mercredi 26 juillet 2017

خطبة- خطر التساهل في الديون - ج.الحنفية.12/2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وألزم قلوب الخائفين الوجَل والإشفاق،
فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أيِّ الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدلِه، ولا اعتراض على الملك الخلاق.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إلهٌ عزَّ مَن اعتز به فلا يضام، وذلَّ مَن تكبر عن أمره ولقي الآثام.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، القائل، صلى الله عليه و سلم:
<<
مطل الغني ظلم >>
صلى عليه الله ربي دائمًا* ما دامت الدنيا وزاد كثيرَا
وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسَّك بسنته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
أيّها الإخوة،
المؤمن الصادق لا يستدين إلا بالقدر الذي يستطيع أن يؤديه:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
((
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالدَّيْنِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْدِلُ الدَّيْنَ بِالْكُفْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ )) النسائي عن أَبَي سَعِيدٍ رضي الله عنه.
الإسلام حذر كل الحذر من التهاون في أداء الدين، أو المماطلة والتأخير في قضائه، أو التساهل وعدم الاكتراث في سداده،
شدد فيه تشديداً يحمل المرء على عدم الاقتراب منه إلا عند الضرورة القصوى ؛ إذ عدم أدائه ظلما، مانعٌ من مغفرة الذنب، وإن كانت الخاتمةُ شهادةٌ في سبيل الله ، كما في صحيح مسلم...
ولذلك استثنى النبي صلى الله عليه وسلم الدين من قاعدة المكفرات، يقول صلى الله عليه وسلم :
((
يَغفِرُ الله للشهيد كلَّ شيء إلا الدَّين)) رواه مسلم.
عن رسول الله، صلى الله عليه و سلم:
"
ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم لكن بالحسنات والسيئات " رواه أحمد
جاء في المستدرك للحاكمَ عنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ قِبَلَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ خَفَضَ بَصَرَهُ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَقَالَ :
"
سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ التَّشْدِيدِ " قَالَ : فَعَرَفْنَا وَسَكَتْنَا ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نَزَلَ ؟ قَالَ :
"
فِي الدَّيْنِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قُتِلَ رَجُلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَاشَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ " .
جلس علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يوماً متأملاً أشد مخلوقات الله – سبحانه
قَالَ :<< أَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ عَشَرَةٌ : الْجِبَالُ الرَّوَاسِي ، وَالْحَدِيدُ تُنْحَتُ بِهِ الْجِبَالُ ، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الْحَدِيدَ ، وَالْمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ ، وَالسَّحَابُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، يَعْنِي : يَحْمِلُ الْمَاءَ ، وَالرِّيحُ تُقِلُّ السَّحَابَ ، وَالإِنْسَانُ يَغْلِبُ الرِّيحَ يَتَّقِيهَا بِيَدِهِ وَيَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ ، وَالسُّكْرُ يَغْلِبُ الإِنْسَانَ ، وَالنَّوْمُ يَغْلِبُ السُّكْرَ ، وَالْهَمُّ يَغْلِبُ النَّوْمَ ، فَأَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ الْهَمُّ >>.
فالهمُّ من أشد ما يفتك بصحة المرء ورشده ، ولذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستعيذ بالله منه دوماً ،
ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: " كنت أخدم النبي – صلى الله عليه وسلم، كلَّمَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:
<<
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ>
أيها الإخوة،
من أشد الهموم وطأة على المرء همُّ الدين ، فمن الأمثلة السائرة عند العرب في ذلك قولهم :
لا همَّ إلا همُّ الدين ، وقولهم : الدَّينَ ولو درهم ( أي : احذر ) ،
وكان يقال : الَّدين ينقص من الدِّين والحسب ،
ويقال : الدَّين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار...
********
الإجراءات الوقائية المانعة من الدين ، فهي التحذير من الدين وبيان خطره كما تقدم ، ومنها : الاقتصاد وحسن التدبير إذ أكثر الديون تُصرف في الكمالات ،
و الله – تعالى – يقول : {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء : 29]
فإن اضطر اضطراراً إلى الدين فعليه بما يلي :
1- الصدق في نية الوفاء والعزم عليه : فبهذه النية يسلم المرء من مغبة الدين وخطره ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم– :
"
من أخذ أموال الناس يريد أداءها ، أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " رواه البخاري ومسلم .
و فال، صلى الله عليه و سلم:
"
إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه مالم يكن فيما يكره الله " رواه الدارمي وحسنه المنذري وابن حجر
وهذه النية لا تكون صادقة إلا بفعل الأسباب الممكنة في السداد وإن كانت قليلة لا تقوم بتغطية الدين ،
فمن ذلك : توثقة الدين وكتابته في الوصية
(
والوصية حينئذٍ واجبة ) ورهن المبيع به ،
وإعطاء المدين الدائن الفائض من المال عن حاجته وإن كان قليلاً ،
***
2-
حسن الظن بالله والاستعانة به ، فالله عند ظن عبده به ،
وقد أوصى الزبير بن العوام ابنه عبد الله بقضاء دينه وقال له :
"
يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه بمولاي "
فقال له : " يا أبةِ من مولاك ؟ " فقال : " الله "،
قال عبد الله : " فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه "
رواه البخاري .
3- ذكر الله ودعاؤه ، فمن ذلك دعاء يونس عليه السلام ،
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – :
<<
دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ>> رواه الترمذي وصححه الحاكم
ومنها لزوم الاستغفار ، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – :
"
من لزم الاستغفار جعل الله من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب " . رواه أبو داود.
**
عن رسول الله:
<<
يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة ؟ فقال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ،
قال : << أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك ؟ >>
قال : قلت : بلى يا رسول الله ، قال :
"
قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " ،
قال : ففعلت ذلك ، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني ،


Aucun commentaire: