنما حظُّهم أن يرووا عنه ما سمعوه مع كونهم يفهمون اللغة العربية الفصحى، فما بال بعض الناس الذين يتجرؤون على الفتوى بغير علم ويقولون :
" أولئك رجال ونحن رجال ".
أولئك رجال يعنون المجتهدين كالأئمة الأربعة كالشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلا شك إخوة الإيمان أن الفوز العظيم هو باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعًا كاملاً وليس باتباع الهوى والنفس الأمّارة بالسوء، فلقد صدق شيخنا العبدري رضي الله عنه حين قال: "من اتبّع الهوى هوى".
***
اللهم من كان على هوى أو على رأي ، وهو يظن أنه على الحق ، وليس هو على الحق ، فردّه إلى الحق ، حتى لا يضل به من هذه الأمة أحد .اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفّلت لنا به ، ولا تجعلنا في رزقك خولا لغيرك ، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم أعِزَّنا ولا تذلنا ، أعزنا بالطاعة ، ولا تذلنا بالمعاصي .
اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire