بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ
لله ربِّ العالمين، الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وبعَفوِه تُغفَر الذُّنوب
والسيِّئات، وبكرَمِه تُقبَل العَطايا والقُربَات، وبلُطفِه تُستَر العُيُوب والزَّلاَّت،
الحمدُ
لله الذي أماتَ وأحيا، ومنَع وأعطَى، وأرشَدَ وهدى، وأضحَكَ وأبكى؛ ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء:
111].
الحمدُ لله الذي جعَل الأعياد في الإسلام مَصدرًا
للهناء والسُّرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيَّام العشر على كلِّ عبدٍ شَكُور،
سبحانه غافِر الذنب وقابِل التَّوب شديد العِقاب.الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان
الله بُكرةً وأصيلاً.
ربنا لك الحمدُ سرًّا وجهرًا، ولك الحمدُ دومًا
وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا.
لك الحمدُ يوم أنْ كفَر كثيرٌ من الناس وأرشدتنا
للإسلام، لك الحمدُ يومَ أنْ ضلَّ كثيرٌ من الناس وهديتنا للإيمان،
لك الحمدُ يوم أنْ جاعَ كثيرٌ من الناس، وأطعمتنا
من رزقك، لك الحمدُ يومَ أنْ نام كثيرٌ من الناس، وأقمتَنا بين يدَيْك من فضلك:
فلك الحمدُ ربنا عددَ الحجَر، لك الحمدُ عدد
الشجَر، لك الحمدُ عدد البشَر.الله أكبر
أيُّها المسلمون، عبادَ الله، الأعياد في الإسلام
تبدأ بالتكبير، وتُعلن للفرحة النفير؛ ليعيشها الرجل والمرأة، ويَحياها الكبير والصغير،
أعيادنا تهليلٌ وتكبيرٌ:
إذا
أذنا كبَّرنا الله، وإذا أقَمنا كبَّرنا الله، وإذا دخَلنا في الصلاة كبَّرنا الله،
وإذا ذبَحنا كبَّرنا الله، وإذا وُلِد المولود كبَّرنا الله، وإذا خُضنا المعارِك كبَّرنا
الله، وإذا جاء العيدُ بالتكبير استَقبَلناه وقلنا: الله أكبر الله أكبر
الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
التكبير،
تنفيذٌ لتَوجِيهات الله؛ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى
مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
فعندما نكبّر و كأنّنا
نعلن:
أنَّ
العَوْن والتوكُّل لا يكونان إلاَّ على الله، وأنَّ الحفظَ والاستِعانة لا يكونان إلاَّ
بالله - سبحانه وتعالى.
والتكبير
يذكّرنا بأنّه- سبحانه - أقوى من كلِّ قوي؛
﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ
عَزِيزٌ ﴾
-المجادلة-
وأغنى من كلِّ غني؛
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر:
15].
وأعزُّ من كلِّ عزيز؛ ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ
الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ
مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ ﴾ آل عمران
( الله أكبر ) أيها الإخوة،
العيد في الإسلام كلمةٌ رقيقة عَذبة تملأ النفس
أنسًا وبهجةً، وتملأ القلبَ صفاءً ونَشوَة، وتملأ الوَجه نَضارة وفَرحَة، كلمةٌ تُذكِّر
الوحيدَ بأسرته، والمريضَ بصحَّته، والفقيرَ بحاجته، والضعيفَ بقوَّته، والبعيدَ ببلده
وعَشِيرته، واليتيمَ بأبيه، والمِسكِين بأقدس ضَرُورات الحياة،
{﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ البقرة
ذكريات
تتجدَّد عبرَ الزَّمان والمكان، وتَحياها الأجيالُ جيلاً بعد جيل، فتتعمَّق إيمانًا،
وتتألَّق يقينًا، وتَزداد صَفاءً ولمعانًا،
تنادي،
يا باغِيَ الشر أَقصِر، ويا باغي الخير أقبِل، يا نُفُوس الصالحين افرَحِي، ويا قُلوبَ
المتَّقِين امرَحِي، يا عُشَّاق الجنَّة تأهَّبوا، ويا عباد الرحمن ارغَبُوا، ارغَبُوا
في طاعة الله، وفي حب الله، وفي جنَّة الله.
...فطُوبَى
للذين ضحَّوا وأعطَوْا، طُوبَى للذين كانوا مُستَغفِرين بالأسحار، مُنفِقين بالليل
والنَّهار.
*********
الخطـــــــــــــــــــــــــبة الثـــــــــــــــــانية
من أحكام العيد
1- التكبير ثلاثا بعد التسليم من الصلاة مباشرة وقبل الانصراف والالتفات
الى الناس لا يكون الا في عيد الاضحى وفي ايام التشريق منه ...(إلى ظهر اليوم الرابع.
خمس عشرة فريضة)
2- الرجوع من غير طريق القدوم .وتهنئة من يلقى بالعيد ...
3- من البرِّ زيارة الأرحام الموتى- إذا لم تُجدد حزنا .
4- من فاتته صلاة
العيدين ينصت للخطبة ثمّ يقضيها على صفتها كما صلاّها الإمام.
5- ولا ينبغي الانصراف عن الخطبة كما يفعل بعض الناس لأن الاستماع إليها
سنة،
جاء في التاج
والإكليل( مختصر الخليل):
<<
الخطبة من سنة الصلاة فمن شهد الصلاة ممن تلزمه لم يكن له أن يترك حضور سُنَّتها.
(رواه
ابن القاسم كطواف النفل ليس له أن يترك ركوعه ؛ لأنه من سنته).>>
6- يخطئ بعض الناس فيظن أن الأضحية لا يطالب بها من كان أعزبا لم يتزوج،
فهذا الإعتقاد ليس بصحيح، فالأضحية تجب على المسلم الحرّ الصغير والكبير، إذا كان قادرا
عليها فليضحي( مستغن عن ثمنها لسنته )
أما إذا أراد الرجل أن يضحي عن أولاده وبناته فيجوز
له ذلك، إلا أنه ينوي عند الذبح إدخال غيره معه في الثواب، فتكفي حينئذ الأضحية عن
كل من أدخلهم معه .
7- قال الحافظ
بن عبد البر: (التمهيد: ج10 ص285)
<<لا خلاف بين العلماء
أن من ذبح أضحيته قبل أن يغدو إلى المصلى ممن عليه صلاة العيد، فهو غير مضح، ... و
كذلك من ذبح قبل الصلاة ...>>
يقدّر وقت الصلاة- إذ [لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها“]
و في حديث جابر:
<<صلى بنا النبي ﷺ يوم النحر بالمدينة
فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي ﷺ قد نحر فأمر النبي ﷺ من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبي
ﷺ>>
قال ﷺ:
<< إِنَّ أَوَّلَ
مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ مَنْ
فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ
لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ...>>
- والذي عليه علماؤنا أنه لا يصح الذبح إلا بعد ذبح
الإمام.
8- من السنة أن يذبح المضحّي أضحيته بنفسه اقتداء بالنبي
ﷺ فقد كان يضحي بنفسه... فيكره
لمن كان يحسن الذبح أن يترك ذلك. و إلاّ فلا بأس...
عَنْ
شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
<< إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا
الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ>>
9- يرى مالك أن التسمية فرض مع الذكر ساقطة بالنسيان: (بداية المجتهد ص418)
أي بمعنى
إذا ذبح وقد نسي التسمية فالذبيحة صحيحة. قال القاضي عبد الوهاب:” فإن نسي التسمية
فلا شيء عليه وإن تعمّد تركها لم تأكل”. (المعونة ج1ص665) .
والدليل
على ذلك قوله تعالى:
[[ فلا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق]]. وصفة التسمية أن يقول “بسم الله”
ولو زاد على ذلك التكبير فهو حسن كأن يقول “بسم الله الله أكبر” كما فعل النبي
صلى الله عليه وسلم :”لمّا ضحى بكبشين
الله أكبر
أيُّها المسلمون، عيدنا، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس
من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر
الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء،
أعيادُنا
يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود
وغير اليهود.
و اليوم،
أيُّها المسلمون،أنتم مأمورون بالفرحة، في هذا اليوم؛ كنتم في طاعة وتنتقلون إلى أخرى،
افرَحُوا ولكم الأجرُ؛
﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ
خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
فاجعَلُوا
هذه الأيَّام أيامَ العيد فرحًا لا ترحًا، أيَّامَ اتِّفاق لا اختلاف، أيَّامَ سعادةٍ
لا شَقاء، أيَّام حب وصَفاء، لا بَغضاء ولا شَحناء، تسامَحُوا وتَصافَحُوا، توادُّوا
وتحابُّوا، تَعاوَنُوا على البرِّ والتَّقوى، لا على الإثم والعُدوان، صِلُوا الأرحام،
وارحَمُوا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام.
الدعاء
اللهم
تقبَّل مِنَّا واقبلنا، واجعلنا من المقبولين، اللهمَّ ارزُقنا الإخلاصَ في القول والعمل،
ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا، ولا مَبلَغ علمنا، وصلَّى الله على محمد وعلى أهله
وصحبِه وسلَّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire