بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم
النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، دعا عباده
إلى دار السلام و ندبهم إلى المسارعة في الخيرات فقال:
[[وَسَارِعُوا
إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.]]
وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى به
طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه
ومغفرته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين،
ومحجّة للسالكين، وحجّة على العباد أجمعين، وقد ترك أمته على الواضحة الغراء، والمحجة
البيضاء،
اللهم
صلّ عليه و سلّم كلّما ذكرك و ذكره الذاكرون و غفل عن ذكرك و ذكره الغافلون.
[[سَابِقُوا
إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ
مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.]]
إن كلمتا
(سابقوا) و (سارعوا) تُشْعران أنّ الإنسان في أصْله زمن،
وأنَّ
الزَّمن يمْضي، فلو كان الإنسان مُخلَّداً لما احتاج أن يُقال له: سابق أو سارع !
ولكن
الإنسان ذو عُمُر محدود، والزَّمن يمضي، ومُضيّ الزَّمن يستهلك الإنسان،
فهو
في كلّ ثانية يقترب من نهايته، لذلك قال تعالى في هذه الآية: (سابقوا)،
و قال
في آيات أخرى: (سارعوا)، والإنسان في حقيقته زمن، فهو بضْعة أيَّام، كلَّما انقضى يومٌ
انقضى بضعٌ منه،
وإنّ
أثْمَنَ شيءٍ تملِكُهُ على الإطلاق هو الزَّمن، لأنّ كلّ شيءٍ لا معنى له من دون زمن،
فإذا
انتهى الزَّمن بطلت قيمة كل الإنجازات و لم يعد للمال معنى، فأنت زمن، ورأس مالك زمن،
و أثْمنَ شيء تملكُهُ هو الزَّمن.
وقال
الشاعر:
إنـا
لنفـرح بالأيـام نقـطعها * * * وكـل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل
لنفسك قبل الموت مجتهدا ً * * * فإنما الربح والخسران في العمل
نوعا
إنفاق الزمن: استهلاكي و استثماري:
كل ما
ينفعك في الآخرة فهو استثماري، (معرفة اهعا ،طاعته، والعمل الصالح، والدَّعوة إلى الله،
و كلّ نشاط بشري يستمرّ...)
و كل
ما لا يتجاوز أثره هذه الدنيا فهو استهلاكي..
و لهْ
الفضل جعل الأعمال المثمرة في الآخرة مثمرة في الدنيا :
{ مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
}97 النحل)
فلو
أنَّ الإنسان تنبَّه إلى خطورة الزَّمن لما نام الليل:
فعَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهما قال: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَوْ
تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا )) البخاري
و كان
ابن مسعود يقول:
<
ما ندمت على شيء ندمي على يوم غَرَبَتْ شمسه نَقَصَ فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.>
وقال
الماوردي في "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي :
"
فينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته ، ويبادر به خيفة عجزه ، وليعلم
أنه من فرص زمانه ، وغنائم إمكانه ، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه ، فكم من واثق بالقدرة
فاتت فأعقبت ندما ، ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلا.
فقد
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :<< من فتح عليه باب من الخير فلينتهزه
فإنه لا يدري متى يغلق عنه .>>
فإذا
فتح الله تعالى لك باباً من الخير فانتهزه حتى لا يحول الله بينك وبين قلبك .
(يا
أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول
بين المرء وقلبه)
وقد
روي في الحديث الشريف عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أيّ الناس
خير؟ قال:<< من طال عمره وحسُن عمله،>> قال: فأيّ الناس شر؟ قال:<<
من طال عمره وساء عمله>>
نريد
اسستثمار الوقت بل العمر.
عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه:
<
إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة >.
*/ التنمية
البشرية أصلها غربي، هدفها السعادة الدنيوية، و الغية هي الدنيا و الآخرة...
خبير
قي علم النفس:
<
معظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت،
وهذا
ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية،
فعلماء
النفس يؤكدون على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع، هذه المسألة
تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام العضوية.
...
بالنتيجة فإن استثمار الوقت في ذكر الله تعالى يمنحك الرضا عن واقعك، وهذا يشعرك بالسعادة
ويزيد من طاقتك في إنجاز أعمالك أو دراستك،
بالتالي
تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح، إذاً إدارة الوقت الناجحة تعني النجاح في الدراسة
والعمل.>
استثمار
الوقت عمليا
نبدأ
بعشر دقائق في اليوم ثم بعد أن نستشعر حلاوة هذه الدقائق سنزيدها بإذن الله ونحاول
أن لا نضيع وقتاً من غير فائدة تُرجى.
فإن
قرأت القرآن كل يوم عشر 10د دقائق تختمه إن شاء الله في مدة شهرين بدل انتظار قراءته
إلى رمضان القادم،
وتخيلوا
معي لو سبحّتم الله تعالى في هذه الدقائق 10، مئة مرة كم سيكون مجموع هذه التسبيحات
في عام واحد؟365000 تسبيحة وكم أجرها والحسنة بعشر أمثالها؟؟
وإن
كنّا لا نستشعر أهمية عشر دقائق فعلينا أن نراها في عين إنسان يحتضر لنعي أهميتها ولا
ننسى أن الرسول r قال:
<<
أعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين وقلّ من يجوز ذلك.>>
**ولو
رتّبنا جدولاً لحفظ القرآن نحفظ فيه 3
ثلاث
آيات في اليوم لحفظناه كله في ثماني سنوات بإذن الله تعالى...
قال
ابن القيم رحمه الله : "وبالجملة، فالعبد إذا أعرض عن الله ، واشتغل بالمعاصي
ضاعت عليه أيامُ حياته الحقيقية التي يجد غبَّ إضاعتها يوم يقول :
( يَا
لَيْتَنيِ قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)
جدد
النية والعهد مع الله
ضع أمام
عينيك هذه الأيام التي ستأتي عليك واعزم بصدق و إخلاص أن تقضيها في طاعة الله ،
وتنفيذ
أوامره ، واجتناب نواهيه ، ونصرة شرعه ، وإحياء سنة رسوله ،،
وأن
تجدد العهد وتعطي الولاء خالصاً كاملاً لله وحده دون سواه.
<<
إنما الأعمال بالنيات....>>
ليكن
سقف نيتك عاليا...
{ وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
}
النيات
الحسنة كثيرة:
- أن
تكون حياتك كلها في سبيل الله...
و هذا
ممكن و في المتناول إذا علمت أن الأعمال الحياتية بالنية تصبح في سبيل الله...
فتصدق
في حقك الآية:
{ وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
}.
اللهم
انصر الاسلام و المسلمين..
للهم
انتصرْ لعبادِكَ المؤمنينَ المستضعفينَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها ... اللهم عليك
بمن أراد إفساد أخلاق المسلمين. اللهم عليك بمن أراد إثارة الفتن في بلاد المسلمين..
اللهم أصلح حال المسلمين اللهم اجمع كلمتهم علي الحق وردهم إلى دينك ردا جميلا.
اللهمَّ
إنَّا نسألُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بها قُلوبَنَا، وتَجْمَعُ بِها أُمُـورَنا،
وتلُمَّ بها شعثَنا، وتُزَكِّيَ بها أعمالَنا، وتُلْهِمَنا بها رُشْدَنا، وتَرُدَّ
بها أُلْفَتَنَا، وتَعْصِمَنَا بها من كُلِّ سُوءٍ ... اللهم ارحمنا، وارحم والدينا،
وارحـم من علمنا، والمسلمين أجمعين، برحمتك يا أرحـم الراحميـن
..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire