mercredi 26 juillet 2017

المعنى الزائف خلف مفهوم الحياة - خطبة جامع الحنفية- 5/2017

المعنى الزائف خلف مفهوم الحياة - ج الحنفية- 5/2017
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد اللَّهِ الذي سبحت الكائنات بحمده ، وعنت الوجوه لعظمته ومجده ، أحمده سبحانه و تعالى..و أستغفره..و أتوب إليه...
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعترته الطيبين الطاهرين .

أيها الإخوة المؤمنون... عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَن أولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ؟ من هم يا رسول الله ؟ صفهم لنا، ما صفاتهم ؟ ما علاماتهم ؟ ما خصائصهم ؟ مَن هم أولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ؟
فقال عليه الصلاة والسلام:
((
الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها))
الناس في ظاهر الدنيا ؛ في الأموال، والأولاد، والبيوت، وأولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون نظروا إلى باطن الدنيا، إلى ساعة الفراق، إلى ساعة الرحيل، إلى يوم..
﴿لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾( سورة الشعراء )
أعظم ثمار الإيمان: ألّا يضل عقلك، وألّا تشقى نفسك، وألّا تندم على ما فات، وألّا تخشى مما هو آت, قال تعالى:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[سورة يونس الآية: 62]
أيها الإخوة المؤمنون ؛ إذا استثنينا كبار المتقين وصفوة المؤمنين , الذي لا تلهيهم تجارتهم ولا أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله , وإقامة الصلاة ، والذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه والذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة , والذين يصبحون وأكبرُ همِّهم الآخرة
إذا استثنينا هؤلاء ، وسألنا عامة الناس ،
إلى أي شيء تسعون , وفيمَ تنشغلون ، وممَّ تفرحون وعلامَ تحزنون ، وإلامَ تنصرفون ، وما الذي يهمكم ، وما الذي يطربكم ، وما الذي يطمئنكم ، وما الذي يرضيكم , وما الذي يغضبكم؟؟ ،
إذا سألناهم هذه الأسئلة ، أو تفحصنا أعمالهم أو أصغينا إلى صوت أنفسهم لا نجد سوى جواب واحد , إنها الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا ، ومنتهي قصدنا ، ومعقد آمالنا ،
فهذا يرى سعادته وخيره في المال فيعكف على جمعه، ويُضحّي من أجله براحته وصحته ودينه...و القيام على تربية أولاده ، ثم يكتشف في نهاية المطاف أن المال شيء ولكنه ليس كل شيء وإذا وفَّر له حاجاته المادية فإنَّه لا يستطيع أن يوفر له سعادته الروحية والنفسية .
وهذا يرى سعادته وراحته في امرأة تسرُّه إذا نظر إليها ، فيسعى إليها ويضحي من أجلها بشيء كثير من دينه ، فيقدم لها تنازلات من سلوكه , وسمعته , واستقامته , ورجولته ...
وبعد عمر مشحون بالمتاعب والهموم يكتشف في نهاية المطاف أن المرأة ليست كل شيء وإذا وفرت له بعض ما يظنه سعادة ، فقد سلبته السعادة الحقيقية التي ينعم بها المؤمن المستقيم إذا اقترب من مولاه الكريم ، وعمَّر قلبه...
وهذا يسعى إلى مركز مرموق ، ويرى فيه قمَّة المجد ، والسعادة فيُضحي من أجله باستقامته ، وقِيمه ودينه ، وبعد نهاية المطاف ، يرى أنَّ عزة الطاعة ، ومجد الاستقامة هي كل شيء ، ولا يعدلها شيء .
والآن أيّها الأخ الكريم ؛ أجبني بربك .
هل تحس بالسعادة الحقيقية ؟
أو بشيء منها ؟
في كلّ الأوقات أو في بعضها ؟
هل حللت الأسباب واهتديت إلى المقومات ؟
وهل انتقلت من القناعة إلى التنفيذ ؟
هل ملأ المالُ نفسك ، أم أن نفسك أكبرُ منه ؟
هل شَغَلَت المرأةُ كلَّ حياتك ، أم أن حياتك أكبر من أن تشغلها امرأة ؟
هل استحوذ مكانك المرموق على كل مشاعرك ، أم أن مشاعرك أكبر؟
هل أيقنت بأن السعادة الحقة التي تنشدها هي عند ربك ينابيعها ؟! وفي الاستقامة سبيلها ومسارها ؟
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾
[
سورة الشعراء ]
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾
[
سورة فاطر ]
﴿ .. وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[
سورة آل عمران الآية : 185]
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
[
سورة يونس ]
ويقول الإمام علي كرم الله وجهه :
"
إنما مثلُ الدنيا مثلُ الحية ليِّن مسُّها ، قاتل سُمها ، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها ، وضع عنك همومها لما أيقنت من فراقها"
وقال عليه الصلاة والسلام :
((
إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً ، وعطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي ))
وإن أسعد الناس بها أرغبهم عنها ، وأشقاهم بها أرغبهم فيها .
ثم سؤال آخر يا أخي .
هل تحس بالقلق ؟
هل تحس بالانقباض ؟
هل تشعر ببعض اليأس ؟
هل تنتابك مشاعر القهر ؟
هل تعيش حالة اللامبالاة ؟
هل تحس بالضياع والتشتت ؟
هل تنتابك مشاعر التشاؤم ؟
هل تخاف من المستقبل ؟
هل تشعر أن الحياة لا معنى لها ؟
هل ترى أن القوي يأكل الضعيف ، وأن الحق للقوة ؟
هل ترى أن الحياة لا معنى لها ؟
وهل تعتقد أن الدين لا يصلح لهذه الأزمان ؟
هل تقول إني لا أستطيع أن أستقيم على أمر الله ، ولا يستطيع أحد غيري أن يستقيم ؟
هل تقول إننا أمة تمكر بها قوى البغي والعدوان ، لتحول دون تحررها وتقدمها ؟
أخي إن كنت تحس بهذه المشاعر ، وتنتابك هذه الحالات ، وترى هذه التصورات , فاعلم أنها كلها أعراض لمرض واحد ، يعانيه معظم الناس ألا وهو البعد عن رب العالمين نفسياً وسلوكياً ، لقد أغلقت على نفسك منافذ الرحمن ، وفتحت عليها منافذ الشيطان ، على مصارعها .
ليس أسهل على الشيطان أن يخوّفك و يقنطك و يحبطك و يصدّك عن السّبيل...
[[
لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ]]
{
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران
[[
الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ]]الحجر
البعد عن الله هو أخطر الأمراض :
قال لك أقطاب "المادية" إن العالم سيواجه مجاعة كبرى ، فصدّقت وأما قول ربك :
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾
فلم تقبله ، أو لم تقرأه ، في قرآنه المجيد .
قالوا لك إن الحياة الحقة تحتاج إلى دخل مرتفع ، فصدقت وحزنت لأنه ليس في متناول يديك ، وأما قول ربك :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ سورة النحل]
فلم تقبله ، أو لم تقرأه في قرآنه المجيد .
قالوا لك إن الإنسان معرض لأمراض فتاكة ، ليس أخطرها الورم الخبيث وهذا صحيح ، وأن عليك أن تفحص جسمك من حين لآخر وفي فترات متقاربة ,
فأوقعوك في مرض الوهم الخبيث ، الذي هو أشد فتكاً من الورم الخبيث ، وربك يقول :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾ [سورة النساء]
فلم تقبله ، أو لم تقرأه ، في قرآنه المجيد .
قالوا لك : عليك أن تؤمِّن ضد الوفاة ، والعجز والشيخوخة المبكرة والعاهات الدائمة ، وضد حوادث السيارات ، والطائرات ، وضد الحريق , وضد جميع الأخطار ، وفاتك أنَّ التأمين الحقيقي في الصدقة والزّكاة ....
وأما قوله ربك :
- {
إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى }
- {
داووا مرضاكم بالصدقة }.
والآن ؛ هل عرفت يا أخي لماذا أنت منقبض ، متشائم تحس بالقلق والضياع .
أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وصلوا ما بينكم وبين ربكم تسعدوا ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ، ونبتلى بحمد
أيها الأخوة الكرام، فيما أخرجه الترمذي في جامعه بسنده قال:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ))
تفرغ لعبادة لله، لا تقل مشغولاً...
<< يا ابن آدم لا تخافن من ذي سلطان مادام سلطاني باقياً وسلطاني لا ينفد أبداً، يا ابن آدم لا تخشى من ضيق الرزق وخزائني ملآنة وخزائني لا تنفد أبداً، يا ابن آدم لا تطلب غيري وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن فُتَّني فُتُّك وفاتك الخير .
يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب، وقسمت لك رزقَك فلا تتعب، فإن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وكنت عندي محموداً، وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البريَّة ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكُنتَ عندي مذموماً
يا ابن آدم خلقت السماوات السبع والأراضين السبع ولم أعي بخلقهن، أيُعييني رغيفُ عيشٍ أسوقه لك بلا تعب ؟؟
يا ابن آدم أنا لم أنس من عصاني فكيف من أطاعني ؟ وأنا رب رحيم وعلى كل شيء قدير
ياابن آدم لا تسألني رزق غد كما لم أطالبك بعمل غد .
يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محباً
********
أيها الإخوة المؤمنون... أبواب رحمة الله مُفَتَّحة، باب التوبة مفتوح، طريق الحق واضح، طريق السعادة بيِّن، فما عليك إلا أن تشمّر، شمروا فإن الأمر جد، وتأهبوا فإن السفر قريب، وتزوّدوا فإن السفر بعيد، وخففوا أثقالكم فإن في الطريق عقبةً كؤود لا يجتازها إلا المخفون، أخلصوا النية فإن الناقد بصير، يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق،
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلات، وطهر جوارحنا من المعاصي والسيئات، ونق سرائرنا من الشرور والبليات، اللهم باعد بيننا وبين ذنوبنا كما باعدت بين المشرق والمغرب، ونقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وثبتنا على الصراط المستقيم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم اجعلنا من المتقين الذاكرين الذين إذا أ

Aucun commentaire: