<<وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ - خطبة ج الحنفية - 2/2017
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله، الحمد لله الذي لم يزل بالنعم منعمًا، وبالمعروف معروفًا، وبالإحسان مُحسنًا،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
يكشف كُربًا، ويغفر ذنبًا، ويُغيث ملهوفًا،
ويُجبر كسيرًا، ويُجير خائفًا، ويُرسل بالآيات تخويفًا، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبدُه ورسوله، صلى عليه الله ما قَطرٌ نزل،
وما تعالى ذكره من الأزل، و على آله وصحبه أهلِ الوفا، معادنِ التقوى وينبوعِ الصفا،
والتابعين وتابعٍ التابعين، و و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
[[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
]] آل عمران
[[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ]] الأنفال.
أيّها الإخوة ،
كثير منّا يشتكي من الصّعاب في حياته...في
بعض الأحيان يجد حلّها سهلا..و في أحيان أخرى يجدها ضاقت واستحكمت حلقاتها عنده و
استوطنت...
قصّة
من يشتكي من كثرة المشاكل و الضيق الذي يجده ... ، و يحسب أنّه الوحيد قي هذه
الأيّام الذي يشعر بهذا الضيق!!
[[ لقد خلقنا الانسان في كبد ]]..
فظنّ أنّه مسحور...
- كثر هم الذين يتكّؤون على السحر هذه الأيّام.
أيّها الإخوة،
الصعاب كثيرة و قاسية في بعض الأحيان..
و أنّا لنا أن نجعلها سهلة!!
جاء في صحيح بن حبّان عن رسول الله، صلّى
الله عليه و سلّم هذا الدّعاء:
((اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إلاَّ
مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً)).
أيها الأخوة الكرام:
حقيقة
الدعاء لابدّ أن تكون واضحة لدى أخوتنا الكرام... أخطر قضايا الدين قضية الشرك والتوحيد:
واحد منّا، مثلاً يعاني من مشكلة كبيرة إذا
كان ضعيف الإيمان قد يتوجه إلى شخص يمكن أن يكون غنياً، أو شيخاً، أو ذا
جاه و سلطان، يضع الأمل كله عليه، و ربما تضعضع له و سفك ماء وجهه ...يرى
فيه الملجأ الوحيد لقضاء حاجته.
هنا الخطأ،
روى الإمام البيهقي رحمه
الله تعالى في كتابه شُعب الإيمان عن سيّدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
<< مَنْ أصبح محزونا على
الدنيا أصبح ساخطا على ربه، ومَنْ أصبح يشكو مصيبته فإنما يشكو ربه، ومَنْ دخل على
غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ومَنْ قرأ القرآن فدخل النار فهو
ممّن اتخذ آيات الله هزوا >>.
.حينما تضع أملك في الله عز وجل، وتعقد الأمل
على الله، وترجوه وحده تُحل مشكلتك.
قصة
طريفة
أن
رجلاً ضاقت به الأحوال في يلد ما حتى لا يجد ما يأكل، له قريب يعمل في بلد آخر: مدير
مكتب، فشدّ الرحال إليه وهو يعقد الآمال على منصب أو عمل، فنزل عنده ضيفاً ورحب به،
هذا الرجل وضع على طاولة السلطان مشروع قرار بتعيينه في وظيفة، وقّعت كل الأوراق
عدا هذه الورقة، وانتظر في اليوم التالي والثالث والرابع.... أبداً!
هذه الورقة لا توقع، يبدو أن هذا القريب
على علم، شعر أن هذا القريب علق الأمل كله عليه فأوعز إلى بعض من حوله أن ينهروه، ضيف
ثلاثة أيام فقط، أنت
بت هنا شهراً!
فهذا شعر بإهانة ما بعدها إهانة، وخرج من بيت
قريبه هائماً على وجهه لا يرى بعينيه،
هذا القريب قدم هذا الطلب بعدما خرج قريبه
من عنده ومشروع القرار فوقّع فوراً! ما سر ذلك؟
مادام هذا الإنسان متعلقاً بقريبه
فالطريق مسدود، أما حينما طرده قريبه فبقي متعلقاً بالله عز وجل، حلت المشكلة.
أيها الأخوة المؤمنون, حديثٌ من أصول،
عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:
<< يَا غُلَامُ, إِنِّي
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ,
إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ
أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ
بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ
الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) الترمذي
.
أهم شيء في الدعاء أن لا تضع أملك
في زيد أو عمر ولو كان قوياً وغنياً وقريباً وصدوقاً اعقد الأمل بالله، و أحسن الظنّ
به و الجأ إليه و توكّل عليه... يُسخّر لك كلّ القلوب.
من اعتمد على غير الله ضلّ :
من اعتمد على ماله وزوجته وأولاده ضلّ، إنسان
يعقد كل الأمل على أولاده... يسافرون، ويتجنسون، ويمنّون عليه برسالة
أو باتصال هاتفي لأنه اعتمد عليهم،
وكأن
أمر الله في تأديب عباده (المشركين الشرك الخفي)
أنّه ما من عبد يعتمد على عبد إلا يُلهم الله هذا العبد الذي اعتمد عليه أن يخيب ظنّه.
يكون
لك صديق في منصب رفيع وأنت تعقد الأمل عليه وتنسى الله، تدخل عليه لا يرحب بك، يقول
لك: اجلس، قد لا ينظر إليك، فهذا الأسلوب بدّد لك كل الآمال...
سيد الخلق! الإنسان الأول في الكون:
﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي
نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إلا ما شاء الله وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ
مِنَ الْخَيْرِ﴾
[ سورة الأعراف الآية: 188 ]
فلأن لا أملك لكم من باب أولى، فالقضية في
التوحيد.
من
كان اعتماده كلّه على الله، ما الذي سيحزنه بعد ذلك؟؟ وهو يعلم أنّ الخير كلّه بيد
الله و لا أحد يملك مع الله شيئا!!
دع الأيام تفعـل مـا تشـاء*وطب
نفساً إذا حكم القضـاء
ولا تجزع لحادثـة الليالـي*فما
لحوادث الدنيا من بقـاء
وكن رجلاً عن الأهوال جلداً*وشيمتك
السماحـة والوفـاء
أيّها الإخوة، أخرج مسلم في صحيحه عن جندب
بن عبد الله
<< من صلى الصبح فهو في ذمة الله >>
وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال:
<< من قال في أول يومه،
أو في أول ليلته: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع
العليم>> ثلاث مرات، لم يضره شيء في ذلك اليوم، أو
في تلك الليلة.
<< اللهم يامن لا تضيع
ودائعه أستودعك نفسي وديني وبيتي وأهلي ومالي وخواتيم أعمالي فاحفظنا بما تحفظ به
عبادك الصالحين>>
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire